سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 5 يونيو 1963.. مظاهرات فى إيران ضد الشاه محمد رضا بهلوى.. واتهامات لجمال عبدالناصر بتمويلها

اندلعت المظاهرات فى إيران، فاتهم إمبراطورها الشاه محمد رضا بهلوى، الرئيس جمال عبدالناصر بأنه محرضها، ويقدم التمويل لها. كانت العلاقات بين «عبدالناصر» و«بهلوى» فى مجملها سيئة، وكان الموقف من إسرائيل سببا رئيسيا فى ذلك، ففى 24 يوليو عام 1960 أعلن «بهلوى» اعترافه رسميا بدولة إسرائيل كأمر واقع ومسلم به، فرد عبدالناصر بعنف فى خطاب شعبى قائلا: «شاه إيران باع نفسه بثمن بخس للمستعمرين، ولوكان الشاه قد باع نفسه رخيصا، فليس من الممكن أن تبيع الأمة العربية نفسها بالذهب والكنوز.. إن الأمة الإيرانية لن تخضع لحكومة المستعمر وهذا ليس بإمكان الصهيونية الدولية التى تحكم فى إيران، ولا نرى ضرورة لإبقاء سفارتنا فى هذه الدولة»، ووفقا للكاتب الصحفى محمد حسنين هيكل فى كتابه «سنوات الغليان»: «ردت وزارة الخارجية الإيرانية ببيان رسمى جاء فيه بالنص:«إن وكالات الأنباء الأجنبية نقلت مساء اليوم تصريحات مجنونة لجمال عبدالناصر تعرض فيها للمؤسسات المقدسة فى إيران، ولكن هذا الفرعون المصرى الأحمق يشوه حقائق موقف الحكومة الإمبراطورية الشاهانية، إن تصريحات جمال عبدالناصر الغبية والشريرة والرخيصة لا تليق برئيس دولة، ولكن هذا لا يدهش جلالة الإمبراطور الذى يعلم أن ذلك الرجل قفز إلى السلطة على أساس غير شرعى». ردت «الخارجية المصرية» بأن أمرت السفير المصرى فى إيران بمغادرة طهران فى ظرف 24 ساعة، ويعلق هيكل:«كان خطاب جمال عبدالناصر عنيفا، وجاء رد الشاه بذيئا، والواقع أن العلاقات بين الرجلين لم يقدر لها أن تكون طيبة فى يوم من الأيام». فى يناير1963وحسب هيكل فى كتابه «مدافع آية الله»: «أعلن الشاه ما سماه «ثورة الشاه والشعب» أو «الثورة البيضاء» التى تتكون من ست نقاط من ضمنها، الإصلاح الزراعى وتحرير المرأة وتعديل قانون الانتخابات، فحتى ذلك الوقت، كان الرجال فقط هم الذين لهم حق التصويت أو الترشيح، وكان على المرشحين أن يقسموا على القرآن، وفتحت هذه التنظيمات الجديدة الباب للنساء ولغير المسلمين، وعارض آية الله الخمينى هذه القوانين، ومنذ ذلك الوقت برزت سمعته كمعادٍ لحقوق المرأة.. أثارت هذه الإجراءات ثائرة الخمينى وجعلته يرسل برقية إلى الشاه، لكن الشاه رفض أن يرد عليه بشكل مباشر، فأرسلت الحكومة برقية تخاطب الخمينى بلقب «حجة الإسلام»، وهى عبارة فيها شىء من الإهانة، لأنه كان قد ارتفع إلى مرتبة «آية الله»، وكل ما ذكرته البرقية أن الشاه يتمنى أن يهتدى الخمينى إلى الطريق الصحيح».. يذكر فهمى هويدى فى كتابه «إيران من الداخل»، أن الخمينى أصدر فتوى بتحريم الاشتراك فى الاستفتاء، وفى مارس 1963 يوم الاحتفال باستشهاد الإمام جعفر الصادق، وبينما مجلس العزاء منعقد ويلقى