وزير الخارجية اليمنى الأسبق فى حوار خاص لـ"انفراد" أبوبكر القربى: ثورات الربيع العربى تحولت لصراعات مذهبية والشباب "كفروا" بها الحل فى اليمن سيكون داخليا بالاتفاق على حكومة شراكة وطنية

نقلا عن العدد اليومى..

أكد الدكتور أبوبكر القربى، الأمين العام المساعد لحزب المؤتمر الشعبى العام وزير الخارجية اليمنى الأسبق عضو وفد المفاوضات اليمنية، أن الإشكاليات التى تعانى منها المنطقة العربية الآن تنحصر فى مشكلتين أساسيتين، الأولى سياسية، والثانية إعلامية.

وأوضح فى ندوة بمؤسسة «انفراد» أن الإعلام الذى يتخلى عن المهنية الصحيحة فى تناول الخبر والتعاطى مع الحدث ويتحول إلى مجرد أداة سياسية، ينشر ضررا كبيرا، لافتا إلى أن هناك نوعا من التدمير للقيم فى كل المجالات ما ينذر بعواقب جمة فى المستقبل، مؤكدا أن اليمن الآن يتعرض لهذا النوع من الدمار.

وقال القربى: «نحن فى العالم العربى ننجر الآن إلى مواقف تتكون نتيجة شخصنة الأحداث، أى وضع الحدث فى قالب شخصى وليس أيديولوجى، وهذا يعقد الأمور ويصعب الوصول إلى الحلول، فلو نظرت إلى القضية من بعدها السياسى بعيدا عن الأشخاص تجد الحلول والمعالجات، لكن إذا تم حصرها فى أشخاص تبقى الأمور أصعب كثيرا»، وإلى نص ما دار فى الندوة. إلى أى مدى انحرفت الثورة اليمنية عن مسارها؟ وهل يمكن تصحيح هذا المسار خلال الفترة المقبلة؟ - ما شهدته المنطقة من أحداث منذ ما يسمى بـ«الربيع العربى» وحتى الآن يحتاج إلى مراجعة لأن ما حدث كانت وراءه رغبة فى التغيير لتحقيق طموحات شعوبنا فى العدالة والحرية والديمقراطية والشراكة فى الحكم وأهداف أخرى لا يختلف عليها أحد أبدا، ولكن هذه الأهداف نراها انحرفت عن مسارها وتحولت إلى صراعات أيديولوجية دينية مذهبية ومناطقية، وبالتالى فإن الهدف الذى خرج من أجله الشباب فى أوطاننا العربية أصبحوا الآن «يكفرون» به، لأن هذه الأهداف تم اختطافها من جانب أحزاب سياسية وحتى من بعض القيادات، واستطرد: « هذا نتيجته للأسف سلبية، وأنتم فى مصر تعيشون هذا الوضع لكنكم من حسن الحظ استطعتم إنقاذ الموقف بإرادة الشعب المصرى الذى حقق هذا التغيير.

كيف أثر توتر العلاقات بين السعودية وإيران على الأحداث فى اليمن؟ - ما حدث من توتر فى العلاقات الإقليمية بين السعودية وإيران، أدى إلى اتساع حلقة التوتر، وهذا لا يخدمنا كمسلمين ولا كعرب، وبالتالى فإن المعالجات تكمن فى أن تجد الأطراف المتنازعة المجال لكى يراجع الكل مواقفه لنعرف إلى أين نسير، لا يجوز لأى منا أن تأخذه العزة بالإثم ويعتقد أنه فى الموقف الصحيح، فالأخطاء تخرج من كل الأطراف، فلا بد أن تكون مراجعات المواقف هى أساس لمعالجات مشاكلنا بدلا من التصعيد الإعلامى والسياسى والدبلوماسى واحتلال السفارات وحرقها، فالمطلوب مراجعة الموقف العربى وتأسيس علاقات عربية إيرانية تحمى مصالح الأطراف وتمنع التدخل فى شؤون أى دولة من الدول.

