سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 12 أكتوبر 1990.. إرهابيون يغتالون رفعت المحجوب رئيس مجلس الشعب.. ووزير الداخلية لمساعده فى المؤتمر الصحفى: «خلينا فى المصيبة اللى احنا فيها»

مضت سيارة الدكتور رفعت المحجوب، رئيس مجلس الشعب فى اتجاه الكورنيش فى طريقها إلى فندق الميريديان، ليقابل وفدا برلمانيا سوريا برئاسة رئيس مجلس الشعب السورى، وفجأة خرج أربعة شبان إرهابيين من الجهة المعاكسة لايزيد عمر الواحد منهم على 25 عامًا يستقلون دراجتين بخاريتين، وفى ثوان انهمرت الطلقات من أسلحة الكلاشينكوف على السيارة ليسقط «المحجوب» قتيلا، وسائقه كمال عبد المطلب وحارسه الشخصى المقدم شرطة عمرو سعد الشربينى، والموظف بمجلس الشعب عبد العال على رمضان، حسبما ذكرت جريدة الأهرام يوم 11 أكتوبر 1990. كانت الجريمة هى الأكبر من نوعها بعد اغتيال الرئيس أنور السادات يوم 6 أكتوبر 1981، فالشهيد هو رئيس البرلمان المولود فى الزرقا بدمياط عام 1926، ودستوريا هو صاحب أعلى سلطة بعد سلطة رئيس الجمهورية، وبدأ صعوده السياسى منذ عهد جمال عبدالناصر، ثم فى عهد السادات حيث أصبح أمينا للاتحاد الاشتراكى «التنظيم السياسى الوحيد» عام 1975، واختاره مبارك رئيسا لمجلس الشعب عام 1984. ارتكب الإرهابيون جريمتهم قبل موعد صلاة الجمعة يوم «12 أكتوبر-مثل هذا اليوم، 1981»، ووفقا لجريدة «الأهرام»: «استقل الجناة الدراجتين وهربوا فى الاتجاه المعاكس لحركة المرور، إلا أن واحدا منهم لم يتمكن من اللحاق بهم، فأجبر سائق تاكسى على الركوب معه، وعند إشارة فندق «رمسيس هيلتون» نزل من التاكسى شاهرا سلاحه وهرب فى المنطقة العشوائية القريبة من بولاق أبوالعلا».. وأضافت الأهرام: «ملامح الجناة ليست مصرية، وقال موظف فى فندق هيلتون رمسيس، إن المتهم الهارب لهجته شامية».. كان الحديث عن «اللهجة الشامية» متزامنا مع أزمة غزو القوات العراقية للكويت يوم 2 أغسطس 1990، وإعلان مصر وقوفها مع الكويت فى هذه الأزمة وتشددها فى موقفها ضد النظام العراقى بقيادة صدام حسين، مما جعل الفرضيات تذهب إلى أنه ليس من المستبعد أن تكون أطراف خارجية ارتكبت الجريمة. استغرقت عملية الاغتيال عدة دقائق كانت الفاصل الزمنى بين مرور ركب «المحجوب»، ومرور ركب اللواء عبد الحليم موسى وزير الداخلية الذى كان من المفروض أن يمر من نفس خط السير، لكن تم تغييره، فنجا رغم أنه كان هو المقصود بالعملية، حسبما يذكر الكاتب الصحفى الزميل محمد صلاح الزهار فى تحقيق شامل عن العملية، وكتبه كشاهد صحفى عليها، ومنشورعلى صفحته الشخصية بـ«فيس بوك»، موضحا: «عند البوابة الرئيسية لمدخل دار الأوبرا المصرية، التقط ضابط الحراسة المرافق لوزير الداخلية، وعبر جهاز اللاسلكى الخاص به، بعض اتصالات تبادلها بعض الضباط عقب وقوع الحادث، ولم تكن هذه الإشارات واضحة، ولكن فهم منها أن هناك عملية تبادل إطلاق الرصاص أمام فندق سميراميس، فأمر حارس الوزير سائق السيارة بتغيير خط السير».. يضيف الزهار: «المثير أن اللواء عبدالحليم موسى سأل حارسه عن سبب تغيير خط السير فقال له: على مايبدو أن هناك مشاجرة بين مجموعة من الكويتيين وأخرى من العراقيين من نزلاء فندق سميراميس، وكانت أزمة اجتياح القوات العراقية للأراضى الكويتية مثارة». وصل «موسى» إلى مقر وزارة الداخلية لعقد مؤتمر صحفى مقرر لإعلان نتيجة استفتاء 10 أكتوبر «اليوم السابق» حول قرار الرئيس مبارك بحل مجلس الشعب.. يذكر الزهار: «فوجئ الوزير باللواء مصطفى كامل مدير مباحث أمن الدولة يدخل عليه المكتب مذعورا، وقال فى كلمات قليلة: الدكتور رفعت المحجوب اتقتل دلوقتى عند فندق سميراميس، امتعض وزير الداخلية، وسارع برفقة مدير مباحث أمن الدولة إلى مكان الحادث».. يضيف: «المثير أن الوزير وجد أمين شرطة بمكان الحادث، فسأله أين ذهبوا القتلة؟، فقال له لقد هربوا من هنا، وأشار له إلى الوجهة التى هربوا منها.. طلب الوزير من أمين الشرطة تسليمه الطبنجة الخاصة به، وهرع فى حركة عفوية لملاحقة مرتكبى الحادث فى اتجاه هروبهم، وبالطبع لم يجد أحدًا فعاد أدراجه ثائرًا منفعلًا». أمام كاميرا التليفزيون وأجهزة التسجيل فى مكان الحادث، وقف «موسى» وكان لايزال منفعلًا، وأدلى بتصريحات اعتبرها البعض بداية سقوطه كوزير للداخلية.. يصف الزهار حالة الوزير: «بدا الوزير عصبيًا ثائرًا، متخبط فيما يدلى به من معلومات، واستشعر أحد مساعديه، وكان مختصًا بشؤون الإعلام خطورة ما يجرى، وخطورة التصريحات التى أدلى بها، وعند انتهائه منها انتحى به مساعده لشؤون الإعلام محاولًا لفت نظره إلى خطورة تصريحاته، وقال: التليفزيون سجل وسوف يذيعه على الناس، فرد الوزير منفعلًا ثائرًا: «وإيه يعنى، سجل، سجل، يذيعوا اللى قلته، واللامايذيعوش مش مهم، المهم خلينا فى المصيبة اللى احنا فيها». كان «موسى» يقول ذلك قبل أن تكشف التحقيقات أنه كان هو المستهدف.. يذكر الزهار: «اكتشف أحد القتلة، أن راكب السيارة ليس هو وزير الداخلية، فصاح فى زميليه بما رآه، فرد أحدهما بسرعة: «ما هو ابن..»، وقال كلمة نابية، وأضاف: «يستاهل الموت هو الآخر». بعد أسابيع قليلة تم القبض على الإرهابيين الذين ارتكبوا الجريمة، وكانوا من «الجماعة الإسلامية»، فلماذا أقدموا عليها؟



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;