" انفراد " داخل أكبر مركز لترميم الآثار فى العالم .. معامل المتحف الكبير تضم خبراء من أطباء الحضارة القديمة .. يعملون بأحدث التقنيات العلمية .. الانتهاء من 50 ألف قطعة أثرية .. وتوت عنخ آمون حاضر بقو

معامل ترميم الآثار بالمتحف المصرى الكبير تعد من أكبر المعامل على مستوى العالم، فيتم ترميم الآثار بأيدي مصرية خالصة، وبأحدث الطرق العلمية، من خلال متخصصين من "أطباء الحضارة المصرية"، فبرغم انتشار فيروس كورونا على مستوى العالم، إلا أن مركز الترميم لم يتوقف يومًا واحدًا، وتم ترميم ما يقرب من 50 ألف قطعة أثرية جاهزة للعرض، واستطاع "انفراد" عمل جولة داخل تلك المعامل. العمل داخل المعامل يتم بتركيز كبير، فالكل منتبه لما يقوم به وتقوم أيدى المتخصصين بكل حذر في التعامل مع الأثر، حتى يتم ترميمه ودخوله المخازن تمهيدًا لعرضه خلال افتتاح المتحف في 2021، الذى يترقبه العالم أجمع، ومع اتخاذ كل الإجراءات الاحترازية لمواجهة فيرروس كورونا، المنتشر فى مختلف دول العالم، يسير العمل فى المتحف المصرى الكبير بشكل منتظم، مع تطبيق كل تعليمات الدولة لعدم تفشى الفيروس. كانت بداية الجولة مع معمل الآثار الخشبية، والذى يحوى عدد كبير من مقتنيات الملك توت عنخ آمون، الذى تعرض مقتنياته بشكل كامل لأول مرة وقت افتتاح المتحف، والتى يزيد عددها عن 5000 قطعة أثرية، على مساحة 7000 متر، واستقبلنا الدكتور أحمد عبد ربه، نائب رئيس معمل الآثار الخشبية، بالمتحف المصرى الكبير. وحدثنا نائب رئيس المعمل عن ما يتم في التعامل مع القطع الخشبية، قائلا : معمل الآثار الخشبية من أهم المعمل بمركز الترميم فى منطقة الشرق الأوسط ونحن مختصون فى ترميم الآثار الخشبية بكل أنواعها "ملون، مذهب، مزخرف"، بمواد تطعيم مختلفة. وقال الدكتور أحمد عبد ربه: عندما يتم البدء فى تسلم أى قطعة داخل المعمل نبدأ أولا فى أعمال التوثيق، باستخدام التصوير المتعدد الأطياف، فهناك التصوير العادى للقطعة الفوتوغرافية، وهناك التصوير بأشعة فوق البنفسجية والتى يتم التعرف من خلاله عن أماكن الترميمات السابقة للأثر، والتصوير بالأشعة تحت الحمراء وهذا يعمل على توضيح أى أماكن لم تظهر للعين المجردة، وهناك التصوير X-ray وذلك لمعرفة تقنية صناعة القطعة بواسطة المصرى القديم. وأضاف نائب رئيس معمل الآثار الخشبية، ثم يتم بعد ذلك بعملية الفحوص والتحاليل، ويتم فى هذه المرحلة استخدام الأجهزة العلمية المتطورة، ومن خلالها نستطيع معرفة مكونات الأثر، دون أخذ أى عينات، ومن خلال التحليل الطيفى نستطيع معرفة طبقات التحضير والتزين والتلوين المتوجدة، ونستطيع من خلال التحاليل التعرف على مواد الترميم السابقة، المستخدمة من قبل، ونبدأ بعد ذلك بالدراسة التجريبية، والتى تطبق على عينة مستنسخة بنفس مواصفات الأثر قبل تطبيقها على الأثرنفسه. وأشار ثم بعد ذلك يتم تحديد هل يتم الترميم بالمواد التقليدية المتبعة أم باستخدام المواد الحديثة، وتلك الدراسات تأخذ وقت لمعرفة المادة المناسبة فى الاستخدام، لأنه بعد استخدام تلك المادة يعاد عليها الفحوصات والتحاليل لمعرفة مدى تأثير المواد التى تم استخدامها فى الترميم على الأثر نفسه، ثم نبدأ فى تثبيت القشور والتدعيم، والتجهيز للعرض المتحفى. ولفت نائب رئيس معمل الآثار الخشبية، إلى أن المعمل يضم الآن 6 