من "أيزنهاور" لـ"أوباما".. كيف صمد "كاسترو" أمام 11 رئيس أمريكى تعاقبوا على ولايته الطويلة ؟ سكان "البيت الأبيض" عجزوا عن تهميش الزعيم الكوبى.. الصراع بدأ بـ"خليج الخنازير" وانتهى قبل تسلم ترامب مهامه

عاصر الرئيس الكوبى الراحل فيدل كاسترو 11 إدارة مختلفة للبيت الأبيض بالولايات المتحدة الأمريكية، بدءا من إدارة الرئيس الأمريكى الراحل دوايت إيزنهاور التى شهدت انتصار الثورة الكوبية بزعامة "كاسترو" فى عام 1959 لإسقاط الرئيس الكوبى المقرب من الولايات المتحدة "فولجينسيو باتيستا"، وانتهت فى الأشهر الأولى من ولاية باراك أوباما، بتنحى كاسترو عن منصبه، برغم استمراره فى صدارة المشهد السياسى، حتى الأشهر الأخيرة من ولاية الرئيس الأمريكى المنتهية ولايته، وقبل أن يتسلم الجمهورى دونالد ترامب مهامه رسمياً. دوايت إيزنهاور استقبل الرئيس "إيزنهاور" الثورة الجديدة بحذر غير معلنا عن نوايا إداراته ومتفاديا صداما مبكرا مع الحكومة الثورية الجديدة التى كان يتزعمها الشاب آنذاك "كاسترو"-كان عمره 32 عاما-، مفضلا الحفاظ على المصالح الأمريكية التجارية فى الجزيرة الكوبية، وتتمثل فى مئات من الشركات الغذائية والزراعية والصناعية الخاصة، ليصرح باعترافه الرسمى بالحكومة الثورية الجديدة. ولكن سرعان ما شهدت العلاقات تدهورا بعد القرارات التى اتخذتها الحكومة الثورية الجديدة، وكان من ضمنها تأميم العديد من الأعمال والشركات المملوكة لمواطنين أمريكيين، لتقدم إدارة "إيزنهاور" على فرض قيود تجارية على الجزيرة- تحولات لاحقا إلى عقوبات اقتصادية لا تزال تجسد عبئا على كاهل الاقتصاد الكوبى. نقطة الذروة فى تراجع العلاقات بين إدارة "إيزنهاور" ونظيرتها فى كوبا تحت زعامة "كاسترو"، اندلعت فى مارس 1960 عندما اتهم الأخير الحكومة الأمريكية بتفجير سفينة الشحن "لا كوبر" فى ميناء "هافانا" ليودى الحادث بحياة 75 مواطنا كوبيا، إلا أنه لم يعرض دليلا على تورط أمريكا. وقد صاحب هذا التوتر منع أمريكى لكل صادراتها إلى كوبا، بما فى ذلك النفط الذى يمثل حاجة ماسة للجزيرة، لتلجأ الحكومة الكوبية إلى تعزيز علاقاتها التجارية والاستراتيجية مع الاتحاد السوفيتى آنذاك، حيث وفرت لها "موسكو" حاجتها النفطية. توطيد العلاقات مع الاتحاد السوفيتى دفع "أيزنهاور" إلى قطع العلاقات الدبلوماسية وغلق السفارة الأمريكية فى العاصمة الكوبية "هافانا" فى يناير 1961. جون كينيدى قبل توليه الرئاسة حرص الديمقراطى الراحل "جون كينيدى" على انتقاد سياسات إدارة سلفه الجمهورى "دوايت أيزنهاور"، منتحلا خطابا أكثر مهادنة مع حكومة "كاسترو"، لكنه لم يستمر على نفس النهج بعد وصوله إلى البيت الأبيض، فقد شهدت رئاسته أكثر الأزمات حدة مع كوبا. مع أول سنوات توليه للرئاسة أقدم جهاز الاستخبارات الأمريكية على إرسال مجموعة عسكرية مكونة من 1500 جندى شكلتهم من اللاجئين الكوبيين فى أمريكا إلى شواطئ الجزيرة، فى محاولة لإسقاط