دكتور يحيى الرخاوى يتحدث لـ"انفراد" عن أزمة كورونا والصحة النفسية للمصريين: الوباء زاد الاضطرابات النفسية سوءاً.. زيادة حالات رهاب المرض والموت ووسواس النظافة.. وتوحد جهود العالم لمواجهة عدو مشترك

فى عقار ذى طراز مميز من عقارات وسط البلد القديمة يجلس الدكتور يحيى الرخاوى، أستاذ الطب النفسى، فى عيادته يستقبل مرضاه بلا تعب ولا ملل فى رحلة عمل ممتدة منذ عام 1957 مرت العديد من الأحداث فى مصر لكن كان وباء فيروس كورونا هو أصعب وأحدث المستجدات على حياة العالم ومصر، وهذا انعكس على الصحة النفسية للمصريين، ونوعية الأمراض النفسية والاضطرابات التى ازدادت مع زيادة القلق والتوتر. وأجرى "انفراد" حوارا صحفيا مع أستاذ الطب النفسي بجامعة القاهرة والمفكر الدكتور يحيى الرخاوي حول أزمة كورونا وتأثيرها على الصحة النفسية للمصريين. س: ما أبرز الرسائل النفسية التي يوجهها فيروس كورونا للعالم ولمصر؟ لا أحد يستطيع أن يقدر بالتحديد ما هو تأثير أزمة كورونا على الصحة النفسية لأن هذا يحتاج إلى إحصاء دقيق بالأرقام، وهى أزمة عالمية أعطت رسالة للجميع أننا لا نستطيع التخلى عن بعض كبشر، وأن الظروف تذكرنا أن المسألة لا تستثنى غنيا أو فقيرا، أمريكا مثل السنغال مثل الهند حتى البلاد المتقدمة أصيبت أكثر. والرسالة الثانية تذكرة بأن الأمور لم تعد فى تحكم العلماء كما يتصور الناس، لأن فيروس لا يرى بالعين المجردة يتسبب فى اهتزاز العالم أجمع. والرسالة الثالثة جعلت الناس أكثر قرباً من بعضهم خوفاً من مواجهة عدو مشترك، والرسالة الأخيرة والأهم هذه الأزمة ذكرتنا بقدرة الله سبحانه وتعالي في إنهاء وباء كورونا، هناك إرادة فوقية تنبهنا، وأننا يجب جميعاً أن نقول "يارب".

