مغازلة لليهود أم تشويه للخصوم؟.. كيف يحاول ترامب استخدام "معاداة السامية" لمحاربة الديمقراطيين؟.. الرئيس الأمريكى يستخدم الجامعات مجددا لإدارة معركته الانتخابية.. ويسعى لتخفيف ضغوط "قضية العزل" بكافة

"إذا كنتم ترغبون فى الاستفادة من المبالغ الضخمة التى تتلقونها كل عام، من الحكومة الفيدرالية، عليكم أن ترفضوا معاداة السامية".. هكذا كانت رسالة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب إلى الجامعات فى الولايات المتحدة، فى أعقاب التوقيع على مرسومه الذى يهدف إلى مكافحة معاداة السامية فى المؤسسات التعليمية الأمريكية، فى إطار رغبته فى مغازلة اللوبى اليهودى، المتمثل سواء فى منظمة "الإيباك"، أو المسيحيين بانحيازهم لإسرائيل، قبل أقل عام من انطلاق الانتخابات الرئاسية فى الولايات المتحدة، والذين يمثلون أحد أهم الأعمدة المؤيدة له، منذ انطلاق حملته الانتخابية الأولى فى عام 2016. ولعل مغازلة إدارة ترامب لليهود الأمريكيين ليست بالأمر الجديد تماما، فقد زخرت سنوات الرئيس الأمريكى، بتقديم الدعم لإسرائيل، بداية من قراره المثير بالجدل بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل قبل عامين، بالإضافة إلى علاقته القوية بحكومة رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، وموقفه المناوئ لإيران، وكذلك سعيه المتواصل لتوطيد علاقته بالقيادات المعروفة بموالاتها للدولة العبرية، خاصة من الكنيسة الإنجيلية الأمريكية، والتى ظهر عدة مرات بداخلها، حتى فى إطار حملته الانتخابية سواء فى المرحلة الحالية، أو السابقة، وكان أخرها ظهوره فى "المجلس الأمريكى الإسرائيلى"، حيث أكد خلال كلمة ألقاها هناك أنه أكثر رئيس صداقة لإسرائيل فى تاريخ الولايات المتحدة، مطالبا اليهود الأمريكيين وكافة القطاعات الأخرى الموالية لها بالتصويت له حتى يمكنهم الحفاظ على المكتسبات التى حققوها فى فترة ولايته الأولى بالبيت الأبيض. اقتحام الجامعات.. أرض المعركة الجديدة بين ترامب وخصومه إلا أن ما يمكننا تسميته بـ"اقتحام الجامعات" فى الولايات المتحدة، عبر مرسوم رئاسى، يمثل انعكاسا صريحا لكونها أصبحت أرض جديدة للمعركة الانتخابية المشتعلة بين ترامب وخصومه الديمقراطيين، خاصة وأنها ليست المرة الأولى التى يتدخل فيها الرئيس الأمريكى فى شئون الجامعات ملوحا بالدعم المالى الذى تقدمه الحكومة لها، حيث سبق له وأن دافع عن حق الطلاب فى ممارسة حرة التعبير داخل إطار الجامعة، وذلك فى إطار تعليقه على على تعرض أحد النشطاء المحافظين، ويدعى هايدن جيمس، للكم فى جامعة كاليفورنيا فى فبراير الماضى، بسبب محاولته استقطاب الطلاب لجماعة محافظة تحمل برنامجا مؤيدا للإدارة الحالية، وهو ما اعتبره العديد من المتابعين محاولة صريحة من قبل "سيد" البيت الأبيض، لإقحام المؤسسات التعليمية فى السياسة. ولكن تبقى المفارقة الجديرة بالملاحظة هى حالة الازدواجية التى تبقى ملازمة لقرارات الرئيس الأمريكى، والتى لا يفصل بينها زمنيا سوى بضعة شهور، ففى المرة الأولى تبنى الرئيس الأمريكى دعوة صريحة لحماية حرية التعبير، وذلك لدعم نشاط مؤيديه الداعمين له، داخل أسوار الجامعة، بينما يرى قطاع كبير من المحللين سواء فى الداخل الأمريكى، أو