حكومة "كاسترو". باءت المحاولة بالفشل بعد تصدى القوات العسكرية الكوبية للمجموعة ودحرهم فيما عرف باسم "أزمة خليج الخنازير" عام 1961. بعد محاولة إسقاطه عن السلطة، وفى ظل تعرض بلاده لعقوبات اقتصادية متتابعة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، ارتأى الزعيم الكوبى "فيدل كاسترو" طلب المساعدة من الاتحاد السوفيتى تحت رئاسة "نيكيتا خروتشوف"، حيث اقتنع الأخير بزرع مجموعة من الصواريخ الباليستية فى الجزيرة الكوبية ليمثل تهديدا مباشرا لأمريكا التى شهدت جدل واسع النطاق جراء التهديد السوفيتى على الأراضى الكوبية القريبة. وكانت طائرات الاستطلاع الأمريكية قد تمكنت من الحصول على صور واضحة لمواقع تلك الصواريخ، لتنبثق من الأزمة سلسلة من المفاوضات الساخنة بين قطبى الحرب الباردة آنذاك، أمريكا تحت رئاسة "كينيدى" والاتحاد السوفيتى تحت رئاسة "خروتشوف". وقد شهدت الأزمة نهاية فى أكتوبر 1962، عندما وافقت أمريكا على نقل صواريخ باليستية لها فى كل من تركيا وإيطاليا، ووعد بعدم التعرض العسكرى لكوبا. ليندون جونسون حاول "كاسترو" التقرب من الرئيس الأمريكى "ليندون جونسون" مع وصوله إلى السلطة عام 1963، مخطابا إياه برسالة رسمية يطالبه فيها بفتح الحوار بين البلدين، ليسلطا الضوء على الاختلافات الكائنة أولا، ثم محاولة التقليل من حدة عواقب تلك الاختلافات. لكن التوجس الأمريكى لم ينتهى، ليستمر الحظر الاقتصادى على الجزيرة الكوبية. ريتشارد نيسكون وجيرالد فورد تبادل اختطاف الطائرات المدنية بين الدولتين أدى إلى فتح حوار مبتسر بين إدارتى الجمهورى "ريتشارد نيكسون" ومن بعده الرئيس "جيرالد فورد" والكوبى "فيدل كاسترو"، لكن تلك المحادثات لم تتمخض عن أى انفراجة فى الحظر الاقتصادى على الجزيرة الكوبية. جيمى كارتر فى عهده وقعت الحكومتين على اتفاقية ترسيم للحدود المائية بين البلدين، وفى نهاية مدته الرئاسية انفجرت أزمة ما سمى بعد ذلك إعلاميا "هروب ماريل الجماعى"، ففى عام 1980 أقدم 10 آلاف مواطن كوبى على اللجوء داخل السفارة البيروفية فى هافانا، ليعلن الرئيس الكوبى "فيدل كاسترو" عن سماح حكومته بالسفر لمن يرغب فى مغادرة كوبا، فاتحا ميناء "ماريل" أمام آلاف المواطنين الكوبيين الراغبين فى الذهاب إلى الولايات المتحدة الأمريكية عبر مراكب الهجرة الغير شرعية، وقد استمرت موجة الهجرة فى الفترة الممتدة بين أبريل حتى أكتوبر 1980، لتستقبل أراضى الولايات المتحدة 125 ألف مواطن كوبى هارب من قسوة الظروف الاقتصادية، وقد حرص الزعيم الكوبى "كاسترو" على ترحيل عدد من المساجين والمرضى النفسيين بين جحافل النازحين إلى الولايات المتحدة. رونالد ريجان مع وصوله إلى الرئاسة بدأ نجم الاتحاد السوفيتى فى ألأفول قبل انهياره التام عام 1990- وقد صاحب حقبته مزيدا من التغليظ على العقوبات الاقتصادية المفروضة على "كوبا"، حيث سنت إداراته قرارا يمنع المواطنين الأمريكيين من السفر