سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 20 فبراير 1955.. انتونى إيدن رئيس وزراء بريطانيا يلقى السلام بالعربية على عبدالناصر وزملائه فى أول وآخر لقاء بينهم بالسفارة البريطانية بالقاهرة

وصل وزير الخارجية البريطانية انتونى إيدن إلى القاهرة فى طريقه من لندن إلى بانكوك عاصمة تايلاند، كى يختبر بنفسه نوايا جمال عبدالناصر بعد توقيع اتفاقية الجلاء بين مصر وبريطانيا، وبدء تنفيذها فعلا، حسبما يذكر الكاتب الصحفى محمد حسنين هيكل فى كتابه «ملفات السويس»، مضيفا: «كان إيدن يعرف قبل مجيئه للقاهرة، أن ونستون تشرشل سوف يتخلى له فى ظرف أسابيع عن رئاسة الوزارة». يذكر هيكل، أن الرجلين «إيدن»و«عبدالناصر» التقى معا فى جلسة محادثات رسمية ظهر يوم 20 فبراير، مثل هذا اليوم، 1955، للتعارف ولاستعراض العلاقات بين البلدين، ثم انعقد اجتماعا فى المساء بعد العشاء، وكانت لقاءات هذا اليوم هى الأولى والأخيرة بينهما، فعبدالناصر سيعلن فى 26 يوليو 1956 قرار تأميم قناة السويس، مما يدفع «إيدن» بلاده مع فرنسا وإسرائيل لبدء العدوان الثلاثى على مصر يوم 29 أكتوبر 1956، وبعد فشل العدوان يستقيل «إيدن» من رئاسة الوزراء، ويختفى عن الأضواء بخيبته التاريخية. فى جلسة الظهر، ووفقا لهيكل: تركزت وقائعها حول اتفاقية الجلاء 91 أكتوبر 1954، وقال إيدن إنه يعرف تاريخ العلاقات بين البلدين جيدا، وأنه يأمل الآن فى أن تبدأ بينهما مرحلة جديدة تقوم على الثقة، وأن الحكومة البريطانية وصلت إلى آخر الشوط مع مصر، والآن حان الوقت كى تفى مصر بالتزاماتها تجاه العالم الحر- كما قال. قال إيدن، إنه هو الذى وقع معاهدة سنة 1936، مع «النحاس باشا، ووفد المفاوضات الذى صحبه إلى لندن فى ذلك الوقت، يؤكد هيكل:» راح إيدن يروى كيف فوجئ بالباشوات المصريين القدامى وهم يلبسون الطرابيش الحمراء القديمة داخلين جماعة إلى قاعة «لانكستر هاوس»التى انعقد فيها اجتماع التوقيع، ثم روى أنه لا يزال يحتفظ بطابع البريد التذكارى الذى صدر فى مصر بعد توقيع معاهدة 1936 احتفالا بها، وأن صورته هو شخصيا كانت تتوسط هذا الطابع، ثم قال إنه كان يريد أن يجىء إلى مصر لكى يقوم بالتوقيع على الاتفاقية الأخيرة «الجلاء»، ولكنه لم يتمكن من ذلك، واضطر إلى إرسال وزير الدولة للشؤون الخارجية معه وهو «انتونى ناتنج» لتوقيعها بدلا منه، ثم أضاف أنه لم يشأ أن يترك هذه الفرصة تفوته، ولهذا فإنه وقع بنفسه تذكاريا على نسخة من هذه الاتفاقية، وبعث بها إلى الرئيس «جمال عبدالناصر». فى مساء نفس اليوم «20 فبراير» انعقد اجتماع لمناقشة قضايا المستقبل فى دار السفارة البريطانية بجاردن سيتى بالقاهرة، ودعا إليه السفير البريطانى السير «رالف ستيفنسون».. يذكر هيكل، أن السير «ستينفنسون» كان فى انتظار وصول جمال عبدالناصر عند المدخل الخارجى للسفارة، وكان انتونى إيدن يقف على آخر درجات السلم المؤدى من المدخل إلى صالونات الاستقبال، وكان إيدن قد أعد عدته للتأثير بأكثر ما يستطيع على ضيفه..يؤكد هيكل: «مد إيدن يده مرحبا بجمال عبد الناصر، قائلا بلغة عربية فصحى: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلا بكم عندنا، ودهش عبدالناصرالذى لم يخطر على باله أن «إيدن» يعرف اللغة العربية، وظن أنها عبارة محفوظة رددها «إيدن بحفظها سماعيا، لكن «إيدن» شرح له وهو يسير به إلى حجرة الاستقبال، أنه تخصص فى الآداب الفارسية والعربية بجامعة «أكسفورد»، ويتحدث «الفارسية» بطلاقة، كما أنه يفهم - إلى حد ما - اللغة العربية، ويحفظ أبياتا كثيرة من الشعر العربى، وأمثلة الحكمة العربية، ووضع إيدن يده تحت إبط جمال عبدالناصر، وراح يمشى معه إلى حجرة الاستقبال، وفى حجرة الاستقبال قام «إيدن» بتقديم جمال عبد الناصر إلى زوجته الليدى «كلاريسا تشرشل»، قريبة رئيس الوزراء ونستون تشرشل، وإلى زوجات بقية أعضاء الوفد البريطانى الذى كانوا التقوا به من قبل فى جلسة المحادثات الصباحية وفى مقدمتهم المارشال «هاردينج»رئيس أركان حرب الإمبراطورية. يذكر هيكل: كان التناقض كبيرا بين الجانبين، فإيدن وبقية وفده يرتدون ملابس السهرة، و«المارشال» هاردينج، مهيب الطلعة فى لباس السهرة العسكرى المزين بالأوسمة والنياشين، وكانت سيدات الوفد البريطانى فى فساتين السهرة الطويلة، وكانت أكثرهن أناقة «كلاريسا» زوجة إيدن والتى تصغره بربع قرن، كانت ترتدى فستانا أزرق اللون رصعته قطع من الحلى الماسية المتوهجة، وأما جمال عبدالناصر، فكان لا يزال يرتدى حلته العسكرية وعلى كتفه رتبة البكباشى التى لم يتخل عنها، وكذلك كان الحال بالنسبة لرفاقه الذين كانوا معه من أعضاء مجلس قيادة الثورة «عبدالحكيم عامر، عبداللطيف البغدادى، زكريا محيى الدين، وكان الدكتور محمود فوزى، وزير الخارجية، يرتدى حلة رمادية داكنة اللون. يعلق هيكل: كان الإنجليز فى القاعة يمثلون بقايا الأبهة الإمبراطورية، وكان المصريون نموذجا للتقشف الثورى، وبدأ التباين شديدا بين الجانبين، يؤكد هيكل ،أن إيدن أخذ يواصل كلامه عن أيام أكسفورد واللغة الفارسية واللغة العربية، وبدأ يتحدث عن القرآن فقال إنه قرأه أيام أكسفورد وقرأ مراجع إسلامية كثيرة معه، وأن الإسلام غير مفهوم فى الغرب. وبدأ الاجتماع، فماذا حدث فيه؟



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;