لماذا يخاف الغرب من محمد بن سلمان؟ اهتمام كبير بولى ولى العهد السعودى صحف غربية تتوقع أن يصبح من أقوى الرجال بالشرق الأوسط معهد "واشنطن": الأمير أصبح ملجأ قادة العالم والصحفيين فى الرياض

يتردد اسم الأمير محمد بن سلمان، ولى ولى العهد السعودى، بقوة الآن فى الغرب، فمعظم التقارير التى تتحدث عن المملكة فى الصحف الغربية ولاسيما الأمريكية والبريطانية، لابد أن تحمل إشارة من قريب أو بعيد للأمير، للدرجة التى يتوقع بها البعض أن يصبح الأمير الشاب البالغ من العمر ثلاثين عاما واحدا من بين أكثر الرجال قوة فى العالم العربى.

ولم تأت تلك التكهنات من فراغ، فالدور الذى يلعبه الأمير شديد الوضوح، فهو، باعتباره وزيرا للدفاع، يقود الحملة السعودية ضد المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران فى اليمن، ومن ناحية أخرى، مهندس خطة اقتصادية كبرى تنبئ بتحول جذرى فى اقتصاد المملكة، وتحظى باهتمام كبير فى الإعلام الغربى ولذلك، كان بديهيا أن تسلط الصحف ومراكز الأبحاث الأمريكية الضوء عليه، متوقعة أن يصبح هذا الرجل فى غضون سنوات ملكا للسعودية، أحد أهم حلفاء الولايات المتحدة فى المنطقة.

ورغم الانتقادات التى يوجهها البعض لدور الأمير، والتى تزعم أنه جزء مما يصفونه بصراع على السلطة يتحدثون عنه منذ سنوات كثيرة دون دليل، إلا أنها لا تنكر ثقله وأهمية طموحاته فى المنطقة، وتجلى الاهتمام الغربى بمحمد بن سلمان، فى غلاف مجلة الإيكونوميست البريطانية فى عددها الأخير، الذى جاء يحمل صورته خلف علم السعودية، وفى العدد تحدث بن سلمان، عن خطة اقتصادية للمملكة تشتمل على تغييرات جذرية تحول اقتصادها من الاعتماد على النفط، إلى تنويع المصادر والخصخصة لجذب استثمارات أجنبية.

وشبهت المجلة البريطانية، خطة الأمير بالتاتشرية، نسبة إلى مارجريت تاتشر، رئيسة وزراء بريطانيا السابقة التى لقبت بالمرأة الحديدية وشهد حكمها فى ثمانينيات القرن الماضى إصلاحات اقتصادية واسعة تضمنت رفع الدعم المباشر للدولة عن كثير من القطاعات، وهو ما أدى إلى انتعاش اقتصادى وتحسن فى أوضاع الناس على عكس الانتقادات التى وجهت إليها فى تلك الفترة.

وفى حديثه للإيكونوميست، بدأ الأمير محمد بن سلمان، واثقا من الطريق الذى يسير فيه، وسرد خطته بوضوح، ورد على من يتهمونه بالتهور، بحديث هادئ مرتب أثبت فيه أنه وبرغم صغر سنه أنه قادر على القيادة، ويدرك كيف يتعامل مع الغرب وادعاءاته.. فعندما سألته المجلة البريطانية عن حرب اليمن ومتى، باعتباره مهندسها، ستنتهى؟. رد قائلا: إنه يرفض هذا الوصف لأن السعودية دولة مؤسسات، وقرار شن عملية فى اليمن كان قرارا بحثته وزارتا الخارجية والدفاع ومجلس الأمن والعلاقات السياسية، وبعدها تم تسليم توصيات للملك سلمان الذى قرر البدء فى العملية.

وأضاف قائلا: «وظيفتى كوزير الدفاع هى تفعيل أى قرار يتخذه الملك.. والإعداد لمواجهة أى تهديدات». وأوضح أن العملية كانت رد فعل لما قام به الحوثيون، ووجود ميليشيا لديها أسلحة على الحدود. وتساءل الأمير «هل هناك أى دولة فى العالم تقبل بوجود ميليشيا مسلحة، على حدودها؟»، معتبرا أن الحوثيين تعاملوا بعدم اهتمام مع قرارات مجلس الأمن، وفرضوا تهديدا مباشرا للمصالح الوطنية السعودية.

وبسؤاله عن طول مدة العملية العسكرية، قال الأمير محمد، إن هناك أهدافا مختلفة، كان أولها تعطيل قدرات ميليشيات الحوثيين من خلال «عاصفة الحزم»، وتدمير قدراتها الجوية، بتدمير %90 من ترسانة أسلحتها، وبعد ذلك، بدأت عملية الحل السياسى فى اليمن، مؤكدا أن جهود المملكة تدفع للحل السياسى «لكن هذا ليس معناه أننا سنسمح للميليشيات بالتوسع على الأرض، فعليهم أن يدركوا أن كل يوم لا يقتربون فيه من الحل السياسى، يخسرون على الأرض» وأوضح بن سلمان، أنه لا يمكن التنبؤ بموعد انتهائها، لافتا إلى أن %80 من الأراضى اليمنية الآن تحت سيطرة الحكومة الشرعية.

