وائل السمرى يكتب.. "للمستهلك حكومة تحميه" شركات السيارات تخرج ألسنتها للمستهلكين..البعض رفع أسعار السيارات وآخرين يتوعدون العملاء برفع السعر بعد انتهاء موجة الركود والشركات تقدم تسهيلات تاريخية

كم مرة سمعنا عن أهمية محاربة جشع التجار؟ كم مرة حاولنا أن نصل إلى الحد الأدنى من الاحترام المتبادل بين المنتج والمستهلك؟ كم مرة قلنا أن العلاقة بين البائع والمشتري لابد أن تكون علاقة تبادل المكسب بتحقيق الرواج الاقتصادي المطلوب وفي ذات الوقت تقديم خدمة جيدة بأسعار معقولة؟ كم مرة نادينا بأهمية أن يكون هناك عقاب رادع لكل من يحتكر السوق أو يتلاعب بالأسعار أو يقفز بهامش ربحه لنسبة تصل إلى 100% من السعر الحقيقي، نحن نريد الخير للجميع، نريد أن ينعم رجل الأعمال بالسهولة واليسر في أعماله، ونريد له المكسب الحقيقي الذي يمكنه من أن يرى نتيجة تعبه ومجهوده واستثماراته، كما نريد أن ينعم المواطن بسعر عادل، وخدمة حقيقية وسهولة في الصيانة بأسعار معقولة، وتوافر لقطع الغيار، فمن يحقق هذه المعادلة الصعبة؟ ومن يرشد هذا الجنون الذي أصاب سوق السيارات في مصر؟ نعم سوق السيارات في مصر "مجنون" بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وليس أدل على هذا من أن بعض وكلاء السيارات وبعض تجارها يخرجون الآن ألسنتهم للشعب المصري ويرفعون الأسعار بينما البعض الآخر يهدد برفع السعر في حال إلغاء قرار وقف تراخيص السيارات الذي فرضته الحكومة المصرية ضمن الإجراءات الاحترازية التي فرضتها لمواجهة فيروس كورونا، وكأنهم يريدون معاقبة المستهلكين على قرار الحكومة الاحترازي الرشيد، وفي الحقيقة هنا يجب أن نتوقف قليلا مع هذه التجارة في مصر، فهذه التجارة لا تجد لها رابط ولا تعرف معنى الرشاد، فالتاجر الذي يقوم باستيراد سيارة لا يسهم في الاقتصاد الوطني بشيء، ولا يؤدي خدمة للوطن ولا للمواطن، هو فقط يبيع ويشتري، كما أن حجم العمالة التي يشغلها تعد ضئيلة أو قل شحيحة بالمقارنة بحجم الاستثمارات والمبيعات، ومع هذا لا يتورع الكثير منهم على إخراج لسانه للناس لأنه ببساطة يحتكر هذه السلعة، فتجارة السيارات في مصر للأسف مكبلة بالكثير من القيود، ويكفي أن الواحد إذا ما أراد شراء سيارة فلابد له أن يشتريها من "التوكيل" الذي يقبض في الغالب نصف ثم السيارة قبل أن يبيعها لك بمدة تصل إلى ثلاثة أشهر، وهو بذلك يضمن تقريبا ثمن السيارة، أي أنه يستورها لك بأموالك، وبقية المبلغ الذي يتحصل عليه عباره عن مكسب يكاد يكون خالصا له، وذا كنت سعيد الحظ وذهبت لشراء سيارة بشكل عاجل، فمن المؤكد أن تدفع مبلغا إضافيا فوق سعر الوكيل، وهو المبلغ الذي تعارف عليه سوق السيارات باسم "أوفر برايس" أي فوق السعر، فكيف نسمح بتلك المهزلة؟ وكيف نسلم المستهلكين إلى التجار بهذه الطريقة؟ نأتي هنا إلى أسعار السيارات المبالغ فيها بشكل جنوني من الأساس والتي ارتفعت بشكل كبير بعد قرار تحرير سعر الصرف، ولم تنخفض بشكل مناسب بعد تراجع سعر الدولار أمام الجنيه المصري، فعلى سبيل المثال سيارة مثل تويوتا كورولا (هايبرد) تباع في السعودية وفقا لموقع عبد اللطيف جميل بحوالي 347 ألف جنيه في حين أنها تباع في مصر بحوالي 550 ألف جنيه بفرق سعر 253 ألف جنيه، أما الفئة الأعلى فتباع بما يعادل 382 أما في مصر فتباع بـ 600 ألف جنيه بفرق سعر حوالي 318 ألف جنيه، أما سعر سيارة مثل سكودا في مصر يصل 360 ألف جنيه أول فئة، وحوالي أما في الخليج فالسعر يحوالي 260 ألف جنيه بفارق سعر يصل إلى 100 ألف جنيه، أما أعلى فئة فإن سعرها في مصر حوالي 450 ألف جنيه أما