معتز بالله عبد الفتاح يكتب: خطاب من الرئيس.. نحو مشروع حضاري مصري .. معركة تثبيت الدولة تقتضى أن نضمن "بقاء وبناء" الانسان المصري لأنه هو الضامن لبقاء وبناء الدولة

رأيت في ما يرى النائم السيد رئيس الجمهورية يقف أمام عدد من المسئولين في مقدمتهم: وزراء التربية والتعليم والتعليم العالي (الخطاب التعليمي)، والثقافة (الخطاب الثقافي والفني) والشباب والرياضة (النشاط الرياضي)، والمسئولين عن الهيئة الوطنية للإعلام (الخطاب الإعلامي)، وممثلا عن الأزهر الشريف وممثلا عن الكنائس المصرية (الخطاب الديني)، ورئيس مجلس النواب، ووزيرة التخطيط. يقول رئيس الدولة: بسم الله الرحمن الرحيم السيدات والسادة، إن الفكرة الكبري التي حكمت العقل السياسي للدولة المصرية خلال السنوات الماضية كانت "تثبيت اركان الدولة" ضد ثلاثية "الارهاب والمؤامرة والفوضي" كما عبرت عنها تكرارا بقولي: "معركة البقاء والبناء." لكن هذه المعركة بهدفيها "البقاء والبناء" تقتضي أن نضمن "بقاء وبناء" الانسان المصري لأنه هو الضامن لبقاء وبناء الدولة ولأن الدولة التي لا تنتهي إلى الارتقاء بمواطنيها تفقد وظيفتها الأخلاقية والحضارية. لقد قررت أن تكون سنواتي الأربع القادمة في الحكم هي سنوات إعادة صياغة نسق قيم الإنسان المصري: معرفيا، وسلوكيا، واجتماعيا، واقتصاديا، وسياسيا. إن الدراسات العلمية تؤكد أن هناك "قيما" إن استوعبت الإنسان وأصبحت منهج عمله ونور بصيرته جعلت منه قادرا على عمارة الارض واستغلال طاقاته مهما ضنت عليهم الطبيعة بالموارد. السيدات والسادة، إن الميزانية الرسمية للدولة فضلا عن مليارات الجنيهات التي تنفق سنويا من كل أسرة تؤكد أننا نضخ أموالا ضخمة لانتاج محتوى تعليمي واعلامي وديني وثقافي ضخم. ولكنه مع الأسف يختلط عليه الصواب والخطأ، القوة والضعف، النبيل والخسيس، العميق والضحل، المنطقي والخرافي. و لاغرابة أن يؤدي هذا المحتوى بما يشكله في مجموعه من ضمير ووجدان وطريقة تفكير الأجيال المتعاقبة من المصريين؛ فتكون النتيجة النهائية غير مرضية. غير مرضية لأن الإعلام والفن والثقافة سيطر عليها منطق "التجارة والإعلان" وليس منطق "الضمير والوجدان" ولأن التعليم أصبح جمعا للدرجات وتحصيلا للشهادات قبل أن يكون زرعا للقيم وبناء للمهارات. وهكذا. دعوني أسأل: ألم يحن الوقت كي تنفق هذه الأموال وتعبأ هذه الموارد من أجل بناء الشخصية الوطنية المصرية وفقا للقيم التي تعيش بها وعليها الأمم الأكثر تقدما وتحضرا، بل وفقا للقيم التي عاشت عليها مصر زمن نهضتها وعزتها؟ دعوني أجيب: بلى، لقد حان الوقت ألا نترك مسألة "الشخصية الوطنية المصرية" بلا رؤية حضارية وطنية تقوم على الدراسة والرؤية والتخطيط. دعوني أسأل مرة أخرى: ما هي خصائص الانسان المصري الذي نريده بعد ١٠ سنوات من الان؟ إن العقل المصري كان يعرف جيدا خصائص مشروعات الطرق والكباري والأنفاق والمدن الجديدة قبل أن نبدأ في تحريك أول ذرة رمل فيها: طولا واتساعا وعمقا وارتفاعا. وأكرر نفس المعنى عن كل مشروع عظيم بنته هذه الأمة. اذن العقل المصري الذي وضع الرؤية ونفذها بطريقة هندسية منضبطة في المشروعات القومية الكبري مطالب بأن يعمل تفكيره في هندسة الشخصية المصرية. إن الدراسات العالمية المتخصصة أثبتت أن هناك 15 قيمة ينبغي أن تسود في مجتمع ما كي يتقدم ويزدهر، كي يحسن فهم واقعه ويحسن التخطيط لمستقبله. إن هذه القيم يتم تقسيمها إلى خسمة أنواع، على نحو ما هو موجود في هذا العرض المبسط. إن كل مؤسسة من مؤسسات الدولة القائمة على صياغة العقل والقيم والوجدان مطالبة بأن تضع هذه الرؤية منهجا لها. وبناء عليه فقد قررت ما يلي: أولا: أن تتبنى وزارة التخطيط مشروع قانون بتشكيل مجلس أعلى لبناء الشخصية المصرية برئاسة رئيس الجمهورية وأن يصدر به قانون من مجلس النواب باعتباره مجلسا مكملا للمجالس القومية والوطنية الأخرى التي تحارب الإرهاب والتطرف، باعتباره مجلسا آخر لمحاربة الاسفاف والتخلف. ثانيا، يتكون هذا المجلس من الوزراء والمسئولين والمتخصصين المعنيين ببناء الشخصية المصرية. ثالثا، تكليف عدد من مراكز الدراسات في جامعات مصر للاستفادة من تجربة الدول التي سبقتنا في مشروعات بناء الشخصية الوطنية مثل: اليابان، كوريا الجنوبية، الصين، ماليزيا، اندونيسيا. رابعا، الالتزام الصارم من قبل من يخاطبون ويشكلون الشخصية المصرية بهذه القيم سواء كان الأمر يتعلق بمن يخاطبون الناس عبر المنابر أو الصحف أو الإعلام أو المدارس أو الجامعات أو المؤتمرات العامة. وتوقع العقوبات المالية وصولا للوقف عن ممارسة النشاط المخرب للعقل المصري. أقول هذا وأملي أن يعي الجميع أن بناء الإنسان أهم من بناء البنيان، وأن الاستثمار في البشر أهم من الاستثمار في الحجر. أقول هذا وأعلم أن البعض قد يظنه خيالا أو دربا من المعجزات، ولكن المصريين أثبتوا أنهم قادرون على تحدي التحدي، حتى لو كان هذا التحدي هو أن يغيروا أنفسهم بأنفسهم. أقول هذا وأنا على يقين أنه لن تكون هناك مصر جديدة، إلا بإنسان مصري جديد. تحيا مصر.






الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;