زواج القاصرات بين سندان الواقع ومطرقة القانون.. المشرع حدد سن الزواج لـ18 سنة للطرفين.. و3 آثار مترتبة على القانون 126 لسنة 2008.. وعقوبة تزويج القصر تصل للحبس سنتين وغرامة 50 ألف جنيه.. وخبير يضع 4 ح

"زواج القاصرات.. زواج الأطفال.. الزواج المبكر".. جميعها مسميات عديدة لجريمة تُعد مكتملة الأركان فى حق فتيات قبل بلوغهن السن الإنسانى والقانونى وهى ظاهرة اجتماعية فى منتهى الخطورة منتشرة فى كل دول العالم وليس فى المجتمعات العربية والإسلامية فقط، ولا تقتصر أيضا على الدول النامية فحسب، ولكنها تختلف فى نسب الانتشار والشيوع، حيث تخلف تلك الظاهرة آثاراَ سلبية، اقتصادية واجتماعية وإنسانية، بالغة الخطورة على المجتمعات. وظاهرة زواج القاصرات كما تحدثنا تُعد ظاهرة اجتماعية لها العديد من الآثار السلبية على الأسرة والمجتمع على حد سواء، لأن الفتاة فى هذه المرحلة العمرية الصغيرة تكون غير مهيأة من الناحية النفسية والثقافية والعقلية والجسدية كى تقوم بمسئولية بيت وزوج وتربية أطفال، فتتحمل عبئا لا قدرة لها عليه ولا تستوعب دورها به مطلقا، فمثل هذا الزواج يُعد اغتصابا للحق فى الطفولة واعتداء صارخاَ على كرامة الطفل فهو من باب فقر الأخلاق بل يمثل جريمة مكتملة الأركان فى حق بناتنا والمجتمع بأكمله. زواج القاصرات بين سندان الواقع ومطرقة القانون فى التقرير التالى، يلقى "انفراد" الضوء على إشكالية فى غاية الأهمية تتعلق بزواج القاصرات، وذلك بعد أن تعالت الصيحات والصرخات فى الآونة الأخيرة بضرورة إيجاد حلول جذرية ورادعة لقضية زواج القاصرات، لا سيما عقب انتشار عدة وقائع فى الفترة الماضية، الأمر الذى يتطلب معه إيجاد ووضع ضوابط رادعة لعلاجها إلى جانب التوعية بخطورتها، وكيفية الحد من آثارها السلبية، خاصة أن تقرير الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء كشف عن إقبال 139.760 ألف امرأة على تسجيل وتوثيق عقود زواجهن "العرفية"، وهو "تسجيل زواج عرفى بين زوجين بتاريخ حدوثه بينهما مهما طالت مدته لتكتسب الزوجة حقوقها الشرعية"، وذلك من بين إجمالى 887.3 ألف حالة زواج تقريبا خلال عام 2018 – بحسب محمد على الفقى، الخبير القانونى والشرعى فى قوانين الأسرة، والمأذون الشرعي. إحصائيات سابقة عن زواج القاصرات المفاجأة الكبرى والصادمة فى ذلك التقرير الذى صدر عام 2018 أن أكثر حالات زواج التصادق خلال 2018، كانت بين فتيات فى عمر 18 عاما، وبلغت نحو 100.7 ألف تعاقد، منهن 37 فتاة وثقن زيجاتهن "العرفية" مع رجال فى عمر من 60- 75 عاما فأكثر، وكان العدد الأكبر للفتيات اللاتى وثقن زيجاتهن، لتلك اللاتى تزوجن بشباب فى الفئة العمرية من 25- 29 عاما، إذ بلغ عدد عقود "التصادق" بين فتيات فى عمر 18 عاما وشباب فى عمر 25- 29 عاما، ما يزيد على 48.9 ألف تعاقد، وبحسب الإحصائيات بلغ عدد عقود الزواج 887315 عقدا عام 2018 مقابل 912606 عقود عام 2017 بنسبة انخفاض قدرها 2.8%، بينما بلغ عدد إشهادات الطلاق 211554 إشهادا عام 2018 مقابل 198269 إشهادا عام 2017 بنسبة زيادة قدرها 6.7% - وفقا لـ"الفقى". زواج القاصرات هو زواج الفتيات دون السن القانونى، وهذه المشكلة لم تظهر فى مصر إلا بعد عام 2008 بتحديد سن الطفولة دون الثامنة عشر، وذلك بمؤتمر الطفولة والأمومة الذى عقد فى مصر فى ذلك الوقت والذى كان من توصياته أن لا يجوز زواج الأطفال، وبالتالى تم تحديد سن الزواج للولد والبنت بثمانية عشر عام. تحديد سن الزواج فى الشرع والقانون احل