سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 1 مايو 1971.. السادات يخطب فى حلوان ويضيف فقرة من ورقة فى جيبه إلى خطابه تكشف صراعه مع معارضيه من رجال عبدالناصر

لاحظ سامى شرف، الوزير برئاسة الجمهورية، أن هناك من يبالغ فى التصفيق على كلمات محددة، ذكرها الرئيس السادات فى خطابه احتفالًا بعيد العمال فى حلوان يوم 1 مايو، مثل هذا اليوم، 1971..كان«شرف»مديرًا لمكتب الرئيس جمال عبدالناصر حتى وفاته فى 28 سبتمبر 1970،وواصل عمله مع الرئيس السادات حتى أحداث 15 مايو 1971 التى شهدت استقالة كبار المسؤولين الذين عملوا بجوار جمال عبدالناصر، وكان«شرف»من بينهم،وتعرضوا لمحاكمات أدت إلى سجنهم. يتذكر«شرف»فى الجزء الخامس من مذكراته، وقائع هذا اليوم،وقصة مبالغة البعض فى التصفيق على كلمات ذكرها السادات: «فى يوم 29 أبريل 1971 كنت متوجهًا بالصدفة إلى مكتب شعراوى جمعة «وزير الداخلية» فى الاتحاد الاشتراكى «التنظيم السياسى الوحيد وقتئذ»، وكان موجودًا معه كل من عبدالمجيد فريد«أمين القاهرة»،وعبداللطيف بلطية رئيس اتحاد العمال فى الستينيات ثم وزير القوى العاملة وآخرون،وفهمت من الحوار الدائر بينهم أن عدد العمال الحاضرين للاحتفال سينقص إلى النصف،فأبديت مع شعراوى جمعة اعتراضنا على هذه الفكرة،ولم أتبين من هو صاحبها أساسًا،لكننا عارضناها وطلبنا أن تتولى أمانة القاهرة مسؤولية الاتفاق مع اتحاد العمال،وعقد الحفل بالفعل. يؤكد«جمعة»فى «شهادتى للتاريخ»إعداد:«محمد حماد»:«كان انحيازنا،لأن يكون الحشد ضخما لأسباب شتى،وأول تلك الأسباب،أن نمنع القيل والقال حول المقارنة بين ماكان يحدث فى عهد الزعيم الراحل وبين مايحدث بعده،وذهبنا إلى مقر الاحتفال»..يضيف:«توجه السادات فى صبيحة اليوم نفسه وبصحبته الدكتور عزيز صدقى نائب رئيس الوزراء ووزير الصناعة لافتتاح عدد من المصانع،وعندما حضر إلى الاحتفال بدا وكأن قسمات وجهه كلها تنطق بالتجهم الشديد،واعتلى المنصة المعدة،وبدأ حديثه بكلام عادى،وبعد ذلك عن أنه هو المسؤول الأول فى البلد،والمنتخب من الشعب،وكلام كثير فى هذا الاتجاه،وبدأت الجماهير الاحتفال الحاشدة ترفع صورة عبدالناصر». يرى«موسى صبرى»فى كتابه«وثائق 15 مايو»،أن رفع هذه الصور كان مدبرًا بغرض الإساءة إلى السادات، فيما يؤكد«جمعة» أنه كان تصرفا طبيعيا من الجماهير قصدت إليه، وكانوا يريدون أن يبعثوا برسالة مهمة جدًا وهى: هذا الزعيم،هذا هو البطل الذى رفعنا صوره من قبل وأثناء حياته، ونرفعها الآن من بعد رحيله،ويكشف: «فهم السادات الرسالة، وقال فيما بعد:«هم بيخوفونى بجمال عبدالناصر ولا إيه». يتذكر«شرف»: «فى خطاب السادات وردت عبارات لم تكن مدرجة فى أصل الخطاب الذى كُتب فى مكتبى ثم تحدث عن «بناء الدولة الجديدة»و«مسؤولية القيادة»قائلًا:«أريد