يوسف أيوب يكتب: زيارة الـ4 أيام لواشنطن دعمت العلاقات.. مصر والولايات المتحدة شراكة استراتيجية يحكمها الاحترام المتبادل والمصلحة المشتركة.. الرئيس السيسي وضع القواعد الرئيسية لسياسات مصر الخارجية

- البيت الأبيض يؤمن بقوة الدولة المصرية وقدراتها المتعارف عليه سياسيا، أن العلاقة يين الدول تتخذ مسارات متعددة، صعودا وهبوطا، وفقا لمصالح كل دولة، وكذلك المتغيرات الدولية والإقليمية التى قد تُحدث تجاذبات، يكون من نتاجها شد وجذب، لكن هذا لا يعنى فى المطلق وسم هذا الشد أو ذلك الجذب بأنه توتر أو قطيعة، فالطبيعى أن يتوقف الحلفاء والشركاء الاستراتيجيون عند مرحلة معينة، لتقييم ما جرى، ورسم خطوط عريضة لمستقبل العلاقات بينهم. هذا ما حدث فى العلاقات المصرية الأمريكية، التى شهدت - خلال السنوات القليلة الماضية - صعودا وهبوطا، لكن أبدا لم تتوتر العلاقات، فقد بقيت الصلة ممتدة، والعلاقة قائمة، لإدراك الجانبين أنه لا غنى عن علاقات قوية بين القاهرة وواشنطن، أولا لصالح استقرار منطقة الشرق الأوسط، وهى منطقة تحظى باهتمام بالغ ومتابعة دقيقة من الجانب الأمريكى الذى يهمه - فى المقام الأول - أن يسودها الأمن والاستقرار، لذلك فإن الإدارة الأمريكية - أيا كان توجهها «ديمقراطية أو جمهورية» - دائما ما تسعى لكسب ود القاهرة، لكن بطرق مختلفة، مرتبطة فى الأساس بردة فعل الدولة المصرية، وطريقة تعاطيها.

والشاهد أن الإدارة الأمريكية ظلت لسنوات شبه متيقنة أن القاهرة ستبقى على مسار علاقاتها بواشنطن مهما حدث، ولم يخطر ببالها أن الدولة المصرية - تحديدا بعد 2013 - تغيرت تماما، بعدما بدأ الرئيس السيسى فى إعادة بناء مؤسسات الدولة، ووضع القواعد الرئيسية لسياسات مصر الخارجية، التى تقوم على الندية وتبادل المصالح، لذلك فتحت القاهرة أبواب علاقاتها الخارجية شرقا وغربا، وهو ما لم تستوعبه الإدارة الأمريكية الديمقراطية آنذاك، خاصة أن الرئيس الأمريكى الأسبق باراك أوباما، كانت لديه توجهات مختلفة لا تتوافق مع المصالح الوطنية المصرية، وظن أنه قادر من خلال سلاح العقوبات الاقتصادية والضغوط المستمرة أن يُحدث مرونة فى الموقف المصرى، وتعود الأجواء لما كانت عليه فى السابق، لكنه فوجئ بقوة الصمود المصرى والتمسك بالثوابت الوطنية، أيا كانت قوة الضغوط الممارسة ضد القاهرة، فلم يجد أوباما من طريق أمامه سوى فتح طرق للتواصل مع الدولة المصرية، وزادت العلاقة قوة خلال فترة الرئيس الجمهورى دونالد ترامب، الذى كانت لديه قناعة شديدة بأهمية مصر والدور الذى يقوم به الرئيس السيسى فى استقرار المنطقة، ومجابهة الإرهاب والأفكار المتطرفة. وحينما جاء جو بايدن إلى البيت الأبيض، عادت اللعبة الديمقراطية من جديد، فشعر البعض أن واشنطن ستعيد سنوات الجفاء مرة أخرى مع القاهرة، لكن مع مرور الأسابيع والشهور، لم يجد البيت الأبيض سوى صلابة وقوة مصرية، ومواقف متزنة تجاه القضايا الدولية المتصاعدة بهدف الحفاظ على مسار السلام الذى اختارته الدولة المصرية محددا لتحركاتها الخارجية، فسريعا ما أعاد البيت الأبيض تقييم علاقته مع مصر، منتهيا إلى النتيجة التى نرى نتائجها تتحقق اليوم فى مسار العلاقات المصرية الأمريكية، وهو تأكيد أمريكى واضح من جانب إدارة بايدن وأعضاء الكونجرس والنخبة السياسية والاقتصادية الأمريكية بأنه لا غنى عن مصر تحت قيادة الرئيس السيسى. من هنا يمكن فهم النتائج الإيجابية للزيارة التى قام بها الرئيس السيسى للعاصمة واشنطن الأسبوع الماضى، لحضور القمة الأمريكية الأفريقية الثانية، والتى سبقتها زيارة قام بها بايدن لمدينة شرم الشيخ فى نوفمبر الماضى، ولقاؤه الرئيس السيسى وقوله إمام الإعلام الدولى ان مصر أم الدنيا، مؤكدا فى الوقت نفسه تقديره للدور المصرى ومساعى الرئيس السيسى الناجحة تجاه العديد من الأزمات الدولية والإقليمية، وكان لافتا استقبال بايدن للرئيس السيسى فى القمة الأمريكية الافريقية، وكيف كانت اللغة حميمية جدا بين الرئيسين، ما أعطى انطباعا بقوة العلاقة بين الرئيسين. وخلال أربعة أيام قضاها الرئيس السيسى فى واشنطن كانت أحاديث الأمريكيين واضحة بالتأكيد على إدراكهم لأهمية الدور المصرى وما يقوم به الرئيس السيسى فى مصر ولصالح المنطقة. فى المقابل وخلال لقاءاته مع المسؤولين الأمريكيين كان الرئيس السيسى حريصا على تأكيد استراتيجية العلاقات الممتدة منذ عقود بين مصر والولايات المتحدة، وحرص مصر على تعزيز تلك العلاقات بكل جوانبها، فى إطار من الاحترام المتبادل والمصلحة المشتركة، لا سيما فى ظل الواقع الإقليمى المضطرب فى المنطقة وما يفرزه من تحديات متصاعدة، وعلى رأسها عدم الاستقرار وخطر الإرهاب الآخذ فى التنامى والذى طالت تداعياته العديد من الدول، فضلا عن التداعيات السلبية على الاقتصاد وأمن الطاقة والغذاء التى سببتها العديد من الأزمات العالمية المتلاحقة وعلى رأسها جائحة كورونا والأزمة الروسية الأوكرانية، وهو ما يستدعى التكاتف لمواجهة تلك التداعيات.