الخمينى دروسه هاجمت قوات الأمن الحضور، وخلال الأسابيع التالية تصاعدت الأحداث.. يضيف هويدى أنه منذ بداية شهر يونيو1963، أصدر الخمينى فتوى بتحريم التقية، وأذاع بيانا إلى كل العلماء يدعوهم فيه ألا يلوثوا منابرهم بالمهادنة، وقال: إن التقية حرام، وإظهار الحقائق واجب مهما كانت النتيجة ولاينبغى على فقهاء الإسلام استعمال التقية فى المواقف التى تجب فيها التقية على الآخرين. إن التقية تتعلق بالفروع، لكن حينما تكون كرامة الإسلام فى خطر، وأصول الدين فى خطر فلا مجال للتقية والمداراة، إن السكوت هذه الأيام تأييد لبطانة الجبار ومساعدة لأعداء الإسلام». فى يوم 5 يونيو- مثل هذا اليوم- 1963ألقى الخمينى أعنف خطبه فى مدينة قم، وحسب هيكل فى «مدافع آية الله»: «توجه بالحديث مباشرة إلى الشاه قائلا: استمع إلى نصحى، استمع إلى أولئك الذين تهمهم مصالح الشعب بشكل حقيقى، استمع أيها البائس العليل، لقد عشت حتى الآن خمسا وأربعين عاما فى هذه الدنيا، فلتتوقف هنيهة، ولتتأمل ماذا قدمت لبلدك.. وليكن مصير أبيك درسا تتلقنه.. تتهمنا بالرجعية، إنما أنت الرجعى الأسود.. ثم تناول الخمينى بعد ذلك قضية اعتماد الشاه على الولايات المتحدة وإٍسرائيل فى كلمة لا تقل عنفًا عما سبق»..يذكر هويدى: «فجر الخمينى بوضوح قضية علاقة الشاه بإسرائيل، وتساءل: ماهى العلاقة التى تربط الشاه بإسرائيل، حتى تحذرنا أجهزة الأمن من انتقادهما؟ هل الشاه هو إسرائيل بنظر أجهزة الأمن؟ هل هو عندهم يهودى وصهيونى؟ بوصف هيكل: «كانت هذه الكلمات متطرفة إلى أقصى مدى، وتحرك البوليس وألقى القبض على الخمينى، واندلعت المظاهرات على الفور فى قم وطهران، حيث أودع السجن، وجاء فى تقرير صحفى لوكالات الأنباء يومها: «اجتاحت طهران أمس الاضطرابات، كما اجتاحت معظم المدن الرئيسية الأخرى فى إيران، وأدى القبض على روح الله الخمينى إلى اندلاع المظاهرات فى الشوارع التى امتلأت بالدبابات والمدافع، وجاء فى التقارير أن ما يزيد على مائة شخص قد قتلوا»..وفى اليوم التالى بدأت التلميحات إلى دور خارجى فى هذه المظاهرات، وهى التلميحات التى تحولت إلى اتهام مباشر لعبدالناصر بتمويلها.. فكيف حدث ذلك؟



الاكثر مشاهده

بدعوة من دولة رئيس الوزراء الباكستاني.. العيسى خطيباً للعيد بجامع الملك فيصل فى إسلام آباد

علماء العالم الإسلامي يُرشحون مركز الحماية الفكرية لإعداد موسوعة عن "المؤتلف الفكري الإسلامي"

رابطة العالم الإسلامى تنظم غداً مؤتمر "بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية" فى مكة

د.العيسى يلتقي رئيس جمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر على متن سفينة "أوشن فايكينغ"

10 أسئلة وإجابات حول تعديلات قانون تملك الأجانب للأراضى الصحراوية.. برلماني

الشيخ العيسى: يمكن للقيادات الدينية أن تكون مؤثرة وفاعلة فى قضيةٍ ذات جذورٍ دينية

;