من وجهة نظرك من يتحمل مسؤولية ما آلت إليه الأمور فى اليمن.. الحوثيون أم الرئيس الأسبق على صالح أم الرئيس الحالى منصور هادى؟ - إن ما يحدث فى اليمن الآن تشعب كثيرا من صراع مذهبى إلى خلافات مناطقية إلى صراعات حزبية، أنا الآن ضمن وفد المفاوضات لإيجاد حلول لهذه الأزمة، ولا أريد إلا التحدث بمسؤولية كاملة سعيا لإيجاد الحل السياسى للأزمة السياسية فى اليمن، ومن وجهة نظرى كطبيب فقد عرف ما هو المرض وأين يكمن، وبالتالى علينا جميعا إيجاد العلاج، وما يجب أن نركز عليه الآن ألا نعود إلى الماضى وألا نلقى باللوم على بعضنا البعض، فالكل أخطأ، ولا يمكن لأى طرف فى اليمن أن يقول إن طرفا واحدا هو من أوصل اليمن إلى هذا الوضع، فالجميع أسهم بشكل أو بآخر فى الوصول لهذا.. والآن المسؤولية تتطلب من الجميع أن يسهموا فى الحل والتوافق على المعالجات التى تخرج اليمن من الوضع المأساوى الذى يعيش فيه.

الحل يجب أن يكون يمنيا، اليمنيون أجمعوا على ذلك، وعلى أن يكون هذا الحل فيه من الضمانات التى لا تجعل من اليمن مصدر خطر على جيرانها.

ولكن.. كيف يمكن أن يكون الحل يمنيا فى الوقت الذى يدير فيه النزاع أطراف من خارج اليمن؟ الخلافات الداخلية تجد دائما أطرافا خارجية تحاول التأثير عليها وإدارتها، ولو نظرنا إلى الدول العربية التى تعانى من أزمات سياسية سنجد أن بداخلها خيوطا خارجية، لكن فى نهاية المطاف يجب علينا كيمنيين أن نتحمل المسؤولية لإيقاف هذه الأطراف الخارجية.

وما سر تمسكك بالرئيس السابق على صالح رغم أنه أصبح مرفوضا عربيا ودوليا؟ - السر يكمن فى «الشخصنة»، بمعنى أن هناك أشخاصا يقفون مع الرئيس عبدربه منصور هادى، وفى اليمن يوجد الكثيرون يرفضون الرئيس هادى، كما أن منهم أيضا من يرفض الرئيس على عبدالله صالح، وبالتالى أن يقف شخص مع طرف من هذين الطرفين يكون بناء على قناعته الشخصية بالقضية وليس بالشخص، وتابع: «أنا كيمنى أريد أولا أن تخرج بلادى من هذه الأزمة، وأريد أن يتوقف العدوان على اليمن وأن تكون هناك مصالحة يمنية، مع علاقات جيدة مع دول الجوار تتعزز فيها الضمانات للطرفين، ولا أريد أن يتدخل أحد فى بلدى وربما هناك من يؤمن فى الطرف الآخر بهذا، وفى النهاية فريق الرئيس منصور هادى يعتقد أنه على حق، كما نعتقد أيضا أننا على حق، فقضية الحديث عن أشخاص هى محاولة للهروب من حقيقة أن هناك قضايا أهم من على عبدالله صالح وأهم من الأشخاص الذين نتحدث عنهم.

وما حقيقة ما أثير حولكم فى الفترة الماضية بخصوص نفيكم لوجود حصار على مدينة تعز؟ - بعض وسائل الإعلام قالت، إننى نفيت وجود حصار على تعز، وأنا لم أقل هذا الكلام وما أثير فى وسائل الإعلام فى هذا الشأن قد تم تسريبه من اجتماع وقلت فيه: «إن اليمن كلها محاصرة وإننا يجب أن نتحدث عن رفع الحصار عن اليمن كلها داخليا وخارجيا وأن تكون الأولوية فى ذلك إلى تعز».

تعز بالفعل وضعها سيئ جدا ولا أحد ينكر ذلك ويجب معالجة هذا الوضع، ولكن لا يمكن أن ننظر لقضايا حقوق الإنسان وقضايا الحصار وننسى عشرات الآلاف فى حوالى 20 محافظة يمنية، وما قلته إننا يجب أن ننظر للحصار بشكل أشمل ثم نتفق على الأولوية فى رفع الحصار، وأكرر مرة أخرى أن الأولوية لتعز بكل تأكيد.

هل لديكم تصور حقيقى يمكن تفعيله لحل الأزمة اليمنية؟ - الحل رسمه اليمنيون فى مخرجات الحوار الوطنى فى بناء الدولة اليمنية المدنية الحديثة، وأيضا شكل الدولة التى نريدها فى المستقبل، وللأسف جاءت التطورات بعد مؤتمر الحوار لتقضى على هذا التوافق.

