محمود سعد الدين يكتب: شهادة عن جبل الجلالة.. الأسئلة الصعبة أمام الرئيس.. كيف وجه الشباب النقد المباشر للسيسى.. وماذا قال عن تيران ولماذا كرر الانتحار القومى 3 مرات.. وماذا أجاب عن انشقاق جبهة 3 يوليو

- لماذا أصر الرئيس على عقد لقاء مفتوح أعلى هضبة الجلالة فى "عز الحر" على أصوات ماكينات الحفر - لماذا لم يجلس أى مسئول تنفيذى إلى جوار السيسى فى لقاء الجلالة عصر الخميس الماضى تلقيت اتصالاً من المكتب الإعلامى لرئاسة الجمهورية بدعوة للمشاركة فى زيارة مع الرئيس عبد الفتاح السيسى لأحد المشروعات القومية، سألت عن مكان المشروع أو طبيعته، فكانت الاجابة "بكرة هتعرف لدواع أمنية".. فى السادسة من صباح الجمعة كان التجمع فى 3 أتوبيسات، الأول يضم أعضاء مشروع التأهيل الرئاسى والثانى يضم مرشحين عن وزارة الشباب والثالث يضم عددًا من الصحفيين والإعلاميين الشباب.

مع بداية التحرك كان الهاجس يراودني لأنه فى الوقت الذى سنلتقى فيه الرئيس يقف المئات من أصدقائنا رافعين لافتات ضد قرار اتخذه الرئيس بشأن إعادة جزيرتى تيران وصنافير للمملكة العربية السعودية.. ما العمل إذن؟.. سيقولون عنا شباب الرئيس وأتباع الرئيس وأبناء الرئيس المدللين.. فكرت لدقائق وقررت أن أنقل للرئيس أسئلة واضحة قوية مباشرة عن القضايا الملحة للبلاد، عن أزمة تيران وملف ريجينى وارتفاع الأسعار والشباب المحبوسين والفجوة بين الإعلام والسلطة وغضب النظام من تقبل أى نقد.. ولنرى هل يتقبل الرئيس النقد أم لا؟ هل سيسمع الأسئلة الغاضبة أم ستكون هناك أسئلة معدة سابقًا بالورقة والقلم؟.

وصلنا جبل الجلالة وما أجمله وهناك كان اللقاء بالرئيس مرتين الأولى قبل صلاة الجمعة والثانية بعدها، والأهم كانت الأخيرة حيث تم إعداد دائرة حوار وترتيب الكراسى على شكل دائرة من صفين، المعد كان أن يجلس الرئيس وإلى جواره وزير الشباب المهندس خالد عبد العزيز، ولكن قبل أن يصل الرئيس بدقائق، وجدت اللواء عباس كامل مدير مكتب الرئيس يطلب من القائمين على التنظيم أن يجلس الرئيس بمفرده مع الشباب دون أن يجلس إلى جواره أى مسئول وأن يتم تقليل الحراسة الخاصة التى تحيطه، وهو ما كان، ابتعدت الحراسة الخاصة قليلاً وجلس خالد عبد العزيز إلى جوارى وزميلى زكى القاضى فى الصف الثانى، بينما كان اللواء عباس خلف الكاميرات مع فريق العمل بالرئاسة.

لم أكمل المشهد بعد.. سأروى لكم أين نحن تحديدًا؟ وما هو الظرف الزمنى الذى نجلس فيه؟ وما هى الأصوات التى نسمعها؟.. نحن على أعلى منطقة فى جبل الجلالة.. خلفنا خليج السويس والتوقيت الزمنى يقترب من الساعة الواحدة والنصف ظهرًا كما يقولون بالعامية "فى عز الحر"، وللتأكيد وأنت تجلس تستمع إلى أصوات ماكينات الحفر والكراكات تعمل فى مشروعات الجلالة.

