"الثأر الجبان".. كيف تقدم إيران القارة العجوز كـ"قربان" الانتقام من واشنطن؟.. انقسام المعسكر الغربى وسياسات ترامب دفعت طهران لاستهداف أوروبا.. و"الملالى" يعاقبون الأوروبيون بعد فشلهم فى حماية الاتفاق

حالة من التضارب تبدو واضحة فى المواقف الأوروبية جراء التطورات الأخيرة المتعلقة بإيران، ففى الوقت الذى دعت فيه فرنسا وألمانيا إلى إنقاذ الاتفاق النووى، الذى سبق وأن أبرمته القوى الدولية مع طهران، فى يوليو 2015، بينما انسحب منه الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، فى مايو 2018، تعلن بريطانيا، على لسان رئيس وزرائها بوريس جونسون، دعمها ضمنيا لرؤية الإدارة الأمريكية القائمة على إبرام اتفاق جديد، حيث أكد أن هناك حاجة ملحة لاستبدال الاتفاق، على اعتبار أن مثل هذه الخطوة ستساهم فى قطع شوط كبير لإنهاء الأزمة الراهنة، وهو التصريح الذى يحمل دعما صريحا لرؤية الرئيس الأمريكى من جانب، كما أنه يمثل امتدادا لحالة الانقسام فى الموقف الأوروبى منذ الانسحاب الأمريكى أحادى الجانب. إلا أن الانقسام الأوروبى، هذه المرة، ربما يحمل فى طياته أبعادا جديدة، تتجاوز حالة الشقاق فى التحالف الغربى، والذى تجسد فى العديد من القضايا المحورية، وهو ما تجلى بوضوح منذ اعتلاء ترامب سدة البيت الأبيض، حيث تتمثل فى حالة من الارتباك، حول كيفية التعامل مع طهران فى المرحلة المقبلة، فى ظل معطيات عدة، أهمها أن أوروبا غالبا ما تكون أداة طهران للانتقام من المواقف الأمريكية المعادية لها، وهو ما تجلى بوضوح فى العديد من المواقف، حيث كانت المعتقلات الإيرانية مفتوحة دائما لمواطنى الدول الأوروبية المتواجدين على أراضيها، حيث تلاحقهم السلطات الحاكمة فى طهران دائما باتهامات تدور فى معظمها حول التجسس لصالح الغرب. انتقام ذو شقين.. وأوروبا قربان طهران للثأر من واشنطن فلو نظرنا إلى الرد الإيرانى على مقتل قائد فيلق القدس قاسم سليمانى، والذى يعد أحد أبرز قيادات الحرس الثورى الإيرانى، نجد أنه يحمل شقين، أولهما هجوم "صفرى"، على القواعد العسكرية الأمريكية فى العراق، لم يسفر عن مقتل أى جندى أمريكى، فى حين كان الجانب الأخر من الانتقام الإيرانى هو الأكثر مأساوية وربما جبنا، حيث استهدفت طهران طائرة أوكرانية تحمل على متنها 176 شخصا، لقوا جميعا مصرعهم، وهو ما يمثل امتدادا صريحا لسياسة الانتقام التى دائما ما تستهدف القارة العجوز، إزاء السياسات الأمريكية العدوانية تجاه نظام "الملالى" الحاكم. الأمر لم يختلف كثيرا فى مرحلة ما بعد التظاهرات الأخيرة التى شهدتها المدن الإيرانية، احتجاجا على سياسة الحكومة فى التعامل مع حادث إسقاط الطائرة الأوكرانية، حيث أعرب الرئيس الأمريكى دونالد ترامب عن دعمه الكامل للمتظاهرين، عبر حسابه على موقع "تويتر"، فى تغريدات بالفارسية لأول مرة، ليتجسد الرد الإيرانى فى اعتقال السفير البريطانى لدى طهران روب ماكير، فى انتهاك صريح للقواعد والأعراف الدبلوماسية، بتهمة تحريض المتظاهرين الإيرانيين على الخروج ضد الحكومة، فى خطوة من شأنها إثارة المزيد من التحفظات الدولية على السلوك الإيرانى، وهو ما يساهم بصورة كبيرة فى خسارة ما تبقى للدولة الفارسية من تعاطف فيما يتعلق بشأن أزمتها مع الولايات المتحدة فى المرحلة الراهنة، فى ظل التصعيد الأمريكى المتواصل تجاهها. انقسام المعسكر الغربى.. سياسات أمريكا