وتابع: «عندنا قرار مجلس الأمن رقم 2216، وقرارات عدة أخرى من مجلس الأمن وعندنا توافقات يمنية، فعلينا الآن أن نضع الآلية لتنفيذها، وهذا ما نجتمع بخصوصه الآن تحت إشراف الأمم المتحدة، وبعد أن ننتهى من وضع هذه الآلية علينا أن نعود إلى الحوار السياسى لإنهاء المرحلة الانتقالية التى كانت مقررة لمدة عامين ومددت لسنة إضافية، حيث إن إحدى مشاكل الأزمة هى النية فى تمديدها لفترة أطول».

انسحاب الميليشيات وتسليمها للأسلحة الثقيلة، وقضية مؤسسات الدولة، ومجموعة أخرى من القضايا المتعلقة بإعادة الإعمار ورفع الحصار ووقف الحرب، كل هذه الأمور قضايا يجب أن تناقش فى المفاوضات بإشراف الأمم المتحدة، إذا انتهينا من هذه الآليات فيجب أن يكون هناك حكومة تتحمل مسؤولية تنفيذها وهذه الحكومة يجب أن تكون حكومة شراكة وطنية حتى تتحمل كل الأطراف مسؤولية التنفيذ.

باعتباركم أحد رجال المفاوضات اليمنية.. ما الموقف الدولى من اليمن؟ - لا أستطيع أن أجيب على هذا السؤال إجابة صريحة، لأن الموقف الدولى، للأسف الشديد، لا أشعر أن اليمن تحتل فيه الصدارة، وما أستطيع قوله عن الموقف الدولى من اليمن هو التمسك بقرار مجلس الأمن رقم 2216 وتنفيذه، فعندما ذهبنا إلى المفاوضات فى جنيف كان هناك وعد بأنه سيكون هناك وقف للحرب، ولكن لم يتم وقف الحرب وكل طرف يحمل الطرف الآخر المسؤولية كالعادة، وكان هناك من يقول إنه إن لم تتوقف الحرب فلن تكون هناك مفاوضات، ومع ذلك ما زال الناس الذين يهتمون بحل الأزمة يتفاوضون والجميع أجمع على ضرورة وقف الحرب لأنه لن يفوز طرف فى النهاية، وهذه هى النتيجة المنطقية لأى حرب».

وهل ترى أن على عبدالله صالح سيكون له دور مستقبلى فى اليمن؟ - صالح ترك الحكم والقوة بيده، وهو الآن مواطن يمنى ورئيس حزب المؤتمر الشعبى العام، ومسألة وجوده فى مستقبل اليمن متروك للحزب، لأن القرار هو قرار الحزب وليس الرئيس على عبدالله صالح، وهو أعلن أنه على استعدا لترك رئاسة الحزب.

وما حقيقة انقسام حزب المؤتمر الشعبى وانضمام معظم أعضائه للشرعية؟ - أنا لا أعتقد أنه منقسم. فهناك مجموعة فى الرياض ولكن الثقل الحقيقى على الأرض داخل اليمن.

وهل سيكون للحوثيين دور فى مستقبل اليمن؟ - إنهم كيمنيين لهم دور، فالإقصاء لا يحقق شيئا بل يحول هذه الجماعات إلى مليشيات وعصابات، فلا يوجد اندماج بين الرئيس الأسبق على صالح والحوثيين، فعادة ما تحدث أمور تجعل المجموعات تؤجل صراعاتها لمواجهة الخطر الأكبر.

وكيف تتصورون الدور الذى من الممكن أن تلعبه مصر لحل الأزمة اليمنية؟ - أتمنى أن تلعب مصر دورا فى حل الأزمة، فمصر الآن همها الرئيسى قضية باب المندب والحفاظ على الملاحة فيه، وهذا طبعا له أثر على الأمن القومى المصرى وقناة السويس بوجه الخصوص، لكن مصر من الممكن أن تلعب دورا أكبر فى الأزمة، وأعتقد أن الحكومة المصرية من حسن الحظ أنها لم تتورط فى الحرب اليمنية ولهذا السبب يمكنها لعب دور حقيقى سواء فى المفاوضات التى تتم أو فى المصالحة بين اليمنيين.

مصر لها مكانة خاصة فى قلوب اليمنيين، لمواقف مصر مع اليمن خاصة فى ثورة سبتمبر عام 1962، وما أستطيع أن أقوله فى هذا الشأن، إن الجانب المصرى أظهر أن لديه الاستعداد لأن ينظر فى هذا الأمر.