كما أكد الرئيس السيسى حرص مصر على دعم شراكتها الاستراتيجية مع الولايات المتحدة، خاصة ما يتعلق بالشق العسكرى، وكذلك على الصعيد الأمنى خاصة فى ظل الظروف الاستثنائية التى تشهدها المنطقة والعالم. ولأن الأحاديث على لسان أصحابها تكون ذات قيمة، يمكن هنا الإشارة لبعض ما قاله من التقاهم الرئيس السيسى فى واشنطن لنعرف كيف يفكر الأمريكيون تجاه علاقاتهم بمصر، فعلى مستوى إدارة الرئيس بايدن، قال أنتونى بلينكن، وزير الخارجية إن الإدارة الأمريكية ملتزمة بتعزيز أطر التعاون المشترك مع مصر فى مختلف المجالات، ودعم جهود مصر الحثيثة فى السعى نحو تحقيق الامن والاستقرار والتنمية فى المنطقة. كما أكد وزير الدفاع الأمريكى، أوستن لويد، على التقدير البالغ لجهود الرئيس السيسى الشخصية وروح القيادة شديدة الاتزان والفاعلية لتحقيق الامن والاستقرار والتهدئة ليس فقط فى الشرق الأوسط وأفريقيا بل على المستوى العالمى، وتجاه مختلف القضايا والأزمات الدولية، وذلك امتدادا لدور مصر التاريخى السباق فى ارساء ونشر ثقافة السلام والعيش المشترك فى المنطقة، وهو الدور المهم جدا للولايات المتحدة التى تعول عليه وتدعم قدراته.

