قمة الوداع بين أوباما وقادة الخليج تنطلق غدا فى الرياض.. الرئيس الأمريكى ينهى رئاسته بإثارة غضب الخليجيين بإعادة إيران للساحة الدبلوماسية.. ومراقبون: السعى لإحداث تغيير بالإدارة الأمريكية لم يعد مفيدا

يعقد قادة دول مجلس التعاون الخليجى، غدا الخميس، قمة خليجية أمريكية، مع الرئيس الأمريكى باراك أوباما، الذى وصل إلى العاصمة السعودية الرياض اليوم، حيث عقد فور وصوله جولة مباحثات مع العاهل السعودى الملك سلمان بن عبد العزيز تناولت التطورات فى العلاقات بين البلدين، والتى شهدت توترا خلال الفترة القليلة الماضية كان آخرها مشروع قرار فى الكونجرس يجيز للقضاء الأمريكى النظر فى دعاوى تطال الحكومة السعودية على دور مفترض لها فى أحداث 11 سبتمبر 2001. ووصف مراقبون هذه القمة بـ"الوداعية" بالنسبة للرئيس الأمريكى، الذى ينهى ولايته بعد تسعة أشهر، ما يعنى أنه لم يعد مفيداً السعى من جانب دول الخليج إلى إحداث أى تغيير فى سياسات هذه الإدارة التى أثرت سلباً على العلاقات التاريخية بين الجانبين، وخصوصاً على عنصر الثقة الذى كان يحكم هذه العلاقات.

ومن المتوقع أن تبحث القمة تعميق التعاون الاستراتيجى، ودور مجلس التعاون الخليجى فى اليمن والعراق وسورية، وتفاصيل الحلول السياسية، فضلا عن استمرار النقاش حول الأدوار التى تؤديها إيران فى المنطقة.

كما سيناقش أوباما مع كبار المسئولين فى المملكة ما توصلت إليه لجان العمل التى انبثقت عن القمة الأميركية - الخليجية فى كامب ديفيد العام الماضى.

وتمتلك المملكة العربية السعودية وإدارة الرئيس الأمريكى باراك أوباما رؤى مختلفة حول التواجد الإيرانى فى المنطقة ترتقى إلى حد الخلاف، حيث طرح أوباما فى حوار قبل أسابيع مع مجلة "ذى أتلانتك" خطة "احتواء" إيران، وذلك بعقد اتفاق نووى، داعيا السعودية الى التعايش مع طهران وتقاسم المنطقة.

إلا أن هذا الطرح أغضب السعوديين الذين ينظرون لإيران كدولة معتدية تتدخل بشكل مباشر فى الشئون الداخلية للدول العربية، وتدعم سياسات طائفية فى العراق وسورية واليمن ولبنان، أدت إلى تفتيت هذه الدول. وقد حاول الرئيس الأمريكى، فى قمة كامب ديفيد العام الماضى، التى جمعته بقادة دول مجلس التعاون الخليجى، فى ظل غياب العاهل السعودى، إقناع حلفائه الخليجيين بأن إيران لا تمثل خطراً على دولهم، وأن المخاطر التى يواجهونها داخلية، تتعلق بالإصلاح والديمقراطية. بدورها لم تستحسن السعودية رؤى الرئيس أوباما فى هذا الشأن، فالرياض تجد فى طهران خطراً حقيقياً يزعزع استقرار المنطقة وتعمل مع حلفائها لمواجهته، ومن هنا كان استخدام السعودية لقوتها العسكرية، لأول مرة، للتدخل فى اليمن ومنع إيران من بسط نفوذها، وذلك من خلال إنشاء تحالف عربى كبير، مكون من عشر دول عربية، لمواجهة المنقلبين على شرعية الرئيس اليمنى، عبد ربه منصور هادى، من الموالين للرئيس اليمنى المخلوع على عبد الله صالح ومليشيات الحوثيين. يضاف إلى ذلك تقديم دعم واسع للفصائل المعارضة السورية المسلحة، التى تواجه قوات بشار الأسد والميليشيات الأفغانية واللبنانية والعراقية المدعومة إيرانيا، كذلك تعمد السعودية عزل إيران إقليمياً، الأمر الذى نجحت فيه من خلال استصدار إدانات واسعة لإيران وحزب الله من مجلس التعاون الخليجى، وجامعة الدول العربية، وأخيراً قمة منظمة التعاون الإسلامى. ويرى السعوديون أن التدخلات الإيرانية زادت بعد الاتفاق النووى، وأن رفع العقوبات سهّل لطهران استثمار ملايين الدولارات لدعم مشروع هيمنتها على المنطقة، الأمر الذى قررت الرياض مواجهته، على الرغم من عدم تقديم البيت الأبيض لأى تسهيلات داعمة للخطوات السعودية فى المنطقة. ولا شك أن الولايات المتحدة والسعودية يتفقان على خطورة تنظيم "داعش" وما يمثله من تهديد لمصالح الدولتين، فضلا عن أن الدولتان يطمحان لإنهاء الانقسام الطائفى فى العراق، والحرب فى اليمن، وإيجاد مخرج للثورة السورية، إلا أن حلول هذه الملفات مختلفة بالنسبة للسعودية وأمريكا.

