قصور الثقافة "أسلحة معطلة" فى الحرب ضد الإرهاب.. وغياب دورها عن حلوان وكرداسة معقل الأفكار المتطرفة.. والأتربة تملأ مكاتب روض الفرج.. وموقع الهيئة العامة خارج الخدمة.. ورئيس الهيئة: نملك خطة للتطوير

المواجهة مع الإرهاب لا تقتصر على مواجهات أمنية فحسب، لكنها تحتاج إلى مواجهة التربة الثقافية التى ترعرعت فيها بذرة الفكر المتطرف، وهو ما أكد عليه الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال كلمته مطلع العام الجارى، مؤكداً على ضرورة التسلح بالمعرفة فى مواجهة الأفكار المتطرفة ودعا خلال كلمته لإحياء دور قصور الثقافة على مدار العام.

"انفراد" توجه بدوره لمعرفة الأثر الذى تركته قصور الثقافة فى المواطنين خاصة من سكان المناطق التى اشتهرت بتنامى الكيانات المتطرفة على مدار الأعوام الثلاثة الماضية، لكن الأمر كان بمثابة الصدمة التى يمكن أن تتلخص فى طلب أحد سكان المناطق المجاورة لقصر ثقافة كرداسة" بشراء المبنى لتحويله إلى "مول تجارى"، حتى يصبح له فائدة على سكان المنطقة، وهو ما يعنى أن القصر لا اثر له لدرجة عدم معرفة الأهالى اهمية وجوده.

البداية كانت فى محيط قصر ثقافة كرداسة الذى يقع على ناصية الشارع السياحى وأمامه يقف قسم شرطة كرداسة متفحما بعد أن أحرقته العناصر المتطرفة عقب "فض اعتصام رابعة العدواية".

"أهم فائدة للقصر دا أنه قافل طول الوقت ودا بيوفر لنا مكان نركن العربيات فيه" بهذه العبارة بدأ أحمد الفولى البالغ من العمر 36 عاما حديثه عن قصر ثقافة كرداسة، وتابع قائلا: "مفيش نشاط خالص، قليل لما يجى موظف يفتح القصر ساعة أو ساعتين ويمشى".

الفولى أحد اصحاب محلات الملابس بالشارع السياحى بكرداسة، قال إن القصر لا يقوم بأى دور فى مواجهة أصحاب الفكر المتطرف، مشددا: "هذا المبنى هو مجرد ديكور لو الدولة تبيعه لنا هنعرف نوظفه أحسن من كده بكتير هنفتح فيه مول ونشغل فيه أهل المنطقة وفيه 50 شخصا يريدون شراءه، متابعاً اصحاب الفكر المتطرف هنا لا تواجههم سوى الشرطة التى تلقى القبض عليهم".

على رصيف مبنى القصر يبتاع أحد المواطنين الأوانى الفخارية، وهناك التقينا على ممدوح "سايس" الجراج المقابل لقصر ثقافة كرداسة، الذى أكد أن موظفى القصر يفتحون فى مواعيد العمل الرسمية ولكنهم لا يقومون بأى أنشطة أو حفلات، وأنه لم يلاحظ تردد سكان المنطقة على القصر.

فى الجولة الثانية توجهنا إلى قصر الثقافة بمنطقة الهرم التى شهدت تظاهرات لجماعة الإخوان وأعمال عنف استهدفت المحال التجارية والبنوك، قصر الثقافة عبارة عن مبنى ضخم لكنه دون عمل منذ أكثر من عشرين عاما، والسبب وفقا لأحد حراس الأمن يعهو عدم دفع الوزارة المستخلصات المالية لإنهاء المبنى"، داخل المبنى تمكنا من رؤية المسرح الخاص بقصر الثقافة والذى يبدو عليه الإنفاق فى التجهيزات التى تملأها الأتربة.