عجلات حربية و6 أسرة من مقتنيات الملك توت عنخ آمون، وتم الانتهاء من ترميمهم، على أعلى مستوى، إلى جانب التابوت الخاص بالملك توت عنخ آمون، والذى كان مقرر الانتهاء منه بعد 8 أشهر من وصوله للمعمل، وبالفعل ورغم تفشى كورونا، إلا أنه تم تنفيذ الانتهاء من الجدول الزمنى المحد له بشكل كامل، وجاهز للعرض، كما يضم المعمل مجموعة من خبيئة العساسيف. وخلال جولتنا بالمعمل رصد "انفراد" تمثالا لـ"حور محب" خلال أعمال ترميمه فى معمل الآثار الخشبية داخل مراكز الترميم بالمتحف المصرى الكبير. وقال الدكتور أحمد عبد ربه، نائب رئيس معمل الآثار الخشبية، بالمتحف المصرى الكبير، إن المعمل يحتوى على تمثالين لحور محب، اللذين يوضحان تكنيك الصناعة لدى المصرى القديم فى صناعة التماثيل الخشبية، والتمثالين مغطين بطبقات تحضير ومذهبين، فمن الصعب مشاهدة طريقة صنعهم، وهما حاليا فى معمل الترميم لبدء أعمال الترميم. كما تضمنت الجولة أعمال الترميم داخل معمل الآثار غير العضوية، حيث تتم داخل معمل الترميم أعمال الصيانة الدقيقة للحلى والخزف والزجاج، والفخار، بشكل دقيق للغاية، وكان في استقبالنا نسرين عاطف خربوش، رئيس معمل الآثار غير العضوية. وحدثتنا نسرين عاطف خربوش، قائلة : إن المعمل مسئول عن ترميم وصيانة مجموعة متنوعة من الآثار، غير العضوية، بمعنى أنها ليست من أصل نباتى ولا حيوانى، فيوجد المعادن والفخار، والزجاج، وغيرها، وكل قطعة ترمم حسب حالتها التى جاءت عليها. وأوضحت نسرين عاطف، أن وقت كل قطعة تدخل المعمل يحدد حسب حالتها، فقطع الحلى للملك توت عنخ آمون على سبيل المثال تأخذ وقتًا طويلا، لأن الحلى عندما استلمها المعمل كانت مجمعة بصورة ليست على وضعها فى الأصل، وتمت إعادة رسم الخرز من جديد، حيث عندما اكتشفاها كارتر 1922 قام برسم القطع وتجميعها بصورة خاطئة، وداخل المعمل نعمل على إعادتها كما كانت فى مصر القديمة، فمن الممكن أن تأخذ القطعة ما يقرب من شهر. وأضافت نسرين عاطف أن عدد العاملين داخل معمل الآثار العضوية 18 متخصصا، ونعمل بجدول زمنى محدد للانتهاء من ترميم القطع بالمعمل، فكل شىء مدروس ومحدد بوقت، حيث تخرج القطع من المعمل جاهزة على العرض فى أى وقت. وأشارت رئيسة معمل الآثار غير العضوية، إلى أنه يتم عمل دراسة على القطع التى تدخل المعمل، لأنه يتم ترميمها من جديد، وخصوصًا حلى الملك توت عنخ آمون، كما يتم توثيق كل القطع عندما استلامها، بالصور الفوتوغرافية، وتقرير مفصل بشكل دقيق، ويتم توزيعها على العالمين كلا حسب تخصصه، بناء على خطة العمل والخطوات الأساسية للعمل فى القطعة. ولفتت نسرين عاطف إلى أن العمل داخل المعمل مقسم على فرق متخصصة من خلال ثلاث مجموعات وهى خاصة بترميم المعادن والفخار والفينس، حلى، أو شبتى، وذلك بدعم من الدورات التدريبة والأبحاث وتحضير الدراسات، وقبل أعمال الترميم يتم وضع خطة عمل تعرض على رئيس المعمل لتنفيذها، ووارد أن تحدث تغيرات خلال أعمال الترميم حسب حالة كل قطعة، مع تصوير جميع مراحل العمل منذ استلام القطعة وحتى تسليمها للمخازن. أما فى معمل الآثار العضوية، فشرح لنا الدكتور أحمد الشيخة، أخصائى معمل الآثار العضوية بمركز الترميم بالمتحف المصرى الكبير، ما يتم داخل المعمل، قائلا: إن المعمل من أهم المعامل الموجودة بمركز الترميم يحتوى على قطع