فالرياض تجد إيران التهديد الأول والأبرز للاستقرار فى المنطقة، وما تنظيم "داعش" إلّا نتيجة لانهيار الدولة فى العراق وسورية، والذى ساهمت السياسات الأميركية فى جزء منه، وتتحمله طهران بصورة أساسية، أما واشنطن فلا ترى المنطقة، إلا من خلال منظار محاربة الإرهاب، فبينما لا يهددها النفوذ الإيرانى فى الإقليم بشكل مباشر، يمثل تنظيم "داعش" خطراً مباشراً على المصالح الأميركية وقام بتنفيذ ضربات موجعة على أراضى حلفائها الرئيسيين فى المجتمع الدولى تحديداً فى أوروبا. وبينما تحاول الولايات المتحدة إغلاق الملف السورى بأى ثمن لمواجهة "داعش"، تعطى السعودية الأولوية لرحيل الأسد، وانحسار النفوذ الإيرانى عن دمشق.

وفى العراق، تدعم الولايات المتحدة حكومة رئيس الوزراء حيدر العبادى، بينما لا تعول السعودية كثيراً على العبادى، رغم تفاؤلها فى البدايات، إذ إن طبيعة النفوذ الإيرانى فى بغداد، لم تتغير مع وصوله إلى رئاسة الوزراء. أما فى اليمن، وعلى الرغم من دعم واشنطن للرياض لتدخلها هناك، إلا أنها لم تقدم دعماً "كافياً"، من وجهة نظر المملكة، فى البلد التى ترى فيه السعودية احتمالاً لوجود إيرانى ممثلاً بميليشيات الحوثيين، بينما تراه الولايات المتحدة مسرحاً لوجود تنظيمى القاعدة و"داعش"، لذا تريد إنهاء الحرب فى أسرع وقت من أجل التفرغ لمواجهة التنظيمين.

وفى ظل وجود كل هذه المفارقات بين السعودية وأمريكا، برز مشروع القانون الذى يطرحه الكونغرس الأمريكى، والذى يقترح إلغاء الحصانة القضائية لـ"الدول التى تتورط بهجمات على التراب الأميركى وتتسبب بمقتل مواطنين أمريكيين"، وأدى إلى تأزم العلاقات السعودية الأميركية، لاسيما بعد تهديدات وزير الخارجية السعودى، عادل الجبير، بأن تمرير القانون سيضطر السعودية إلى بيع "سندات الخزانة الأميركية التى تملكها، وأصول أخرى" تقدر بـ750 مليار دولار، الأمر الذى سيؤدى إلى زلزال اقتصادى كبير.

ويتعلق القانون الذى يرغب بعض أعضاء الكونجرس بتمريره، بمطالبات بالكشف عن 28 صفحة من تقرير لجنة التحقيق الأميركية فى أحداث 11 سبتمبر، والتى يشاع أنها تتهم مسئولين فى الحكومة السعودية بالتواطؤ مع منفذى هجمات سبتمبر. لكن من المستبعد أن يمرر الكونجرس مشروع القانون الذى يمهد لمحاكمة السعودية على خلفية أحداث سبتمبر، كما أن القانون سيحتاج لتوقيع الرئيس الأمريكى ليصبح نافذاً، وقد استبق البيض الأبيض الجدل بشأن إمكانية توقيع أوباما على مشروع القانون، بتأكيد المتحدث باسم البيت الأبيض، جوش إرنست أن أوباما لا يؤيد مشروع القانون المقترح ولن يوقع عليه فى حال مرّره الكونجرس. وقالت مصادر فى البيت الأبيض إن الرئيس الأمريكى سيطرح خلال لقائه مع قادة دول الخليج اقتراحا لتشكيل مجلس أمريكى - خليجى لتنسيق جهود محاربة الإرهاب.

وكان وزير الدفاع الأمريكى آشتون كارتر قد أوضح فى تصريحات صحفية أخيرا، أنه ناقش مع ولى ولى العهد وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان استمرار التعاون فى محاربة الإرهاب وتشكيل مجلس تنسيقى لمحاربة الإرهاب.

وأكد مراقبون أن أوباما خلط الأوراق فى المنطقة وأثار فى الوقت نفسه، غضب دول الخليج، شركاء بلاده منذ زمن طويل، بإعادته إيران إلى الساحة الدبلوماسية، ورفضه التدخل ضد نظام الأسد فى سوريا، وإعلانه بوضوح أن للولايات المتحدة أولويات أخرى غير الشرق الأوسط، فى مقدمتها آسيا مشيرة إلى أن "زيارة أوباما إلى السعودية لن تكون سهلة، لأن العلاقات بين أمريكا والخليج ليست على ما يرام". وتابعت قائلة: "المملكة لا تزال حليفا قويا لأمريكا وهناك مصالح مشتركة عديدة من شأنها المحافظة على هذه العلاقات سواء على الصعيد الاستخباراتى أو التعاون ضد إيران وداعش".




الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;