أن أتحدث إليكم بكل وضوح عن تحديد مسؤولية القيادة فى تحديد القرار السياسى، وهنا أذكر قول جمال:أنا مسؤول أمام الله،أنا المسؤول أمام الشعب، مسؤول أمام نفسى،مسؤول أمام ضميرى لأننى مسؤول عن كل مايحدث، ومسؤول عن كل عملية باعتبارى رئيس جمهورية انتخبه هذا الشعب فى فترة حرجة وفى مرحلة تطور كبيرة من مراحل الحياة.. دى كانت كلمات جمال، واليوم يشرفنى أن أقرر أمامكم أن اختيار الشعب المصرى لى كرئيس جمهورية، كان بمثابة عهد بين الشعب وبينى أن نصون الوحدة الوطنية وأن ندعمها»،وأضاف: «قال جمال ومن ورائه أردد أنا أيضًا، بأن الشعب هو المعلم وهو القائد وهو الخالد أبدًا، وأن الشعب هو صاحب هذا البلد، وهو الذى سيخوض مع قواته المسلحة معركة حياة بكل مسؤولياتها وما تفرضه من تضحيات». يكشف«جمعة»،أنه بعد انتهاء السادات من قراءة الخطبة التى كتبها محمد حسنين هيكل،أخرج ورقة من جيبه كتبها بنفسه، لأن هيكل رفض كتابتها فى الخطاب،تناول فيها هجوما على من سماهم بـ«مراكز القوى»، وكانت تلك الفقرة تقول: «ليس من حق أى فرد أوجماعة مهما كان هذا الفرد، أوتلك الجماعة أن تزعم لنفسها قدرة تفرض من خلاله رأيها على جموع الشعب بعد أن أسقط هذا الشعب مع جمال كل مراكز القوى ليبقى الشعب وحده سيد مصيره». يتذكر«شرف»:«عندما قال السادات هذه الكلمات» لاحظت أن محمود الجيار، وكان حاضرا ينظر إلى أنا وشعراوى بنظرات يبدو منها الشماتة،كما كان يبالغ فى التصفيق بأسلوب مفتعل،ونفس الشىء لاحظناه على مجموعة معينة من الضباط الأحرار» التنظيم الذى قام بثورة 23 يوليو 1952»، وأعضاء معينين من مجلس الأمة من محافظات المنوفية والبحيرة وأسيوط والمنيا وبنى سويف». يعلق«جمعة»:«كانت هذه الفقرة التى أضافها بنفسه إلى خطابه،تعنى أنه قرر أن يبدأ مرحلة التصفيات التى رآها ضرورية كى يتمكن من الانفراد بسلطة القرار، وكانت تلك الفقرة هى «البداية». يذكر الكاتب الصحفى عبدالله إمام، فى كتابه«انقلاب السادات: «اتجه السادات إلى منزله، ولكن صورة الاحتفال وما حدث فيه لم تكن مريحة لكل الأطراف»، وترقب الجميع ماذا يعنى بكلمته الختامية،التى لم يكتبها هيكل؟.



الاكثر مشاهده

رابطة العالم الإسلامى تنظم غداً مؤتمر "بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية" فى مكة

د.العيسى يلتقي رئيس جمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر على متن سفينة "أوشن فايكينغ"

10 أسئلة وإجابات حول تعديلات قانون تملك الأجانب للأراضى الصحراوية.. برلماني

الشيخ العيسى: يمكن للقيادات الدينية أن تكون مؤثرة وفاعلة فى قضيةٍ ذات جذورٍ دينية

رابطة العالم الإسلامي تُدشِّن برنامج مكافحة العمى في باكستان

جامعة القاهرة تنظم محاضرة تذكارية للشيخ العيسى حول "مستجدات الفكر بين الشرق والغرب"

;