فى مئوية الحرب العالمية الأولى.. فرنسا تقدم نفسها قائدا للإتحاد الأوروبى خلفا لألمانيا؟.. احتفالية باريس تعيد إلى المشهد معاهدة "فرساى" .. ودعوات التعددية امتداد لطموحات "إيمانويل ماكرون "الدولية

علامات استفهام كبيرة حملها اللقاء الدولى الكبير الذى شهدته العاصمة الفرنسية باريس ، لإحياء الذكرى المئوية للحرب العالمية الأولى، والذى شارك فيه العديد من قادة العالم، أبرزهم الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، ونظيره الروسى فلاديمير بوتين، إلى جانب المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ، ورئيس الوزراء الكندى جاستن ترودو، وغيرهم من زعماء العالمين الغربى والشرقى ، أولى علامات الاستفهام كانت متعلقة بالطموح الفرنسى الكبير، لاستعادة باريس دورها البارز فى المجتمع الدولى، بعد سنوات غياب طويلة ، انتقلت فيها القيادة بين بريطانيا العظمى ، ثم الولايات المتحدة وروسيا ، إبان عصر الحرب الباردة، قبل أن تستأثر الولايات المتحدة بالقيادة العالمية منفردة منذ انهيار الاتحاد السوفيتى. وربما يكون التزامن الذى تشهده الساحة العالمية فى المرحلة الراهنة بين الذكرى المئوية للحرب الدامية التى دامت ست سنوات كاملة، ، التى تحتفل بها باريس فى الوقت الراهن، من جانب، وتغير المشهد الدولى فى ظل صعود قوى دولية جديدة تحاول إعادة هيكلة النظام العالمى، وعلى رأسها روسيا والصين، من جانب آخر، يمثل انعكاسا واضحا لرغبة باريس فى القيام بدورأكبر فى المرحلة المقبلة، وهو ما بدا واضحا فى جهود الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون ، فى مزاحمة النفوذ الألمانى فى قيادة الإتحاد الأوروبى منذ بزوغ نجمه على الساحة السياسية، ونجاحه الجزئى فى تحقيق هذا الهدف بعدما توارى الدو الذى تلعبه المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، التى أعلنت نيتها فى التقاعد عن رئاسة حزبها، حيث أصبح المشهد الأوروبى أكثر احتياجا لقيادة جديدة لملء الفراغ الناجم عن والإعتزال الألمانى. العالم يتغير.. ما أشبه اليوم بالبارحة ولعل المفارقة الجديرة بالملاحظة هى التشابه الكبير بين الظروف المحيطة بالمشهد الدولى، فى الوقت الحاضر، مع نظيرتها إبان الحرب العالمية الأولى ، التى أدت إلى انهيار العديد من الامبراطوريات سواء فى أوروبا أو العالم، من بينها الامبراطورية النمساوية المجرية، والتى أدى صعود القوميين إلى تقويض دعائمها، كما ظهرت عدة دول جديدة فى أوروبا، وعلى رأسها تشيكوسلوفاكيا ، ويوغوسلافيا، بالإضافة إلى بولندا، كما ولدت دول أخرى من رحم الإمبراطورية الروسية، وهى فنلندا واستونيا وليتوانيا ولاتفيا، كما انهارت كذلك السلطنة العثمانية، جراء خسارتها للأراضى التى كانت خاضعة لها فى القارة الأوروبية. إلا أن الحكومة الفرنسية آنذاك ربما كانت أبرز القوى التى تمكنت من تحقيق مكاسب كبيرة فى ذلك الوقت، حيث تمكنت حينها من محاصرة خصمها الأوروبى الأبرز، وهو ألمانيا، التى كانت بمثابة القوى الأبرز ليس فقط على المستوى الإقليمى، وإنما على المستوى الدولى، وهو الأمر الذى بدا واضحا فيما آلت إليه معاهدة "فرساى " والتى قضت بخسارة ألمانيا لمساحات واسعة من أراضيها ومستعمراتها لصالح دول أخرى، كما أنها وضعت قيودا كبيرة على الجيش الألمانى، من بينها تقليص عدد جنوده إلى 100 ألف جندى فقط، بالإضافة إلى إلغاء التجنيد الإجبارى. احتفال أم تنصيب.. هل تعلن فرنسا نفسها قائدا جديدا لأوروبا؟ وهنا تصبح استضافة فرنسا لاحتفالية الذكرى المئوية للحرب العالمية الأولى، بحضور قادة العالم، بمثابة رسالة تحمل قيمة رمزية كبيرة، فى ظل الرغبة الفرنسية الجامحة فى استعادة دورها على المستوى الدولى من البوابة الأوروبية، على حساب خصم الماضى، ومنافس الحاضر، والمتمثل فى ألمانيا، خاصة وأن الحدث الذى شهدته باريس الأحد ، يتزامن مع دعوات فرنسية متواترة لتأسيس جيش أوروبى مشترك يساهم فى مجابهة الأخطار القادمة ليس فقط من خصوم القارة التقليديين، على غرار روسيا والصين، وإنما كذلك الولايات المتحدة ، التى تخلت عن دعمها غير المشروط للقارة العجوز، منذ وصول الرئيس الأمريكى دونالد ترامب إلى رأس السلطة فى بلاده. إلا أنه بعيدا عن القيمة الرمزية للحدث، فإن رسالة الحكومة الفرنسية وراء استضافة هذه الاحتفالية، ربما تحمل معان أبعد من ذلك، أهمها الاحتفال بانتصار الرئيس الفرنسى ، فى معركته لقيادة القارة العجوز، ووراثة عرش غريمته الأوروبية أنجيلا ميركل، على غرا ما حدث فى الحرب العالمية الأولى، والتى نجحت خلالها باريس من فرض رؤيتها عبر معاهدة فرساى، والتى كانت بمثابة النهاية للحرب وكذلك نهاية النفوذ الألمانى سواء فى أوروبا أو فى مناطق أخرى من العالم. الطموح الفرنسى.. باريس تعلن التحدى للهيمنة الأمريكية ولعل الحديث عن التعددية، خلال الحدث العالمى، يمثل فى ذاته انعكاسا للطموح الفرنسى، الذى يتجاوز مجرد قيادة القارة العجوز، ليصل إلى القيام بدور أكبر على المستوى الدولى عبر الاتحاد الأوروبى، وهو ما يمثل فى ذاته قلقا أمريكيا، فى ظل مسعى الرئيس الأمريكى دونالد ترامب ، لإجبار دول القارة العجوز على التحليق فى فلك الإدارة الأمريكية فى كافة القضايا الدولية، وعلى رأسها الموقف من طهران، فى ظل الرفض الأوروبى لقرار الانسحاب الأمريكى من الصفقة النووية الإيرانية. وتعد التصريحات الفرنسية التى تأرجحت بين رفض باريس للانسحاب الأمريكى من الاتفاقية النووية الإيرانية تارة، والسعى نحو الالتفاف عبر العقوبات الأمريكية التى تفرضها واشنطن على طهران، والتى دخلت حيز النفاذ منذ أيام قليلة تارة أخرى، تمثل انعكاسا صريحا لرغبة باريس ، فى تحدى الهيمنة الأمريكية، والتى أصبحت تراها باريس خطرا كبيرا على استقلالية أوروبا، وهو ما يحمل انتقادا ضمنيا للمواقف الألمانية السابقة والتى تبنتها ميركل، والتى سارت على نفس النهج مع الإدارة الأمريكية السابقة فى عهد باراك أوباما.








الاكثر مشاهده

كبار فقهاء الأمة الإسلامية يجتمعون تحت مظلة المجمع الفقهي الإسلامي

بدعوة من دولة رئيس الوزراء الباكستاني.. العيسى خطيباً للعيد بجامع الملك فيصل فى إسلام آباد

علماء العالم الإسلامي يُرشحون مركز الحماية الفكرية لإعداد موسوعة عن "المؤتلف الفكري الإسلامي"

رابطة العالم الإسلامى تنظم غداً مؤتمر "بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية" فى مكة

د.العيسى يلتقي رئيس جمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر على متن سفينة "أوشن فايكينغ"

10 أسئلة وإجابات حول تعديلات قانون تملك الأجانب للأراضى الصحراوية.. برلماني

;