المفتى خلال ندوة الشباب وقضية الوعى بجامعة بنها: الوعى قضية علم فى الأساس وأول طريق الحفاظ على الشباب.. الجماعات المتطرفة استغلت الدين وجعلته مطية لأغراض سياسية.. الأزهر على مدار تاريخه تبرأ من هذا ال

قال الدكتور شوقي علام، مفتى الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم، إن الأمم إنما تُبنى على سواعد الشباب، ذلك لأن الشباب هم عماد أى أمة من الأمم وسر نهضتها وبناة حضارتها وهم حماة الأوطان والمدافعون عن حياتها؛ موضحًا أن مرحلة الشباب هى مرحلة الطاقة والحيوية المتدفقة والعطاء، مشيرا إلى أن الرسول "صلى الله عليه وسلم" اهتم بالشباب اهتمامًا كبيرًا، فقد كانوا الفئة الأكثر التى وقفت بجانبه فى بداية الدعوة فأيدوه ونصروه ونشروا دعوة الإسلام وتحملوا فى سبيل ذلك المشاق والأهوال. جاء ذلك خلال الندوة التى نظمتها جامعة بنها، برعاية الدكتور جمال سوسة رئيس الجامعة، بعنوان "الشباب وقضية الوعى"، بحضور الدكتور شوقى علام مفتى الديار المصرية، واللواء عبد الحميد الهجان محافظ القليوبية، بقاعة تحيا مصر بكلية العلاج الطبيعي، بحضور الدكتور ناصر الجيزاوى نائب رئيس الجامعة لشئون الدراسات العليا والبحوث، والدكتور تامر سمير نائب رئيس الجامعة لشئون التعليم والطلاب، والدكتور السيد فوده نائب رئيس الجامعة لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة، وعدد من عمداء ووكلاء الكليات، وشيرين شوقى أمين عام الجامعة، والأمناء المساعدين، وعدد من أعضاء هيئة التدريس والطلاب بالجامعة. وأكد الدكتور شوقى علام، خلال كلمته، أن الرسول "صلى الله عليه وسلم "، حث الشباب على أن يكونوا أقوياء فى العقيدة، أقوياء فى البنيان، أقوياء فى العمل، حيث قال: "الْمُؤْمِنُ الْقَوِى خَيْرٌ وَأَحَبُّ إلى اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ وَفِى كُلٍّ خَيْرٌ"؛ غير أنه عليه الصلاة والسلام نوَّه إلى أن القوة ليست بقوة البنيان فقط ولكنها قوة السيطرة على النفس والتحكم فى طبائعها، فقال: "لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ، إِنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِى يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ"، وبهذا عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم على إعداد الشباب وبناء شخصيتهم القوية؛ ليكون الشباب مهيئًا لحمل الرسالة، وأقدر على تحمل المسئولية، وأكثر التزامًا بمبادئ الإسلام. وشدد، على أهمية بناء الوعي، موضحا أن أول طريق الحفاظ على الشباب هو الالتفات إلى أهمية تنمية الوعى لديهم، ذلك لأن مفهوم الوعى فى حقيقته يدور حولَ الإدراكِ الدقيق والحقيقي؛ إدراكِ الذات، وإدراكِ المتغيرات التى تُحيط بالإنسان، والوعى بهذا المفهوم هو صفةٌ إسلاميةٌ أصيلة وعامة؛ ذلك أن الشريعة الإسلامية قد أَسَّست للوعى بمفهومه الشامل، فبيَّنت حقيقة الذات البشرية، والكون المحيط، وعلاقة الإنسان بذلك الكون، مشددا على أن تزييف الوعى وتضليل العقل أخطر على الشباب