منشية ناصر حكايات لا تنتهى.. حى الزبالين بالمقطم شعارهم: "القمامة كنز لا يفنى".. مصنع لرجال أعمال وشركات تعمل بمنظومة النظافة.. و70 ألف مواطن أدركوا معنى الاقتصاد "الدوار" بالفطرة.. صور

حى الزبالين بالمقطم، هذا العالم الذى تحمل تفاصيل كل ركن فيه حكاية لأسرة، ارتضت أن تكون جزءا من مشهد قد يراه البعض سيء، لكنه فى حقيقة الأمر جزء لا يمكن تجاهله بكل التفاصيل التى يحيياها أكثر من 70 ألف مواطن يسكنون هذه البقعة من الأرض ، وهى جنوب جبل المقطم بمنشية ناصر، ومن اسمها بدأت الحكاية، بقرار من الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر الذى أصدر قرار من 50 عاما لنقل جامعى القمامة من امبابة لجنوب المقط، واليوم هم جزء كبير من منظومة طورتها الدولة في عهد الرئيس السيسى، وتم دمج كثير من العمالة في منظومة المخلفات الصلبة، لارتباطها الوثيق بالاقتصاد الدوار. بالقرب من قلعة محمد على الشامخة التى تشهد على الدولة المصرية قديما، تجد تلال من البيوت يحمل كل ركن فيها نوعا من القمامة داخل الجوالات الكبيرة، لتشهد على قصص العاملين فى الجمع واعادة التدوير والفرز للقمامة، وكيف حولت حياتهم لسيمفونية متناغمة كلا يعرف دوره ويمارسه بحب حتى يتمكن من مواجهة الحياة بقسوتها والنظرة المجتمعية لأصحابها. بمجرد أن تقترب من حى الزبالين بالمقطم ستخبرك رائحة العطب والقمامة ، أن هنا يحيا بشر وسط هذه القمامة، بمجرد أن تتجاوز عدة أمتار داخل الحى لن تشمئز من رائحة القمامة لانك ببساطة ستعتاد على الرائحة ولن تميز غيرها، على مرمى البصر فى الشارع الطويل الذى يتفرع منه ازقة وشوارع صغيرة ، وحارات لا تساعد سوى على مرور ساكنيها وأجولتهم البسيطة. فى الشوارع والازقة الصغيره ستخبرك أعينك عن تفاصيل النساء والأطفال والرجال الذين يعملون أشبه بخلية نحلة متناغمة، كلا يعرف دوره وكلا يدرك ماذا يفعل وكيف يقتات قوت يومه، سبعين ألف مواطن يقوموا بعملية تدوير لكافة أنواع المخلفات، وتجهيز كل نوعا منها وارسالها الى سبعة ألف مصنع بعمل فى إعادة التدوير بينهم مصانع في الصين. فى مدخل حى الزبالين بالمقطم ستجد منزل نقيبهم ، أو فيلا المقدس كما يسميها الزبالين، يتصدرها برج حمام كبير ومدخل من السلالم يمينا ويسارا يمكن نقيبهم من متابعة أعمال الفرز للمخلفات ومتابعة تشوينها وتحميلها على السيارات لتسليمها لمصانع إعادة التدوير فى العاشر من رمضان و6 أكتوبر ومدينة السادات و15 مايو. بعد اجتيازك منزل نقيب الزبالين بحى منشية ناصر بالمقطم ستتذكر نظرة الفخر التى امتلأت بها عينه فخرا بمهنته، التى يراها مهمة قومية، للحفاظ على المنظر الجمالى لمصر، ولن تجد سوى نفس النظرة فى أعين الجميع . حين تقترب من العمال تراهم صامتون يراقبون كلماتك وتعبيرات وجهك وانت تتحدث معهم وبمجرد أن يدركو أنك تعرف قيمة عملهم يبدأون سرد الحكايات معك عن أنواع المخلفات البلاستيكية، والزجاج ، والكرتون والكانز، فلكل نوع عمالة تعرف أدق التفاصيل فيه، وكيف يتم فرزه