سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 25 فبراير 1968.. عبدالناصر يتلقى بيان طلاب «هندسة القاهرة» المعتصمين أثناء اجتماعه بالحكومة وتقريراً عن مشاركة ابنه خالد فى الاعتصام

اقترب عبدالمجيد فريد، سكرتير عام مجلس الوزراء، من الرئيس جمال عبدالناصر أثناء اجتماع للحكومة، برئاسته فى مثل هذا اليوم «25 فبراير 1968» وقدم للرئيس ورقة. كان الاجتماع يناقش المظاهرات الطلابية فى الجامعات منذ يوم 21 فبراير 1968 احتجاجا على ضعف الأحكام الصادرة بحق قادة الطيران المتهمين بالتقاعس فى نكسة 5 يونيو 1967، ووفقا لشهادة المستشار عصام حسونة، وزير العدل، فى مذكراته «23 يوليو وعبد الناصر»، فإن جدول الاجتماع المعلن من قبل كان مناقشة تقرير لجنة الخطة والمواصلات، لكن المظاهرات فرضت نفسها على الاجتماع.. ويؤكد: «كانت الورقة التى قدمها فريد إلى عبد الناصر منشورا صادرا من طلبة كلية الهندسة المعتصمين داخل الكلية، وتضمن إعلانهم أنهم لن يفضوا اعتصامهم إلى أن تتحقق مطالبهم وهى: الإفراج الفورى عن الطلاب المعتقلين، وحرية الرأى والصحافة، ومجلس أمة حر يمارس حياة نيابية سليمة، وإبعاد المخابرات والمباحث عن الطلاب والجامعة، وإلغاء القوانين المقيدة للحريات ووقف العمل بها، والتحقيق الجدى فى حادث العمال فى حلوان «اعتداء الشرطة على مظاهرات عمال مصانع الطائرات»، وتوضيح حقيقة المسألة فى قضية الطيران «الأحكام الصادرة بحق قادة السلاح»، والتحقيق فى انتهاك حرمة الجامعات واعتداء الشرطة على الطلبة».. يضيف «حسونة» أن الورقة التى قدمها عبد المجيد فريد، كانت تفيد أيضا أن ابن «عبد الناصر» الأكبر «خالد» الطالب بالكلية ضمن المعتصمين «أصبح من أساتذتها فيما بعد». يكشف «حسونة» أن الرئيس وبعد أن قرأ بيان طلاب الهندسة قال: «يبدو أن حكم صدقى محمود ليس له أولوية لدى الطلبة، إنهم يطلبون حل الاتحاد الاشتراكى وإطلاق الحريات وإعادة تحقيق المسؤولين عن النكسة، أظن هذا يكفينا الليلة، قال ذلك ونهض بعد أن فض الاجتماع»، ويفسر عبد الغفار شكر تعليق عبد الناصر، قائلا فى كتابه «منظمة الشباب الاشتراكى» الصادر عن «مركز دراسات الوحدة العربية – بيروت»: «من بين المطالب الثمانية كانت هناك ثلاثة مطالب حول المسألة الديمقراطية فى البلدان ككل، وثلاثة أخرى تشير إلى غياب الديمقراطية فى الجامعة، واثنان فقط حول أحكام الطيران وتظاهر حلوان». كان نهار اليوم مشتعلا بالمظاهرات فى الجامعات باشتباكات بين الشرطة والطلاب فى جامعة القاهرة، وفقا لأحمد شرف أحد قيادات هذه المظاهرات فى كتابه «براءة سياسية - مركز الحضارة العربية –القاهرة»، غير أن وقائع اجتماع مجلس الوزراء حملت مفارقات مدهشة.. يؤكد «حسونة »، أن عبد الناصر قام بفتح باب المناقشات حول ما يجرى، فدعا وزير الحربية الفريق أول محمد فوزى إلى الكلام، فقال: ثبت الإهمال ضد قائد الطيران، وحكم المحكمة سليم ووقع الحكم طبيب فى القوات المسلحة ولهذا صدقت على الحكم، وقال لبيب شقير وزير التعليم العالى: مظاهرات الطلبة عقب صدور الحكم والذين حركوها عناصر يمينية رجعية، وقد تتبعنا زعماءهم وجدناهم من الجمعية الشرعية ومن الإخوان المسلمين، وكان موقف الشرطة عظيما ورأى إعادة محاكمة صدقى محمود أمام محكمة ثورة أو محكمة شعبية لأن العقوبة الصادرة «15 سنة» لا تكفى، وقال الدكتور النبوى المهندس وزير الصحة: يجب تعليق صدقى محمود وزملائه على المشنقة فى ميدان عام، الطلبة المصابون فى المظاهرات أعربوا لى عن ولائهم للرئيس، وحملونى رسالة أنه يقبلون يد الرئيس، وزرتهم فى المستشفى مع الأخ سامى شرف. أما عصام حسونة، فقال إنه لا يجوز لمجلس الوزراء أن يناقش قضية صدر فيها حكم من محكمة مختصة قانونا بإصداره، وأضاف: «أسأل الذين تحدثوا عن الحكم، هل ألموا بالتحقيقات؟ هل عرفوا ظروف الاتهامات؟ هل قدروا مسؤولية صدقى محمود ومن هم فوقه ومن هم دونه؟ إننى لا أعرف صدقى محمود معرفة شخصية، وأخمن أن سنه 55 سنة والحكم محل النقاش قضى بمعاقبة 15 سنة، فلو أعيدت محاكمته فإن أقصى عقوبة يسمح بها القانون هى الأشغال الشاقة المؤبدة نحو 20 سنة، فما الفرق بين 15 و20 سنة، أما من حيث وقع العقوبة على الرأى العام، فإنه لن يرضيه إلا الدم، الجمهور يريد الدم، دم النظام كله، إننى مندهش من أن يطالب دكتور لبيب شقير بنقل القضية إلى محكمة ثورة أو محكمة شعبية لتحكم بأشد العقوبة، فهو يعرف كأستاذ قانون أن المحكمة الجديدة أيا كان اسمها لا يمكنها قانونا أن تحكم بأكثر مما يحكم به القانون». توجه الرئيس بسؤال لحسونة: «مارأيك فى إعادة محاكمة صدقى محمود؟»، رد: ليس هناك طريق لمحاكمة أخرى إلا بأسلوب ماو «الرئيس الصيني»، وأوضح: «أسلوب الثورة فى الصين، هناك ينفذون الحكم الذى تريده القيادة السياسية فى المتهم ثم يسألون الجماهير فى ميدان عام هل يوافقون؟ كيف نعلق صدقى محمود على المشنقة فى ميدان عام وأقصى عقوبة يسمح بها القانون لجريمته هى الأشغال الشاقة؟».. يؤكد حسونة: «نهض عبد الناصر مبتئسا وفض الاجتماع».



الاكثر مشاهده

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

رئاسة وزراء ماليزيا ورابطة العالم الإسلامي تنظِّمان مؤتمرًا دوليًّا للقادة الدينيين.. الثلاثاء

كبار فقهاء الأمة الإسلامية يجتمعون تحت مظلة المجمع الفقهي الإسلامي

بدعوة من دولة رئيس الوزراء الباكستاني.. العيسى خطيباً للعيد بجامع الملك فيصل فى إسلام آباد

علماء العالم الإسلامي يُرشحون مركز الحماية الفكرية لإعداد موسوعة عن "المؤتلف الفكري الإسلامي"

;