فى هذه اللحظة تحديدًا أدركت أن متغيرًا جديدًا فى تعامل الرئيس مع الشباب والإعلام، كان من السهل جدًا إنشاء خيمة ويجلس فيها الرئيس، ولكن الإصرار على أن يجلس الرئيس "فى عز الحر" أعلى هضبة الجلالة.. "وراها إنَّ"، والـ"إنَّ" هنا بدأت أتفهمها مع أول كلمة قالها الرئيس.. لم يبدأ الحديث إنما مسك الميكروفون وقال: "عايز اسمعكم".. ثوانٍ قليلة.. تعجب البعض ثم ارتفعت الأيادى لطرح الأسئلة.. وكان السؤال الأول عن التعليم فى مصر وأجاب عنه الرئيس باستفاضة فى وقت اقترب من 10 دقائق، توالت الأسئلة.. نرفع أيدينا.. وهنا دفعنى التفكير الشيطانى إلى منطقة أنه بالتأكيد مجموعة عمل الرئيس اتفقت مع 5 أو 6 ليسألوا وينتهى اللقاء وسلام عليكم.. ولكن جرى الأمر على عكس ذلك تمامًا.. الأسئلة لم تصنف من منطقة "الطبطبة" خاصة عندما وصل الميكروفون للزميل محمود التميمى رئيس تحرير برنامج "البيت بيتك"، قال الآتى: "مساء الخير.. أنا رئيس تحرير برنامج تليفزيونى.. إحنا المعدين اللى بينقلوا من السوشيال ميديا زى ما حضرتك وصفتنا.. بس الحقيقة الكلام ده مش دقيق" هنا قاطع الرئيس التميمى وقال: لا.. أنا أقصد البعض.. ثم استكمل التميمى حديثه قائلاً: "الحقيقة يا ريس إن أغلبنا بنحترم مهنتنا فاهمين شغلنا وفاهمين المعايير المهنية المنضبطة لإعلام محترم وبنكلم كل الأطراف وصولاً للحقيقة والفرص المتكافئة.. أنا محتاج أتوقف عند جملتين حضرتك قلتهم.. الأولى إحنا بنعانى من شرخ فى مجتمعنا والشرخ ده لازم يلتئم.. وأنا بقول لحضرتك إن الشرخ ده مسئوليتك شخصيًا وإصلاحه أولوية كبرى لأن المجتمع منقسم وكل انقسام يجلب انقسام.. إحنا كنا يوم 3 يوليو معسكر واحد.. فريق واحد بيدافع عن مصر.. لكن للأسف الفريق ده أصبح يتصارع بل ويتهم بعضه البعض بالخيانة.. الشرخ بيزيد يا فندم وحضرتك مشغول عنه بمشاريع وبناء ومعمار لدرجة إن حضرتك دلوقتى بقيت زى أى متخصص فى أعمال البنا والمقاولات وبتتكلم فى تفاصيلها زى التفاصيل العسكرية اللى هى تخصصك الأساسى بالظبط.. واضح إن ده توجه عندك.. لكن لو سمحت الشرخ ده أولوية ومسئولية رئيس الدولة بالمقام الأول إصلاحه وإزالة أسبابه والنهارده شايفين نتايجه.. الحاجة التانية اللى حضرتك قلتها إن العالم بيشوفنا بمعاييره هو.. علشان كده عايز اسأل سيادتك عن الصورة اللى بياخدها العالم الخارجى عن مصر من كلام سيادتك.. العالم المتحضر يصون الحرية ويعتبرها القيمة الأولى فى المجتمع.. إحنا يافندم مابنعملش كده.. حضرتك فى خطاب ٢٤ فبراير قلت ماتسمعوش كلام حد غيرى.. لو سمحتم اسكتوا.. تفتكر العالم الحر فهم من كلام زى ده إيه؟ مفردات خطابك بتوصلنا لإيه؟.. يا فندم صورة حضرتك بالخارج أصبحت أنك رجل يريد أن يسمعه الجميع ولا يريد أن يسمع أحد وأنا عارف أنك مابتحبش تكون صورة رئيس مصر كده.. طيب هل أكون متجاوزًا إذا طلبت من حضرتك مراجعة مفردات خطاباتك بعد كدة؟!.. هل من الممكن أن تعيد مؤسسة الرئاسة لغة خطابات رأس الدولة حفاظًا على صورة مصر ورئيسها؟.. ومرة تانية بعيد على مسامعك.. الحرية أولوية لبلد زى بلدنا وضمان وجودها فى المجتمع مسئوليتك شخصيًا".

بينما كان التميمى يتكلم كان الجميع يندهش، هل يقبل الرئيس كلماته، هل من الصحيح طرح اللغة الناقدة فى حضور الرئيس، هل الرئيس تقبل نصيحة التميمى بمراجعة الخطابات قبل إلقائها، كلها كلمات تمثل نقدًا قويًا.. اللافت أن الرئيس كان ينصت باهتمام شديد والجميع صفق للتميمى بعد الانتهاء من أسئلته.. والمثير أن الرئيس لم يراوغ فى الإجابات على كل كلمة قالها التميمى، عن مراجعة الكلمات قبل إلقائها، قال الرئيس: "فى حد معانا دلوقتى بيكتب كل كلمة بتقولها علشان ناخدها فى الاعتبار ونعمل بيها وكلامك صح عن الشرخ وأنا اتكلمت عنه قبل كده ومش هسيبه يكبر".

