سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 26 أغسطس 1967.. نيجيريا تقضى على انفصال «بيافرا» بمساعدة مصر.. ورئيسها يزور القاهرة ويؤيد القضية الفلسطينية عرفانا وتقديرا

حصل محمد فائق على تكليف من جمال عبد الناصر بالعمل على مساعدة حكومة نيجيريا فى مواجهة الحركة الانفصالية فى الإقليم الشرقى لنيجيريا، والاستجابة لما طلبه الرئيس النيجيرى فى خطابه إلى عبد الناصر، بأن تقدم مصر الطيارين الذين يطلبهم الرئيس النيجيرى لقيادة طائرات الميج 17 السوفيتية (راجع ذات يوم 25 أغسطس 2020). اجتمع عبد الناصر مع فائق لهذا الغرض يوم 25 أغسطس 1967، حسبما يذكر فائق فى كتابه «عبد الناصر والثورة الإفريقية»، موضحا أن القوات الجوية المصرية كانت فى ظروف لا تسمح لها بالاستغناء عن أى طيار مقاتل لديها، ولهذا فإن عبد الناصر كلفه بأن يكون ذلك من الطيارين الذين تركوا الخدمة لأية أسباب. يكشف «فائق» أنه بدأ مهمته بمخاطبة القوات المسلحة لمعرفة أماكن الطيارين الذين تركوا الخدمة، ومن يوم 26 أغسطس، مثل هذا اليوم، عام 1967 (اليوم التالى للقائه بعبد الناصر) قام مكتب الشؤون الإفريقية التابع لرئاسة الجمهورية ويتولى فائق رئاسته بحصرهم واستدعائهم على دفعات، وتم الاتفاق مع السلطات النيجيرية على أن يكون التعاقد فرديا بين الأفراد والحكومة النيجيرية، لتجنب التعقيدات الدولية الناتجة عن تدخل مصرى مباشر، لكن الحكومة المصرية كانت هى التى تكلفهم وتنظم هذا التعاقد معهم وتستدعى منهم من تريد، ويؤكد فائق: «كان هناك ضابط اتصال مصرى فى لاجوس على اتصال مباشر بمكتب الشؤون الأفريقية يتم عن طريقه كل ما يتعلق بشؤون هؤلاء الضباط، ويقوم بالتنسيق مع السلطات النيجيرية». يضيف: «كان دافع هؤلاء الضباط هو خدمة الأهداف الوطنية المصرية فى المقام الأول، تلك الأهداف التى اتفقت مع مصلحة نيجيريا الفيدرالية».. يكشف: «ما زلت أذكر لقائى مع الدفعة الأولى من الطيارين الذين استقبلتهم لأكلفهم بهذه المهمة، وكيف تركز اهتمامهم كله على الرغبة فى معرفة مدى وتأثير نتائج هذه الحرب النيجيرية علينا وأهمية ذلك بالنسبة لمعركتنا الأساسية مع إسرائيل، دون أن يسأل أحد قدر المرتب أو المكافأة والامتيازات التى سيحصل عليها»، ويقول فائق: «وصلت الدفعة الأولى من الطيارين المصريين بقيادة المقدم الطلاوى إلى لاجوس بعد أيام قليلة، وقام هؤلاء فى نفس يوم وصولهم بالطيران الواطى بطائرات الميج فى سماء لاجوس، واستقبل سكانها ظهور هذه الطائرات بالفرح بعد أن كانوا يعيشون فى رعب من الغارات عليهم». يضيف فائق: «كان الواجب الذى كلف به الطيارون المصريون هو الدفاع عن سماء نيجيريا فى المناطق التى تحدد لهم، وضرب المطار الذى كانت تمتلكه بيافرا وجعله غير صالح للعمل».. يؤكد «فائق»: «زاد عدد الطيارين المصريين فى نيجيريا بتقدم الحرب، وإنشاء كلية طيران فى لاجوس لتدريب الضباط النيجيريين، واضطررنا إلى الاستعانة بطيارين من القوات الجوية المصرية لاستكمال الأعداد المطلوبة، وكذلك أطقم الصيانة والخدمة الأرضية والاتصال اللاسلكى». يضيف فائق: «لم يكن من السهل وقتها إقناع الفريق فوزى وزير الحربية بذلك، إلا بعد قبول شروطه وهي، أن يتغير الأفراد كل 3 أشهر، وأن يكون له الحق فى استدعاء جميع الأفراد التابعين للقوات الجوية الموفدين فى هذه المهمة، وذلك فى ظرف 48 ساعة من إبلاغى «فائق» بهذا الطلب، وحدث بالفعل أن استخدم حقه فى هذا الاستدعاء عندما تصاعدت حرب الاستنزاف». يؤكد فائق: «لم تتحمل مصر أى عبء مادى، فالحكومة النيجيرية كانت تدفع ثمن المعدات التى تحصل عليها من مصر بالعملات الصعبة، وكانت هذه المعدات فى أغلبها قطع غيار وبعض الطائرات التى كانت تستغنى عنها مصر وذخيرة وقنابل طائرات وبعض المعدات الأخرى التى كان من السهل تعويضها من الاتحاد السوفيتى، وكان الثمن يدفع فور الاستلام لحساب وزارة الحربية المصرية التى كانت تستخدم هذه الحصيلة فى شراء بعض مستلزماتها من الأسواق الأوربية التى تحتاج إلى العملة الصعبة مثل المدرعة التى تنتجها مصر وتشترى جنازيرها من أسبانيا، ودفعت حكومة نيجيريا أجور ومرتبات جميع الطيارين والفنيين المصريين الذين اشتركوا فى هذه المهمة، وأجر النقل الجوى الذى كانت تستلزمه عمليات الاستعواض السريعة، وكل ذلك بالعملة الصعبة». يقطع فائق بأن قرار تقديم هذه المساعدة كان يحمل معنى التحدى للقوى التى خلف حركة الانفصال فى بيافرا، وترتب على موقف مصر أن أصبحت نيجيريا من الدول المؤيدة للقضية الفلسطينية والحقوق العربية فى جميع المحافل الدولية، وبعد انتصار الحكومة الفيدرالية واستعادة نيجيريا لوحدتها، كانت القاهرة أول عاصمة يزورها الرئيس النيجيرى جوان فى سبتمبر 1970، وأبدى رغبته فى رفع معدلات العلاقات الاقتصادية بين البلدين.



الاكثر مشاهده

كبار فقهاء الأمة الإسلامية يجتمعون تحت مظلة المجمع الفقهي الإسلامي

بدعوة من دولة رئيس الوزراء الباكستاني.. العيسى خطيباً للعيد بجامع الملك فيصل فى إسلام آباد

علماء العالم الإسلامي يُرشحون مركز الحماية الفكرية لإعداد موسوعة عن "المؤتلف الفكري الإسلامي"

رابطة العالم الإسلامى تنظم غداً مؤتمر "بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية" فى مكة

د.العيسى يلتقي رئيس جمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر على متن سفينة "أوشن فايكينغ"

10 أسئلة وإجابات حول تعديلات قانون تملك الأجانب للأراضى الصحراوية.. برلماني

;