بُناة السد العالى "رحلة كفاح نهايتها الطرد".. 500 أسرة مهددة بإخلاء مساكنها بعد وفاة عائليها أو خروجهم على المعاش.. الأهالى: الهيئة لم تراع تاريخ هذا الجيل فى أواخر عمره.. ويؤكدون: لا نأمن الخروج من ا

"رحلة كفاح نهايتها الطرد".. هكذا هو حال بُناة السد العالى، الذين ضحوا بأرواحهم وبذلوا قصارى جهدهم فى سبيل إنشاء أكبر المشروعات القومية لمصر على مدى العصور، نهايتهم الطرد من مساكنهم التى عاشوا فيها على مدار 60 سنة مضت، وتطالب الهيئة باستردادها منهم ومن أسر المتوفيين منهم، باعتبار أن هذه الوحدات إدارية لا يجوز تملكها، وهو ما قابله الأهالى بمقترح الإبقاء عليها مقابل دفع نظير الانتفاع بها أو تمليكها بمقابل مادى. "انفراد" انتقل إلى مناطق السد العالى التى لا زال يعيش فيها من عاصروا فترة إنشاء السد وأبناؤهم من بعدهم، للاستماع منهم إلى شكواهم التى تختلط فيها العبارات بشعور الخوف والقلق من مواجهة مصير الطرد والتشريد فى الشوارع، بعد هذا العمر وهذه التضحيات. محروس عوام، مهندس بالمعاش، افتتح الحديث قائلاً: إن العاملين فى الهيئة العامة للسد العالى وخزان أسوان، وأيضاً المحطات الكهربائية، تسلمهم الهيئة سكنا إداريا طوال خدمتهم الوظيفية، فيقيمون فى هذا السكن، وبعد انتهاء الخدمة الوظيفية بالمعاش أو الوفاة يجب أن يتركوا السكن، وعلق قائلاً: هذه المساكن التى نقيم فيها من عام 1960 بمناطق: صحارى والسد العالى غرب وشرق ومستعمرة الخزان شرق، والأهالى لا يزالون يقيمون فيها من ذلك التاريخ وحتى اليوم، بالإضافة إلى مناطق كيما مناطق السيل الجديد والشيخ هارون، إلا أن هذه المناطق الأخيرة ملكت الشركات التابعة للوحدات السكنية الأهالى المقيمين فيها، ما عدا مساكن هيئة السد العالى وخزان أسوان والكهرباء". 500 أسرة تواجه مصير مجهول فى حالة ترك منازلهم وأشار إلى أن الهيئة تسعى لإخلاء هذه المساكن التى يقيم فيها الأهالى منذ ستينيات القرن الماضى وحتى ذلك التاريخ، لكل من خرج من نطاق العمل سواء بالمعاش أو الوفاة، وبدء ذلك التهديد بالطرد من عام 2018، موضحاَ بأن عدد هذه الأسر المهددة بالطرد من مساكنهم بلغوا نحو 500 أسرة، مشيراً إلى أن مصير هؤلاء الأسر الذين يزيد عددهم عن 200 شخصاً أصبح مجهولاً بعد استمرار إنذارهم بالإخلاء وترك هذه المساكن التى تؤويهم طوال هذه السنوات، فى ظل عدم تفكير الهيئة فى توفير بديل لهم ولكنها تركت مصيرهم للمجهول دون وجود حلول بديلة وفوجئوا يوم 19 فبراير الماضى بقوات من الشرطة تحاول تنفذ قرار الهيئة بالإخلاء، لافتاً إلى أن السكان بناة السد وأجيالهم يعيشون حالة من القلق خوفاً من مواجهة مصير الطرد فى الشارع، حتى أن بعضهم لا يأمن الخروج من مسكنه لقضاء ضرورة من ضروريات الحياة كالذهاب إلى الطبيب أو المستشفى أو السفر خوفاً من استيلاء اللجنة التنفيذية التابعة للهيئة على الوحدة المقيم فيها. تظلمات للمسئولين والنواب وأوضح "عوام"، بأن الأهالى قدموا تظلم والتماس على قرار الهيئة بالإخلاء، وتقدموا بطلبات عدة منها طلب لمحافظ أسوان، كما تقدم أحد نواب البرلمان بطلب إحاطة داخل المجلس بشأن هذه "الكارثة" وتم إحالتها إلى لجنة الزراعة والرى وكان بها ممثلين من وزارة الرى وانتهت اللجنة بعد دراسة الموضوع بإرجاء قرار الإخلاء من مساكنهم ودراسة إمكانية وجود حل بديل يتمثل فى تحميل الساكنين أقساط مالية لتمليك هذه الوحدات أو بنظام حق الانتفاع بدلاً من طردهم، وذلك أسوة بما تم فى مساكن كيما بمدينة أسوان ومنطقة البيارة بمركز كوم أمبو، ومساكن تنمية بحيرة السد العالى. مقترحات وحلول للمشكلة