الخارج، أن قراره الأخير متعارض إلى حد كبير مع أسس الحرية التى دعا إلى إرسائها قبل ذلك بشهور قليلة. بعيدا عن الازدواجية.. معاداة السامية من إسرائيل إلى العالم ولكن بعيدا عن ازدواجية القرارات الأمريكية، تبقى مسألة معاداة السامية أحد الأوراق الرابحة فى السياسة الغربية بشكل عام، وفى القلب منها الولايات المتحدة، وهو ما يبدو واضحا فى استخدام الرئيس الأمريكى لنفس "العصا" فى مواجهة النائبة الديمقراطية إلهان عمر، والتى تعد أكثر المناوئات له داخل الكونجرس الأمريكى، وذلك بعد اتهامها للإدارة بدفع أموال طائلة لدعم إسرائيل، وهو ما يمثل انعكاسا صريحا لاستخدام هذا الاتهام فى محاربة خصومه، خاصة وأنه يعد بمثابة سلاحا فتاكا، فى حلبة السياسة وهو ما بدا واضحا فى خسارة زعيم حزب العمال البريطانى جيريمى كوربين الكثير من شعبيته، ليس فقط أمام البريطانيين، ولكن داخل أروقة حزب العمال الذى يتزعمه. وهنا يمكننا القول بأن "معاداة السامية" تحولت من مجرد وسيلة إسرائيلية لابتزاز محيطها الدولى والإقليمى، سواء للحصول على الدعم، أو لتخفيف الضغوط التى تمارس عليها لاحتواء الانتهاكات التى ترتكبها الدولة العبرية بحق الفلسطينيين، إلى أداة أكثر اتساعا يمكن استخدامها فى تشويه خصوم الداخل، وهو ما يحاول الرئيس الأمريكى دونالد ترامب القيام به فى مواجهة خصومه الديمقراطيين، بالإضافة إلى توسيع قاعدته الشعبية قبل الانتخابات الرئاسية المقبلة. عزل الرئيس.. ترامب يحاول صرف الانتباه عن حملات خصومه ويعد استخدام "معاداة السامية" فى الوقت الراهن من قبل الإدارة الأمريكية هو بمثابة محاولة صريحة لتخفيف الضغوط التى يتعرض لها، على خلفية الحملات التى يشنها الديمقراطيين لعزل الرئيس الأمريكى، وذلك على خلفية مكالمته مع الرئيس الأوكرانى فلاديمير زيلنيسكى، حول تورط نجل نائب الرئيس الأمريكى السابق جو بايدن، والذى يبقى المرشح الأوفر حظا فى الوصول إلى الجولة النهائية فى الانتخابات الأمريكية المقبلة، وهو ما اعتبره الديمقراطيين الذين يسيطرون على أغلبية مجلس النواب محاولة لاستدعاء تدخل خارجى من شأنه التأثير على نتائج الانتخابات الرئاسية. وهنا يمكننا القول بأن القرار الأمريكى الأخير يهدف إلى حد كبير إلى إثارة قدر من الجدل فى المرحلة الراهنة، لصرف الانتباه فى الداخل عن التطورات الكبيرة التى تشهدها قضية عزله، كما أنها محاولة صريحة لتلميع صورته أمام المواطنين الأمريكيين، فى ظل الانتقادات التى تلاحقه، والتى ترتبط فى معظمها بغياب الدعم الأمريكى لحقوق الإنسان منذ بداية حقبته.










الاكثر مشاهده

رابطة العالم الإسلامى تنظم غداً مؤتمر "بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية" فى مكة

د.العيسى يلتقي رئيس جمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر على متن سفينة "أوشن فايكينغ"

10 أسئلة وإجابات حول تعديلات قانون تملك الأجانب للأراضى الصحراوية.. برلماني

الشيخ العيسى: يمكن للقيادات الدينية أن تكون مؤثرة وفاعلة فى قضيةٍ ذات جذورٍ دينية

رابطة العالم الإسلامي تُدشِّن برنامج مكافحة العمى في باكستان

جامعة القاهرة تنظم محاضرة تذكارية للشيخ العيسى حول "مستجدات الفكر بين الشرق والغرب"

;