التحرش من المباشر لـ"الإلكترونى" بسبب كورونا.. الجريمة تحولت لـ"رسائل وكومنتات وشير" على مواقع التواصل الاجتماعى.. والمشرع واجهها بالحبس والغرامة.. ومجلس النواب يوافق على مشروع بتحويلها من جنحة لجناية

تحتفى الأمة العربية والإسلامية هذه الأيام بعيد الأضحى المبارك، الذي يتزامن مع استمرار وجود فيروس كورونا المستجد – كوفيد 19 – لعامه الثاني على التوالي، حيث كان في السابق الحديث عن ظاهرة التحرش في الأعياد والمناسبات، خاصة في أماكن التكدس والازدحام، واستعداد الجهات الأمنية لتأمين الفتيات والسيدات من وقائع التحرش، إلا أن وباء كورونا كان له اليد الطولى منذ العام الماضي في إنهاء تلك الأزمة، التي كانت عبارة عن صداع في رأس الجهات المعنية، بعد أن منع التواجد في التجمعات وأماكن التكدس والازدحام. ولكن مع وجود التطور التكنولوجي وجد المتحرشين ضالتهم لإشباع رغباتهم وشهواتهم الحيوانية الجانحة نحو مزيد من عملية التحرش في أمان وطمأنينة بعيداَ عن أعين الأجهزة الأمنية، وذلك من خلال التحرش الإلكتروني الذي انتشر خلال الفترة السابقة، فليس هناك يوم يمر علينا إلا بحدوث وقائع من التحرش الإلكتروني، ولكن المشرع المصري هو الأخر لم يقف مكتوف الأيدي أمام التطور التكنولوجى، حيث تصدى لهذه الثغرة التي كان يستغلها المتحرشين عبر مواقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" و"تويتر"، وذلك من خلال التعليق في "كومنت متحرش" أو كتابة "بوست متحرش" أو "شير" صورة تتضمن ايحاءات وإغراءات. هل وقف المشرع مكتوف الأيدي أمام التحرش الإلكتروني؟ في التقرير التالي، يلقى "انفراد" الضوء على إشكالية في غاية الأهمية تتمثل في التحرش الإلكتروني وكيفية تصدى المشرع له من خلال قانون تقنية المعلومات، وذلك في الوقت الذي يعرف فيه التحرش الإلكتروني بأنه استخدام شبكة الإنترنت في التواصل مع الآخر بقصد إيذائه والإضرار بها جنسيًا وابتزازها اجتماعيًا ويشكل جريمة خطيرة على المجتمع، ويُعد التحرش الإلكتروني إحدى أسرع الجرائم نمواً في العالم، فهو جريمة خطيرة يمكن أن تدمر حياة الناس لاستهداف الضحية وتخويفها – بحسب الخبير القانوني والمحامى بالنقض هانى صبرى. في البداية – يجب أن نعلم أنه مع التطور التكنولوجي تطورت أشكال التحرش لينتقل من المجتمع الواقعي إلى المجتمع الإلكتروني، وأصبحت وسائل التواصل الإلكترونية أرضًا خصبة لما يعرف بظاهرة التحرش الإلكتروني، وعلى ذلك يمكن التفرقة بين التحرش في المجتمع الواقعي وهو ما يعرف بـ"التحرش المباشر" والتحرش الإلكتروني، حيث إن الأول مادي والثاني رمزي لا يحدث فيه انتهاك للجسد، بجانب تخفي فاعله، إلا أنه يجب التعامل مع النوع الثاني بعيدًا عن القيمة المجتمعية السلبية، التي تجعل الشخص يبتعد عن الحل والمواجهة، حيث ينبغي أن يكون هناك تدخل فعلي لمنع محاولات التحرش الإلكترونية، وأن يكون هذا التدخل على قدر الحدث حتى لا يتجرأ المتحرش على تكرار أفعاله – وفقا لـ"صبرى". هذا هو الجانب السلبي للتطور الإلكتروني وتشهد وسائل التواصل الاجتماعي وقائع تحرش عديدة، ويشعر المتحرش أن ارتكابه مضايقات عبر الإنترنت آمن بدرجة كبيرة مقارنة بالتحرش المباشر، وذلك لصعوبة إثباته، على رغم أن القانون وضع عقوبة واحدة ومتساوية لكل أشكال التحرش وظروفه وملابساته، لكن الكثير من الفتيات يتعرضن للتحرش الإلكتروني بكل أشكاله، بدءاً من رسائل التعارف المجهولة، مروراً بالشتائم وإرسال الصور المخلّة، وصولاً إلى الابتزاز والتشهير والتهديد