كيف تتجول فى الصين بدون نقود؟.. التكنولوجيا الصينية تحول Wechat من برنامج للتواصل الاجتماعى إلى محفظة متنقلة.. و"بكين" تعتبر نفسها نامية رغم تقدمها فى كل المجالات

نقلا عن العدد اليومى..

أغرب ما تراه فى الصين، أنها دولة متقدمة فى كل شىء، لكن تعتبر نفسها دولة نامية، هى ثانى أكبر اقتصاد عالمى بعد اقتصاد الولايات المتحدة، وأسرع اقتصاد نمواً بمعدل نمو سنوى يتخطى الـ 10%، لكن لا تعتبر نفسها دولة متقدمة، فلفظ دولة نامية تسمعه كثيراً من المسؤولين والمواطنين الصينيين.

ربما يكون السبب فى ذلك أن الصين تعتمد بشكل كبير على التعاون مع الدول النامية، خاصة الدول الأفريقية، والآسيوية، لذلك جاءت مبادرة الحزام والطريق، التى أطلقها الرئيس الصينى شى جين بينج قبل ثلاثة أعوام، ويعتبرها الجسر، الذى سيربط الدول النامية مع بعضها البعض لتحقيق التعاون الاقتصادى والسياسى أيضاً.

ورغم انشغال الصين حالياً بالحكم، الذى صدر عن محكمة تحكيم لصالح الفلبين فى نزاع بين البلدين حول جزر فى بحر الصين الجنوبى، وهو الحكم، الذى رفضته بكين واعتبرته باطلاً، إلا «الحزام والطريق» هى الشغل الشاغل للصينيين، وهناك اهتمام قوى من الدولة بهذه المبادرة، ويعتبرون الإعلام أكبر داعم للمبادرة، لذلك نظمت صحيفة الشعب اليومية الصينية، تحت رئاسة يانج تشن، الدورة الثالثة لمنتدى «التعاون الإعلامى على طول الحزام والطريق تحت عنوان «مصير مشترك، آفاق جديدة للتعاون»، بحضور ممثلين لـ212 وسيلة إعلامية رئيسية من 101 دولة ومنظمة دولية، بهدف تعزيز التبادلات والتعاون وتحقيق التنمية والمنفعة المشتركة فى إطار «الحزام والطريق».

الاهتمام بالمنتدى كان عالى المستوى، حيث خصه الرئيس الصينى شى جين بينج بخطاب تهنئة تلاها وانج تشن، نائب رئيس اللجنة الدائمة للمجلس الوطنى لنواب الشعب الصينى وأمينها العام، أكد خلالها أن وسائل الإعلام تلعب دورا لا غنى عنه فى نشر المعلومات وتعزيز الثقة المتبادلة والتوافق، لافتًا إلى أن المنتدى يوفر منصة لقيام وسائل الإعلام من مختلف الدول بالتبادلات والتعاون العملى فيه.

اهتمام الصين بمبادرة الحزام والطريق، يدلل على كيف يفكر الصينيون، فهم دوماً يبحثون عن الاختلاف، لا يسيرون فى طريق سار عليه الآخرون، بل يبحثون دوماً عن الجديد، رأوا أن خريطة العالم تتغير، فألهمهم التفكير إلى إحياء طريق الحرير، واليوم رفضوا الخضوع للتكنولوجيا الغربية فصنعوا لأنفسهم تكنولوجيا خاصة بهم، أهمها إطلاق برنامج ـ«وى شات»، wechat، للتواصل الاجتماعى.

كل ما نعرفه عن wechat، أنه بديل لمواقع التواصل الاجتماعى ابتكرته شركة صينية لمواجهة مواقع التواصل الاجتماعى الأمريكية مثل فيس بوك وتويتر وواتس أب، لكن حينما تزور الصين وتتجول فى المطاعم والمتاجر والشوارع وتستخدم التاكسى ستكتشف أن ما نعرفه عن wechat ما هو إلا جزء بسيط جداً مما يقدمه هذا البرنامج العبقرى، الذى يعتبر الأول استخداما فى الصين، التى يتعدى عدد سكانها المليار والـ400 مليون نسمة.