من جميع مُغيِّبات العقل ومُذهِبَات الفهم كالمخدرات وغيرها، فغياب الوعى من أكبر الأخطار المهددة لهم؛ وهذا هو ما يعلمه أعداء الأمة وأعداء البشرية من حماة التطرف والإرهاب فيستخدمونهم بابًا لتسريب أفكارهم ومِعوَلًا لهدم أساس الأمة وبنائها. وأكد فضيلة المفتي، أن قضية الوعى هى قضية علم فى الأساس ويتضح ذلك من قصة خلق آدم فهى تربط بين خلافة آدم فى الأرض وبين العلم، موضحا أن الشباب هو القوة الدافعة والمستقبلية لإن نسبة الشباب فى مصر تزيد عن 40%، لذا يجب أن نضع البرامج لهؤلاء الشباب حتى يكون لديهم وعيا وإدراكًا صحيحا يؤهلهم ليكونوا قادة المستقبل. كما أوضح، أن التحديات التى تواجه الشباب كثيرة ومن أهمها قضية الخطاب الديني، ذلك لأن الجماعات المتطرفة استغلت الدين وجعلته مطية لأغراض سياسية، مشيرا إلى أن الأزهر على مدار تاريخه قد تبرأ من هذا المسلك، ومن ثم يجب الحذر من التدين الشكلى الذى يهتم بالقشور ولا يهتم بالجذور، لأن جماعة الإخوان الإرهابية تبنت فكر الخوارج واستغلت الدين للوصول إلى أغراض سياسية، ولا شك أن استغلال الدين للوصول إلى أغراض سياسية محكوم عليه بالفشل. وشدد مفتى الجمهورية، على ضرورة عدم انسياق الشباب للوعى الزائف، لأن الفكر المتطرف لم يقدم شيئا للبشرية سوى الدمار والخراب والاستغلال السيء للدين، كما نبه إلى استغلال الجماعات المتطرفة لوسائل التواصل الاجتماعى استغلالا سيئا، مطالبا بضرورة اللجوء للمتخصصين كل فى مجاله، وهذا أحد أهم محاور الوعى الصحيح، كما أكد على قيمة مصر الكبيرة، وكيف أن الكل حريص على الالتفاف حول مصر ولدينا أكثر من 120 دولة ترسل أبناءها للدراسة فى الأزهر الشريف، موضحا أن الاعتزاز بمصر هو أحد أهم محاور الوعى الصحيح، ومن ثم نحن ندين كل فكر منحرف لا يريد الخير للدين والوطن. واستطرد فضيلة المفتي، فى الحديث عن أهمية بناء الوعى موضحا كيفية بناء الوعى عند الشباب، وأن الوعى نوعان: وعى صحيح ووعى زائف؛ مشيرا إلى انه من هنا يجب علينا أن نبين أمران، وهما زيف الأفكار والمعتقدات الهدامة من جهة ونقيم الوعى الصحيح البنَّاء فى مقابلة الوعى غير البنَّاء من جهة أخرى، مؤكدا أن تنمية الوعى لا يقف عند حدود الفكر فقط وإنما يمتد إلى الأخطار التى تُهدد الشباب فى صحتهم وفى انتمائهم، وعلينا جميعًا العمل على زيادة الوعى ومراقبة الشباب وتحصينهم من تلك الأفكار لكونهم صيدًا ثمينًا للجماعات المتطرفة. فى سياق متصل، أكد فضيلة المفتى أن الأسرة المصرية، يقع على عاتقها أولًا، ثم مؤسسات الدولة المعنية بأمور النشْء والشباب ثانيًا واجبُ الحفاظ على الشباب من سائر هذه المخاطر؛ ويبدأ ذلك بتنشئة الأجيال داخل الأسرة تنشئة سليمة وقيام المدرسة بدورها، كما أن لمؤسسات الدولة دورٌ مهمٌّ فى الحفاظ على الشباب بأن تتكاتف لصد هجمة التطرف والإرهاب الشرسة التى تحاول استقطاب الشباب، كما على المؤسسات الدينية عبء كبير فى احتواء الشباب ووضعهم على الطريق الصحيح وترسيخ مفاهيم وسطية الإسلام واعتداله، ومراجعة ما