إلى كوبا أو صرف أموالا هناك، واستمر هذا التشديد مع إدارة الرئيس الأمريكى "جورج بوش" الأب، فى فترة تعتبر الأسوأ فى تاريخ "كوبا"، حيث ناهزت نسب الفقر السماء فى الجزيرة الكوبية تحت زعامة "فيدل كاسترو". بيل كلينتون فى التسعينيات بدأت الأزمة الاقتصادية فى نهش مقومات الحياة داخل الجزيرة الكوبية، استدعى ذلك تقليل لحدة العقوبات الاقتصادية المفروضة تحت رئاسة الديمقراطى "بيل كلينتون"، الذى سهل بعض قيود السفر للمواطنين الأمريكيين الراغبين فى زيارة كوبا، ليشجع على تبادل الثقافات وفقا لوجهة نظره آنذاك، كما أنه التقى الرئيس الكوبى "فيدل كاسترو" فى قمة الألفية للأمم المتحدة عام 2000، ويتصافحا، لتكن تلك أول مصافحة بين رئيس أمريكى و"كاسترو" منذ ثورة كوبا عام 1959. أيضا فى عهده زار الرئيس السابق "جيمى كارتر" كوبا، ليصبح أول رئيس أمريكى سابق يزور الجزيرة الكوبية منذ عام 1928. جورج دبليو بوش تدهورت العلاقات بين البلدين مع وصول "بوش الابن" إلى السلطة عام 2000، حيث حرص الجمهورى على تضييق الخناق الاقتصادى على الجزيرة الكوبية، واصفا كوبا كأخر وكر للطاغية، فى إشارة لـ"كاسترو"، وفرضت إداراته مزيدا من القيود على السفر إلى كوبا، كما عهده سقطت خلية مكونة من 5 أفراد كوبيين، اتهموا بالتجسس لصالح "كاسترو". باراك أوباما مع قدوم "أوباما" إلى البيت الأبيض كان "كاسترو" قد بدأ فى الاختفاء التدريجى من الساحة السياسية بسبب مشاكله الصحية التى استفحلت منذ عام 2006، مخلفا شقيقه "راؤول كاسترو" فى رئاسة كوبا. وحرص "أوباما" الذى حصل على نصف أصوات الجاليات الكوبية فى أمريكا فى انتخابات 2008، على التقرب من كوبا، منفذا ذلك عبر عدد من التصريحات والقرارات مثل تخفيف قيود السفر، وتخفيف العقوبات، ووعده بتغيير فى نمط العلاقات مع الجزيرة اذا أظهرت نيتها فى تغيير سياسى، ليلتقط الشقيق "راؤول كاسترو" طرف الخيط الأمريكى ويبدى استعداده لفتح الحوار الذى كان من أهم انجازاته إعادة فتح سفارة أمريكية فى هافانا، وأخرى كوبية فى واشنطن، هذا إلى جانب رفع كوبا من القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب. وقد حرص "أوباما" على زيارة كوبا فى مارس من العام الجارى مدشنا مرحلة جديدة فى العلاقات الأمريكية-الكوبية، إلا أن كاسترو شن هجوماً عنيفاً على الرئيس الأمريكى المنتهية ولايته، بعد الزيارة، قائلاً إنه كان الأجدر به أن يقدم اعتذارات.



الاكثر مشاهده

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

رئاسة وزراء ماليزيا ورابطة العالم الإسلامي تنظِّمان مؤتمرًا دوليًّا للقادة الدينيين.. الثلاثاء

كبار فقهاء الأمة الإسلامية يجتمعون تحت مظلة المجمع الفقهي الإسلامي

بدعوة من دولة رئيس الوزراء الباكستاني.. العيسى خطيباً للعيد بجامع الملك فيصل فى إسلام آباد

علماء العالم الإسلامي يُرشحون مركز الحماية الفكرية لإعداد موسوعة عن "المؤتلف الفكري الإسلامي"

;