والملاحقة والتلاعب بالصور الموجودة على الصفحات الشخصية، كما أن معظم ضحايا التحرش الإلكتروني من النساء، إلا أن الرجال يتعرضوا للتحرش أيضاً – الكلام لـ"صبرى". لا شك أن التكنولوجيا قد غيرت حياة الكثيرين، وتقوم بإدارة حياتهم باستخدام مجموعة من التطبيقات المفيدة، ولكن للأسف، يوجد جانب سلبي لكل ذلك، فبعض الناس يستخدمون هذه التكنولوجيا لأغراض المضايقة والترهيب والإضرار بالغير، ويتتبعون مواقع الضحايا بهوس من خلال مواقع التواصل الاجتماعي ومراقبة أنشطته على الإنترنت، ويمكن أن يتضمن التحرش الإلكتروني سلوكًا آخر يهدف إلى تخويف الضحايا أو جعل حياتهم لا تُطاق، فمثلًا قد يستهدف المتحرشون الإلكترونيون ضحاياهم على مواقع التواصل الاجتماعي ويتصيدونهم ويرسلون إليهم رسائل تهديد. كما قد يخترقون حساباتهم الشخصية للتواصل مع جهات اتصال الضحية، بما في ذلك الأصدقاء وحتى أصحاب العمل، والتحرش عبر مواقع التواصل الاجتماعي، يمكن أن يتضمن التحرش تزييف الصور أو إرسال رسائل تهديد خاصة، بل حتى ينشر المتحرشون الإلكترونيون في كثير من الأحيان شائعات خبيثة ويوجهون اتهامات كاذبة أو يفبركون مواد إباحية انتقامية وينشرونها، كما قد يتورطون أيضًا في سرقة الهوية وإنشاء ملفات تعريف وهمية على مواقع التواصل الاجتماعي أو مدونات حول ضحيتهم. التحرش الجنسي الإلكتروني يمكن أن يشمل عدة أنماط هي: - النمط الأول: التحرّش اللفظي؛ ويتمثل في إرسال الكلمات الخادشة للحياء، أو مكالمات صوتية، وتلفّظ بكلمات ذات طبيعة جنسية، أو وضع تعليقات ذات إيحاء جنسي. - النمط الثاني: التحرش البصري؛ ويتمثل في إرسال الصور والمقاطع الجنسية. - النمط الثالث: التحرش بالإكراه أو البلطجة؛ حيث أنه من الممكن أن يحدث التحرش الجنسي من خلال اختراق جهاز الاتصال الخاص بالضحية، والحصول على صور خاصّة، ومعلومات شخصيّة عنها، وإجباره على الموافقة على اللقاء بالمتحرّش على أرض الواقع، وذلك من خلال الملاحقة، أو التهديد والابتزاز بنشر الصور، أو التشهير عبر وسائل إلكترونية مختلفة، أو الملاحقة والتجسس، أو التتبع بالتعليقات المسيئة، أو انتحال الشخصية بتزوير البريد الإلكتروني أو انتحال الحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي. هناك أنماط للمتحرشون إلكترونيًا؟ - النمط الأول: أشخاصاً يخشون مواجهة الآخر فيتحرشون بأشخاص لا يعرفونهم للبعد عما يخشونه، وينتشر التحرش الإلكتروني بكثرة بين الشخصيات المنغلقة التي لا تتمتع بالحريات، لأن المتحرش في هذا النمط يجد في أحاديث الإنترنت متنفساً له. - النمط الثاني: يشمل الأشخاص الذين يسعدون بالنصب على الآخرين، وهذه الشخصيات غير سوية ولها دوافعها التي تتعلق بطبيعتها. - النمط الثالث: فيه من يشعرون بسعادة لمجرد تحدثهم بكلمات غير لائقة فيها إيحاءات جنسية على الإنترنت. وتوجد عدة أنماط للمتحرش بهن جنسيًا عبر شبكة الإنترنت؟ تشير الكثير من الدراسات إلى أن النسوة هن الأكثرية من ضحايا التحرش. - النمط الأول: تستجيب فيه الضحية مباشرة كأنها تنتظر من يتحدث معها، وهذه الشخصية لديها نفس سمات من يخشى مواجهة من أمامه، وتريد عمل صداقات وهمية من خلال العالم الافتراضي. - النمط الثاني: تستجيب فيه الضحية بعد إلحاح، وتبدأ استجابتها بعبارات رفض الحديث مع من أمامها تحت شعار الأخلاق، ويكون مدخل التحدث مع هذا النمط الكلام الجميل الأخلاقي والتأكيد على عدم التجاوز في أي أحاديث. - النمط الثالث: فيضم كل من تتصرف بطريقة منطقية وسوية وترفض