سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 19 ديسمبر 1963.. القبض على «كابورك يعقوبيان» جاسوس المخابرات المصرية فى الجيش الإسرائيلى باسم «إسحق كاوتشوك»

طوق رجال الشرطة الإسرائيلية والشاباك باب منزل «إسحق كاوتشوك» فى عسقلان، فتح الباب بنفسه.. دفعوه فى صدره بقوة.. اندفعوا داخل الحجرة، اعتقلوه، صادروا حقائبه ودولابه الصغير، وكراسة صغيرة مشفرة، وجهاز استقبال داخل راديو ترانزستور، حسبما يؤكد الدكتور محمد عبود، أستاذ اللغة العبرية فى آداب عين شمس، فى دراسته «كابورك يعقوبيان» أخطر جاسوس مصرى فى قلب الجيش الإسرائيلى - المصرى اليوم7 أكتوبر 2010». يتتبع «عبود» قصة «كوتشوك» الذى نجحت المخابرات المصرية فى زرعه داخل الجيش الإسرئيلى ثلاث سنوات، حتى تم كشفه والقبض عليه فى يوم 19 ديسمبر، مثل هذا اليوم 1963، ويقدم معلوماته من واقع تحقيقات أجهزة الأمن الإسرائيلية معه بعد القبض عليه، ونشرتها الصحف الإسرائيلية، ويضيف إليها معلومات أخرى، تؤكد حسبما يقول: كان رأفت الهجان استقر فى إسرائيل بهوية جديدة، واسم جديد جاك بيتون، وصار منزله قبلة لقادة «الدولة» ونخبة تل أبيب، وكان من الطبيعى أن تحاول المخابرات المصرية إعادة إنتاج هذا النجاح العريض، بفكرة أكثر طموحا، تطلبت شابا مصريا ذكيا ومغامرا، يقبل التجنيد فى «الجيش الإسرائيلى»، على أن يضع نصب عينيه الانضمام لوحدة القوات الخاصة، أو سلاح الاستخبارات الحربية». وفقا لعبود، فإن «كاوتشوك» اسمه الأصلى هو «كابورك يعقوبيان» مصرى أرمنى الأصل، ولد فى مصر أواخر الثلاثينيات أوائل الأربعينيات «القرن العشرين»، حصل على الابتدائية بتفوق، ثم البكالوريا، وبات على أبواب الجامعة، فى عيد ميلاده العشرين توفى والده، وتحمل عبء إعالة أمه، فحمل كاميرته وتجول فى الحدائق يلتقط الصور، كان العمل شاقا، والرزق شحيحا، وهو يحب الحياة ويقبل على ملذاتها.. خلب عقول من حوله بوسامته ولغته العربية المكسرة، وعانى ماديا فتورط فى عملية نصب انتهت به إلى السجن ثلاثة أشهر، وفى ديسمبر 1959 طرق باب زنزانته الانفرادية رجل أربعينى، يعرض عليه صفقة: «عفا الله عما سلف، ونؤمن لك مستقبلك، ومستقبل أسرتك مقابل العمل لصالح المخابرات العامة المصرية»، فوافق فورا. كان «يعقوبيان» نموذجيا لأى ضابط مخابرات يبحث عن عميل يزرعه فى «مجتمع هجرة» حسبما يؤكد «عبود»، والسبب، أنه كان لديه موهبة طبيعية فى تعلم اللغات، فقبل أن يتم الثانية والعشرين من عمره أتقن الإنجليزية والفرنسية والعربية والإسبانية والتركية، واستغرق إعداده عاما كاملا فى منزل آمن، حيث دربه الخبراء على أساليب العمل السرى، والتخلص من المراقبة، واستعمال الحبر السرى، وتصغير الصور، وجمع المعلومات وتحليلها، وانصرف الجهد الأكبر على تأهيله لتقمص شخصية يهودى مصرى، فخضع لعملية ختان فى مستشفى بالقاهرة، كما يفعل اليهود الذين يختتون ذكورهم بعد سبعة أيام من مولدهم.. بدأ يعقوبيان يتعلم بنفسه ويمارس كل ما له صلة باليهودية، فتردد على