مغازى البدراوى يكتب: لغز السياحة الروسية بين انقرة والقاهرة


لماذا وافقت موسكو على عودة السياح الروس الى تركيا وترفض عودتها الى مصر؟


جدل واسع ومتصاعد حول أسباب موافقة موسكو على عودة السياح الروس لتركيا التي أسقطت عمداً طائرة روسية وقتلت عمداً قائدها، وعدم البت في عودة السائحين الروس إلى مصر منذ حادث سقوط طائرة الركاب الروسية فوق سيناء ومصرع ركابها جميعاً، والتي مازال التحقيق حول أسبابها دائرا بدون نتائج حاسمة، وما يثير الجدل أكثر أن قرار عودة الروس لتركيا جاء بسرعة بعد أيام قليلة من اعتذار أردوغان لروسيا، في الوقت الذي تتصاعد فيه حوادث التفجيرات الإرهابية والاضطرابات الأمنية في المدن التركية بشكل غير مسبوق، وحتى مع أحداث الانقلاب الأخير لم تتوقف رحلات الطائرات الروسية إلى المنتجعات التركية، في حين يتطلع قطاع السياحة المصرية بكافة أجهزته ومؤسساته والعاملين فيه لليوم الذي سيعود فيه السائحون الروس.
سياحة-اهرامات

الجدل وصل إلى حد تصور خلافات بين مصر وروسيا، والبعض تصور ممارسة موسكو لضغوط سياسية واقتصادية على مصر، والبعض ذهب إلى عدم رضا موسكو عن التقارب المصري السعودي، بسبب مواقف السعودية من الأزمة السورية، وما زالت الآراء تتوالى وتتباين، إلا أن الأمر بعيد تماماً عن أية خلافات سياسية، وعن أية ضغوط روسية على مصر التي تستوعب موسكو ظروفها الاقتصادية والسياسية والأمنية جيدا، وتسعى بكل صدق وجدية لمساعدتها في الخروج من أزماتها، لكن كما تستوعب موسكو ظروف مصر الاقتصادية، فإنها تستوعب جيداً ظروفها السياسية، وتستوعب جيدا نتائج وميراث أربعة عقود من العلاقات الأمريكية – المصرية، ومدى أهمية مصر الكبيرة بالنسبة لواشنطن، ليس فقط من أجل إسرائيل ولكن لأن مصر هي بوابة القوى العظمى للشرق الأوسط على مر التاريخ، وهي الورقة الرابحة دائما في موازين القوى في المنطقة، ولا يمكن لواشنطن أن تضيع جهود أربعة عقود وتترك العلاقات الروسية – المصرية تنمو إلى ما لا تحمد عقباه، وروسيا تعلم جيداً أنها مستهدفة في مصر، وأن هناك من يسعى لتحجيم علاقاتها معها، وأن السائحين الروس مستهدفين في مصر، بينما هم ليسوا مستهدفين في تركيا، وموسكو تعلم أن منع السائحين الروس الذي سيضرب السياحة في مصر، لن يؤثر فقط على الاقتصاد المصري المستهدف، بل سيضرب سمعة روسيا في مصر وشعبيتها التي تصاعدت بحدة بعد 25 يناير 2011، وهذا في حد ذاته هدف هام لدى الذين يخشون من تقارب مصر وروسيا ونمو علاقاتهما، وموسكو تستوعب ذلك جيداً وتعلم أن مواطنيها سيكونون مستهدفين في مصر دائماً، وأن احتمالات تكرار حادث الطائرة الروسية قائمة باستمرار، فالأمر لدى موسكو ليس مجرد تسرب عامل في المطار بقنبلة مؤقتة إلى مخزن حقائب الطائرة، بل يقين بأن هناك جهات كبيرة تستهدف العلاقات بين الدولتين.

السياحة الروسية لن تعود لمصر قريباً، واجراءات الأمن المشددة التي تتخذها الجهات المصرية لا تكفي لإقناع موسكو، فالأمر سياسي أكثر منه أمني، والعلاقات بين موسكو ومصر تواجه تحديات ومعوقات كبيرة، وفي موسكو يتحدثون عن "لوبي أمريكي مصري" يترصد لنمو العلاقات بين موسكو والقاهرة، وما يحدث في ملف التعاون النووي بين روسيا ومصر واتفاق المشروع النووي المصري والمحطات النووية الأربعة في الضبعة، يعكس بشكل واضح المعوقات المتعمدة التي تواجهها العلاقات الروسية المصرية، وفي موسكو يتحدثون عن تواجد قوي لأنصار واشنطن في الأجهزة الحيوية في مصر، والرئيس عبد الفتاح السيسي نفسه مستاء من التعطيل الذي يواجهه المشروع النووي، خاصة وأن كميات كبيرة من المعدات الروسية للمشروع قد وصلت مصر ومازالت ملقاة في المخازن لم تصل إلى مواقع العمل، ويرى البعض أنه من الصعب جدا أن يرى المشروع النووي الروسي – المصري النور في المستقبل المنظور، خاصة وأنه مشروع الحاضر والمستقبل، والذي سيثبت العلاقات المصرية الروسية ويدعمها ويطلقها لآفاق كبيرة لن تكون بأي حال من الأحوال في صالح واشنطن ولا إسرائيل.
563b20d5c361882a148b45f1

عرض المشروع النووي الروسي لمصر لا يقبل المنافسة، ويوفر لمصر فرصة تاريخية كبيرة لا يمكن تعويضها، والحديث عن تكلفته المالية الكبيرة وطلبات الروس المتزايدة شائعات مغرضة من الجهات التي تستهدف العلاقات المصرية الروسية، بل أن المشروع، كما أقر خبراء اقتصاديين مصريين، أشبه بالمساعدة المجانية الروسية لمصر، إذ أن تكلفته أقل من تكلفة أي مشاريع لشركات من دول أخرى، وهذه التكلفة بجملتها سيبدأ سدادها بعد انتهاء بناء المشروع ومن عائدات بيع الكهرباء المنتجة منه، وهذا ما ورد في الاتفاق بين البلدين.

موضوع عودة السائحين الروس مرتبط بالموضوع النووي وبكافة مواضيع العلاقات بين مصر وروسيا، هذه العلاقات التي لا تستهدف أية علاقات أخرى، سواء بين مصر والولايات المتحدة أو غيرها، بل تستهدف أولا وأخيرا مصالح مصر وشعبها، وإذا لم تنقى الأجواء وتزال العقبات والمعوقات من طريق هذه العلاقات، فالخاسر سيكون مصر وليس روسيا.




الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;