الله سبحانه وتعالى النكاح وحرم السفاح, وأوجب على ولى الأمر أن ييسر الزواج لسد باب الفتن للرجال والنساء، ودعاء النبى معشر الشباب للزواج وكان سنة من سنن النبى صلى الله عليه وسلم وسنن الرسل والمرسلين والصالحين والصحابة، بل أن الخلفاء الراشدون كانوا يخصصوا جزءا من بيت المال لتزويج من لم يتزوج من الرجال والنساء، والشريعة الإسلامية لم تحدد سن لزواج الرجل أو المرأة لقوله تعالي: "وَاللَّائِى يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ أن ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِى لَمْ يَحِضْنَ". وجاء التفسير على أن اللائى لم يحضن هى الفتاة الصغيرة التى لم تبلغ الحيض، وجعلت الأمر متروكا لعادات وظروف المكان والبيئة والزمان واجمع العلماء على عدم تحديد سن للزواج, أما المعاشرة الجنسية فلا تكون إلا ببلوغ المرأة جسديا وتتحمل المعاشرة، لذلك ربط البعض الدخول بالبلوغ وليس العقد، وأنه لم يرد فى القرآن والسنة والسلف الصالح ما يحدد سن الزواج للذكر والأنثى وان كان الخلاف ورد فى المعاشرة والدخول فالبعض قال ببلوغ الحيض والبعض قال بالاستطاعة والتى تطيق المعاشرة. تحديد سن الزواج قانونا قوانين الأحوال الشخصية لم تحدد سن معينا للزواج، وحيث بدأ تقنين القوانين فى مصر الحديثة سنة 1883 م بوضع القانون المدنى منقولا حرفيا عن القانون المدنى الفرنسي, وحيث كانت تطبق الشريعة فى كافة مناحى الحياة المصرية, فأصبح الأمر قاصر على تطبيق الشريعة فى إطار الأحوال الشخصية - المصطلح غريب على الشريعة والفقه الإسلامى - فتم تشكيل لجنة من كبار العلماء لوضع قانون للأسرة عام 1915 طبقا للمذاهب الأربعة، إلا أن مشروع القانون توقف بسبب الحرب العالمية الأولى. ثم وضع القانون قانون رقم 25 لسنة 1920 وكان خاص بأحكام النفقة وبعض مسائل الأحوال الشخصية، ولم يرد ذكرا لتحديد سن للزواج سواء للزوج أو الزوجة، ثم القانون 25 لسنة 1929 المعدل بالقانون 100 لسنة 1985 ولم يتم تناول أى مادة لتحديد سن الزواج حتى جاءت لائحة ترتيب المحاكم الشرعية بالمرسوم بقانون رقم 78 لسنة 1931, وحيث أراد المشرع تقيد السن القانونى للزواج ولكن بطريقة غير مباشرة فنص القانون فى المادة 99 منه: "لا تسمع دعوى الزوجية إذا كانت سن الزوجة تقل عن 16 سنة وسن الزوج يقل عن 18 سنة إلا بأمر منا ". متى لا تسمع دعوى الزواج؟ وكان المشرع قد نص على عدم سماع الدعوى إذا كان سن الزوجة أقل من 16 سنة والزوج أقل من 18، ولكن لم يحكم ببطلان العقد ولكن رتب جزاء مخالفة السن هو عدم سماع دعوى الزوجية، ثم جاء القانون رقم 1 لسنة 2000 بإصدار قانون تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضى فى مسائل الأحوال الشخصية معدلا بالقانون رقم 91 لسنة 2000 م. وجاء فى المادة 17 منه والتى تنص علي: "لا تقبل الدعاوى الناشئة عن عقد الزواج إذا كانت سن الزوجة تقل عن ستة عشر سنة ميلادية أو كان سن الزوج يقل عن 18 ميلادية سنة وقت رفع الدعوى، ولا تقبل عند الإنكار الدعاوى الناشئة عن عقد الزواج - فى الواقع اللاحقة على أول أغسطس سنة 1931 – ما لم يكن الزواج ثابتا بوثيقة رسمية، ومع ذلك تقبل دعوى التطليق أو الفسخ بحسب الأحوال دون غيرها إذا كان الزواج ثابتا بأية كتابة". كل هذا ولم يتم تحديد سن الزواج إلا أنه رتب جزاء جنائيا على كل من عقد زواج موثق أقل من 16 سنة للزوجة و18 سنة للزوج، ثم تأتى إشكالية وضع قانون الطفل طبقا لتوصيات المؤتمر المنعقد بالقاهرة للطفولة، دون