قطارات الغلابة "تأديب وتهذيب وإصلاح".. حلقات مسلسل حوادث السكة الحديد لا تنتهى.. الإهمال حوّل مرفق النقل المهم إلى مريض فى انتظار رصاصة الرحمة.. والحل يبدأ بالتطوير الفورى ونسف الحمام القديم

صار خبر توقف حركة القطارات لسبب أو لآخر روتينياً، تطالعه مع شمس كل يوم فى صحف الصباح، وفى صدر المواقع الإلكترونية المختلفة، ولم تعد تدهشنا كثيراً حوادث السكة الحديد التى ألفناها، باعتبارها هماً مصرياً بامتياز، ولم يعد سقوط قتلى أو جرحى على القضبان يثير لدينا الكثير، فى ظل قناعة تولدت لدى الكثيرين منا بأن هذا المرفق الحيوى دخل غرفة الانعاش، وأن حالته الميئوس منها تجعله فى انتظار رصاصة الرحمة.

قطارات الغلابة أو ما يعرف بـ"العربات المميزة" و"خطوط الضواحى" تجسد بامتياز المعاناة الدائمة التى يعيشها الكثير من البسطاء فى رحلة البحث عن بعض من حروف أو معانى كلمة مواطن، فى بلد اختص عليه القوم وحدها بالكثير من المزايا والحقوق، ومن بينها الانتقال الآمن والمريح إلى حيث يريدون، فى الوقت الذى يقررون فيه ذلك.

فالفارق شاسع والبون جد كبير بين قطار الـ vib الفاره المزود بأحدث أجهزة التكييف والواى فاى وبين قطار الدرجة الثانية المميزة، ليست الفجوة تقنية فقط، ففى الوقت الذى يتحرك فيه النوع الأول فى موعده بالدقيقة، فإن الآخر ربما يتأخر لأكثر من ساعة دون أى سبب واضح.

من حق مالك المال أن يتمتع بما يريد من مزايا، فهو فى النهاية يقوم بشراء راحته، والتطوير سنة الحياة، ولكن ليس من المبرر فى الوقت نفسه أن يعاقب البسطاء على فقرهم، خاصة أن هذا المرفق الحيوى مازال مملوكاً للدولة حتى اللحظة، وبالتالى فإن مسلسل الإهدار، الذى يبدو متعمداً، لكرامة ركاب قطارات الغلابة مجرّم قانوناً ودستورياً فى الوقت نفسه.

تكفى زيارة واحدة لأى مسئول لمحطة مصر برمسيس للتعرف على المصير الذى تصير إليه السكة الحديد، فيومياً يبدو الارتباك سيد الموقف، خاصة عندما يتعلق الأمر بقطارات الغلابة، وتحت الشمس الحارقة يمكنك أن تسمع صيحات الغضب، وهى تنطلق من صدور الواقفين على الأرصفة فى انتظار نظرة عطف من السيد مسئول المحطة ليعلن عن قرب وصول هذا القطار أو ذاك تمهيداً لانطلاقه.

الشكوى تبدو لسان حال الجميع هنا، فمن يقفون بانتظار قطار الزقازيق الذى لا يتحرك فى موعده إلا مرة أو اثنتين فى الأسبوع، ينظرون لمرتادى خط الإسكندرية بنوع من الغبطة، وحتى بين أهل الثغر أنفسهم، فإنك تلحظ الفجوة الكبيرة بين ركاب المميز والـ"فى آى بى".

حديث المعلومات يؤكد أن السكك الحديدية بمصر تعانى من مشاكل عدة، أبرزها الإهمال وعدم التحديث، وتربط هذه الشبكة بين كافة أنحاء مصر شمالاً وجنوباً، وتعد رغم تكرار الحوادث الوسيلة المفضلة لدى نحو 6 ملايين راكب يومياً بسبب رخص سعرها.

وتمتلك مصر شبكة واسعة من الخطوط الحديدية تبلغ أطوالها أكثر من ‏9400‏ كيلو متر،‏ كما تمتلك الهيئة أسطولاً من القاطرات يصل إلى ‏840‏ قاطرة‏،‏ منها ‏165‏ قاطرة نقل بضائع‏،‏ بالإضافة إلى أسطول نقل بضائع يزيد عدد عرباته على ‏10700‏ عربة،‏ متوسط حمولة عربة البضائع من ‏40‏ إلى ‏60‏ طناً لنقل المشحونات السنوية التى تبلغ ‏12‏ مليون طن بضائع، موزعة بين سلع صب أى سلع غير موضوعة فى صناديق وسلع سائلة متنوعة‏.‏ وتعتبر مصر أول دولة فى الشرق تعرف القطارات، وثانى دولة فى العالم تعرف هذه الوسيلة للنقل بعد بريطانيا.

وبحسب دراسة، أعدها المدرس المساعد بكلية التجارة بجامعة بنى سويف ياسر محمد عياد سليمان تحت عنوان «إدارة أخطار النقل فى هيئة سكك حديد مصر»، فإنه بالرغم من أن سكك حديد مصر تعتبر من أقدم السكك الحديدية فى العالم، إلا أنها تعتمد على الخطوط الطولية وليست التقاطعية، كما فى غالبية دول العالم، فضلاً عن عدم تطوير شبكة السكك الحديد وامتدادها للمناطق الجديدة، سواء الصناعية أو الخدمية أو السياحية.

وشهدت مصر، خلال العقد الماضى، سلسلة من حوادث القطارات، قُتل فيها أكثر من 6000 شخص وجُرح مئات آخرين، كانوا ضحية أعطال فنية أو أخطاء بشرية ارتكبها سائقو القطارات ومسئولو الحركة المحولجية، إضافة إلى أخطاء الركاب أنفسهم.

عملياً فإن التطوير يبدو شكلاً أكثر منه واقعاً على الأرض، ويتركز حالياً فى صفقات الجرارات التى يجرى استيرادها بين الحين والآخر أو فى تطوير بعض المحطات، فيما يظل التخطيط الاستراتيجى غائباً، وفى هذا الإطار فإن الاستفادة من تجارب دول العالم الأخرى تبدو حتمية للاستفادة من هذا المرفق المهم.






الاكثر مشاهده

كبار فقهاء الأمة الإسلامية يجتمعون تحت مظلة المجمع الفقهي الإسلامي

بدعوة من دولة رئيس الوزراء الباكستاني.. العيسى خطيباً للعيد بجامع الملك فيصل فى إسلام آباد

علماء العالم الإسلامي يُرشحون مركز الحماية الفكرية لإعداد موسوعة عن "المؤتلف الفكري الإسلامي"

رابطة العالم الإسلامى تنظم غداً مؤتمر "بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية" فى مكة

د.العيسى يلتقي رئيس جمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر على متن سفينة "أوشن فايكينغ"

10 أسئلة وإجابات حول تعديلات قانون تملك الأجانب للأراضى الصحراوية.. برلماني

;