وفى الجانب التشريعى، أكد عدد من القيادات الجمهورية بمجلس النواب الأمريكى الذين التقاهم الرئيس على إفطار عمل، أن مصر تمثل حليفا رئيسيا للولايات المتحدة فى منطقة الشرق الأوسط، معربين فى الوقت نفسه عن التقدير لدور مصر المحورى كركيزة للأمن والاستقرار فى الشرق الأوسط وحوض البحر المتوسط والقارة الأفريقية، إلى جانب جهود مصر الناجحة فى التصدى لخطر الإرهاب والفكر المتطرف وإرساء مفاهيم التسامح الدينى، ومساعيها المتزنة الرشيدة بقيادة الرئيس السيسى للتوصل إلى حلول لمختلف الأزمات التى تمر بها المنطقة. كما أكد أعضاء تجمع أصدقاء مصر فى الكونجرس الأمريكى من الحزبين الديمقراطى والجمهورى، عمق التعاون المشترك بين البلدين الصديقين، مشيرين إلى الأهمية الكبيرة التى توليها الولايات المتحدة للعلاقات مع مصر، أخذا فى الاعتبار أن مصر تعد ركيزة الأمن والاستقرار فى الشرق الأوسط والعالم العربى، فضلا عن كونها شريكا محوريا للولايات المتحدة فى المنطقة، مع الإعراب عن التقدير البالغ لدور مصر الناجح والفاعل تحت قيادة الرئيس السيسى فى مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف وإصلاح الخطاب الدينى وإرساء المفاهيم والقيم النبيلة من حرية الاعتقاد والتسامح وقبول الآخر، مؤكدين ان الولايات المتحدة الأمريكية لن تنسى فضل مصر فى فتح باب السلام ونشر ثقافة التعايش المشترك فى منطقة الشرق الاوسط. وأشاد السيناتور ليندسى جراهام، عضو مجلس الشيوخ الأمريكى، بمتانة العلاقات التى تجمع بين البلدين الصديقين، وأعرب عن التطلع لتعزيز وتطوير الشراكة الاستراتيجية التى تربط بينهما ونقلها إلى آفاق أرحب خلال المرحلة المقبلة فى مختلف المجالات.

كما أعرب عدد من قادة المنظمات اليهودية الأمريكية عن تقديرهم البالغ لجهود مصر بقيادة الرئيس السيسى نحو ارساء مبادئ السلام والتهدئة فى المنطقة، ونشر روح التعاون ومكافحة الفكر المتطرف وخطاب الكراهية، والإرهاب، وتبنى قضايا التنمية.

وأشاد أعضاء غرفة التجارة الأمريكية بالتقدم المحرز فى إطار جهود الإصلاح الاقتصادى فى مصر، لا سيما من خلال التدابير التى تم اتخاذها لتحسين بيئة الاستثمار وتشجيعه، فضلا عن المشروعات القومية الكبرى الجارى تنفيذها، والتى أسهمت فى أن تكون مصر نموذجا وقصة نجاح يحتذى بها على الصعيد الدولى، خاصة فى ظل الصمود الذى أبداه الاقتصاد المصرى فى مواجهة الأزمات العالمية المتلاحقة مؤخرا، وعلى رأسها جائحة كورونا والأزمة الروسية الأوكرانية، وتحقيقه نموا إيجابيا فاق التوقعات وتفوق على العديد من الاقتصادات الناشئة على مستوى العالم، مع الإعراب عن الحرص على العمل خلال الفترة المقبلة على تعزيز الاستثمارات الأمريكية فى مصر فى مختلف المجالات، لاسيما الصحة والتكنولوجيا والسياحة، إلى جانب مجال الطاقة خاصة الجديدة والمتجددة، وذلك فى ظل القيادة الناجحة لمصر لعمل المناخ الدولى بعد استضافتها الناجحة للقمة العالمية للمناخ COP27 بشرم الشيخ فى نوفمبر الماضى. بالتاكيد فإن كل الأحاديث والمواقف الأمريكية تجاه مصر مؤخرا ما كانت لتصدر لولا أنهم وجدوا أمامهم رئيسا يبنى دولة جديدة وفق أسس وطنية.
















الاكثر مشاهده

رئاسة وزراء ماليزيا ورابطة العالم الإسلامي تنظِّمان مؤتمرًا دوليًّا للقادة الدينيين.. الثلاثاء

كبار فقهاء الأمة الإسلامية يجتمعون تحت مظلة المجمع الفقهي الإسلامي

بدعوة من دولة رئيس الوزراء الباكستاني.. العيسى خطيباً للعيد بجامع الملك فيصل فى إسلام آباد

علماء العالم الإسلامي يُرشحون مركز الحماية الفكرية لإعداد موسوعة عن "المؤتلف الفكري الإسلامي"

رابطة العالم الإسلامى تنظم غداً مؤتمر "بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية" فى مكة

د.العيسى يلتقي رئيس جمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر على متن سفينة "أوشن فايكينغ"

;