يُنشَر ويُبَث من مواد دينية بشكل مباشر أو غير مباشر، وذلك فى جانب تحصين الشباب، موضحا أن من أسباب الوقاية تنمية روح الانتماء فى قلب الشباب وتوعيتهم بأهمية الوطن وتفعيل دورهم فى بنائه وتعميره. وشدد فضيلة المفتي، فى محاضرته على خطورة الانتقاص من أهل الاختصاص والتطاول على علماء الأمة؛ رغم أن الشريعة الإسلامية تضبط الكلام فى الدين ومجال الفتوى، وترد أمور الشريعة لأهل الاختصاص، وكذلك نبه إلى خطورة الانتقاص من قيمة الوطن واعتبار محبة الأوطان شرك والتعاون مع مؤسسات الدولة والعمل بها كفر، مع أن شريعة الإسلام ترشدنا إلى أن حب الوطن من الإيمان، وتبين لنا أن الانتماء الوطنى أمر فطرى وواجب شرعي، وتوضح لنا أن قوة الوطن قوة للدين. فى إطار متصل أكد فضيلة المفتي، على دور الشباب فى مواجهة أدعياء العلم، وضرورة التثبُّت فى ظل الموجة الهادرة من أدعياء العلم فى كل مكان يجب التثبت وأخذ العلم من منبعه الصافى ولا نأخذ الفتوى إلا من أهل الاختصاص، وكذلك أهمية تتبع المنهج الشرعى الصحيح: ينبغى تتبع المنهج الشرعى الصحيح المأخوذ عن العلماء، وهذا المنهج هو ما عبر عنه ابن عباس حين قال للخوارج: «جئتكم من عند أمير المؤمنين وصحابة "رسول الله صلى الله عليه وسلم" فأخبر أنه جاءهم من عند الصحابة، الوارثين العلم عن النبى الكريم، وورَّثوه للتابعين وتابعيهم حتى وصل إلى الأزهر الشريف. ذلك المنهج الصحيح الذى يربط بين الشكل والمضمون بوضوح تام، ولا يفصل بحال بينهما. كما أكد، على ضرورة تعظيم قدر العلماء وتوقيرهم، موضحا أن الشرع الكريم حض على توقير أهل العلم؛ إذ بالعلماء يظهر العلم، ويُرفع الجهل، وتُزال الشبهة، وتُصان الشريعة، وقد روى الترمذى وأحمد عن عبادة بن الصامت رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس منَّا من لم يجلَّ كبيرَنا، ويرحمْ صغيرنا، ويعرفْ لعالمنا حقَّه". كذلك دعا إلى أهمية نبذ التشدد والغلو؛ حيث تميزت الأمة الإسلامية دون سائر الأمم بالوسطية، والتى تعنى التوسط والاعتدال بين طرفى الإفراط والتفريط، مؤكدا أن المتطرفون سلكوا مسلك التشدد وركبوا مركب التعصب باسم التمسك بالسنة المطهرة، لكن نصوص السنة واضحة وقطعية فى نبذ التشدد والغلو، وكذلك ينبغى عدم الانفصام بين العبادة والأخلاق؛ فإن التعامل مع الآخرين هو محكُّ التَّديُّنِ الصحيح، وقد اشتُهر على الألسنة أن الدين المعاملةُ، والمقصود بالمعاملة الأخلاق، وفى التدين الحقيقى لا فصل بين الإيمان والأخلاق والعمل، ويؤصل لهذا المعنى حديث جبريل عليه السلام المشهور، حين سأل النبى عليه الصلاة والسلام عن الإسلام والإيمان والإحسان، فقد بيَّن هذا الحديث الشريف أن الإسلام: شعائر وعقائد وأخلاق. والأخلاق هى مرتبة الإحسان وعن ضرورة مواجهة التحديات، أكد فضيلة المفتى فى كلمته أن الدولة تواجه تحديات جمة منها المؤامرات والحروب التى أخذت أشكالًا جديدة هى حروب الجيل الرابع والخامس، وأن العالم يواجه أيضًا تحديات كثيرة منها كوفيد 19 والتغير المناخى وندرة المياه وغير