دراسة الواقع الاجتماعى والفكرى للمجتمع المصرى وطبيعته الفكرية والثقافية، وهى رفع سن الزواج للزوج والزوجة إلى 18 سنة بموجب قانون الطفل الذى هو آثر من أثار مؤتمر الطفل المنعقد فى القاهرة سنة 2008، بالقانون رقم 126 لسنة 2008 المشار إليه سلفا إلى القانون رقم 143 لسنة 1994 فى شأن الأحوال المدنية مادة جديدة برقم 31 مكررا نصها الآتى : "لا يجوز توثيق عقد زواج لمن لم يبلغ من الجنسين ثمانى عشرة سنة ميلادية كاملة". والذى أوجب توثيق عقود الزواج عند طريق المأذون الشرعى لمن هم فوق الثامنة عشر عام للرجل وللمرأة، وتغافل الكثير تبعيات هذه المادة من ضياع حق المرأة المصرية ليكون القانون مطرقة فوق رأس المرأة المصرية فوق سندان الواقع المرير. الآثار المترتبة على القانون 126 لسنة 2008 قانون الطفل: أولا: عدم حصول المرأة على حقوقها كاملة من الناحية الواقعية لجأ الكثير من الناس بعد رفع سن توثيق الزواج من 16 سنة إلى 18 سنة، إلى إبرام عقود الزواج بطريقتين وهما: 1-الأولى تكون بطريقة رسمية باستخراج وثيقة الزواج عن طريق المأذون الشرعى أو أحد السماسرة كوسيط وتكون بتغير سن الزوجة فى الدفتر، واشتهرت محافظة بمصر بهذه العقود وكانت أمام وعلم المسئولين ولا أحد يتحرك ساكن، ولكن بفضل الله أغلق هذا الباب تمام، وتم تشديد الرقابة على محاكم هذه المحافظة. 2-وتكون بطريقة عرفية عن طريق أحد سماسرة عقود الزواج أو من ما يدعى أنه مأذون شرعي، وهذه هى الطريقة المشهورة فى صعيد مصر والوجه البحرى وهى المنتشرة الآن، أو تكون بعمل وثيقة زواج مزورة يتعامل بها الزوج والزوجة، وفى كلا الحالتين النتيجة هو ضياع حقوق المرأة المصرية بسبب حرمانها من توثيق عقد الزواج أو إثبات علاقة الزوجية أمام أول مشكلة وخلاف مع الزوج الذى ينكر علاقة الزوجية وينكر الأولاد من باب الضغط على المرأة للتنازل عن حقها فى قائمة المنقولات أو حقوقها الشرعية من مؤخر صداق أو نفقة عدة أو نفقة متعة. ثانيا: الآثار المترتبة على الأولاد من أثار رفع سن الزواج هو عدم استطاعة الزوج والزوجة إلى إثبات الأولاد، واستخراج شهادات ميلاد للأطفال رغم أن القانون أسبغ حماية للطفل وحقه فى الاسم وحقه فى الرعاية الصحية والاجتماعية، إلا أننا فوجئنا بإصدار قرارات من وزارة الصحة متمثلة فى مديريات الصحة ووزارة الداخلية ممثلة فى السجل المدنى فى عدم إثبات واستخراج شهادة ميلاد للأطفال بدون وثيقة زواج، الأمر الذى يضيع بسببه حق الطفل فى الحصول على التطعيمات اللازمة له وتعرضه للإنكار مع أول مشكلة مع الزوج، وهذا واقع لمسناه كمأذون شرعى يتعايش مع مشكلات الناس، وقد يضطر الأب إلى إثبات الطفل إلى جده حتى يحصل على التطعيمات اللازمة، مما يؤدى إلى اختلاط الأنساب وهو أمر محرم شرعا وقانونا. الحلول المقترحة 1-بواقع خبرتى العملية لتلك المشكلة – يقول "الفقى" - أرى أن رفع المشرع سن الزواج من 16 سنة إلى 18 سنة دون التدرج فى رفع السن مسألة فيها "نظر" لابد من تصحيحه، وكان الأولى هو نشر التوعية والحملات والندوات على مستوى الأقاليم، وصعيد مصر ونشر فكر جديد يغير من واقع الناس فى زواج القاصرت، فالمنع لا يكون بقانون فقط، ولكن كان الأولى بالمشرع والحكومة هو تغير ثقافة الناس أولا ويكون ذلك بحملات توعية وندوات على أرض الواقع والاحتكاك بمشاكل الناس، مع التدرج فى رفع السن إلى 17 سنة. 2-الأمر الثانى كان الأولى بالمشرع إنزال العقاب على ثلاث أطراف وهم المأذون الشرعى والد الفتاة والزوج، ولكن المشرع أدرج العقاب للمأذون فقط ونسى أن عقد الزواج يمكن أن يتم بعيدا عن المأذون الشرعي، لذلك أهيب بالمشرع بوضع قانون ينص على عقاب والدة الفتاة والزوج فى حالة زواجها دون السن القانونى. 