على فكرة.. الأهم ليست فى إجابة الرئيس.. الأهم أن الرئيس يريد أن يسمع الصوت النقدى.. يسمع النقد كما هو دون أى تهذيب.. الأهم أيضًا أن زميلنا التميمى يسأل لم يقترب منه أحد طالبًا منه التوقف أو لم يقطع عنه صوت الميكروفون حتى لم يقاطعه الرئيس رغم أن الحوار كان مسجلاً وليس على الهواء! التميمى طرح سؤاله بكل حرية.. الأهم هو أننى كمشارك فى اللقاء تغيرت لدى وجهة نظر عن الرئيس غير التى يسوق لها البعض.. الأهم أن الرئيس فعلاً يستمع جيدًا ويطلب النصحية ويتلقى النقد بصدر رحب.. الأهم أن مجالس الرئيس السيسى ليست كمجالس باقى الرؤساء السابقين، نفاق فى نفاق.. لا مجلس السيسى كان نقدًا وأسئلة موجعة لكنها حقيقية.

سأنقلكم لمنطقة أخرى لما دار فى الحوار، زميلنا بانفراد محمد مجدى ابن الـ24 سنة، رفع يده لطرح السؤال وحصل على الفرصة، وكان سؤاله يحمل نقدًا لاذعًا لمؤسسة الرئاسة فى التسويق السياسى للمشروعات ويحمل نقدًا آخر لعدم وجود قناة وطنية حتى الآن تباهى سكاى نيوز والجزيرة والعربية، وأعتقد أن هذا السؤال يمثل نقدًا للرئيس نفسه ليس للمؤسسة أو العاملين فيها.. وللعلم تلقى الرئيس السؤال بكل أريحية وأجاب عليه بالاعتراف "نعم لدينا قصور".

الشاهد أن هناك نموذجين للحوار.. حوار مكيف نضحك على بعض بعبارات وتنظير.. وحوار جاد فى "عز الظهر" فى منطقة عمل أعلى جبل صخرى وفى الخلفية صوت الكراكات والماكينات.. الأخير هو الحق.. هو الأصل، خاصة إذا كان الحوار اتسم بجانب كبير من الحرية فى توجيه الأسئلة توجيه الانتقادات.. التركيز على الأخطاء، فى مقابل حرص من الرجل الأول فى مصر على الاستماع والإجابة الجادة.

فى النهاية.. أريد أن اختتم شهادتى على زيارة جبل الجلالة بعدد من النقاط المهمة.

تقابلت مع شاب من مدينة الحامول بمحافظة كفر الشيخ يعمل فى جبل الجلالة ولم ينزل إجازة منذ 69 يومًا وهنا أدركت أن البلد يوجد بها رجال يحافظون على مصر ووطنيون وتأكدت أن فرق شاسع بين هذا الشاب وبين أصدقائنا على الفيس أصحاب الشعارات اليومية للوطنية.

الرئيس تحدث فى 3 مواقع مختلفة عن الانتحار القومى أو الانفلات الأخلاقى وضرب مثالاً بالشرخ الاجتماعى فى البلاد عندما يتم كسر الرموز من خلال الحديث بأسلوب غير لائق مع الأكبر سنًا.

الرئيس كرر كلمة أولاد الشر 3 مرات، ودلل أنه بيستخدمها لأنه فعلاً هناك مجموعات لا تريد الخير لمصر.

الخوف ورد على لسان الرئيس مرة واحدة قال فيها: "أنا ما بخافش من بره.. ولو 100 زى بره.. أنا بخاف من جوه.. بخاف أنكم تفهموا غلط.. بخاف عليكم من الفتن اللى بتحاك للبلد".

جزيرتا تيران وصنافير كان لهما نصيب كبير من المناقشات.. أبرزها.. الرئيس كان يتحدث وخلفه خليج السويس.. فخلع النظارة السوداء.. وأشار بيده للخلف.. ورانا كده تيران وصنافير.. دى حاجة ناس.. إنما المكان اللى إحنا واقفين عليه.. دى أرضنا.. يارب يدينا طول العمر ونعمرها".

من بين العبارات المهمة التى جاءت على لسان الرئيس: "البلد دى بيتصرف عليها 165 مليار وهى 90 مليون وغيركم بيتصرف عليه أضعاف الرقم.. إحنا محتاجين أكثر من كدة.. أنا لو معايا فلوس زى الخليج ولو عدد سكانى زيهم كنت هتشوفوا مصر.. سنتان فى عمر الدول مش حاجة.. وهتشوف الدولة دى هتبقى إزاى إن شاء الله".

من أهم المشاهد التى رأيتها فى حياتى هى شق أحد الجبال بالجلالة لكى يتم إنشاء طريق.. شاهدت تفجير قلب الجبل بالديناميت.. وقتها شعرت أنه فعلاً فى مصر من يخطط للبناء لا.. للهدم.

الخاتمة.. أنهى الرئيس حواره بأن طريقه فى الحكم الإصلاح والبناء وليس الحديث الإنشائى، وما شاهدته فى الجلاله هو خطوة مهمة على طريق البناء.. وفق الله مصر




الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;