10 وصايا حتى لا ينتحر أبناؤنا هرباً منا.. امدحه أمام الآخرين وعبر له عن حبك وثقتك فيه.. واعلم أن كلماتك تصنع صفاته.. عليك بتقبل خطأه والسماح له بالاختلاف.. ويجب توفير بدائل للأحلام

إن كنت أبا أو أما، أغمض عينيك وارجع بالذاكرة للماضى.. تذكر أيام طفولتك.. مشاعرك حين يقسو عليك أبواك، وإحساسك حين ينفعل أحدهما عليك، أو ينالك عقابا بدنيا أو لطمة أو كلمة ضايقتك من أيهما. هل تتذكر غضبك ووعودك لنفسك بأنك لن تتبع هذا الأسلوب مع أبنائك، وأنك ستكون أكثر تفاهما واحتواءً لهم، وهل ساورك إحساس طفولى تحت تأثير العقاب بأن والديك أو أحدهما يكرهك، أو أنك غير مرغوب فيك؟ افتح عينيك الآن وقد أصبحت أبا أو أما، واسأل نفسك، كم مرة تصرفت فيها تماما كتصرف أبيك وأمك الذى كنت تنتقده فى الطفولة، وكم مرة عنفت أبناءك وانفعلت عليهم وأنت تبرر لنفسك أن شدتك وعقابك لهم لمصلحتهم. انظر فى المرآة فسترى شخصية أبيك أو أمك، وسترى أنك تكرر الكثير من تصرفاتهما التى كنت تنتقدها فى الطفولة. هكذا هى الحياة، حين تتغير وتتبدل الأدوار والمواقف، فترانا نتصرف كتصرفات أبائنا وأمهاتنا، ونقول لأنفسنا «احنا اتربينا كدة»، ولكن الخطير أن أبناءنا ليسوا مثلنا، وزمانهم غير زماننا، فلا تتوقع أن تتطابق ردود أفعالهم وتتشابه مع ردود أفعالنا حينما كنا فى مثل أعمارهم. كل يوم تصدمنا حوادث انتحار الأطفال التى تزايدت مؤخرا، وآخرها واقعة وفاة بطلة المصارعة ريم مجدى، التى عنفها والدها ولطمها لتقصيرها فى التدريب وانشغالها بمواقع التواصل الاجتماعى فألقت بنفسها من السيارة، ولفظت أنفاسها الأخيرة، وقبلها عدد من الحوادث الأخرى لانتحار الأطفال حصرتها إحصائية رصدتها المؤسسة المصرية للنهوض بأوضاع الطفولة فى أكثر من 50 حالة انتحار منذ بداية العام الحالى لأطفال تتراوح أعمارهم بين 10 - 17 سنة، حتى أن 3 أطفال انتحروا فى أسبوع واحد لأسباب مختلفة، إما خوفا من عقاب الوالدين، أو للإحساس بالذنب بسبب الفشل الدراسى وعدم تحقيق النتيجة التى ينتظرها الأبوان بعد طول عناء مع الظروف الاقتصادية والدروس الخصوصية. وفى معظم هذه الحوادث لم يعرف الوالدان سببا مباشرا لانتحار طفلهما، حيث تمر الأحداث عادية روتينية حتى يفاجأ الأبوان بمشهد الابن معلقا فى سقف الحجرة بعد أن شنق نفسه، أو كما فعلت ريم بإلقاء نفسها من السيارة. تدور فى ذهنك عشرات الأسئلة، فما الذى يدفع أبناءنا للانتحار، كيف تتحول مواقف صغيرة تتراكم يوميا إلى مصيبة كبيرة تصدمنا دون أن ندرك، كيف نتعامل معهم ونحميهم من أنفسنا وضغوطنا وضغوط الحياة عليهم. أشياء بسيطة لا نلتفت إليها قد تحمينا وتحميهم من غضب مكبوت قد ينفجر يوما فى وجوهنا ليصدمنا بحادثة أو مصيبة لا ينفع معها الندم، وبالرغم من أنه لا