وقال أحد أبناء السد العالى، إن الأهالى لم يطلبوا شيئا فوق القانون أو استغلال هذه المساكن دون وجه حق، ولكن كل ما يطلبه الأهالى هو توفير إقامة آمنة لهم مع استعداد الأهالى لدفع نظير إقامتهم فى هذه الوحدات، أو حتى رفع القيمة الإيجارية الحالية أو غيرها من الحلول التى تساهم فى تقنين الوضع الحالى دون إخراج الأهالى من مساكنهم وتشريدهم، لافتاً إلى أن بعض أبناء هذه المناطق عندما تقدموا بطلب حجز وحدات سكنية بمشروع الإسكان الاجتماعى للحكومة، قوبلت هذه الطلبات بالرفض بسبب انتفاعهم بوحدة حالية إدارية من هيئة السد العالى ولا يجوز الجمع بين الوحدتين. فداء وتضحية ومصير مجهول فتحى محمود، موظف بالمعاش فى هيئة السد العالى، تابع الحديث عن المشكلة قائلاً: السد العالى قديماً كان وزارة مستقلة اسمها "وزارة السد العالى" وكان الجميع فيه سواء، فى الحقوق والواجبات، لافتاً إلى أن العمل فى السد العالى كان بمثابة معركة لا تقل أهمية عن حرب أكتوبر المجيدة لأن هناك عدد كبير من العمال الذين ضحوا بأرواحهم أثناء عمليات الإنشاء وتفجير الأنفاق وتفتيت الصخور، معلقاً: "بعد كل هذه التضحيات والتفانى فى إنشاء أحد أهم المشروعات القومية لمصر على مدار تاريخها، هذا الجيل من بُناة السد وأبناءهم مهددون بالطرد من مساكنهم، ورفعت الهيئة علينا القضايا لإخلاء هذه المساكن، وبعض الأحكام القضائية صدرت بطرد السكان من هذه الوحدات"، وعلق قائلاً: "أنا مش قادر أعالج مراتى خارج أسوان خوفاً من الطرد". وأوضح بأنه بعد الانتهاء من إنشاء السد العالى، قرر المسئولون آنذاك تمليك مساكن كيما والسيل والشيخ هارون ومدينة ناصر ومساكن الإطفاء، مطالباً بتمليك وحداتهم أسوة بهذه المساكن التى تم تمليكها أو السكن فيها بحق الانتفاع، مناشداً رئيس الجمهورية والحكومة بوجود حل ينقذ أبناء السد من الطرد، وعلق قائلاً: إن الرئيس كعادته يجبر بخاطر الناس كالفتاة التى تجر عربة الكارو وصاحبة التروسيكل وغيرهم من الحالات التى أنقذها الرئيس من الوضع القاسى ووفر لهم حياة كريمة، وأن أبناء السد العالى لا يستحقون هذه البهدلة فى آخر عمرهم". ياسر رشدى ، من الأهالى، قال إن هذه المساكن عندما بنيت كانت بمثابة جذب العمالة إلى أسوان وتحديداً السد العالى، وبالفعل استجاب عدد كبير من المواطنين بمحافظات الوجه القبلى والبحرى وانتقلوا للعيش فى أسوان برفقة أسرهم وذويهم، وهذا الجيل قضى فترة كبيرة من عمره فى بناء هذه المنطقة وإحيائها بعد أن كانت صحراء وأشبه بـ"المنفى"، وبعد مرور هذه السنين وانتشار العمران لماذا تريد الهيئة طرد هذا الجيل وأبنائهم من هذه المنطقة ؟ ولصالح من هذا القرار ؟ وقال: إن والدى توفى أثناء العمل فى إنشاء السد العالى فهل هذا جزاءه أن يطرد أبناءه ! عالية عبد المجيد، من الأهالى، قالت إن والدها ووالدتها كانا يعملان فى هيئة السد العالى وخزان أسوان وتوفيا وهى وأخواتها يقيمون فى منزل واحد، وفوجئوا بقرار الإخلاء وتنفيذ ذلك دون مراعاة للأخوات الصغار معهم الذين أصبح لا عائل لهم بعد وفاة والديهم. سيف النصر تقى، من العاملين بالمعاش، قال: نلاحظ أن رئيس الجمهورية يبذل جهوداً كبيرة فى تطوير العشوائيات وتوفير مساكن بديلة لأصحاب هذه المناطق لخلق مجتمعات منظمة ومطورة وحتى يحصل كل مواطن مصرى على حقه فى التنمية الحقيقية، وهيئة السد العالى فى أسوان لم تراعى تاريخ هذا الجيل فى آخر عمرهم، موضحاً بأنه خدم السد العالى طوال 38 سنة، وبذل جهود كبيرة فى العمل ولكن فوجئ بعد هذا الإخلاص والتفانى هو الإنذار بالطرد، رغم أن بناة السد العالى هم من بنوا هذا