تمهيدا لدخوله عملية التصنيع. وسط النساء التى تعمل فى الفرز، ربما تجد أطفالهم يتجولون حولهم ، وقد يحصلون على مكافأة مقابل مساعدة ذويهم فى فرز القمامة، تلك المكافأة لن تتوقعها ربما تكون بقايا عروسة لعبة أو قطار أو كرة ثقبت قبل رميها فى القمامة، لكن الفرحة التى ترتسم وجه أطفالهم ستخبرك أنه دوما هناك فرحة حقيقة غير مدفوعة الثمن تخرج من كيس أسود رماه أصحابها. ستخبرك السيدات التى تعمل فى عملية الفرز عن أسرار منازل البيوت، فلكل منزل طبيعة لقمامته، تخبرك مستواهم الاجتماعى بقدر عدد زجاجات الكنز ، أو المشروبات الروحية، أو بواقى الملابس، فبيوت القاهرة الجديدة والتجمع والزمالك ليست بالطبع تشبه بيوت امبابة والشرابية والمرج، كثير من التفاصيل الدقيقة تعرفها العاملات فى عملية الفرز، والتى ربما يصل بعضها للعثور على مقتنيات غالية أو ذهبية، وهنا يدركون قيمة الرزق المخفى، نعم الرزق المخفى بقطعة ذهب أو ملابس يمكنها ان ترتديها وتساعد على تدفئتها. داخل منزل نقيب الزبالين يمكنك أن تشاهد على الأرفف المتراصة بعضا من والانتيكات والتماثيل، ربما يكون بعضها يعود لسنين طويلة، وربما البعض الآخر له علاقة بالتكنولوجيا، ولا تتعجب حين يخبرك شحاتة المقدس أنه احتفظ بزجاجة شامبو للكلاب، أتى بها أحد العاملين فى الفرز للنقيب لأنه يعرف انه يقتني كلبا، أعطته له سيدة من منطقة فاخرة. الحديث عن منشية ناصر حى الزبالين، حديث لا ينتهى، فمنذ دخولك للمكان ترى الورش الصغيرة التى تعمل فى اعادة تدوير بعض القطع ، وتعمل على صيانة أسطول السيارات الذى يعمل فى نقل المخلفات، داخل المنطقة الكل يتكامل مع البعض، ولا يجور أحد على آخر وحين يتم الانتهاء من الفرز تقسيم الأنواع ويتم تحميلها. فى هذه المنطقة، يخبرك نقيبهم كيف قوت المناعة لديهم، بالعمل فى القمامة، وكيف كان الداء هو الدواء قائلا" ما نحمله فى أجسادنا من ميكروبات كونت جيش للمقاومة لكل الأمراض، ولم نتأثر بكورونا، باستثناء بعض الحالات، فمن يتعامل مع القمامة يحميه الله لان ده أكل عيشه، والله بيقوى". وسط سيول الامطار والعاصفة، التى تخبئ الكثير فى منازلهم تجد منشية ناصر وبالتحديد حى الزبالين خلية نحل لا تتوقف، يخترعون حلولا يرتدون على رؤوسهم الاكياس البلاستيكية، وربما يصنعون بلاطى تحميهم من الامطار والشمس والبرد.


















الاكثر مشاهده

رابطة العالم الإسلامى تنظم غداً مؤتمر "بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية" فى مكة

د.العيسى يلتقي رئيس جمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر على متن سفينة "أوشن فايكينغ"

10 أسئلة وإجابات حول تعديلات قانون تملك الأجانب للأراضى الصحراوية.. برلماني

الشيخ العيسى: يمكن للقيادات الدينية أن تكون مؤثرة وفاعلة فى قضيةٍ ذات جذورٍ دينية

رابطة العالم الإسلامي تُدشِّن برنامج مكافحة العمى في باكستان

جامعة القاهرة تنظم محاضرة تذكارية للشيخ العيسى حول "مستجدات الفكر بين الشرق والغرب"

;