أثرية سواء من أصل نباتى مثل البردى والكتان والألياف، أو حيوانى مثل العظم والجلد، ويتم التعامل معها على أعلى مستوى من الدقة خلال أعمال الترميم. وأوضح أحمد الشيحة، في تصريحات خاصة لـ "انفراد"، أن التعامل مع القطع الموجودة بمعمل الآثار العضوية يجب أن يكون بحرفية شديدة، نظرا لأن تلك القطع هشة للغاية، فلدينا أمهر المرممين الموجودين في مصر، والذين يستخدمون أحدث الطرق العلمية، حيث يتم استلام القطع من المخازن لتدخل على التعقيم، ثم يستلمها المعمل، للبدء في عمل دراسة شاملة وفحصها، والتي تستمر لعدة أيام لتجميع المادة العلمية الصحيحة والسليمة، وبعد ذلك يتم وضع خطة لأعمال الترميم ويتم مناقشتها مع الرؤساء، وبمجرد اعتمادها نبدأ أعمال الترميم، من خلال الفحص والتعرف على مكونات المادة ومدى تأثير المواد المستخدمة على القطعة. كما يلازم أعمال الترميم لكل قطعة داخل المعمل أعمال التوثيق، بالتصوير الفوتوغرافى لمراحل الترميم المختلفة، وذلك من أجل إثبات حق المرمم فى الترميم، حيث يتم استلام القطعة شبه مدمرة ويتم تسليمها كما كانت عليها في العصور القديمة، وبعد الانتهاء من أعمال الترميم والتوثيق يتم إعداد القطع للتخزين، تمهيدًا لعرضها خلال افتتاح المتحف المصرى الكبير الذى ينتظره العالم أجمع. ومن جانبه قال صفوت محمد السيد، نائب رئيس معمل الآثار العضوية، إن ترميم الآثار العصوية بمرور الزمن المواد تتحول لمواد هشة وضعيفة، إلا القليل منها، وحتى نستطيع تحديد وقت استغراق القطعة في الترميم يتوقف على الحالة التي وصلت عليها وحالتها، وإذا كانت القطعة تحتاج إلى إزالة للأتربة والتنظيف من الممكن أن تأخذ من يوم إلى يومين، أما القطعة التى تحتاج نزع من الكرتون تأخذ ما يقرب من 10 أيام، وهناك قطعة أخرى مثل الدرع الحربى للملك توت عنخ آمون والذى استغرق شهرين من أعمال الترميم. واستوقفنا الدرع الحربى للملك توت عنخ آمون النادر، والذى سيتم عرضه لأول مرة بالمتحف المصرى الكبير ضمن المجموعة الكاملة لمقتنيات الملك الذهبى الصغير على مساحة 7000م. وقال اللواء عاطف مفتاح، المشرف العام على مشروع المتحف المصرى الكبير والمنطقة المحيطة، إنه فى إطار سياسة المتحف المصرى الكبير بتخطى التحديات والصعوبات الهندسية والأثرية، والتى من بينها أعمال الترميم والتأهيل للقطع الأثرية الخاصة بالملك توت عنخ آمون وتجهيزها للعرض كاملة لأول مرة فى قاعة واحدة على مساحة 75000 متر مربع، فقد نجح فريق من المرممين المتميزين بمعمل الآثار العضوية بمركز الترميم وهم "منة الله محمد، محمد عياد ، صفوت السيد، محمد يسرى" فى تحقيق إنجاز غير مسبوق، وذلك بترميم الصدرية الجلدية الخاصة بالملك توت عنخ آمون، والتى لم يشملها الترميم منذ اكتشافها، وهى من القطع الأثرية النادرة، والتى لم يتم عرضها من قبل لسوء حالتها، حيث كانت مخزونة بمخازن المتحف المصرى بالتحرير. وأوضح الدكتور الطيب عباس، مدير عام الشئون الأثرية، أن هذا النوع من الصدريات الحربية نادر الاستخدام فى الحضارة المصرية القديمة، وكان يتم تصنيعها من الجلد المثبت على أرضية من الكتان، وبتقنية تجعلها متداخلة مع بعضها البعض، لتوفر الحماية لمنطقة صدر المحارب، ويأتى تميز هذه الصدريات لكونها كانت من قبل مقتصرة على الصدريات المصنوعة من الوحدات المعدنية. ومن ناحية