سياسة "اللاعداء".. كيف يسير ترامب على خطى روزفلت بالتحالف مرحليا مع روسيا لتقويض الصين؟.. واشنطن تسعى لتحويل بكين لـ"عدو عالمى" على غرار النازيين عبر فزاعة كورونا.. وتحاول توريط موسكو بالصراع لتفكيك ت

اتهامات غير مسبوقة يواجهها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، وصلت إلى حد الخيانة، لصالح روسيا، والتى تعد بمثابة الخصم التاريخى للولايات المتحدة، منذ اعتلائه عرش البيت الأبيض فى 2017، بعد انتصاره التاريخى على غريمته الديمقراطية آنذاك هيلارى كلينتون، وهو الانتصار الذى يمثل نقطة الانطلاق فى حملة خصومه السياسيين، عبر الحديث المتواتر عن دور روسى فى تغيير دفة التصويت لصالحه، بينما وصلت إلى ذروتها مع القمة التى عقدها قبل عامين تقريبا مع نظيره الروسى فلاديمير بوتين، فى العاصمة الفنلندية هلسنكى، وتحديدا فى يوليو 2018، لتثور التساؤلات حول ما إذا كان سيد البيت الأبيض يعمل بالفعل لصالح موسكو، على حساب المصالح الأمريكية. وعلى الرغم من هدوء الحملة المعادية لترامب، خاصة بعد صدور تقرير القاضى روبرت مولر، والذى برأ ساحة الرئيس من قضية التعاون مع روسيا، فيما يتعلق بانتصاره التاريخى على كلينتون، تبقى حالة "اللاعداء" التى تتبناها الإدارة الأمريكية الحالية مع موسكو، محلا للجدل، خاصة وأنها تأتى فى وقت يتصاعد فيه الدور الذى تقوم به روسيا على الصعيد الدولى، بل وأن واشنطن ربما تقوم بدور داعم لتوسيع النفوذ الروسى، فى العديد من مناطق العالم، وعلى رأسها منطقة الشرق الأوسط، على حساب الدور الأمريكى فى بعض الأحيان، وهو ما يبدو واضحا، على سبيل المثال، فى قرار الانسحاب العسكرى الأمريكى من سوريا، لتصبح روسيا صاحبة الكلمة العليا فيما يتعلق بمستقبل الدولة، التى عانت كثيرا جراء الصراعات الأهلية التى أطاحت بها منذ اندلاع ما يسمى بـ"الربيع العربى"، بالإضافة إلى توسعها فى مناطق أخرى تعد بمثابة عمقا استراتيجيا للولايات المتحدة، ربما أبرزها أوروبا الغربية، عبر بوابة الطاقة، فى ظل تقارب عدة دول، وعلى رأسها ألمانيا وفرنسا مع الخصم الروسى، على حساب الحليف الأمريكي. مناورات أمريكية.. واشنطن تتبنى مبدأ "عدو عدوى صديقى" ولعل التغيير الكبير فى إدارة السياسة الخارجية الأمريكية تبرز ماهية الرؤية التى تتبناها إدارة الرئيس ترامب، فى التعامل مع روسيا، والكيفية التى ينظر بها إلى الخصم التاريخى للمعسكر الغربى، فى إطار نظام دولى جديد تتشكل ملامحه فى المرحلة الراهنة، لا تبدو فيه الولايات المتحدة القوى الوحيدة المهيمنة على العالم، مع صعود قوى أخرى، تسعى للقيام بدور أقوى فى المستقبل على الصعيد الدولى، وهو الأمر الذى لا يقتصر على روسيا، وإنما أيضا الصين، والتى صارت العدو الأول للإدارة الأمريكية فى إطار الصراع الجديد، بديلا للعدو التاريخى، وهو ما يبدو واضحا فى الحرب التجارية، والتى اتخذت مناح أخرى، أشبة بمعارك "تكسير العظام"، خاصة بعد تفشى فيروس كورونا، فى ظل المساعى الأمريكية حشد العالم فى تحالف لمناهضة القوى الصينية الصاعدة. الولايات المتحدة آثرت التقارب مع خصمها التاريخى (روسيا)، لمحاربة القوى الجديدة الصاعدة بقوة سواء سياسيا أو اقتصاديا (الصين)، التي تراها التهديد الحقيقى لعرشها على قمة النظام الدولى، في ضوء معطيات أبرزها النجاح الاقتصادى المنقطع النظير الذى تحققه بكين، والذى أصبح تقويضه الهدف الرئيسى لإدارة ترامب، منذ بداية ولايته، عبر إطلاق حربه الاقتصادية على بكين، وقراراته الحمائية، التي تمثل انقلابا على مبادئ حرية التجارة التي طالما نادت بها واشنطن لعقود، لتصبح العنوان الرئيس لسياسات أمريكا الاقتصادية، خاصة وأنها في واقع الأمر لم تقتصر على الصين، وإنما امتدت إلى العديد من الدول الأخرى، بينهم الحلفاء التاريخيين في آسيا وأوروبا الغربية. إلا أن المناورات السياسية الأمريكية، لم تقتصر في نطاقها على التقارب مع روسيا، والذى يحمل في طياته هدفا أخر يقوم على ضرب التحالف القوى بين البلدين، وإنما امتد إلى تغيير معادلة التحالفات الأمريكية في آسيا، عبر توطيد العلاقة مع منافسى بكين، وعلى رأسهم الهند، على حساب الحليف