جاء النبى محمد صلى الله عليه وسلم، هدى للناس ومتمما للرسائل السماوية، خرج من العرب وبعث للناس أجمعين حاملا القرآن الكريم بلسان عربى مبين.
انتمى النبى محمد إلى الجزيرة العربية، مثلما كان جده إسماعيل عليه السلام، ابن خليل الله إبراهيم، لكن صلى الله عليه وسلم لم يكن النبى العربى الوحيد، ولم يكن الوحيد الذى ظهر وبعث من العرب، وأن كان الله اصطفاه على العالمين ليتمم وحيه الإلهى إلى الأرض من أم القرى مكة.
وذكر فى حديث عن أبى ذر الغفارى قال أنه سمع النبى محمد يقول فى ذكر الأنبياء والمرسلين: "منهم أربعة من العرب: هود، وصالح، وشعيب، ونبيك يا أبا ذر".
وخلال السطور التالية نسلط الضوء على الأنبياء العرب الذين سبقوا خاتم المرسلين، ولعلك ستتفاجأ ببعض الأسماء.
هود
هو هود بن عبدالله بن رباح إلى ارم بن سام بن نوح، وقيل هو هود بن شالح بن سام بن نوح أبن عم أبى عاد، حسبما ورد فى الجزء الأول من تفسير البيضاوى.
ويقول ابن كثير فى كتابه "قصص الأنبياء" أن هود كان من قبيلة يقال لهم عاد بن عوص بن سام بن نوح وكانوا عربا يسكنون الأحقاف، ويقال أن هودا عليه السلام أو من تكلم العربية، فيما قال غيره أن نوح أول من تكلم بها، وقيل آدم وهو الأشبه والله اعلم، ويقال للعرب الذين كانوا قبل إسماعيل عليه العرب العاربة وهم قبائل كثير منهم عاد، ثمود، جرهم، طسم، جديس، أميم، مدين، عملاق، أما العرب المستعربة هم ولد إسماعيل، وكان إسماعيل أول من تكلم بالعربية الفصيحة البليغة.
إسماعيل
يذكر بن كثير الدمشقى، فى كتابه " السيرة النبوية لابن كثير" إن جميع العرب ينتسبون إلى إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام، والصحيح المشهور ان العرب العاربة كانوا قبل إسماعيل، ومنهم عاد وثمود وطسم وجديس وأميم وجرهم، والعماليق، أمم آخرون كانوا قبل الخليل.
أما العرب المستعربة وهم عرب الحجاز، فمن ذرية إسماعيل عليه السلام، أما عرب اليمن وهم حمير فالمشهور أنهم من قحطان، واسمه مهزم، قاله ابن ماكولا وذكروا أنهم كانوا أربعة أخوة: قحطان وقاحط ومقحط وفائغ، وقحطان بن هود، وقيل أن قحطان من سلالة إسماعيل، وقيل غير ذلك فى نسبه إلى النبى إسماعيل.
ووفقا لموسوعة "لسان العرب" لابن منظور، اختلف الناس فى العرب لم سموا عربا، فقال بعضهم: اول من أنطق الله لسانه بلغة العرب يعرب بن قحطان، وهو أبو العرب العاربة ونشأ إسماعيل بن إبراهيم معهم فتكلم بلسانهم، هو وأولاده، وهم العرب المستعربة.
شعيب
رسول الله شعيب عليه السلام من نسل مدين بن إبراهيم الخليل، ورد اسمه فى القرآن إحدى عشرة مرة فى أربع سور هى: آل عمران، هود، الشعراء، العنكبوت، وحسبما جاء فى كتاب "الأنبياء والصحابة الشهداء والخلفاء والمعالم الدينية الإسلامية والعلماء" لـ نوح مصطفى الفقير، أرسله الله تعالى إلى مدين، وفقا لقوله سبحانه: " وَإِلَىٰ مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا"، وكانوا عربا يسكنون مدينتهم مدين، والتى هى قرية من أرض معان فى الأردن، وتقع قريبا من بحيرة "لوط" البحر الميت.
ينسب قومه إلى جدهم مدين وهو ممن هاجر مع إبراهيم عليه السلام إلى أرض الشام.