جميع هذه المحاولات بصفة دائمة، مهما كانت درجة الإلحاح. هناك دوافع وأسباب التحرش الجنسي الإلكتروني يثير موضوع العوامل التي تدفع الشخص لممارسة التحرش جدلاً ونقاشًا حادًا، فهناك من يقول إن الكبت الجنسي هو أحد أسباب التحرش، إلا أن الشواهد من المجتمعات "المنفتحة أو غير المحافظة" تدحض هذا الافتراض، إذ إن التحرش الجنسي مشكلة موجودة لديهم أيضًا، وفي المقابل فإن آخرين يقولون إن غياب التقاليد الدينية أو المحافظة عن المجتمع هو سبب التحرش، ولكن يناقض هذا الادعاء حقيقة أن الكثير من المجتمعات المحافظة تعاني من ظاهرة التحرش الجنسي. وتوجد عوامل اجتماعية مختلفة ودوافع عديدة وراء ظاهرة التحرش الإلكتروني، التي انتشرت منذ سنوات، ومن أبرز هذه الدوافع ما يلي: 1-تراجع منظومة القيم الاجتماعية الراسخة في المجتمع. 2-اختزال المرأة في مجرد جسد، وتغييب المرأة ككائن اجتماعي واع يسهم مع الرجل جنبًا إلى جنب في نهضة المجتمع. 3-تقلص الرقابة الأسرية إنّ تفاقم مشكلات غياب الرقابة الأسرية، ونقص الوعي والتوجيه، وعدم القدرة على الإشباع العاطفي للأبناء وحتى البالغين، والتربية بالمنع أو العقاب بدلاً من التوعية والإشباع النفسي، وانتشار ثقافة الاستعراض من خلال نشر الصور والمعلومات الشخصية بحثاً عن الاهتمام والانتباه من قبل الآخرين، والفراغ النفسي والعاطفي، كل هذا قد يؤدى إلى زيادة التحريض على ممارسة التحرش من خلال الانترنت، وبالتالي زيادة إمكانية تعرض مستخدمي الشبكة والأجهزة الالكترونية لهذه الممارسات. 4-سهولة إخفاء الهوية (القناع الرقمي) على شبكة الإنترنت تساعد في خلق متحرشين جدد، لأنه إذا كان التحرش الواقعي يتطلب بعض الجرأة التي تصل إلى درجة التطاول، فإن نظيره الإلكتروني لا يحتاج لذلك، لأن لا أحدًا يعرف شخصيته الحقيقية، بالإضافة إلى الهروب من نظرة المجتمع السلبية تجاه من يفعل ذلك في الواقع على أنه غير منضبطًا اجتماعياً، وهي أمور يتم التخلص منها في العالم الافتراضي الذي لا يستطيع أحد أن يتأكد فيه من شخصية الآخر. 5-الرغبة في الانتقام مع عدم القدرة على المواجهة يستخدمون التحرش الإلكتروني كوسيلة لإزعاج ضحاياهم، إلى أنهم يعانون من تقدير ذات متدن، ولا يوجد لديهم قدرة على المواجهة وجهًا لوجه، وأن لديهم مقدارًا من اضطراب الشخصية، كما أن استخدامهم التحرش الإلكتروني يشعرهم بمزيد من القوة والسيطرة التي تتطلبها نرجسيتهم، وهوسهم المرضي بملاحقة ضحاياهم في كل زمان ومكان، وهو ما يوفره بسهولة الاتصال الدائم لهم ولضحاياهم على الشبكة العنكبوتية من خلال أجهزة الهواتف والأجهزة المحمولة الأخرى. 6-الحرمان الجنسي: يعد الحرمان الجنسي لأسباب مختلفة أبرزها تأخر سن الزواج بسبب الغلاء وارتفاع تكاليف المهور، وأيضاً بسبب المشاكل بين الازواج، مما أدى إلى لجوء الكثيرين للتخلص من هذا الشعور من خلال إشباع احتياجاتهم الجنسية في العالم الافتراضي، والذي يبدأ عادة بالتحرش عبر شبكة الإنترنت 7-التنشئة غير الصحيحة ونقص الوعي، ومن أبرز أسباب التحرش الإلكتروني؛ نقص الوعي والتنشئة غير الصحيحة والكبت الاجتماعي، والأسري "السلطة الأبوية"، حيث ينشأ الابن أو البنت في بيئة خالية من التواصل والود، والبيئة الصحية للنمو. 8-الانفتاح الاجتماعي (الصدمة الثقافية)، ولقد أسهم الانفتاح الهائل والمفاجئ على خصوصيات الأشخاص الآخرين، من خلال شبكات التواصل الاجتماعي، والأجهزة الإلكترونية وسهولة الوصول إلى الآخرين إلى حدوث ما يعرف بالصدمة الثقافية لدى مستخدمي هذه الشبكات، وعدم القدرة على إدارة العلاقات مع الآخرين نتيجة نموه في بيئة خالية من حوافز النمو الصحي. كيف يقع المتحرش الإلكتروني تحت طائلة القانون؟ يظن الكثيرون على خلاف الحقيقة أن التحرش الإلكتروني غير مجرم وهذا غير صحيح على الإطلاق، حيث أن جريمة التحرش الإلكتروني لا تختلف عن جريمة التحرش بشكل مباشر، والتحرش اللفظي يقع تحت طائلة القانون، كما نص قانون العقوبات في المادة 306 مكرر (أ) على أن يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر وبغرامة لا تقل عن 3 آلاف جنيه، ولا تزيد على 5 آلاف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من تعرض للغير في مكان عام أو خاص أو مطروق بإتيان أمور أو إيحاءات أو تلميحات جنسية أو إباحية، سواء بالإشارة أو بالقول أو بالفعل، بأي وسيلة، بما في ذلك وسائل الاتصالات السلكية أو اللاسلكية" – هكذا يقول "صبرى". كما أن عقوبة الحبس تكون مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن 5 آلاف جنيه ولا تزيد على 10 آلاف جنيه، وبإحدى هاتين العقوبتين، إذا تكرر الفعل من الجاني من خلال الملاحقة والتتبع للمجني عليه، وفِي حالة العودة، تضاعف عقوبتا الحبس والغرامة في حديهما الأدنى والأقصى، وأن المادة 306 مكرر (ب) تنص على أنه: يعد تحرشا جنسيا إذا ارتكبت الجريمة المنصوص عليها في المادة 306 مكرر (أ) من هذا القانون بقصد حصول الجاني من المجني عليه على منفعة ذات طبيعة جنسية، ويعاقب الجاني بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه ولا تزيد على 20 ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين. مجلس النواب يوافق على مشروع قانون بتشديد عقوبات التحرش جدير بالذكر أن مجلس النواب وافق على مشروع قانون بتشديد عقوبات التحرش الجنسي بتعديل المادة " 306 مكررا ب" من قانون العقوبات رقم 58 لسنة 1937، حيث مشروع القانون يستهدف تحويل جريمة التحرش من جنحة إلى جناية، وتنص المادة 306 مكررًا (ب) على: "يُعد تحرشًا جنسيًا إذا ارتكبت الجريمة المنصوص عليها فى المادة 306 مكررًا (أ) من هذا القانون بقصد حصول الجاني من المجنى عليه على منفعة ذات طبيعة جنسية، ويعاقب الجاني بالسجن مدة لا تقل عن خمس سنوات. فإذا كان الجاني ممن نص عليهم فى الفقرة الثانية من المادة (267) من هذا القانون أو كانت له سلطة وظيفية أو أسرية أو دراسية على المجنى عليه أو مارس عليه أى ضغط تسمح له الظروف بممارسته عليه أو ارتكبت الجريمة من شخصين فأكثر أو كان أحدهم على الأقل يحمل سلاحًا تكون العقوبة السجن مدة لا تقل عن سبع سنوات، بناء عليه يجب التعامل بكل حزم وفقاً للقانون لمواجهة ظاهرة التحرش الإلكتروني نظرًا لخطورتها الشديدة على المجتمع وانعكاساتها النفسية على المجني عليه. الخبير القانونى هانى صبرى






















الاكثر مشاهده

كبار فقهاء الأمة الإسلامية يجتمعون تحت مظلة المجمع الفقهي الإسلامي

بدعوة من دولة رئيس الوزراء الباكستاني.. العيسى خطيباً للعيد بجامع الملك فيصل فى إسلام آباد

علماء العالم الإسلامي يُرشحون مركز الحماية الفكرية لإعداد موسوعة عن "المؤتلف الفكري الإسلامي"

رابطة العالم الإسلامى تنظم غداً مؤتمر "بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية" فى مكة

د.العيسى يلتقي رئيس جمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر على متن سفينة "أوشن فايكينغ"

10 أسئلة وإجابات حول تعديلات قانون تملك الأجانب للأراضى الصحراوية.. برلماني

;