ذلك، ومن ثم فإن للشباب دور كبير فى مواجهة التحديات الوطنية وخاصة الاجتماعية؛ مثل: زيادة السكان والطلاق المتكرر والانتحار والتفلُّت فى السوشيال ميديا وانتشار المخدرات وغير ذلك وشدد على دور الشباب فى هذا السياق والذى ينبغى عليه فعله، مثل دعم الدولة فى هذه المرحلة وذلك بتطبيق تعاليم الدين من جهة وتعليمات القانون والدولة من جهة أخرى وذلك لتحقيق أمن واستقرار المجتمع، هذا مع دعوة الغير إلى دعم الدولة والالتزام بما توجه الأفراد إليه نحو اتخاذ الإجراءات الاحترازية والحفاظ على مؤسسات الدولة من التخريب والإفساد، مما يحفظ على الدولة هيبتها ويؤدى إلى استقرارها، وكذلك الحفاظ على استقرار الوطن، فالمسلم الحق هو الذى يحب وطنه ويعمل جاهدًا على دعم مقومات الدولة والحفاظ على مؤسساتها؛ لأن فى ذلك حفاظًا على شعائر الدين ورعايةً لمصالح الخلق وانضباطًا لحياتهم، وهذا من الإصلاح الذى قال الله تعالى عنه: ﴿وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ المُفْسِدِينَ ﴾ [الأعراف 142] فالمتدين بحق هو أبعد الناس عن معانى الإفساد فى الأرض، إلى جانب المشاركة الإيجابية، فيجب المساعدة على حل المشكلات بالمشاركة الإيجابية فى المجتمع؛ والمسلم الحق هو الذى لا يعيش كلًّا على أحد يسعى لعمله كما يسعى إلى صلاته، يصلح بين المتخاصمين، ويجود بماله ووقته من أجل الآخرين، ويحارب الفساد، ويتصدى للمنكرات، ويتعاون مع أفراد المجتمع من أجل رقيه والنهوض به امتثالًا لقوله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} وفى ختام محاضرته نبه فضيلة مفتى الجمهورية، إلى ضرورة درء الفتنة، كما يجب غلق الباب أمام دعاة الفتنة وذلك بتقبل الآخر والتعايش معه بالتسامح والمحبة؛ لإن الإسلام يقرر أن الناس كلهم من أصل واحد، وأنهم خُلقوا كلهم من نفس واحدة، وأنهم جُعلوا شعوبًا وقبائل ليتعارفوا، والمتدين تدينًا صحيحًا هو الذى يؤمن بأن البشر جميعًا تجمعهم رابطة الأخوة الإنسانية، فهو يقبل الطرف الآخر ولا يُقصيه؛ لأن الإسلام أكد على وحدة البشرية وإن تعددت شرائعهم، ومن هنا ينبغى احترام الأديان والمقدسات؛ لإن الإسلام يدعو إلى احترام الأديان، كما يحرِّم الاعتداء على دور العبادة الخاصة بالمسلمين وغيرهم، ويدعو إلى تقبل التعددية العقدية.


























الاكثر مشاهده

رئاسة وزراء ماليزيا ورابطة العالم الإسلامي تنظِّمان مؤتمرًا دوليًّا للقادة الدينيين.. الثلاثاء

كبار فقهاء الأمة الإسلامية يجتمعون تحت مظلة المجمع الفقهي الإسلامي

بدعوة من دولة رئيس الوزراء الباكستاني.. العيسى خطيباً للعيد بجامع الملك فيصل فى إسلام آباد

علماء العالم الإسلامي يُرشحون مركز الحماية الفكرية لإعداد موسوعة عن "المؤتلف الفكري الإسلامي"

رابطة العالم الإسلامى تنظم غداً مؤتمر "بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية" فى مكة

د.العيسى يلتقي رئيس جمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر على متن سفينة "أوشن فايكينغ"

;