3-الأمر الثالث هو الاهتمام بتعليم الفتاة وتحقيق كيانها ونموها العقلى والفكرى بالتعليم، ونشر الوعى الاجتماعى والوعى الصحى فى أقاليم مصر وقرى ونجوع مصر من الآثار المترتبة على زواج الصغيرات صحيا واجتماعيا، وأن تأهل المرأة للزواج ليس بالبنية الجسدية لها فقط ولكن باكتمال نموها الجسدى والعقلى والفكرى. 4-الأمر الرابع هو أن كان لولى الأمر حقا فى تقييد المباح طبقا لبعض أراء بعض فقهاء الشريعة، وإنكار عامة الفقهاء لحق ولى الأمر فى رفع سن الزواج، إلا أن ذلك منوط بالمصلحة العامة للعباد والبلاد، وهل حق المرأة هو عدم توثيق عقد زواجها وضياع حقوقها وعدم إثبات علاقة الزوجية، وهل حق العامة فى ضياع حقوق الأطفال، وعدم نسبتهم نسب شرعى للأب، وهل حق الأولاد فى عدم استخراج شهادة ميلاد لهم وحصولهم على الرعاية الصحية والتطعيمات الأزمة لهم. عقوبة تزويج القصر الحبس سنتين نصت المادة رقم 227 فقرة 1 من قانون العقوبات: "يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز سنتين أو بغرامة لا تزيد عن ثلاثمائة جنيه، كل من أبدى أمام السلطة المختصة بقصد إثبات بلوغ أحد الزوجين السن المحددة قانونًا لضبط عقد الزواج أقوالًا يعلم أنها غير صحيحة، أو حرر أو قدم لها أوراقًا كذلك، متى ضبط عقد الزواج على أساس هذه الأقوال أو الأوراق"، بحيث يتم اعتبار السن من البيانات الجوهرية وتشديد العقوبة بالسجن على المأذونين ويتم معاقبتهم على أساس كونها جناية وهل يمكن اعتبار التصادق على الزواج جنحة، حيث يتحايل البعض على القانون من خلال عقد الزواج بعقد عرفى ثم التصادق على الزواج بعد بلوغ الفتاة السن المحددة قانونا. ونصت المادة 116 مكرر من قانون الطفل رقم 126 لسنة 2008، والذى يضاعف العقوبة إذا ما وقعت الجريمة على طفل، على أنه: "يزاد بمقدار المثل الحد الأدنى للعقوبة المقررة لأى جريمة إذا وقعت من بالغ على طفل، أو إذا ارتكبها أحد والديه أو من له الولاية أو الوصاية عليه أو المسئول عن ملاحظته وتربيته أو من له سلطة عليه، أو كان خادمًا عند من تقدم ذكرهم، و(أ) يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تجاوز خمسين ألف جنيه كل من استورد أو صدر أو أنتج أو أعد أو عرض أو طبع أو روج أو حاز أو بث أى أعمال إباحية يشارك فيها أطفال أو تتعلق بالاستغلال الجنسى للطفل، ويحكم بمصادرة الأدوات والآلات المستخدمة فى ارتكاب الجريمة والأموال المتحصلة منها، وغلق الأماكن محل ارتكابها مدة لا تقل عن ستة أشهر، وذلك كله مع عدم الإخلال بحقوق الغير وحسن النية". الخبير القانونى والمأذون الشرعى محمد الفقى












الاكثر مشاهده

كبار فقهاء الأمة الإسلامية يجتمعون تحت مظلة المجمع الفقهي الإسلامي

بدعوة من دولة رئيس الوزراء الباكستاني.. العيسى خطيباً للعيد بجامع الملك فيصل فى إسلام آباد

علماء العالم الإسلامي يُرشحون مركز الحماية الفكرية لإعداد موسوعة عن "المؤتلف الفكري الإسلامي"

رابطة العالم الإسلامى تنظم غداً مؤتمر "بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية" فى مكة

د.العيسى يلتقي رئيس جمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر على متن سفينة "أوشن فايكينغ"

10 أسئلة وإجابات حول تعديلات قانون تملك الأجانب للأراضى الصحراوية.. برلماني

;