30 عاما على استرداد طابا.. كواليس أشرس معركة دبلوماسية مصرية لاستعادة الأرض.. قصة العلامة "91" التى حاولت تل أبيب طمسها لسرقة الأرض.. وشهادة 3 ضباط يوجوسلاف حولت مسار القضية لصالح القاهرة فى التحكيم ا

احتفلت مصر منذ أيام بيوم الدبلوماسية المصرية الذى يوافق يوم الخامس عشر من شهر مارس من كل عام، وذلك احتفاء بالمعركة الدبلوماسية التى خاضتها مصر خلال فترة الاحتلال البريطانى، والاحتفال بعودة عمل وزارة الخارجية المصرية، بعد إعلان الاستقلال عن بريطانيا فى 22 فبراير 1922، وذلك إثر إلغاء وزارة الخارجية لمدة سبع سنوات بعد إعلان الحماية البريطانية على مصر عام 1914 باعتبارها أحد أهم مظاهر السيادة والاستقلال وتحويل اختصاصاتها إلى المندوب السامى البريطانى. خاضت الدبلوماسية المصرية معركة شرسة كى تستعيد وزارة الخارجية عملها بعد إعلان بريطانيا الحماية البريطانية على مصر، وتمكنت مصر خلال معركة دبلوماسية شرسة من إقامة تمثيل دبلوماسى وقنصلى لمصر فى الخارج، وتعد أبرز معارك الدبلوماسية المصرية معركة «أم الاستقلال» التى بدأت عقب انتصارات حرب أكتوبر 1973، وصولا إلى معركة تحرير طابا التى نجحت مصر عبر عقول دبلوماسييها فى خوض معركة كبيرة على مدار سبع سنوات، وتكللت تلك الجهود بالنجاح فى استرداد سيناء وطابا بشكل كامل، بدأت معركة استرداد طابا فى أكتوبر 1981 خلال اجتماع الجانب المصرى مع الإسرائيلى لتفعيل انسحاب الجيش الإسرائيلى من سيناء، واتفق الطرفان على كل العلامات الحدودية باستثناء العلامة 91 الخاصة بمدينة طابا، حيث رفض الوفد الإسرائيلى تنفيذ الانسحاب بشكل كامل وتوسع الخلاف حتى شمل 13 علامة أخرى، وأعلنت مصر فى مارس 1982 عن وجود خلاف مع الجانب الإسرائيلى حول بعض العلامات الحدودية، مؤكدة تمسكها بموقفها المدعوم بالوثائق الدولية والخرائط التى تثبت تبعية تلك المناطق للأراضى المصرية، وعقدت عدة اجتماعات رفيعة المستوى لبحث إيجاد حل للأزمة وتعقدت الأمور بشكل أكبر بعد تعنت الإسرائيليين فى إعادة طابا، طالبت مصر باللجوء إلى التحكيم الدولى لحل النزاع كما تنص المادة السابعة من معاهدة السلام بين البلدين نتيجة للرفض الإسرائيلى، ويشير العربى فى كتابه «طابا.. كامب ديفيد.. والجدار العازل» إلى محاولات إسرائيل تضليل الرأى العام العالمى بل وربما المصرى بالقول إن العلامات التى تم الاتفاق عليها فى 1906 تم تعديلها فى 1915 بواسطة توماس إدوارد لورانس الضابط البريطانى الذى كان له دور فى الثورات العربية على الدولة العثمانية، كما يشير كذلك إلى ما قامت به إسرائيل من إزالة لمعالم العلامة 90 بعد أن تركتها فى موقعها لإيهام مصر بأنها العلامة 91. وأكد الدكتور نبيل العربى أن إسرائيل أخفت عن عمد ما قامت به من إزالة جزء من هضبة شرق وادى طابا سرا لتشق طريقا يربط طابا بميناء إيلات على الجانب الإسرائيلى من الحدود مع مصر، رغم علم مصر بقيام إسرائيل بشق هذا الطريق وببناء فندق هناك، فهى لم تكن تعلم بمسألة إزالة العلامة. وكثفت الدبلوماسية المصرية من تحركاتها الدولية لإظهار الحقيقة وتفنيد الرواية الإسرائيلية لسرقة جزء من أراضى سيناء، وقدمت مصر الوثائق والخرائط التى تثبت تبعية طابا للأراضى المصرية، مشيرة إلى انسحاب إسرائيل من سيناء - بما فيها طابا- إلى الحدود الدولية عقب