شجعت طهران على استهداف أوروبا وهنا يثور التساؤل حول الأسباب التى تدفع طهران للانتقام من السياسات الأمريكية فى أوروبا، خاصة فى المرحلة الحالية، والتى ربما تشهد، أكثر من أى وقت فى الماضى، تعاطفا كبيرا من قبل القارة العجوز تجاه الدولة الفارسية، خاصة منذ الانسحاب الأمريكى من الاتفاق النووى، فى مايو 2018، والذى اعتبره معظم القادة الأوروبيين نهجا أحاديا، من قبل واشنطن، يخالف أسس التحالف داخل ما يسمى بـ"المعسكر الغربى"، حتى فى مرحلة ما بعد "الحرب الباردة"، والتى هيمنت فيها الولايات المتحدة على صدارة المشهد الدولى، بمفردها، بعد انهيار الكتلة الشرقية، والتى كان يتزعمها الاتحاد السوفيتى. ولعل التوتر الكبير فى العلاقة بين واشنطن وحلفائها فى دول أوروبا الغربية، وما نجم عن ذلك من انقسام داخل أروقة حلف الناتو، فى السنوات الأخيرة، وتحديدا منذ بداية حقبة ترامب، يمثل السبب الرئيسى لاستهداف القارة العجوز من قبل طهران، خاصة وأن هناك قناعة كبيرة أصبحت راسخة لدى المجتمع الدولى، تقوم على أن أمريكا لن تتحرك للدفاع عن حلفائها إلا فى أضيق الحدود، انطلاقا من رؤية ترامب، والذى اتخذ العديد من الإجراءات التى أضفت انطباعا عاما بأن أمريكا تخلت عن شركائها الأوروبيين، سواء على المستوى الاقتصادى عبر فرض تعريفات جمركية على الواردات القادمة من القارة العجوز، أو حتى موقفه من حلف شمال الأطلسى، والذى لوح الرئيس الأمريكى بالانسحاب منه مرارا وتكرارا. عقاب إيرانى.. أوروبا خذلت طهران ويعد الفشل الأوروبى فى حماية الاتفاق النووى الإيرانى، سببا رئيسيا فى استهداف القارة العجوز من قبل طهران، حيث أدرك نظام "الملالى" مدى هشاشة التأثير الأوروبى على صانعى القرار فى الإدارة الأمريكية، وهو ما بدا واضحا فى المحاولات المتواترة التى قادها الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، دون جدوى، حيث دأب الرئيس ترامب على صفعهم واحد تلو الأخر، حتى أصبح لم يعد لهم أى تأثير يذكر فى القضية الإيرانية برمتها. التجاهل الأمريكى لأوروبا بدا واضحا فى الأشهر الماضية، بعدما رفض الرئيس الأمريكى عرضا فرنسيا بالوساطة مع طهران، وتفضيله لرئيس الوزراء اليابانى شينزو آبى، للقيام بهذا الدور على حساب ماكرون، فى إشارة صريحة لتهميش دور القارة العجوز فى المرحلة الراهنة، لصالح قوى دولية أخرى، وهو ما يمثل امتدادا صريحا لرغبة واشنطن، والتى سبق وأن أعرب عنها ترامب، بتوسيع نطاق المشاركة فى الاتفاقية الجديدة التى تسعى الإدارة الحالية لإبرامها لتحل محل الاتفاقية النووية، التى تم إبرامها بدعم كبير من إدارة الرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما.






الاكثر مشاهده

كبار فقهاء الأمة الإسلامية يجتمعون تحت مظلة المجمع الفقهي الإسلامي

بدعوة من دولة رئيس الوزراء الباكستاني.. العيسى خطيباً للعيد بجامع الملك فيصل فى إسلام آباد

علماء العالم الإسلامي يُرشحون مركز الحماية الفكرية لإعداد موسوعة عن "المؤتلف الفكري الإسلامي"

رابطة العالم الإسلامى تنظم غداً مؤتمر "بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية" فى مكة

د.العيسى يلتقي رئيس جمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر على متن سفينة "أوشن فايكينغ"

10 أسئلة وإجابات حول تعديلات قانون تملك الأجانب للأراضى الصحراوية.. برلماني

;