ما الدور الذى يلعبه تنظيما داعش والقاعدة فى اليمن فى ظل الأحداث الجارية؟ - المستفيد الأول من الحرب فى اليمن هما القاعدة وداعش اللذان تمددا فى كثير من المناطق ويسيطران الآن على حضرموت وشبوة وأجزاء من أبين، كما أن وجودهما واضح فى عدن والمحافظات الشمالية أيضا كالبيضاء والجوف فى مأرب، وأى تأجيل للحل السياسى فى اليمن يمنح تلك التنظيمات الانتشار بشكل أكبر.

هل طرحتم القضية الجنوبية وانفصال الجنوب على مائدة المفاوضات؟ - موضوع الجنوب بسيط، فمخرجات الحوار الوطنى وضعت معالجات له فى إطار الدولة الاتحادية، ولكن لم يتم تنفيذ شىء من تلك المعالجات.

كيف ترون أداء جامعة الدول العربية فى تعاملها مع الأزمة اليمنية؟ وهل تغيرت مواقفها عما كانت وقت أن كنتم وزيرا لخارجية اليمن؟ - حينما كانت انتقادات توجه للأمين العام السابق للجامعة العربية عمرو موسى كنت أقول، إن هذا النقد فيه نوع من الظلم، لأن الأمين العام للجامعة العربية هو فى النهاية يدير مؤسسة برغبات دول وليست برغبته الشخصية، ولهذا فإن أداء الجامعة ضعيف، ولو أن الجامعة العربية تحملت مسؤولياتها فى الأمن القومى وقضايا الصراعات المسلحة لن يكون هناك حاجة لمجلس الأمن، وبالتالى فإن المعالجة تتوقف على موقف الدول العربية من هذه المؤسسة وكيف ترتقى بدورها لكى تصبح مؤسسة إقليمية فاعلة، وكنا نحن اليمن وليبيا وعدد من الدول العربية منها السودان قدمنا مشروعات لإعادة صياغة ميثاق الجامعة العربية لكى نتعاطى مع هذه الأحداث، لكن للأسف لم يكلل هذا الجهد بالنجاح، لأن القضية الأساسية أن الدول العربية مستعدة أن تتنازل عن جزء من سيادتها للأمم المتحدة، لكنها لا تقبل أن تقوم بنفس الشىء للجامعة العربية. ومع ذلك أنا لست مع الأصوات التى تنادى بإلغاء الجامعة.. بل إنه يجب الحفاظ على أقل درجة من العمل العربى المشترك، الجامعة تحتاج إلى التطوير ولكى يحدث ذلك، فإن الأحداث التى مرت بها المنطقة الآن والأخطار التى تهددنا تستدعى العودة إلى النظر فى مشاريع إعادة صياغة ميثاق جامعة الدول العربية، وهذا القرار أعتقد أنه يجب ألا نعتمد فيه على القيادات السياسية، ونحن الآن فى حاجة إلى حركة تغيير للجامعة العربية.

ما نظرتكم للاجتماعات العربية التى حضرتها وقت أن كنت وزيرا لخارجية اليمن؟ - هناك أمور استطعنا أن نوجد لها حلولا خاصة الأزمات التى تلت سبتمبر 2001 إلى الآن، وأعتقد أن وجود الجامعة العربية أسهم فى تغيير بعض المفاهيم.

هل كانت القرارات العربية مرتبطة بأمزجة القادة أنفسهم؟ - من الصعب تغيير أمزجه 20 قائدا عربيا بين يوم وليلة، فأنا التقيت تقريبا كل القادة العرب، والقادة العرب عندما نتحدث عن اليمن يقولون، إنها أصل العرب ويعودون للشعب اليمنى وتاريخه، وللأسف عندما تطرح عليهم القضايا التى ذهبت من أجلها تسمع كلاما إيجابيا، لكن بعد ذلك لا يتحقق أى شىء، وهذه جزئية لا تنطبق على اليمن فقط وإنما كل الدول العربية تعانى منها بدرجات متفاوتة».

وما ردكم على ما أشيع بأن الرئيس الأسبق حسنى مبارك كان لا يثق فى على عبدالله صالح؟ - هذا الأمر مرتبط بقضية الشخصنة التى سبق وتحدثت عنها، فلماذا نربط مصير 25 مليون يمنى بعلى عبدالله صالح، مشكلة القادة العرب عموما أنهم لا يثقون فى بعضهم وكل منهم ينظر للآخر باستعلاء.






















الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;