ألمانيا على خطى فرنسا.. هل يتكرر السيناريو الفرنسى فى برلين بعد إضراب موظفى السكك الحديدية؟.. المطالب الفئوية تقود مشهد الاحتجاجات ومخاوف من "التسيس".. ومؤشرات سقوط ميركل لصالح "اليمين" بدأت انتخابيا

فى الوقت الذى تشهد فيه الحكومة الفرنسية موجة غير مسبوقة من الاحتجاجات، يبدو أن دولا أخرى فى أوروبا الغربية، والداعمة للاتحاد الأوروبى، على موعد مع حالة من عدم الاستقرار، وهو ما يبدو واضحا بصور مختلفة، فى العديد من عواصم القارة العجوز، حيث ظهر نشطاء مرتدين "السترات الصفراء" فى بروكسيل، بينما نظم عدد من المواطنين بعض التظاهرات المحدودة فى هولندا، فى حين أعلن موظفو السكك الحديدية فى ألمانيا إضرابا اليوم الاثنين، فى خطوة تبدو تصعيدية إلى حد كبير، تمثل امتدادا لحالة من عدم الرضا على السياسات التى تتبناها الحكومة الألمانية فى المرحلة الراهنة. الخطوة الألمانية تأتى بهدف زيادة أجور العاملين فى قطاع السكك الحديدية، وذلك بعد انهيار المحادثات حول هذا الشأن مع شركة "دويتشه بان" والمسئولة عن تسيير قطارات السكك الحديدية، وهو الأمر الذى قد يترك تأثيرا كبيرا على المسافرين عبر القطارات، بالإضافة إلى قطارات نقل البضائع سواء فى الداخل الألمانى، أو التى تتجاوز الحدود إلى دول أوروبية أخرى، وبالتالى فمن المتوقع أن يؤدى الإخفاق فى الوصول إلى حلول سريعة إلى خسائر كبيرة ليس فقط على مستوى القطاع، ولكن قد تمتد إلى الشركات التى تعتمد على السكك الحديدية فى نقل بضائعها. السيناريو الفرنسى يتكرر.. المطالب الفئوية مفتاح عدم الاستقرار ولعل الملفت للانتباه فى الإضراب الألمانى يتمثل فى تكرار السيناريو الفرنسى، والذى بدأ منذ عدة أشهر، من خلال تنظيم إضرابات فئوية، تارة من قبل موظفى السكك الحديدية، وتارة أخرى بين أصحاب المعاشات، بهدف تحقيق مكاسب اجتماعية تتراوح بين الحفاظ على مزايا معينة، والمطالبة بزيادة الرواتب، أو المعاشات، وهو ما ينذر بانفجار قريب فى ألمانيا، إذا ما وضعنا فى الاعتبار أن المشكلات الاجتماعية ليست الصداع الوحيد فى رأس المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل فى ظل الغضب جراء سياساتها الأخرى، خاصة المتعلقة بمسألة الهجرة، والتى أدت إلى احتجاجات فى بعض المدن خلال الأشهر الماضية. وعلى الرغم من أن الإضرابات الفرنسية السابقة لم تلقى صدى كبير فى الشارع الفرنسى، إلا أن حالة التأجيج المتعمد من قبل ما يمكننا تسميتهم بـ"نشطاء الفوضى"، والذين لقوا دعما كبير من قبل الأحزاب اليمينية، ساهمت فى الانفجار الذى تشهده شوارع العاصمة الفرنسية فى المرحلة الراهنة، وهو الأمر الذى قد يتكرر فى الداخل الألمانى، مع تشابه المعطيات، فى ظل بزوغ نجم التيارات اليمينية، التى ساهمت بصورة كبيرة فى تقويض الشعبية الكبيرة التى طالما تمتعت بها ميركل التى بقت فى منصبها منذ عام 2005. مطالب اجتماعية.. هل تتحول إلى انتفاضة "سياسية"؟ وهنا تكمن خطورة الخطوة التصعيدية التى يخوضها موظفو السكك الحديدية فى ألمانيا، حيث أنها ربما تتحول إلى موجة كبيرة من الاحتجاجات فى المرحلة المقبلة، خاصة مع احتمال تصاعد الدور الذى قد تلعبه التيارات اليمينية لتحويل الغضب "الفئوى" من أجل الحصول على مكاسب اجتماعية إلى "انتفاضة" سياسية ربما تطيح بالأخضر واليابس، فى المستقبل القريب، فى ضوء الرفض الشعبى للنهج الحكومى فى العديد من القضايا الأخرى، وعلى رأسها استقبال أعداد كبيرة من المهاجرين، والذى يكلف الخزانة ملايين الدولارات، بالإضافة إلى تصاعد التهديدات الأمنية جراء ذلك فى ظل احتمالات تسلل عناصر إرهابية إلى الداخل الألمانى بين المهاجرين وطالبى اللجوء. يبدو أن ميركل قد قرأت المشهد السياسى مبكرا، عندما أعلنت تقاعدها عن رئاسة حزبها قبل عدة أسابيع، ربما لتترك المجال مفتوحا أمام وجوه جديدة قد يحظون بثقة المواطنين الألمان فى المرحلة المقبلة، خاصة مع صعود نجم اليمينيين، وعلى رأسهم حزب "البديل من أجل ألمانيا"، وبالتالى فأن الخطوة التى أقدمت عليها المستشارة الألمانية ربما تمثل محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من شعبية حزبها التى تراجعت بصورة كبيرة فى السنوات الماضية، رغم بقائها فى منصبها. الصندوق لا يكذب.. مؤشرات سقوط ميركل بدأت انتخابيا فلو نظرنا إلى الوضع السياسى فى ألمانيا، ربما نجد أن مؤشرات عدة قدمت أدلة دامغة على حالة عدم الاستقرار، لعل أبرزها فوز حزب ميركل، وهو حزب الاتحاد المسيحى الديمقراطى" بأقل نسبة أصوات منذ 70 عاما فى الانتخابات البرلمانية التى أجريت فى سبتمبر 2017، لتحتفظ بمقعدها لفترة رابعة، بينما اضطرت إلى تشكيل الحكومة بمشاركة الحزب الديمقراطى الاشتراكى، فى حين تمكن حزب "البديل من أجل ألمانيا" من تحقيق مقاعد فى البرلمانية لأول مرة فى تاريخه، فى انعكاس صريح للزيادة الكبيرة فى شعبيته مقابل تدنى شعبية ميركل. ولم تتوقف خسائر ميركل على الانتخابات البرلمانية، ولكنها امتدت إلى الانتخابات الإقليمية، حيث منى حزبها بخسائر كبيرة فى عدة مقاطعات، كان أخرها فى أكتوبر الماضى بمقاطعتى هيسين وبافاريا، فى الوقت الذى تصاعدت فيه أسهم اليمينيين. ولم تقتصر حالة عدم الاستقرار الحكومى على النتائج التى آلت إليها الانتخابات الألمانية الأخيرة، والتى تمثل تحذيرا صريحا جراء تنامى الغضب الشعبى بسبب السياسات الألمانية، وإنما امتدت إلى حالة الشقاق التى بدت واضحة داخل الائتلاف الحاكم، وذلك بعدما هدد وزير الداخلية الألمانى فى الأشهر الماضية بالانسحاب من الحكومة إذا لم تتخذ المستشارة الألمانية موقفا حاسما تجاه الهجرة، وذلك بعد المظاهرات الغاضبة التى شهدتها العديد من المدن الألمانية احتجاجا على الزيادة الكبيرة فى أعداد المهاجرين.






















الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;