المستشار أنور الرفاعى يكتب: إلى كل مسلمى ومسيحيى مصر كل عام وأنتم بخير رغم أنف المستكبرين المتعصبين

كل عام ومصر والمصريون بخير.. فى كل عام نظل خلال شهر ديسمبر نتناول اللغط السنوى حول جواز تهنئة الأخوة المسيحيين بعيد ميلاد المسيح عليه السلام ومدى مشروعية الاحتفال به من قبل المسلمين، ثم يأتى عيد الميلاد المجيد وينتهى دون أن نضع حدا أو حلا لهذه المسألة التى جعل منها حزب النور وفلوله مسألة خلافية، موفرين إياها للعام القادم حتى يضمنوا مادة خلافية يثيرون بها الجدل للعام القادم، ولكن ظاهرة هذا العام هى دخول بعض المستكبرين المتعصبين من خارج مصر كالشيخ العريفى الذى فاجأنا بأحد البوستات، وكعادته حاول تطويع كلمات القرآن الكريم فى غير مدلولها لتوافق أغراض الفتنة والوقيعة بين قطبى المجتمع المصرى، مستدلا بالآية الكريمة من سورة مريم: "تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا" معلقا.. إلى من يهنئ النصارى بعيدهم.

- والذى لا يعرفه هذا الشيخ المناصر لجماعة الإخوان والسلفية الجهادية أن المجتمع المصرى لم يبتلع طعم الوقيعة على مر تاريخه لأن نسيجه الاجتماعى من نوع خاص.

- وأحب أن أذكر الشعب المصرى بأن الشيخ العريفى كثيرا ما قضى الكريسماس فى شوارع لندن ولم ينصح نفسه بألا يتبادل التهانى مع الأوربيين.

وللشيخ العريفى ومن على شاكلته من يلوون ذراع النص القرآنى للاستدلال به فى غير مدلوله، بغية إحداث الوقيعة ونشر الفتن والجدال الفوضوى أقول: تمسكتم عن عمد بأن تهنئة غير المسلمين بأعيادهم هو خروج من ملة الإسلام واتباع اليهود والنصارى "لن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم" صدق الله العظيم.

- والسؤال: هل مجرد "كل سنة وأنت طيب" للمسيحيين هو اتباع لملة المسيحيين؟ كذبتم وتعلمون أنكم أفاقون.

- اسمعوا إلى الإمام الشيخ الشعراوى - رحمة الله عليه - حينما وصفكم بالأغبياء قبل أن تظهروا وكأنه تنبأ بظهوركم وقال لكم: أيها الأغبياء هناك فرق كبير بين الرضا والتعايش مع الآخر، فالرضا هو أن تقبل تصرف الآخر بحب وود من القلب.

- أما التعايش أن تقبل هذا التصرف من الآخر بقبول وليس بحب، فالذى يعطى تصريح بناء الكنائس موظف مسلم، ومع ذلك لا يعتقد بما يقام من شعائر داخل الكنيسة، والذى يحرس الكنيسة، ضابط مسلم، هل فى هذا خروج عن الملة؟ كذبتم وحين تتمسكون بظاهر النص كعادتكم فى قوله تعالى: "لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِى قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِى اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ" (22) سورة المجادلة، كذلك "يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء" المائدة 51، كل هذه الآيات التى أسسوا عليها الولاء والبراء، وتطور هذا المفهوم معهم منذ ابن تيمية إلى الآن، حتى جعلوا المسلمين شيعا وجماعات لا تخدم سوى الفكر الماسونى والصهيونى، وأكبر الأدلة "داعش" التى لا تقتل سوى المسلمين ولم يصوبوا طلقة واحدة تجاه إسرائيل وغيرهم، وهم يعلمون أن ابن تيمية فقيه عصره فقط ولا يصلح لبقية العصور لأنه كان فى زمن الفتنة.

فيا أيها المشايخ المحدثين نحترمكم إذا ما عدلتم وتوسطتم، لكن كلامكم ليس قرآنا يتلى، وتفسيراتكم السطحية لا تخدم سوى أغراضكم فى الفرقة والفتن، فأين أنتم من قوله تعالى "إن تبروهم وتقسطوا إليهم" صدق الله العظيم.

وأين أنتم من قوله تعالى "وإن جاهداك على أن تشرك بى ما ليس لك به علم فلا تطعها وصاحبهما فى الدنيا معروفا" صدق الله العظيم.

البر والقسط والصحبة بالمعروف هى المفهوم الجلى للتعايش مع الآخر أما قوله تعالى "يوادون" فهو مفهوم آخر معناه اتباع ملة الآخر بحب، وليس إعطاءه حريته فيما يعتقد، وهذه الحرية هى التى خلقت الحل الوسط والنهائى فى مسألة تهنئة المسيحيين بعيد الميلاد المجيد، فأنت كمسلم تؤمن بنبى الله عيسى.. أليس كذلك؟!.. احتفل بميلاده بمفهومك أنه نبى الله، مثلما نحتفل بميلاد محمد - صلى الله عليه وسلم - وأترك المسيحى يحتفل بميلاد عيسى عليه وعلى نبينا السلام، بمفهومه هو وقناعته هو، من منطلق قوله تعالى "لكم دينكم ولى دينى" صدق الله العظيم.

هذه الحرية فى العقيدة التى تخافون من وجودها لأنها ستهمش من دور وقدر كبار هؤلاء المشايخ الذين حاولوا اختزال الإسلام فيما يخرج من أفواههم فقط.

تعايشوا.. أرجوكم إن كنت تتبعون الرسول حقا، حينما عاهد اليهود لم يكن حبا ولكن كان تعايشا، ولكن هذا الإسلام الجديد هو الناتج الضيق من فكر المستكبرين لا تعايش معه ولا حياة، وهذا مخالف لمقاصد الشريعة الإسلامية التى دعت إلى حفظ المال والنفس والعرض وإلى حفظ الحياة.

وفى النهاية.. قناعتى وقناعة السواد الأعظم هى أن تهنئة المسيحى بعيد الميلاد ليس موالاة ولا ودا ولا اتباعا لملتهم، ولكنها من أبواب التعايش مع الآخر الذى يحفظ حسن التعامل والبر والقسط والمعروف وهذه هى مقاصد الشريعة الإسلامية.

"فيا أيها المصريون كل عام وأنتم بخير"



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;