والقاعدة الأبسط والأوضح "اللهم إنا لا نسألك رد القضاء لكن نسألك اللطف فيه". ويمكن أن نسمى الأزمة قضاء وقدر إذا كانت مفاجئة وغير منتظرة وخطيرة وقاتلة والله وحدة قادر على اللطف بها ويمكننا أن نجتهد، يجب أن نسلم أمورنا لله ونتخذ احتياطاتنا دون تفريط في الوقاية واتباع تعليمات وزارة الصحة. س: كيف ترى دور اللقاحات فى إنهاء أزمة كورونا؟ هناك اجتهاد حقيقى من العلماء لتطوير لقاحات لمواجهة أزمة كورونا فى العالم وكذلك علماء مصر يحاولون الوصول للقاح، لكن الناس عندما عرفوا أن من يصاب مرة بفيروس كورونا يمكن أن يصاب مرة ثانية تسبب فى الذعر والهلع وهو ما جعلهم يتشككون فى اللقاح، لأن المناعة الطبيعية توفر حماية أكبر من اللقاح حتى بعد الإصابة بالفيروس فمن أصيب كون مناعة وأجسام مضادة أقوى من الذى حصل على اللقاح. ونقاط ضعف اللقاحات تتمثل أيضاً فى وجود سلالات وأجيال جديدة من فيروس كورونا نوع التركيبة البيولوجية تختلف عن الجيل الثانى من الفيروسات قد لا تتعامل معها اللقاحات. س: أى لقاح سيحصل عليه الدكتور يحيى الرخاوى؟ ولماذا؟ بنبرة ساخرة قال الدكتور الرخاوى: "حتى الآن سأحصل على لقاح رب العالمين هعتمد على المناعة الطبيعية"، مضيفاً لا أستطيع أن أحكم على اللقاحات من الجرائد ولا منظمة الصحة العالمية لأن الأمر يحتاج لإحصاء دقيق كم عدد الذين عولجوا، وكم أخذوا لقاح ومع ذلك أصيبوا وكم عدد من أخذ اللقاح ولم يصابوا وهذا الأمر سوف يستغرق سنوات. س: كيف تأثرت أحلام المصريين بفيروس كورونا؟ أى حدث مخيف أو مرعب مثل: زلزال أو فيروس كورونا ينطبع فى الجهاز العصبى للإنسان، وعندما ينام يتألف الحلم الذى قد يرعبنا أكثر أو يجعلنا أكثر هدوءاً، لكن محتوى الحلم ليس له قيمة مقارنة بفائدة هذه الأحلام لجهازنا العصبى ووظيفتها فى إعادة تنظيم المخ. محتوى الأحلام لا يمثل حقيقة الأحلام ولا أهميتها فى الحياة البشرية، فهى نعمة من الله لتنظيم المخ بطريقة دورية بغض النظر عن محتواها. س: هل زادت الأمراض النفسية فى ظل وباء كورونا؟ فيروس كورونا لم يكن السبب فى ظهور أمراض نفسية جديدة لكنه قد زاد من حدة الأمراض النفسية الموجودة بالفعل، ومن بين الأمراض التى زادت مرض الخوف من الاقتراب من الآخرين، والخوف الوسواسى من المرض والخوف من الموت، وكذلك الوسواس القهرى وكثرة غسل اليدين للوقاية من الجراثيم. س: ما أكثر الأمراض النفسية لدى المصريين حسب المرضى الذين يترددون على العيادة فى زمن كورونا وقبل ذلك؟ قال الدكتور الرخاوى: هذه الأيام أسأل المريض بماذا تشعر يقول لى "اكتئاب" أو " Depression".. زمان مكنش عندنا المصطلحات دى.. أمى كانت تقول غم .. هم وأنا لا أستطيع أن أخذ تصنيفات من المريض نفسه لنفسه على أنه مريض اكتئاب". وأضاف أن من أكثر الأمراض المنتشرة والخطيرة أمراض التوقف عن الحياة يكون الشخص عايش "زى قلته"، فهناك عديد من الشباب يأتون للعيادة بدون عمل، وأكتب لهم فى الروشتة "إن لم تعمل لن تشفى". وأوضح أن أبرز علامات الاكتئاب تتمثل فى "هم أزلى.. غم ما يتلم.. عزوف عن الحياة.. عزوف عن الأكل.. الانتحار.. الفشل فى الحياة.. الفشل الزوجى". س: متى يجب الذهاب لطبيب نفسى؟ فى إجابة ساخرة من الدكتور الرخاوى، قال "يستحسن بلاش" ثم تابع قائلاً "زمان الناس كانت تعيش فى أمان الله بدون أطباء نفسيين فيما عدا طبعا الأمراض الخطيرة مثل: العدوان أو الجنون". وأضاف أن كثرة الدعاية لضرورة الذهاب لطبيب نفسى جعلت أى شخص يصاب بأى حزن طبيعى يذهب للطبيب بدون حاجة حقيقية، وهذا يسمى "نفسنة المجتمع" أى جعل العواطف والمشاعر التى تحدث للإنسان ليتعلم منها يلقى بها على طبيب نفسى. س: ما علامات الصحة النفسية؟ هناك مقولة أتفق معها تماماً مع العالم النفسى "فرويد" وهى أن "الصحة النفسية هى أن تعمل وأن تحب"، وذلك رغم اختلافى مع فرويد فى تفكيره بصفة عامة. س: انتشرت مقولة لك على السوشيال ميديا وهي "أمر طبيعى أن تكلم نفسك أو تكلم الدولاب أو الكرسي، يحصل هذا ولا تقلق! بس أول ما تحس أن الدولاب رد عليك لازم تجيلى بسرعة" متى قلت هذه الجملة؟ هذه المقولة قلتها بالصدفة منذ أكثر من 20 سنة لكى أشرح الهلوسة أو سماع أصوات غير موجودة، فإذا تكلمت مع نفسى فهذا ليس جنوناً لكن سماع شىء لا يصدر صوت مثل: الدولاب يتكلم فهذا يدل على حدوث هلوسة. ولا أعرف السبب وراء انتشار هذه المقولة على السوشيال ميديا اعتقد لأن "الناس دمهم خفيف". س: حدثنى عن ذكرياتك مع الأديب الكبير نجيب محفوظ باعتبارك من أقرب أصدقائه؟ قال الرخاوى "صداقتى لنجيب محفوظ نعمة من ربنا، لأن أنا لقيت واحد يعالجني.. هو اللي كان يعالجني وملجأ للزنقات والاكتئاب بعكس ما تصور الناس أني أنا الذى أدعمه نفسياً هو الذى كان يسندني ويدعم كل المحيطين به، وحتى الآن أكتب عن ذكرياتي معه وأصدرت عدة كتب في شرف صحبة نجيب محفوظ". وأضاف قائلاً "قرب وفاته كان محفوظ يشعر أن وفاته قد اقتربت وقال لي مرة: يا يحيي بيه كفاية كده.. قلت له كفاية ليك أنت مش كفاية لنا لكن عمرى ما شعرت أنه تركنى حتى الآن أعيش مع كتاباته وذكرياتنا سوياً".
























الاكثر مشاهده

رئاسة وزراء ماليزيا ورابطة العالم الإسلامي تنظِّمان مؤتمرًا دوليًّا للقادة الدينيين.. الثلاثاء

كبار فقهاء الأمة الإسلامية يجتمعون تحت مظلة المجمع الفقهي الإسلامي

بدعوة من دولة رئيس الوزراء الباكستاني.. العيسى خطيباً للعيد بجامع الملك فيصل فى إسلام آباد

علماء العالم الإسلامي يُرشحون مركز الحماية الفكرية لإعداد موسوعة عن "المؤتلف الفكري الإسلامي"

رابطة العالم الإسلامى تنظم غداً مؤتمر "بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية" فى مكة

د.العيسى يلتقي رئيس جمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر على متن سفينة "أوشن فايكينغ"

;