عدوان 1956، وردت الحكومة الإسرائيلية بأن موقفها قائم على وجود خطأ فى تعليم الحدود وفق اتفاقية 1906 الخاصة بتعيين الحدود بين مصر والدولة العثمانية، وأن موقفها بعد حرب أكتوبر 1973 يسعى لتصحيح هذا الخطأ. ولعبت الدبلوماسية المصرية دورا بارزا فى تجميع الأدلة والوثائق التى تدحض الرواية الإسرائيلية، وقدمت وزارة الخارجية 29 خريطة بأحجام مختلفة تثبت الملكية المصرية لطابا، وتمكنت من جمع خرائط ووثائق من الأرشيف المصرى والبريطانى والتركى، وقدمت 10 خرائط من الأرشيف الإسرائيلى نفسه تثبت تبعية طابا للأراضى المصرية، فيما قدمت إسرائيل ست خرائط فقط لكن الخرائط والوثائق لم تكن كافية فقط لحسم القضية لصالح مصر. ويقول الدكتور نبيل العربى، إن من ضمن أسباب الصعوبات التى واجهت الفريق المصرى والذى كان يضم إلى جانب الساسة والقانونيين، الذين لا يتردد العربى فى ذكر اسم كل واحد منهم مع الكثير من التقدير، خبراء فى المساحة والخرائط يرجع إلى أن هذا الجزء من الأراضى المصرية كان موقعا للقوات الدولية فى مرحلة ما بعد العدوان الثلاثى على مصر فى عام 1956 فالقوات المصرية لم تطأ أقدامها الشريط الحدودى على الجانب المصرى منذ عام 1956 وكانت المعلومات المتوفرة لديها ضئيلة، ولم يتم تحديثها، وهو ما تطلب البحث عن الضباط الذين عملوا فى ذلك الوقت فى إطار القوات الدولية، وكان من بينهم ضباط من الدنمارك التى لم تتعاون مع مصر كثيرا فى سعيها لإثبات حقها ومن يوجوسلافيا التى أبدت التعاون مع مصر من خلال شهادة ثلاثة أكدوا موقع العلامات المرسمة للحدود الدولية بين مصر فلسطين تحت الانتداب «وكان لشهادتهم تأثير واضح على هيئة التحكيم التى أكدوا أمامها فى شهادة مشتركة أن مهمة الكتيبة اليوجوسلافية لمدة عشر سنوات كانت القيام بدوريات غرب الهضبة وأن خرائطهم الرسمية تؤكد أن خط الحدود يمر على هضبة طابا، وليس فى وادى طابا كما تدعى إسرائيل». وأكد الدكتور نبيل العربى أن تشكيل هيئة التحكيم كان مثار مناقشات طويلة وخلافات عميقة بين مصر وإسرائيل استغرقت عدة شهور، فالقواعد المتعارف عليها لتشكيل هيئات التحكيم هى أن يختار كل طرف محكما عنه ثم يتفق الطرفان على أسماء المحكمين المحايدين الثلاثة وهو الأمر الذى كان مثار خلاف كبير، حيث دأبت إسرائيل على رفض كل الأسماء التى كان الوفد المصرى يتقدم بها وبالمثل استمرت مصر فى رفض قبول الأسماء التى اقترحتها إسرائيل حتى وصل أعداد الأسماء المرفوضة من الطرفين إلى 44 اسما على مدى ستة أشهر، إلى أن قام المحكمان المتفق عليهما بتسليم الجانبين ورقة عليها أسماء سبعة محكمين ليقرر كل طرف على حدة الأسماء التى يقبلها، ليتم الاتفاق على هيئة التحكيم. وعقب ذلك يروى «العربى» تفاصيل بدء مرحلة إعداد المذكرات التى يتم عرضها من قبل الجانبين المصرى والإسرائيلى على المحكمة التى اطلعت على المذكرات، واستمعت إلى المرافعات الشفوية، وكان للدكتور عصمت عبدالمجيد، وزير الخارجية حينها، والدكتور مفيد شهاب، والباحث والمحقق التاريخى الدكتور يونان لبيب رزق، الذى قدم خرائط ووثائق قديمة تثبت مصرية طابا، منها خطاب أرسله جندى إنجليزى لزوجته أثناء الحرب العالمية الأولى، يحدثها فيه أنه يتكلم من مصر عند نقطة طابا الحدودية، كما ضم الفريق، أيضاً، كلاً من الدكتور نبيل العربى، مساعداً