برنامج الـ«وى شات»، لا يستخدمه الصينيون كوسيلة للتواصل أو لتبادل الأخبار والألعاب والصور والفيديوهات، لكنه أصبح بديلاً لكروت الائتمان البنكية، أو يمكن وصفه بالبنك المتحرك، فمن مميزات البرنامج منحك إمكانية شحن البرنامج برصيد عن طريق حسابك البنكى، أو تحويل رصيد لك من أحد الأصدقاء عبر حسابك على wechat المثبت على رقم الهاتف الخاص بك، لتقوم بعد ذلك بشراء كل ما تحتاجه من المطاعم والمتاجر ودفع أجرة التاكسى، والتسوق الإلكترونى، باستخدام البار كود الخاص بك على برنامج wechat وإجراء scan للبار كود الخاص بالمطعم أو المتجر أو سائق التاكسى أو الوسيلة، التى تتعامل معها.

ببساطة وأنت فى الصين إذا كنت تمتلك شريحة هاتف صينية، ومحمل على هاتفك برنامج wechat وبه رصيد فأنت لست بحاجة لحمل نقود أو حتى بطاقات بنكية، تأكل فى المطعم ثم تحاسب عبر wechat، وتستدعى تاكسى وتدفع الأجرة بالـ wechat، وتدفع الكهرباء والمياه وتشترى الملابس وكل شىء بالـ wechat، وفوق ذلك إذا كنت متعبا ولا تستطيع قيادة السيارة، فما عليك إلا البحث عن أقرب سائق لك من خلال wechat وحينما تجده ستجده قادما إليك ومعه دراجة صغيرة يقوم بوضعها فى حقيبة السيارة ليقود سيارتك إلى المكان، الذى تحدده له، وبعد أن تصل إلى منزلك ستدفع له عبر wechat أيضاً، وبعدها سيأخذ السائق دراجته ليعود مرة أخرى إلى مكانه فى انتظار استدعاء آخر من عميل جديد عبر برنامج الـ wechat.

الصينيون ينظرون للبرنامج على أنه سهل عليهم الكثير من تعاملاتهم اليومية، ويغنيهم عن حمل النقود، مما يسهل عليهم الوقت.

برنامج wechat بدأ عمله فى الصين قبل أقل من خمسة أعوام، ووفقا للبيانات الصادرة عن وزارة الصناعة والمعلومات الصينية، أصبح أكثر وسائل التواصل الاجتماعى شعبية فى الصين، حيث يتطور من المكالمات الصوتية إلى مكالمات الفيديو، ومن المنصة العامة المفتوحة إلى الدفع بواسطة الهاتف المحمول، وبشكل عام هو «وسيلة حياة».

زميلى هانى محمد، مراسل «انفراد» فى الصين، من مستخدمى برنامج wechat ومن المعجبين به أيضاً، وهو من دلنى على ما يحتويه البرنامج على مزايا لم تستطع أى وسيلة أخرى من وسائل التواصل الاجتماعى الوصول إليها، وحينما يلتقى مسؤول صينى فإنه يبحث لديه عن إجابة عن أسئلة كثيرة تدور فى عقولنا جميعاً عن هذا البرنامج العبقرى، الذى أغنى الصينيين عن التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعى، ومن هؤلاء الدكتور جانج دى، الأستاذ بجامعة رنيمن، الذى قال لهانى محمد: إن عدد مستخدمى الإنترنت فى عام 2015 فى الصين وصل إلى 690 مليون مستخدم، منهم 90 % عن طريق الهواتف المحمولة، وتم إنشاء برنامج «وى شات» عام 2011، ليكون المنصة الأولى للأخبار والتواصل الاجتماعى فى جميع أنحاء الصين، لافتاً إلى أنه فى بعض من الأوقات تحتاج الحكومة لبرامج مثل «وى شات» لنقل الأخبار، لكن هناك الكثير من الأخبار المفبركة، التى يتم نشرها على هذه المواقع، وتحاول الحكومة حاليا التخلص من الأخبار المغلوطة والكاذبة.

برنامج الـ«وى شات»، wechat، هو مثال حى وواقعى على عقلية الصينيين، التى لا تستسلم للآخرين مهما كانت قوتهم، فدائما ما يطوعون الحياة لصالحهم هم، فتراهم منظمين ومتفردين فى كل شىء، وهو ما حقق لهم النجاح والتقدم، الذى وصلوا إليه الآن.














الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;