أخرى أضاف الدكتور حسين كمال، مدير عام شئون الترميم، إن الصدرية كانت تعانى من تلف شديد منذ اكتشاف المقبرة عام 1922م، وكانت معظم الوحدات الجلدية منفصلة عن الأرضية الكتانية، بالإضافة إلى هشاشة وضعف الجلد وفقد جزء منه، ونظرًا لصعوبة ترميمها آنذاك فقد اكتفى المرمم الإنجليزى الفريد لوكس - الذى كان مصاحبًا لمكتشف المقبرة هاورد كارتر - اكتفى باستخدام شمع البرافين لتثبيت حالتها، وظلت مخزونة فترات طويلة، حتى تم نقلها الى المتحف المصرى الكبير. وقد استغرقت خطة ترميم القطعة نحو شهرين ليتسنى دراسة أنماط وأشكال الوحدات الجلدية وتصنيفها، ومعرفة أماكن تثبيتها، باستخدام أساليب التحليل والفحص الحديثة، بالإضافة إلى استغراق شهرين فى أعمال الترميم وإعداد وسيلة التثبيت المناسبة، حتى نجح فريق المرممين أخيرًا فى تجميع هذه الصدرية، والتى جاءت كقطعة فريدة نادرة، وهى تظهر للنور لأول مرة بأيد مصرية خالصة، وهو إنجاز آخر يضاف إلى مجموعة إنجازات المتحف المصرى الكبير، ليقدر العالم مدى مهارة وتفانى المصريين فى حماية وحفظ تراثهم الحضارى والثقافى. كما رصد "انفراد" خلال جولته "وشاح" تم اكتشافه داخل مقبرة الملك الفرعونى الصغير توت عنخ آمون، وخلال حديثنا مع أحد أخصائى الترميم بالمعامل العضوية بالمتحف المصرى الكبير كشف لنا عن مفاجأة خلال أعمال الترميم وتوثيق والدراسة. وقالت سارة إسماعيل، أخصائى الترميم بالمتحف المصرى الكبير، إن القطعة كانت ضمن مقتنيات الملك توت عنخ آمون وتم استلامها بمعمل الآثار العضوية، وهى عبارة عن كتلة غير واضحة المعالم، وبعد الدراسات التى تتم على كل قطعة يستلمها المعمل، والفحوص والتحاليل والتصوير باستخدام اللمبات الـ Yd وRI، بحيث يتم معرفة إذا كانت الطبقات متماسكة من عدمه. وأوضحت أنه تم وضع خطة عمل، حيث كانت الحالة متوسطة وليست سيئة، ومن المستطاع فرد القطعة، وباستخدام الأجهزة الحديثة فى المعمل مثل الالترا سكونك وهو عبارة عن جهاز بخار ماء والذى من خلاله أستطيع ترطيب القطعة وفردها. وأشارت إلى أن القطعة بعد الفرد وصل طولها إلى نحو 4 أمتار و80 سم، واستغرق ترميمها نحو 3 أسابيع، وبعد تجهيز القطعة بالكامل بطولها على أرض الواقع، كان هناك تحدى آخر وهو كيفية تصميم حامل لطول تلك القطعة، فلا يوجد كارتون بهذا الطول وبالتالى تم عمل وصلات داخل الكارتون. ولفتت سارة إسماعيل إلى أنه تم تمديد القطعة على نوع من القماش، وعند فرد القطعة اكتشفنا عليها كتابات فى الجزء الأمامى من الوشاح، والتى جارى فك رموزها فى الوقت الحالى.




































































الاكثر مشاهده

كبار فقهاء الأمة الإسلامية يجتمعون تحت مظلة المجمع الفقهي الإسلامي

بدعوة من دولة رئيس الوزراء الباكستاني.. العيسى خطيباً للعيد بجامع الملك فيصل فى إسلام آباد

علماء العالم الإسلامي يُرشحون مركز الحماية الفكرية لإعداد موسوعة عن "المؤتلف الفكري الإسلامي"

رابطة العالم الإسلامى تنظم غداً مؤتمر "بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية" فى مكة

د.العيسى يلتقي رئيس جمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر على متن سفينة "أوشن فايكينغ"

10 أسئلة وإجابات حول تعديلات قانون تملك الأجانب للأراضى الصحراوية.. برلماني

;