مجتمعاً كاملاً بهذه المنطقة، وحافظوا عليه طوال هذه السنوات فأين يكون مصير هؤلاء ومصير هذا المجتمع القائم. حرم المهندس عبد الحميد صاوى، قالت إن زوجها خدم فى هيئة السد العالى وبعد وفاة أصبحت هى المسئولة عن أبنائه الذين لا يزالون فى مرحلة سنية مبكرة، وتعانى مصير الطرد بعد وصول إنذار بالإخلاء لمسكنها، مشيرة إلى أن أبنائها فقدوا والدهم وسيفقدون سكنهم فكيف يكون إحساسهم وشعورهم تجاه ما يحدث، وخاصة أن زملاء أبنائها فى المدرسة يعايرونهم بأنهم سيطردون من مسكنهم. مدام صباح، حرم المهندس طلعت يوسف، من العاملين فى السد العالى، وتوفى زوجها بعد أن قضى نحو 16 سنة فى خدمة هذا المشروع، وتقيم بمنطقة الزلازل التى تصفها بأنها كانت منطقة صحراوية جرداء يصعب العيش فيها بسبب لدغات الثعابين والعقارب وضعف الخدمات الأساسية من كهرباء ومياه، وهى الآن تواجه مصير التشريد فى الشارع بعد وصولها إنذار بالطرد من المسكن الذى يعيشون فيه "على حد قولها". دموع الأرامل زوجة المهندس المرحوم رمسيس شاكر، والذى كان يشغل منصب وكيل وزارة بالسد العالى، هى أيضاً تواجه نفس المصير الذى يواجهه السكان بالطرد من مساكنهم، ونفس الحال بالنسبة لزوجة المهندس المرحوم عادل حلمى يونس والذى يشغل منصب وكيل وزارة بالسد العالى خلال فترة ثمانينات العام الماضى، وقالت وعينيها تظفر بالدموع: أنا مندهشة من قرار الهيئة بإخلاء المساكن فى ظل أن زوجها لم يوقع على أوراق تقول أن أسرته تترك منزلهم بعد وفاته أو بعد بلوغه للمعاش، موضحةً بأن ما تفعله الهيئة هو ضد القانون وضد الإنسانية. رد هيئة السد العالى على مشكلة الأهالى ومن جانبها، رفضت الهيئة العامة للسد العالى وخزان أسوان الإدلاء بأى تصريحات صحفية وإعلامية حول هذه المشكلة، واكتفت بإصدار بيان توضح فيه: بأنه تطبيقا للقرار الوزارى رقم 45 لسنة 2018 الصادر بتاريخ 8 /2/2018 بإصدار لائحة الانتفاع بوحدات السكن الإدارى وملحقاتها التابعة لوزارة الرى بشأن إخلاء الوحدات السكنية، حيث قامت الهيئة بإصدار قرارات الهيئة بالإخلاء الإدارى للوحدات السكنية التى انتفت صفة قاطنيها الوظيفية بالهيئة وكذا اتخاذ الإجراءات القانونية للحصول على تلك الوحدات السكنية للهيئة سواء بالإحالة على المعاش أو الوفاة. وتابع بيان الهيئة، بأنه ورد للهيئة ثلاث خطابات من مأمور قسم أول شرطة أسوان بتاريخ 15 يناير 2019 و12/12/2019 و12/2/2020 تفيد بجاهزية قسم أول لتنفيذ جميع قرارات إخلاء السكن الإدارى الصادرة من الهيئة، حيث أشار الخطاب الأخير بأنه تقرر قيام الحملة فى يوم 18/2/2020 ، وبتاريخ 19/2/2020 قامت الهيئة بالتنسيق مع مأمور قسم أول شرطة أسوان بإخلاء الوحدات السكنية التى لا يوجد بها ساكنين وعددها ثلاث وحدات سكنية ، وتم إرجاء التنفيذ لإخلاء الوحدات التى توجد بها عائلات مقيمة بالفعل طبقاً للدراسة الأمنية.


































الاكثر مشاهده

بدعوة من دولة رئيس الوزراء الباكستاني.. العيسى خطيباً للعيد بجامع الملك فيصل فى إسلام آباد

علماء العالم الإسلامي يُرشحون مركز الحماية الفكرية لإعداد موسوعة عن "المؤتلف الفكري الإسلامي"

رابطة العالم الإسلامى تنظم غداً مؤتمر "بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية" فى مكة

د.العيسى يلتقي رئيس جمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر على متن سفينة "أوشن فايكينغ"

10 أسئلة وإجابات حول تعديلات قانون تملك الأجانب للأراضى الصحراوية.. برلماني

الشيخ العيسى: يمكن للقيادات الدينية أن تكون مؤثرة وفاعلة فى قضيةٍ ذات جذورٍ دينية

;