المعبد اليهودى فى شارع عدلى بالقاهرة يلتقط العادات والتقاليد والطقوس الدينية اليهودية، ويمارسها ويشارك فيها ويعيش على نمط الحياة اليهودية 24 ساعة يوميا. كان إعداد يعقوبيان يمضى، فى وقت يتم فيه تجهيز أوراقه لمهمته الجديدة، وحسب عبود: «كان عليه أن يقدم نفسه بوصفه ابنا لعائلة يهودية تركية لجأت إلى القاهرة من اليونان، وكتب فى أوراقه أنه من مواليد سالونيكا عام 1935، ويدعى «إسحاق كاوتشوك»، ومرت أسرته بظروف عصيبة فى موطنها الأصلى، بعد أن هجر الأب زوجته وابنه إلى مكان غير معلوم، فقررت الأم الهجرة بابنها إلى مصر، وتوفيت ودفنت فى مقابر اليهود بالقاهرة، ولتأكيد القصة كان «المصوراتى يعقوبيان» يسحب من جيب سترته صورة قبر أمه ويبكى كثيرا متأثرا بلوعة الفراق حتى يبكى من حوله».. يؤكد عبود، أنه بعد مرور تسعة أشهر وفى خريف 1960 حصل على شهادة لاجئ من وكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، حملها وتوجه إلى قنصلية البرازيل، طالبا تصريح هجرة. فى مارس 1961 سافر بحرا بهويته الجديدة من الإسكندرية إلى ميناء «جنوا» بإيطاليا، ثم صعد إلى السفينة الإسبانية «كافسان روكى» المبحرة إلى البرازيل، وعلى السفينة التقى مع «إيلر أرجمان» وهو شاب «إسرائيلى» فى الثلاثين من عمره، كان متجها برفقة زوجته وابنتيه إلى البرازيل فى زيارة عائلية.. يؤكد «عبود»: «كان أرجمان شابا رومانسيا يعيش حياة جماعية فى «كيبوتس باور حيال» غرب النقب، وبرغم تفاخره بأنه علمانى، إلا أن بداخله يهوديا عميق التدين، وانبهر فورا بـ«كاوتشوك» الهارب من مصر، والذى بدا له أنه تجسيد حى لخروج بنى إسرائيل من مصر فى العصور القديمة، وأن بقاءه فى البرازيل هى فترة التيه التى يجب أن تنتهى بأسرع ما يمكن، وزاد تعاطفه عندما رأى يعقوبيان يبكى اليتم، وأمه المتوفاة، وكونه مقطوعا من شجرة، وتعرضه للاضطهاد والتعذيب فى مصر». كان لقاء الصدفة بين «كاوتشوك» و«أرجمان» هو كلمة السر التى ستقود إلى تنفيذ خطة المخابرات المصرية بدقة، وحسب عبود فإن الاثنين لم يفترقا طوال فترة السفر التى امتدت أسبوعين فى عرض البحر، وفيما كان «كاوتشوك» يؤكد رغبته فى الاستقرار بأمريكا اللاتينية، كان أرجمان يدعوه للهجرة إلى تل أبيب.. توالت اعترافات «كاوتشوك» بعد القبض عليه، فماذا قال فيها؟




الاكثر مشاهده

بدعوة من دولة رئيس الوزراء الباكستاني.. العيسى خطيباً للعيد بجامع الملك فيصل فى إسلام آباد

علماء العالم الإسلامي يُرشحون مركز الحماية الفكرية لإعداد موسوعة عن "المؤتلف الفكري الإسلامي"

رابطة العالم الإسلامى تنظم غداً مؤتمر "بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية" فى مكة

د.العيسى يلتقي رئيس جمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر على متن سفينة "أوشن فايكينغ"

10 أسئلة وإجابات حول تعديلات قانون تملك الأجانب للأراضى الصحراوية.. برلماني

الشيخ العيسى: يمكن للقيادات الدينية أن تكون مؤثرة وفاعلة فى قضيةٍ ذات جذورٍ دينية

;