من الجيزة إلى القاهرة جاء الدور على قصر ثقافة روض الفرج، الذى اتخذت سيارات التاكسى من محيطه جراج لها، فبالدخول إلى المبنى لم تكن هناك أى أنشطة قائمة وقت الزيارة، وهو ما يفسره المواطن زكريا متا شنودة البالغ من العمر 51 عاما، الذى يرى أن قصر الثقافة لا يقدم حملات توعية للمواطنين عن خطورة الفكر المتطرف والمخدرات وهو الأمر الذى يُعد ضرورياً ولا يقدم اى أنشطة ثقافية كمسابقات القراءة والشعر والمسرح"، فيما يرى عمرو السيد البالغ من العمر 20 عاماً أنه لا توجد فائدة لقصر الثقافة ومن الأفضل عودة السوق القديم الذى تم نقله لعبود من أجل قصر الثقافة الذى لم يقدم اى خدمات للأهالى". ومن جانبه قال محمد أحمد، الطالب فى العام الأول بالجامعة "أن القصر موجود لكنه لا يجذب المواطنين، فهو عبارة عن مجرد بيت مهجور فلا توجد توعية للشباب ضد الأفكار المتطرفة والمخدرات على عكس ما يحدث فى قصر ثقافة جاردن سيتى، الذى يذهب إليه منذ طفولته باستمرار لمتابعة الأنشطة الجديدة"، عدم إقبال المواطنين هى الحجة التى روجها موظفو القصر الذين رفضوا الأداء بآى تصريحات اضافية حول أنشطتهم".

الجولة الأخيرة كانت من نصيب منطقة حلوان التى ظهر فيها انتماءات مختلفة للتنظيمات المتطرفة، وتحديدا بمنطقة مساكن الزلزال التى يوجد بها قصر ثقافة "عين حلون"، الذى تكسوه الأتربة، وتنتشر فيه المياه الراكدة، أحد موظفى القصر قرر الحديث معنا بشرط عدم الإفصاح عن اسمه حتى لا يتعرض لأذى من الهيئة العامة لقصور الثقافة، قائلا إن إقبال المواطنين على القصر ضعيف جداً ولا يأتون إلا إذا اخبرهم القائمين على الحدث بأن هناك مأكولات ستوزع خلال الندوة أو المسرحية، وأن العاملين فى القصر يجدون صعوبة فى إقناع الأهالى بالمشاركة.

الأتربة لا تكسو مبانى قصور الثقافة فقط فى ظل المعركة التى تخوضها مصر ضد الإرهاب، لكنها امتدت للموقع الإلكترونى للهيئة العامة لقصور الثقافة التى يعود آخر تحديث لها فى 2015، فى الوقت الذى تعرف الهيئة نفسها على الموقع بأنها أحد أبرز منابر نشر الثقافة فى مصر أن من اهدافها رفع الوعى المصرى.

"نحن جزء من كل فى المعركة على الإرهاب لأن المعركة تحتاج إلى نشر ثقافة قبول الآخر"، بهذا الكلمات بدأ الدكتور سيد خطاب رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة حديثه لـ"انفراد"، وتابع قائلا: "أنه بصدد اعتماد خطة تمهد للنزل إلى الأطفال والشباب فى النوادى الصيفية، والخروج إلى المواطن وعدم انتظاره أن يذهب إلى قصور الثقافة".

وعن وضع قصور الثقافة كما رصدها "انفراد" قال خطاب إن قصر ثقافة كرداسة يعانى من نقص القوى البشرية التى تدير المكان، مشيراً إلى أنه فى القريب سيفتتح مسرح قصر ثقافة الجيزة، مؤكداً أن الكثير من العاملين بقصور الثقافة يعانون نظراً للطبيعة السكان واحتياجاتهم وهو ما يتطلب العمل وفقا للعقل الجمعى فى هذه المناطق، مثل تقديم محو أمية لمن يحتاج وكذلك محو الأمية التكنولوجية وتعليم الكمبيوتر، وتقديم لغات مختلفة كأولى مراحل الربط المبدأى مع المواطن تمهيداً لاستقطاب أبنائه وأسرته بالكامل.

واختتم خطاب قائلا: "نحتاج إلى أموال كثيرة تسند كموازنة للثقافة حتى تتمكن الوزارة من القيام بدورها كاملا، وتوفى احتياجات المصريين ثقافيا خصوصا بعد قيام الثورة ومن المفترض أن يجنى الشعب ثمارها بحيث توجد فى كل قرية قصر ثقافة ينشر الوعى بين أهلها، مؤكدا على أن قصور الثقافة تحتاج إلى مزيد من المتخصصين فى الفنون الجملية والمسرح والثقافة لأن الموظفين التقليدين لا يؤدون الغرض المطلوب".

ما قاله خطاب هو تكرار لما قاله فى فبراير الماضى عند توليه منصب رئيس هيئة قصور الثقافة، حيث قال إنه بصدد خطه للانتشار والنزول للمواطنين حتى تصل الثقافة إلى كل شارع من شوارع مصر على مستوى القطاعات الثقافية الخمسة"، وبالرغم من مرور خمسة أشهر إلا أن الوضع على ما هو عليه.


















الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;