الباكستانى، وكذلك التقارب مع الفلبين، والتى توترت علاقتها بواشنطن بصورة كبيرة في سنوات ما قبل ترامب، خاصة بعدما وصف رئيسها رودريجو دوتيرتى، الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما بـ"إبن العاهرة"، حيث حرص ترامب على زيارة مانيلا بعد شهور من تنصيبه، متجاهلا الإساءة التي ربما تروق له، في ظل الخصومة السياسية الكبيرة بين الرئيس الحالي. عملية تجميد الصراع.. ترامب على خطى روزفلت وهنا أصبح التقارب الأمريكي مع روسيا، هو جزء من استراتيجية تتبناها واشنطن، تقوم على التقارب مع خصوم بكين، في إطار ما يمكننا تسميته بـ"عملية تجميد الصراع" مرحليا مع الخصم التاريخى، عبر التحالف معه مؤقتا، لتضييق الخناق على الصين في المرحلة الراهنة، وهو ما يبدو في المباركة الأمريكية للكثير من التحركات الروسية، والسماح لموسكو بتوسيع نفوذها في العديد من مناطق العالم، هو ما يراه البعض تهديدا صريحا لواشنطن، بينما تراه إدارة ترامب، ذريعة لخلق "صراع خلفى" على النفوذ، بين موسكو وبكين، فى خطوة تمهد لـ"الجولة النهائية" أمام الولايات المتحدة، والتي تفضل في النهاية أن تخوضه مجددا مع الخصم التاريخى، الذى ربما لا يملك، من وجهة نظر الإدارة الأمريكية الحالية، مقومات الصمود أمام أمريكا، خاصة من الناحية الاقتصادية، والتي تتفوق فيها واشنطن، على عكس الحال مع الصين، والتي تمكنت من غزو أسواق العالم، وبناء امبراطورية اقتصادية قوية يمكنها أن تكون أساسا قويا للنفوذ الدولى في المستقبل. المشهد الحالي ربما ليس جديدا تماما، فالرئيس الأمريكي الأسبق فرانكلين روزفلت آثر تحالفا مرحليا مع الاتحاد السوفيتى، رغم تناقض الأيديولوجيات، إبان الحرب العالمية الثانية، منذ ما قبل انغماسها في المعركة في صفوف معسكر الحلفاء، للقضاء على ألمانيا النازية، والتي كان يراها التهديد الأكبر للعالم في ذلك الوقت، وكذلك تنامى نفوذ الإمبراطورية اليابانية، بالإضافة إلى إيطاليا الفاشية، وهى القوى التي كانت على شفا السيطرة على العالم حال انتصارها، لولا التدخل الأمريكي الذى جاء متأخرا، حيث سعت واشنطن إلى تحسين علاقتها بالسوفيت، عبر تقديم مساعدات عسكرية لها، في يوليو 1940، كما أنها قدمت الدعم لحكومة ستالين في يونيو 1941، عندما أعلن هتلر نيته احتلال الاتحاد السوفيتى، لتدخل أمريكا بعد ذلك الحرب رسميا في أواخر العام نفسه. مصالحة مؤقتة.. النجاح الأمريكي مرهون بالموقف الروسى وهنا يمكننا القول بأن رؤية ترامب تجاه روسيا تعكس حالة تصالحية مؤقتة، تحمل في طياتها أبعادا عدة، أبرزها السعي نحو حشد المجتمع الدولى ضد الصين، والتي تمثل العدو الأول، عبر إثارة فزاعة "كورونا"، واستخدامها لتخويف العالم من تداعيات الصعود الصينى في المستقبل، من جانب، بالإضافة إلى خلق صراع أخر بين الصين وروسيا، على النفوذ، في إطار طموحاتهما لمزاحمة القوى الأمريكية على قمة النظام الدولى، وبالتالي ضرب التحالف بين روسيا والصين، والذى لا يروق بطبيعة الحال للرئيس الأمريكي وإدارته، من جانب أخر. إلا أن نجاح الخطة الأمريكية يبقى مرهونا بالاستجابة الروسية، حيث تبقى العلاقة بين موسكو وبكين أحد أهم رهانات الرئيس الروسى فلاديمير بوتين منذ صعوده لعرش الكرملين في عام 2000، حيث نجح إلى حد كبير في احتواء الخلافات بين البلدين، خاصة فيما يتعلق بالخلافات الحدودية وغيرها، لتتحول العلاقة إلى تحالف قوى، طالما أزعج الولايات المتحدة طيلة السنوات الماضية.








الاكثر مشاهده

كبار فقهاء الأمة الإسلامية يجتمعون تحت مظلة المجمع الفقهي الإسلامي

بدعوة من دولة رئيس الوزراء الباكستاني.. العيسى خطيباً للعيد بجامع الملك فيصل فى إسلام آباد

علماء العالم الإسلامي يُرشحون مركز الحماية الفكرية لإعداد موسوعة عن "المؤتلف الفكري الإسلامي"

رابطة العالم الإسلامى تنظم غداً مؤتمر "بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية" فى مكة

د.العيسى يلتقي رئيس جمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر على متن سفينة "أوشن فايكينغ"

10 أسئلة وإجابات حول تعديلات قانون تملك الأجانب للأراضى الصحراوية.. برلماني

;