لم تكن المباراة التى جمعت ألبانيا بسويسرا فى نهائيات كأس أمم أوروبا يورو 2016، اليوم السبت وانتهت بفوز السويسريين بهدف دون رد، مجرد مواجهة كروية، بل إنها حكاية روابط عائلية ولاعبين كان بإمكان غالبيتهم اللعب للفريق المنافس.
هناك 17 لاعبا مشتركا بين البلدين، أعمارهم تتراوح بين 21 و30 عاما، "ولدوا فى كوسوفو، مقدونيا، بويانوفاتش (جنوب صربيا) أو سويسرا"، بحسب ما يذكر المتحدث باسم الاتحاد الألبانى تريتان كوكونا.
وتميزت مواجهة السبت التى أقيمت فى لنس بالترابط الوثيق بين الطرفين، إذ يضم المنتخب الألبانى لاعبين نشأوا فى سويسرا، ونظيره السويسرى لاعبين من أصل ألبانى.
وشهدت المباراة مواجهة بين نجم وسط سويسرا جرانيت تشاكا وشقيقه الأكبر تاولانت تشاكا، والمثير أن الأول حصد لقب أفضل لاعب فى المباراة ، والثانى تعرض للطرد، فيما كانت والدتهما متواجدة فى المدرجات بحالة انقسام من تشجع ؟
أكثر من لاعب مشترك بين البلدين
وولد الشقيقان فى بازل السويسرية من والدين من ألبان كوسوفو، وكلاهما مثلا سويسرا على مستوى الفئات العمرية، ودخلا التاريخ كأول شقيقين يلعبان ضد بعضهما فى البطولة القارية.
وجرانيت تشاكا ليس اللاعب الوحيد فى صفوف سويسرا على علاقة بالألبان، إذ يضم "لا ناتى" لاعبين آخرين تعود جذورهم إلى ألبان كوسوفو وهم فالون بهرامى وادمير محمدى وشكوردان شاكيرى وبليريم دزيمايلي.
أما المنتخب الألبانى فيضم العديد من اللاعبين الذين ولدوا فى سويسرا وهم أمير ابراشى وارليند اييتى وميجيين باشا وشكيلزن جاشى وفريديريك فيسيلي، فيما أمضى كل من ناصر اليى ولوريك سانا وبوريم كوكيلى وارمير لينيانى جزءا كبيرا من طفولتهم فى سويسرا.
كما أن هناك عددا كبيرا من لاعبى ألبانيا الذين يلعبون فى الدورى السويسرى مثل جاشى (انتقل فى يناير الى كولورادو رابيدز الاميركي) وتشاكا واليى (بال) وكوكيلى وارماندو ساديكو (زيوريخ) وفيسيلى (لوجانو) وباشا (لوسيرن).
رئيس الاتحاد الألبانى يوضح الموقف
وبرر رئيس الاتحاد الالبانى هذه الحالة الفريدة من نوعها، قائلا: "جميعهم ولدوا من عائلات ألبانية، هربوا من البلقان وأجبروا على الهجرة بسبب الحرب والتمييز، بحثا عن حياة أفضل".
وبحسب المعهد السويسرى للدراسات الألبانية، هناك 270 ألف نسمة من أصل ألبانى فى سويسرا، وهم أكثر من 110 آلاف كوسوفى بحسب وزارة الهجرة السويسرية.
هناك 10 لاعبين فى المنتخب الألبانى يحملون الجنسية السويسرية وبينهم القائد سانا الذى طرد فى لقاء السبت، وهو من مواليد كوسوفو وقد علمه والداه اللغة الألبانية وحرصا على أن يترعرع وفق ثقافة وعادات البلد الأم.
عائلة تشاكا
أما بالنسبة لعائلة تشاكا، فهى هربت من ألبانيا فى التسعينيات وقد ولد تاولانت عام 1991، وجرانيت بعده بعام وترعرع الشقيقان فى بازل.
لعب تاولانت مباراته الدولية الأولى فى مارس 2014 ولعب طيلة مسيرته الكروية فى سويسرا حيث دافع عن ألوان بازل وجراسهوبر وأخيرا سيون.
أما جرانيت، فبدأ مشواره مع المنتخب السويسرى الأول عام 2011 وبدأ مشواره مع بال أيضا قبل الانتقال فى 2012 إلى بوروسيا مونشنجلادباخ الألمانى الذى تركه فى نهاية الموسم الحالى من أجل الالتحاق بآرسنال الإنجليزى.
مدرب ألبانيا يتحدث عن وطنية اللاعبين
وبحسب المدرب الإيطالى لألبانيا جانى دى بيازى، فإن نشأة العديد من لاعبيه فى سويسرا لا تؤثر إطلاقاً على الشعور الوطنى لأنه "عندما يرى اللاعب الألبانى بغض النظر عن المكان القادم منه، العلم الأحمر مع النسر برأسين يرفرف، فالمشاعر تكون جياشة.
تشاكا الألبانى يحكى ما حدث
ويتحدث تاولانت تشاكا عن وضعه قائلا: "فى عائلتى، نحن نتحدث الألبانية وألبانيا تجذبنا دائما نحوها".
وبرر تاولانت السبب الذى جعله يدافع عن ألوان البانيا فيما يدافع شقيقه عن ألوان سويسرا، بأن المنتخب السويسرى استدعى جرانيت قبل أن يستدعيه المنتخب الالبانى، مضيفا: "نحن عائلة هاجرت من كوسوفو إلى فرنسا ثم إلى سويسرا مع أطفال عاشوا الحياة السويسرية ثم قرر كل منهم القيام بخياراته".
هذه الخيارات قد تصبح أكثر تعقيداً الآن من مسألة الدفاع عن ألوان ألبانيا أو سويسرا، وذلك لأن كثيرين منهم مخولون بالدفاع عن ألوان كوسوفو التى انضمت إلى عائلة الاتحاد الدولى "فيفا" وستشارك فى تصفيات أوروبا المؤهلة لمونديال روسيا 2018.
أين تذهب أموال الأخوين
وتحدث اللاعبان عن الأموال والرواتب التى يتقاضوها وأين ينفقوها، إذ اتضح أن جميع رواتبهم تذهب لوالديهما، ولا يتم إنفاقها على السيارات أو الملابس الأنيقة مثل بقية اللاعبين، بحسب ما تعودا وتربيا عليه منذ الصغر.