إحياء دولة التلاوة "9".. المستشار هشام فاروق عضو شرف نقابة القراء: تلاوة القرآن الكريم أصبحت مهنة من لا مهنة له.. ويؤكد ضرورة تجريم القراءة دون علم أو حفظ وبغير تصريح.. يطالب بتشكيل لجنة عليا لقبول ال

فى سبيلنا لإحياء دولة التلاوة، كان لزاما أن نستطلع رأى رجل مهموم بقضايا القراء وجامع جيد للتراث سواء من تلاوات أو أرشيف صحفى وإعلامى عن قراء دولة التلاوة فى مصر، ويقدم بشكل دورى "بيوغرافيا" أعلام هذه الدولة ويروى حكايات وأسرار ربما عاصرها بنفسه، إنه المستشار هشام فاروق رئيس محكمة الاستئناف وعضو شرف نقابة القراء. أبدى المستشار هشام فاروق، إعجابه بالفكرة كونها تمثل جزء من اهتمامه بدولة التلاوة، وأخذ يسرد لنا صور عدم التزام البعض فى قراءة القرآن الكريم، قائلاً: "صور متعددة يقع فيها – كلها أو بعضها - أكثر قراء اليوم حتى بعض الإذاعيين منهم، مثل الإتيان بقراءات ليس لها أصل يخترعها القارئ من عند نفسه، وهو ما يُعرف بتأليف القراءات، وهو تحريف عمدى للقرآن، والقراءة فى المحافل بقراءة من القراءات الشواذ الأربع، وهو ما لا يجوز لعدم تواترها، بالإضافة إلى جمع القراءات أثناء التلاوة وهو ما يُعرف بخلط أو تركيب القراءات، وهو ما يُحدث اللبس عند العوام. وتابع فاروق: "من صور عدم الالتزام بقراءة القرآن أيضًا مخالفة أحكام التجويد من حيث المدود والغنن والوقف والابتداء ومخارج الحروف، وتغليب النغم والمقامات والتطريب والترجيع على الأحكام فى القراءة بحيث يأتى بها القارئ كالغناء، والتنفس أثناء التلاوة، وهو أمر غير جائز، وفيه غش وخديعة للمستمعين، ناهيك عن كثرة الحركات والاهتزازات والتلويح بالأيدى، وهو ما يتنافى مع هيبة وجلال كتاب الله، وهناك صور أخرى من عدم الالتزام تتعلق بشخصية القارئ من حيث الوقار والتخلق بأخلاق القرآن وعدم المتاجرة به". ويسرد المستشار هشام فاروق أسباب ما أسماه "انتكاس دولة التلاوة المصرية" وتراجعها بشكل حاد عن زمن القراء القدامى فى الأجيال السابقة، قائلاً: "هناك أسباب عامة وأسباب خاصة لتلك الظاهرة، أما الأسباب العامة فهى ما تخص المجتمع بأسره بوجه عام – وقراء القرآن منه – من سوء التربية وسوء التغذية وتراجع المستوى الدينى والأخلاقى، وعدم توقير القرآن ومعرفة قدره، وعدم الاهتمام بعلوم القرآن، وقلة الاهتمام باللغة العربية، وقلة الإتقان فى العمل، والسعى خلف مكاسب الدنيا السريعة". ويضيف فاروق: "أما الأسباب الخاصة فهى ما تخص ميدان التلاوة بشكل خاص، وتتمثل فى قلة الحُفاظ المتقنين المجوِّدين المعلمين وعدم استيعاب المقارئ الرسمية لأعداد طلاب الحفظ ولجوء مكاتب التحفيظ الخاصة إلى طريقة التجارة دون اهتمام بمستوى الطالب حفظا أو إتقانا أو سلوكا ما ترتب عليه نشوء نشء مُقلد بالسماع دون علم، غير حافظ للقرآن، جاهل بالتجويد وأصول التلاوة وآدابها، غير موقر للقرآن ولا مُدرك لقدره وخطورته، ولهذا صارت قراءة القرآن الكريم الآن إلى حال مؤسف! كل صبى يحفظ السورة أو السورتين – وربما الربع أو الربعين - بات يقرأ القرآن فى المآتِم والعزاءات! وكل فتى سمع قارئا أو اثنين أو أكثر من المشاهير وحاول تقليدهم فى حجرة نومه صار يقرأ كتاب الله علنا على الناس! وكل شاب لا يجد وظيفة أو عملا أصبح يقرأ القرآن كذلك! حتى صارت مهنة من لا مهنة له! ليس مهما من وجهة نظرهم أن تكون أصواتهم حسنة ولا أن يحفظوا كتاب ربهم كله بحيث يعون ويفهمون ما يقرءون وارتباطه بغيره من آيات الكتاب العزيز! وليس مهما أن يعرفوا أصول التجويد وأحكام التلاوة وآدابها وعلوم القرآن التى لا غنى عنها لأى قارئ! كل ما يهمهم أن يكونوا مثل القارئ فلان والقارئ علان فى تقاضى الآلاف المؤلفة من الجنيهات فى المآتِم والعزاءات! صارت المسألة تجارة فى تجارة!". يتابع فاروق: "فإذا أضفنا إلى ذلك كله أصحاب الليالى والعزاءات الذين يُفضلون القارئ المغنى إن جاز التعبير على القارئ الملتزم، وأصحاب محلات الفراشة الذين يتحكمون فى سوق القراء، ومقدمى الليالى والعزاءات الذين يُسمون أنفسهم