فى إتمام الإجراءات وأوراق القضية، واللواء عبدالفتاح محسن، مدير المساحة العسكرية الأسبق، وقائد عمليات القوات المسلحة المصرية فى حرب اليمن، وكمال حسن على، قائد إحدى فرق الإمداد فى حرب أكتوبر، وحامد سلطان، أستاذ القانون الدولى بجامعة القاهرة. بدأت الصعوبات فور النطق بالحكم، الذى جاء إجمالا لصالح مصر، أما إسرائيل فقد خسرت موقع العلامة الخاصة برأس النقب وباقى المواقع المهمة، ومع هذه الخسارة، يتطرق الدكتور نبيل العربى إلى المماطلة التى مارستها إسرائيل رفضا لتنفيذ الحكم. وفى سبتمبر 1988 أعلنت هيئة التحكيم الدولية فى الجلسة العلنية التى عقدت فى برلمان جنيف حكمها فى قضية طابا، ويتذكر الدكتور نبيل العربى الغضب الذى أصابه عندما سأله أحد الصحفيين «وماذا الآن؟ لقد حكمت المحكمة لصالح مصر ولكن تنفيذ الحكم يقتضى موافقة إسرائيل، فماذا سوف تفعل مصر؟» ليأتى رد الدكتور نبيل العربى واضحا إن إسرائيل إذا ما حاولت عدم تنفيذ الحكم ستكون دولة خارجة عن الشرعية ومنبوذة، وبعد مفاوضات ومحاولات مصرية قابلتها إسرائيل بالتعنت الشديد قرر رئيس الجمهورية، حسبما يروى العربى، الإدلاء بتصريح شدد اللهجة يطالب إسرائيل بالانسحاب الفورى ويعلن فيه أن مصر لن تقبل استمرار المماطلات والمناورات الإسرائيلية وأنها قد تلجأ إلى التخلص من جميع المنشآت فى طابا، وبعد مفاوضات بعد إصدار حكم المحكمة بتبعية طابا للأراضى المصرية تم التوصل إلى عقد ما سمى باتفاق روما التنفيذى فى 29 نوفمبر 1988 والذى نص فيه على تحديد علامات الحدود الأربعة عشرة وفقا للحكم الصادر عن محكمة التحكيم، وعلى الانسحاب الإسرائيلى من الأرض المصرية إلى ما وراء هذه العلامات فور تحديدها، وتم جلاء الإسرائيليين عن طابا فى 19 مارس 1989، ورفع العلم المصرى واعتبر هذا اليوم «عيد تحرير طابا»، وبدوره وصف السفير جمال بيومى، مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن الدبلوماسية المصرية خاضت عدة معارك دبلوماسية منذ مطلع القرن العشرين، مشيرا إلى دور وزارة الخارجية فى مفاوضات الجلاء التى تم على أثرها مغادرة القوات البريطانية لمصر، مشيدا بدعم الرئيس الأمريكى الأسبق دوايد إيزنهاور فى دعم التحركات المصرية وخاصة بعد العدوان الثلاثى عام 1956. وأكد مساعد وزير الخارجية، فى تصريحات خاصة لـ«انفراد»، أن معركة تحرير طابا تأتى ضمن معركة «أم الاستقلال» التى بدأت فى أكتوبر عام 1973م، مشيدا بالدور الذى لعبه الوفد المصرى المفاوض، وخاصة وزير الخارجية الأسبق عصمت عبد المجيد والسفير أحمد أبوالخير فى المعركة الدبلوماسية لاستعادة طابا.








الاكثر مشاهده

بدعوة من دولة رئيس الوزراء الباكستاني.. العيسى خطيباً للعيد بجامع الملك فيصل فى إسلام آباد

علماء العالم الإسلامي يُرشحون مركز الحماية الفكرية لإعداد موسوعة عن "المؤتلف الفكري الإسلامي"

رابطة العالم الإسلامى تنظم غداً مؤتمر "بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية" فى مكة

د.العيسى يلتقي رئيس جمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر على متن سفينة "أوشن فايكينغ"

10 أسئلة وإجابات حول تعديلات قانون تملك الأجانب للأراضى الصحراوية.. برلماني

الشيخ العيسى: يمكن للقيادات الدينية أن تكون مؤثرة وفاعلة فى قضيةٍ ذات جذورٍ دينية

;