عمرو جاد يكتب :كيف قتلت "التنمية الصناعية" المنطق فى طرح رخص الأسمنت؟..الهيئة اهتمت بجباية الأموال عن تحفيز الاستثمار فوضعت شروطا تعجيزية لإنشاء مصانع جديدة..والمرحلة تقتضى التنافسية لصالح المواطنين

بعد تحرير سعر الصرف للجنيه المصرى توجهت أعين الاقتصاديين نحو الاستيراد كواحد من أهم القنوات التى يتسرب منها الدولار، ورغم أن مصر كانت تصدر الأسمنت إلا أنها لجأت لاستيراده حين لم يكفى الإنتاج المحلى للاستهلاك، ولما أرادت هيئة التنمية الصناعية أن تضاعف الاستثمارات المحلية، كان أول ما فكرت فيه قطاع مواد البناء الذى يرى فيه الجميع فرصة مناسبة للنمو والمنافسة، فقررت أن تطرح رخصا جديدة لمصانع الأسمنت، حتى هذه اللحظة كانت النوايا حسنة والإجراءات سليمة، والتخطيط جيد. التنمية الصناعية تمنح 3شركات جديدة رخص مصانع أسمنت الصدمة حدثت عندما أعلنت الهيئة عن سعر الرخصة والتى بلغت 220 مليون جنيه، أى أنك كمستثمر عليك أن تكون مليارديرا لكى تشترى ورقة تمنحك الحق فى انشاء مصنع لإنتاج الأسمنت- فى الحقيقة لو كنت مليارديرا لما فكرت فى الحصول على رخصة لمصنع أسمنت-، وهذه الرخصة لن تمنحك إلا ضوء أخضر فى بداية طريق طويل من الأوراق الأخرى و اجراءات توفير الأرض والتجهيزات والفنيين والهيكل الإدارى وكل اللوجيستيات الأخرى التى لن يتم المصنع إلا بها. ورغم فداحة الرقم المطلوب لاستصدار الرخصة، إلا أن عدد قليل جدا تقدم للحصول عليها، فاصطدمت هيئة التنمية الصناعية بالحقيقة حين تساءلت حول سبب إحجام المستثمرين عن الرخص، واكتشفت أن الرقم الذى طلبته مبالغ فيه جدا و معناه الطبيعى أن المستثمر إذا كان لديه هذه السيولة وحصل على الرخصة فإنه لن يجد سيولة أخرى لبقية الخطوات، وإن كان لديه ما يكفى للنهاية فإن السوق ستشهد ارتفاعا قاسيا لسعر الطن، بعد تحميل قيمة الرخصة على السعر النهائى من أجل الوصول إلى المنفعة الحدية لهذا المنتج الحيوي، ومن فشل هذا الطرح، وعادت الأمور إلى مربع البداية. بعد تفكير طويل عدلت الهيئة السعر وخفضته إلى 160 مليون جنيه، وهو رقم كبير أيضا لا يشجع على المنافسة، لكنها كانت تتوقع أن يتقدم للحصول على الـ14 رخصة المطروحة عدد مستثمرين أكبر من الرخص، لكن تقدم ثمانية مستثمرين فقط للحصول على 6 رخص ، وبعد أيام من المداولات تقلص عدد الذين حصلوا على الرخص إلى 3 مستثمرين، ولا أحد يعرف بعد مصير الرخص لباقية حتى كتابة هذه السطور. لا تقف الدروس المستفادة من هذه القصة الحزينة عند من الذين حصلوا على الرخص ولا كيف كانت المنافسة بينهم، بل امتدت لتكشف لنا أن العقلية الوظيفية التى تحكم هيئة التنمية الصناعية لم تضع فى اعتبارها ترسيخ مناخ استثمارى صحى يجذب رؤوس الأموال ويحفز رجال الصناعة على فتح مجالات جديدة، بقدر ما اهتمت بالرقم الذى ستجمعه من وراء الرخص، ولينتحر هؤلاء الذين لا يملكون سيولة 160 مليون جنيه ويرغبون فى الاستثمار بقطاع الأسمنت، هذه القصة تثبت لنا أن قصر النظر ليس مرضا جسديا فقط بقدر ما هو داء حكومى يصيب بعض الموظفين الذين يفضلون الجباية عن فتح البيوت وتشغيل آلاف الشباب ودعم الاقتصاد القومى.










الاكثر مشاهده

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

رئاسة وزراء ماليزيا ورابطة العالم الإسلامي تنظِّمان مؤتمرًا دوليًّا للقادة الدينيين.. الثلاثاء

كبار فقهاء الأمة الإسلامية يجتمعون تحت مظلة المجمع الفقهي الإسلامي

بدعوة من دولة رئيس الوزراء الباكستاني.. العيسى خطيباً للعيد بجامع الملك فيصل فى إسلام آباد

علماء العالم الإسلامي يُرشحون مركز الحماية الفكرية لإعداد موسوعة عن "المؤتلف الفكري الإسلامي"

;