وقال الكاتب جمال عبد الهادى، فى كتابه " جزيره العرب الجزء الأول" أن شعيب عليه السلام نبى كريم من العرب، اصطفاه الله سبحانه وتعالى برسالة إلى قومه مدين، ومدين من القبائل العربية الذين كانوا ينزلون مدينة مدين القريبة من أرض معان من أطراف الشام ما يلى ناحية الحجاز قريبا من بحيرة لوط.
صالح
هو صالح بن عبيد بن ماسح بن عبيد بن حاذر بن ثمود بن عاثر بن ارم بن نوح، كما جاء فى قصص الأنبياء لابن كثير.
وقال علماء التفسير والنسب، ثموذ بن عاثر بن ارم بن سام بن نوح، أحياء من العرب العاربة قبل إبراهيم الخليل، وكان ثمود بعد عاد، ومسكنهم مشهورة بين الحجاز والشام.
وورد اسم النبى صالح فى القرآن عدة مرات، اقترن ذكره بقوم ثمود، وقد ورد اسم "ثمود" فى إحدى عشرة سورة من سور القرآن الكريم، وكانوا يسكنون منطقة الحجر "مدائن صالح" وموقعها بين الحجاز والشام إلى وادى القرى وهى موجودة إلى الآن، والمكان التى كانت فيه ديارهم تعرف إلى اليوم بفج الناقة، وكانت بيوت قوم ثمود كما جاء فى القرآن منحوتة فى الجبال "وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ".
أنبياء غير معروفين
حنظلة بن صفوان
من أنبياء العرب فى الجاهلية، كان فى الفترة التى بين الميلاد وظهور الإسلام، وهو من أصحاب "الرس" الوارد ذكرهم فى القرآن، بعث لهدايتهم فكذبوه وقتلوه، واختلف الرواة فى "الرس" والأكثر أنها بئر، وفى رواية ابن حبيب أنها كانت فى بلدة حضور ( من أعمال زبيد باليمن) وفى خبر أورده الهمدانى أن جماعة قبل الإسلام عثروا بقبر حنظلة صاحب الرس ورأوا فى يده خاتما كتب عليه أن حنظلة رسول الله، ورأواه مكتوبا عند رأسه: "بعثنى الله إلى حمير والعرب من أهل اليمن فكذبونى وقتلونى"، حسبما جاء فى كتاب "الأعلام" لـ خير الدين الزركلي.
وقال ابن خلدون: حنظلة بن صفوان نبى الرس، والرس ما بين نجرام إلى اليمن، ومن حضر موت إلى اليمامة.
خالد بن سنان الجوزى
جاء فى كتاب "المنتظم فى تاريخ الملوك والأمم 1-17 ج2" لابن الجوزى: "ظهرت نار بالبادية بين مكة والمدينة، وكانت طوائف من العرب يعبدونها، فقام رجل من عبس، يقال له خالد بن سنان العبسى، فأطفأها ورفع، وقال لأخوته: إنى ميت، فإذا مت فادفنونى فى موضعى هذا، فإذا حال الحول فارصدوا قبرى، وإذا رأيتهم عيرا أبتر مقطوع الذنب عند قبرى وابنشوا فبرى، فإنى أحدثكم بكل شىء هو كائن.
فمات ودفنوه، ثم رصدوا قبره عند الحول، فجاء العير قتلوه وأرادوا أن ينبشوه، فقال اخوته إن نبشناه كانت سبة علينا فى العرب فتركوه.
فلما بعث النبى محمد صلى الله عليه وسلم، قدمت عليه بنت خالد بن سنان بعدما هاجر إلى المدينة، فقالت: أن بنت خالد بن سنان، فقال صلى الله عليه وسلم: "العبسى"، قالت: "نعم"، فبسط لها رداءه وأجلسها عليه وقال: ابنة نبى ضيعه قومه"، وقيل أن النبى قاله لأصحابه: "إن أباها كان نبيا هلك بين مكة والمدينة، ضيعه قومه" وقص النبى قصته وقال :"لو نبشوه أخبرهم بشانى وشأن هذه الأمة وما يكون منها".