وكان رده على عمليات الإعدام، التى نفذتها السعودية مؤخرا، ولاقت انتقادات فى الغرب وأشعلت توترا مع إيران، يعكس فهمه للطريقة التى يتعامل بها مع الغرب وتدخلاته. حيث قال الأمير، إن هذه أحكام صادرة عن محاكمة لتهم تتعلق بالإرهاب، وقد مرت عبر ثلاثة مستويات من الإجراءات القضائية، لقد كان لديهم الحق فى توكيل محامين، وكان محاموهم حاضرين فى كل مراحل الإجراءات، كانت أبواب المحكمة مفتوحة أيضا لأى وسيلة إعلامية وللصحفيين، وكل الإجراءات والنصوص القضائية نشرت للعلن، لم تأخذ المحكمة إطلاقا بأى تمييز بين الأشخاص، سواء كان سنيا أو شيعيا، فهى تراجع الجريمة والإجراء والمحاكمة والحكم، ثم تنفذ الحكم.

وعن موقف إيران من إعدام نمر النمر، قال نرى ذلك باستغراب، بأن هناك مظاهرات ضد السعودية فى إيران، فهناك مواطن سعودى ارتكب جريمة فى السعودية، وأصدر بحقه قرار من محكمة سعودية، ما علاقة ذلك بإيران؟ إن دل ذلك على شىء فهو يدل على حرص إيران على توسيع نفوذها فى دول المنطقة.

وكانت المقابلة التى أجرها بن سلمان مع المجلة البريطانية محل اهتمام عالمى، نشرت على إثره عدد من الصحف الغربية تقارير عن الأمير الشاب ومستقبله فى المنطقة، وإن كان بعضها قد حاول الزج به فى صراع سلطة لا يوجد إلا فى مخيلتهم، مثل صحيفة واشنطن بوست، التى سلطت الضوء على زيارة الأمير إلى باكستان، وقالت فى تقرير عن هذه الزيارة إن هناك شائعات بأن ولى العهد الحالى محمد بن نايف سيتم تنحيته فى نهاية الأمر لصالح بن سلمان الذى يشغل حقيبة الدفاع ويتولى مسؤولية مجلس التخطيط الاقتصادى، وهو منصب مهم لتأثير تراجع أسعار النفط عالميا على اقتصاد المملكة.

ويواصل الغرب، اللعب على تلك الورقة «ورقة صراع السلطة داخل المملكة»، التى يستخدمها منذ عقود دون أى دليل، بل أن الانتقال السلس للسلطة عقب رحيل الملك عبدالله العام الماضى وتولى أخيه الملك سلمان مباشرة الحكم من بعده جاء ليدحض تلك المزاعم المستمرة.

صحيفة الإندبندنت البريطانية ركزت على نشاط الأمير، وإن كانت قد هاجمته فى إطار سياستها الدائمة بانتقاد المملكة وكل قادتها على طول الخط، فوصفته بأنه أخطر رجل فى العالم ولديه طموحات كبيرة ويضع أعداءه فى الداخل والخارج نصب عينيه ويسعى لكى يكون القائد الأقوى فى الشرق الأوسط.

ولم يقتصر الاهتمام بالصعود اللافت للأمير محمد بن سلمان، والرؤية الجديدة التى يحملها لبلاده على الصحافة فقط. فمراكز الأبحاث الأمريكية المقربة من دوائر صنع القرار فى الولايات المتحدة تراقب بدورها الأمير وتؤكد دوره. ففى تقرير لمعهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، قال سايمون هندرسون المتخصص فى شؤون الخليج إن الأمير محمد بن سلمان، هو حاليا من يلجأ إليه قادة العالم والصحفيون الزائرون فى الرياض، فوزير الخارجية الأمريكى جون كيرى قد اتصل به بدلاً من الملك أو الأمير محمد بن نايف، لكى يحاول تهدئة الأزمة السعودية الإيرانية المستجدة. ويتم الإصغاء لتعليقات الأمير محمد بن سلمان، حول السياسة النفطية بقدر ما يتم الإصغاء للتعليقات المقتضبة لوزير النفط المخضرم، على النعيمى، وفى تقرير آخر للمعهد أيضا عن زيارة الأمير محمد بن سلمان لباكستان، وصف هندرسون، بن سلمان بأن النجل المفضل للملك والوريث الشرعى المرجح على نحو متزايد، وهو شديد الطموح ويعد الشخصية الأكثر طموحا فى المملكة.



الاكثر مشاهده

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

رئاسة وزراء ماليزيا ورابطة العالم الإسلامي تنظِّمان مؤتمرًا دوليًّا للقادة الدينيين.. الثلاثاء

كبار فقهاء الأمة الإسلامية يجتمعون تحت مظلة المجمع الفقهي الإسلامي

بدعوة من دولة رئيس الوزراء الباكستاني.. العيسى خطيباً للعيد بجامع الملك فيصل فى إسلام آباد

;