بـ"الإعلاميين" ومصورى ومشجعى بعض القراء – بالأجر - الذين يحضرونهم لتلميعهم والهتاف لهم ما أوصلنا إلى حالة الانتكاس والتدهور والتراجع الحاد فى مجال تلاوة القرآن الكريم على النحو الذى نراه حاليا". ويرى فاروق أن القراء نوعان: موهوب، ومصنوع، والقراء القدامى كانوا من الصنف الأول! والموهبة والصوت الأصيل المميز هى عطية من الله تعالى! فكنت تعرف أى قارئ من القدامى بمجرد الاستعاذة فى افتتاح التلاوة، وهو ما لا يحدث الآن بكل تأكيد! والموهبة والصوت الأصيل المميز لا تأتى بالتعلم، وإنما تُصقل فقط به! ويُساعد على ظهور المواهب والأصوات الأصيلة الجو الصحى وعدم تلوث الهواء والأرض وسلامة الغذاء والمياه من الملوثات وسلوكيات الحياة السليمة من نوم صحى وممارسة الرياضة، وهو الأمر الذى صار عزيزا الآن بسبب سلوكيات المجتمع كله الخاطئة فصار ظهور المواهب والأصوات الأصيلة شحيحا بل نادرا أو منعدما! ولعل مدى توافر هذه البيئة الصالحة لإنتاج المواهب والأصوات الأصيلة – ليس فقط فى مجال قراءة القرآن وإنما أيضا فى مجالات أخرى كثيرة – يغفل عنه الناس والباحثون والمتكلمون عن تلك الظاهرة. أما القارئ المصنوع فيكون محض صوت عادى غير مميز وقد يصبح مشهورا إذا تعلم واجتهد وثابر، لكنه لا يصل إلى درجة العبقرية التى كان عليها كثير من قراء الأزمنة الماضية، فالعبقرية تحتاج إلى موهبة وصوت أصيل مميز، وهو أمر لا يُكتسب. وحول كيفية إحياء دولة التلاوة المصرية، يرى المستشار هشام فاروق عضو شرف نقابة القراء، أن المسألة لن تتحول من النقيض إلى النقيض مباشرة، بل ينبغى وقف التدهور أولا، وهذا يقتضى بعض الإجراءات لاستئصال المرض فى البداية قبل بدء مرحلة التعافي، لذلك – بحسب رأيه – ينبغى اتخاذ عدة إجراءات هامة وضرورية من بينها عدم السماح بتلاوة القرآن الكريم فى المحافل العامة إلا لمن كان عضوا بنقابة محفظى وقراء القرآن الكريم أو بتصريح منها – إذا لم يكن عضوا فيها – وذلك بعد اختباره أمام لجنة متخصصة منها، على أن تكون الاختبارات جادة وصارمة ولا مجال فيها للوساطات ولا المجاملات، تجريم القراءة دون علم أو حفظ وبغير تصريح من النقابة مع تشديد عقوبة مَن يفعل ذلك خاصة فى حالة العود (تكرار المخالفة)، ومنح الضبطية القضائية لأعضاء مجلس إدارة النقابة العامة ومجالس إدارات نقاباتها الفرعية بخصوص تلك الجرائم، عرض الإجازات القرآنية على لجنة علمية خاصة لفحص مدى مصداقيتها، قائلاً:" كل ذلك يحتاج تعديل تشريعى فى قانون إنشاء النقابة. كما يؤكد فاروق ضرورة تطبيق قانون النقابة القائم على القراء المتلاعبين وغير الملتزمين، فقد أناط هذا القانون بها – وفقا للمادة الرابعة منه فقرة (ج) بأن من حقها إبلاغ النيابة العامة عمن يخالف أحكام التلاوة حتى لو لم يكونوا من أعضائها، كما يجب عدم الاكتفاء بلجنة الاختبار والاستماع الموحدة بالإذاعة والتلفزيون وتشكيل لجنة عليا لقبول القراء بهما تكون مهمتها مراقبة أعمال اللجنة الموحدة ومدى مطابقتها للقواعد، واستئناف قراراتها أمامها، وذلك منعا من تسرب القراء المتلاعبين وغير الملتزمين إلى الإذاعة والتلفزيون!. يختتم المستشار هشام فاروق، عضو شرف نقابة القراء باستكمال "روشتة" إحياء دولة التلاوة قائلاً: "يجب توسيع قاعدة التعليم والتعلم من تحفيظ القرآن وحفظه بالتوسع فى المقارئ الرسمية التابعة لوزارة الأوقاف والاهتمام بتحفيظ القرآن بالمعاهد الأزهرية التابعة للأزهر وجعل مكاتب التحفيظ الخاصة تحت الإشراف المباشر للأزهر، ورفع أجور ومكافآت المحفظين ومعلمى القرآن بشكل يوفر لهم حياة لائقة ورفع مستواهم العلمى بعقد دورات تدريبية واختبارات دورية لهم، وهو ما يجعل العلماء يُقبلون على مهنة التحفيظ ويُبعد الجهلة والمتاجرين بتلك المهنة عنها على أن يتم التنبيه إلى أن الأهم من حفظ القرآن وتحفيظه إنما هو فهمه والعمل به وتطبيقه فى السلوك الشخصى ما يُبعد طالب الحفظ عن التفريط من جهة وعن التطرف من جهة أخرى.



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;