في الخليج فسعرها 360 ألف جنيه بقارق سعر يصل إلى 90 ألف جنيه، سيارة أخرى مثل مثل كيا سبورتاج في الخليج يصل سعر أول فئة إلى ما يعادل 292 ألف جنيه مصري، والمناسبة قوة محركها تصل 2000 سي سي، أما في مصر فأعلى فئة بها محرك 1600 سي سي ويصل سعرها إلى 520 ألف جنيه، أي أن أقل فئة في الخليج أعلى من أعلى فئة في مصر وأقل من سعر الفئة العليا ب228 ألف جنيه ومن العجيب أيضا أنها أقل من أرخص فئة في مصر بحوالي 103 ألف جنيه. هذه السيارات الثلاثة مجرد نموذج لأن المقام لا يتسع لذكر فروق الأسعار بين السوق المصري والأسواق الخليجية، ولابد هنا أن تضع في حسبانك أن الأسعار التي قرأتها للتو هي أسعار المعارض وليست الأسعار التي اشترى بها المستورد، بما يعني أنها أسعار مضاف إليها المكسب وثمن النقل والرسوم الجمركية التي تقارب الرسوم في مصر بعد قرار الإعفاء الجمركي عن السيارات ذات المنشأ الأوربي، فلماذا كل هذه المغالاة؟ ولماذا هذا العند التاريخي في هذا الظرف التاريخي، أمن الرشد أن نترك حفنة من التجار يحصلون على كل هذا القدر من الأموال في حين أنه من الممكن أن يتم صرف الباقي في أوجه أخرى تنعش السوق وتحقق مبدأ العدالة الاقتصادية؟ لماذا نترك الأموال تتكدس في يد البعض حتى تصل ثروة أحد الوكلاء إلى عشرات المليارات بينما هناك قطاعات أخرى محرومة من مثل هذا الهامش المهول، والأنكى أنه حينما احتاجت مصر أن يقف معها أبناؤها كان هذا التاجر أول من أخرج لسانه للناس وقال "أسف مش هتبرع"؟ . كما قلت في البداية، نحن لا نريد الأذى لأحد، ولا نريد الخسارة لأحد، نريد فقط أن يكون التاجر "تاجر شاطر" يستثمر في "زبونه" بأن يأسره بسعر عادل واحترام متبادل وخدمة حقيقة لأن الناس يدفعون أموالا حقيقية، ولنا في قصة رجل التجارة المصري السوري الكبير "صيدناوي" أسوة حسنة، فقد أصبح هذا الرجل من أشهر رجال الصناعة والتجارة في مصر لأنه كان يستثمر لصالح المستهلك، فكان يأتي بالبضائع من بلد المنشأ بدلا من تركيا ليصب فرق السعر في صالح المواطن دون أن يتأثر مكسبه، فبذلك يزيد المبيعات وتزيد شعبيته بنضافة يده وحسن معاملته، وبالمناسبة، هذا الرجل العملاق الكبير كان يدخر 5% من أرباحه السنوية ليوزعها على الفقراء في مصر دون النظر إلى ديانتهم برغم أنه كان مسيحيا يتبع طائفة الروم الكاثوليك. حل هذه المشكلة من وجهة نظري يكمن في ثلاث خيارات، الأول وهو الأسهل والأقرب والمحبب إلى قلبي، أن يبادر كل تاجر أو وكيل بتخفيض أسعار السيارات التي يستوردها، بما يحقق العدالة والاستفادة، والثاني أن تفتح الدولة الباب أمام استيراد الأفراد من دول المنشأ دون قيود، مع العلم أن المستود الفرد سيدفع ذات الرسوم وذات والجمارك "إن وجدت" بما يحقق مصلحة الدولة ومصلحة الفرد، والثالث أن تتدخل الدولة لتضع هامش ربح محدد لكل صنف سيارات لا يجوز تجاوزه، وأن يكون هذا الهامش مربوطا بالفاتورة الجمركية التي دفعها تاجر السيارة.



الاكثر مشاهده

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

رئاسة وزراء ماليزيا ورابطة العالم الإسلامي تنظِّمان مؤتمرًا دوليًّا للقادة الدينيين.. الثلاثاء

كبار فقهاء الأمة الإسلامية يجتمعون تحت مظلة المجمع الفقهي الإسلامي

بدعوة من دولة رئيس الوزراء الباكستاني.. العيسى خطيباً للعيد بجامع الملك فيصل فى إسلام آباد

علماء العالم الإسلامي يُرشحون مركز الحماية الفكرية لإعداد موسوعة عن "المؤتلف الفكري الإسلامي"

رابطة العالم الإسلامى تنظم غداً مؤتمر "بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية" فى مكة

;