طالب عدد من خبراء الضرائب من أعضاء مجلس النواب، بضرورة تعديل قانون سرية الحسابات البنكية كخطوة ذات أولوية لمواجهة التهرب الضريبى، على أن يتم السماح لموظفى مصلحة الضرائب المصرية بالاطلاع على الحسابات البنكية، والمعاملات المصرفية، أسوة بدول أوروبا وأمريكا والدول المتقدمة.
وأكد نواب البرلمان على أن مبدأ السرية لا يجب أن يسرى على الدولة وأجهزتها المنوط بها تحديد الوعاء الضريبى، وتحصيل الضرائب من المواطنين، لافتين إلى أن هذا التحول لا يجب أن يزعج رجال الأعمال والمستثمرين، خاصة من يعمل منهم فى النور، وليس لديه ما يخفيه عن أجهزة الدولة.
وبدورها أعلنت النائبة ميرفت ألكسان عضو لجنة الخطة والموازنة بالبرلمان، أنها ستتقدم بمشروع قانون لتعديل قانون سرية الحسابات البنكية خلال دور الانعقاد الثانى، قائلة: "هناك مشكلة خطيرة بقانون سرية الحسابات الذى يمنع موظفى الضرائب من الاطلاع على الحسابات البنكية، مما يساهم فى الحد من التهرب الضريبى".
وأوضحت عضو لجنة الخطة والموازنة، لـ"انفراد" أنه سيكون هناك ضوابط للاطلاع على الحسابات بما يضمن سرية بيانات حسابات العملاء، لافتة إلى أن القانون الحالى يسمح بالاطلاع على الحسابات لكن بعد الحصول على عدة موافقات منها موافقة وزارة المالية.
وتابعت مرفت ألكسان: "هناك قيود كثيرة بالقانون، وفى حالة تقليل تلك القيود والسماح للأجهزة الرقابية بالاطلاع على الحسابات البنكية ستكون هناك إمكانية لضبط المتهربين من الضرائب، وهذا لن يؤثر بالسلب على جذب الاستثمارات، فمن لا يعمل بالنور هو من سيعترض عليه".
وأشارت النائبة مرفت أكسان مطر، إلى ضرورة إعادة هيكلة مصلحة الضرائب وضم الكفاءات إليها، والربط بين الإدارات المختلفة وتبادل المعلومات للحد من التهرب الضريبى.
ومن جانبه قال الدكتور أشرف العربى عضو لجنة الشئون الاقتصادية بمجلس النواب إن قانون سرية الحسابات البنكية الذى يُشرف عليه البنك المركزى يمنع الاطلاع على الحسابات البنكية والمعاملات المصرفية إلا بأحكام قضائية، موضحا أن قانون إنشاء هيئة الرقابة الإدارية يسمح لممثلى الهيئة بالاطلاع على الحسابات البنكية، لافتا إلى أن هذه الميزة لا تمتد إلى المصالح الإيرادية فى مصر وفى مقدمتها مصلحة الضرائب.
وأضاف العربى لـ"انفراد" أن هناك شقا مصرفيا فى موضوع سرية الحسابات البنكية، إذ يرى البنك المركزى والدولة أن سرية الحسابات مكفولة، مؤكدا أن رفع سرية الحسابات البنكية والمعاملات المصرفية يحتاج إلى إرادة سياسية، موضحا أنه لو تم السماح لمصلحة الضرائب أن تحصل على المعلومات من البنوك بطريقة منتظمة سيساهم ذلك فى حل مشكلة التهرب الضريبى بشكل كبير.
كما لفت رئيس مصلحة الضرائب المصرية سابقا إلى أن دول أوروبا وأمريكا وعدد من الدول المتقدمة ليس لديها مانع فى أن يطلع مسئولو الضرائب على الحسابات البنكية، موضحا فى الوقت ذاته أن التحول إلى اتباع تلك الآلية فى مصر يحتاج إلى أن تكون مصلحة الضرائب قادرة على الحفاظ على سرية المعلومات وألا يتم تسريبها،، قائلا "فهى تحتاج ثقافة أخرى، والأمر مرتبط ليس بالتهرب الضريبى فقط ولكنه مرتبط أيضا بالجهاز المصرفى ويجب قبول الجهاز له، إلى جانب اقتناع رئيس الجمهورية بهذا الأمر".
وأشار الدكتور أشرف العربى إلى أنه من الممكن أن يكون هناك رد فعل عكسى تجاه هذا التحول، قائلا "الناس ممكن تسحب الفلوس من البنوك وتحتفظ بها فى منازلها، رفع السرية عن الحسابات البنكية يجب أن يسير معه بالتوازى نمو اقتصادى واستقرار تشريعى وعدالة ناجزة لطمأنة المستثمرين بألا يكون ذلك مسبب لرد فعل عكسى من ناحيتهم".
وفى السياق ذاته، أعلن النائب أحمد الطنطاوى عضو تكتل 25-30 البرلمانى عن تأييد التكتل لكل إجراء يوفر المكاشفة والشفافية، قائلا: "يجب التفرقة بين الخصوصية فيما يتعلق بالمواطنين وبين توفير المعلومات للدولة وكل جهة بما يكفل لها أن تؤدى عملها، والقاعدة العامة بالنسبة لى هى الإعلان للدولة والمواطنين".
وأضاف الطنطاوى لـ"انفراد" أن رجال الأعمال والأثرياء فى العالم كله يعلنون عن ثرواتهم والضرائب التى يتم تحصيلها منهم وما يخصصونه من مبالغ لمساعدة دولهم، قائلا "وعلى أصحاب الثروات فى مصر أن يتعلموا منهم، على رجال الأعمال فى هذه الدولة مساندة بلدهم وأن يتبعوا مبدأ الوضوح مع الرأى العام، وهذا اختيار أما الإجبار يجب أن يأتى من الدولة فى شكل تشريع".
وأكد عضو تكتل 25-30 المعارض أن مبدأ السرية لا يجب أن يُطبق على الدولة، وأن مراعاة الخصوصية وعدم انتهاكها يُطبق على المواطنين الآخرين، موضحا أن أى مواطن يخضع لقوانين الدولة ومنها دفع الضرائب، وأنه لا يجوز ان يتم حجب معلومات عن جهة وظيفتها تحديد الوعاء الضريبى لجميع المواطنين.
كما أشار أحمد الطنطاوى إلى أن كل معلومة تحتاجها مصلحة الضرائب لتحديد دخل أو ثروة أو مدخرات مواطن يجب أن تحصل عليها، لافتا إلى أن هناك مشكلة كبيرة فى مصر فى هيكل الضرائب وعدالته، قائلا "الضرائب معظمها غير مباشرة يدفعها المواطنون دون تمييز ويتحملها غير القادرين قبل القادرين".
وأضاف أن أجهزة الدولة دائما ما تكون مطلعة على دخل الموظف الصغير وتخصم منه الضرائب من المنبع، موضحا أن هذا الأمر لا ينطبق على رجال الأعمال، منوها إلى أن الأصل فى المشكلة أن الهيكل الضريبى غير عادل ويتحملها غير القادرين قبل القادرين، مؤكدا أنه يجب التوجه إلى الضرائب المباشرة.
وتطرق النائب المستقل أيضا إلى مشكلة التهرب الضريبى، لافتا إلى أنه على أفضل التقديرات فإن الدولة تحصل ثلث الحصيلة الضريبية المستهدفة ويتم التهرب من الثلثين، مضيفا "وهناك نسب أشد سوءًا، ويجب أن يكون هناك معالجة جذرية للأمرين، إلى جانب إصلاح المنظومة الضريبية وجهاز تحصيل الضرائب".