يوجد كتالوج واحد للتربية، إلا أن بعض الأفعال والتصرفات التى نهملها ولا نعيرها بالا قد تخفف كثيرا من حدة ضغوط الحياة علينا وعليهم: لا تعتقد أن حبك لابنك لا يحتاج لدليل أو برهان، فأبناؤنا يحتاجون دائما أن نعبر لهم عن حبنا، عبر عن مشاعرك نحو ابنك أو ابنتك، احتضنه وقبله واربت على كتفه، اجعله يشعر بأنك تفكر فيه ولو بهدية بسيطة، قطعة حلوة أو وردة أو لعبة بسيطة حتى وإن كان بدون مناسبة. لا تنتقد ابنك أمام الآخرين ولا تقلل من شأنه حتى وإن كان ذلك على سبيل «الهزار»، تحدث عن مميزاته وكافئه على تصرفاته وامدحه، واجعله يشعر بأنك فخور به. كثير منا يريد أن يرى أبناءه الأفضل دائما، لذلك ودون أن ندرى ننشد فيهم الكمال، وأغلبنا يننتقد تصرفاتهم إذا لم تصل إلى ما نطمح إليه، وإذا جاءت أفعالهم على غير ما نتوقع، سواء فى الدراسة أو التصرفات والمواقف المختلفة، اعلم أن ابنك لا يفكر بطريقتك وأن الكمال الذى تنشده فيه، قد لا يراه مناسبا له، فتقبل خطأه وناقشه واسمح له بالاختلاف وضع دائما بدائل لأحلامه وأحلامك فيه واسمح له بالاختيار. لم تعد مقاييس التفوق كما كانت فى المجموع الكبير ودخول ما كنا نسميه بكليات القمة، فلا تضغط عليه فى تحقيق نتيجة معينة ولا تدخله فى سباق تفوق يتجاوز قدراته، واعلم أن اختياره ومعرفته لقدراته هو ما سيجعله فى القمة، فاعرف ميوله واكتشف مواهبه، واسمح له بدراسة ما يحب وتحقيق ما يحلم به ولا تجبره على تحقيق حلمك. معظمنا يعتقد أننا نتحمل ضغوط الحياة من أجل أبنائنا، دون أن ندرك أنهم يتحملون معنا هذه الضغوط، بل وأن تأثيرها عليهم قد يكون أكبر، بعضنا يمن على أبنائه، ويذكرهم دائما بأعبائه، ويشعرهم بأنهم جزء كبير من هذه الأعباء، وأننا ضحايا ننفذ متطلباتهم، ولا ندرك تأثير هذا الشعور على الأبناء، فأحيانا يتولد لديهم إحساس بالذنب قد يدفعهم إلى كره أنفسهم، وقد يتزايد هذا الإحساس ليصل إلى الانتحار إذا شعروا بأنهم خيبوا آمالنا فيهم، أو يتولد لديهم إحساس بالخوف الشديد من ردود أفعالنا إذا لم يحققوا ما نرجوه من نتائج، وهو ما يحدث مع كثير من طلبة الثانوية العامة ومن لم يتمكنوا من تحقيق أهداف آبائهم وأمهاتهم فى التفوق الرياضى أو الدراسى. شارك أبناءك وناقشهم حول أعباء الحياة وكيفية إدارة أمور الأسرة المالية، ومحاولة إيجاد بدائل وحلول للأزمات المادية حتى يكونوا أكثر قدرة على تحمل المسؤولية. الصفات التى نطلقها على أبنائنا هى التى تتحقق فيهم، فإذا وصفت ابنك بالكذب سيكون كاذبا بالفعل، لأنه يعلم أنك لن تصدقه إذا قال الحقيقة، وإذا مدحته ووصفته بالرجولة وتحمل المسؤولية فسيكون كذلك حتى يثبت لك دائما أنك على حق، فاطلق على ابنك ما تريده فيه، وازرع فيه الثقة بالنفس، وأكد له أنك تثق فيه وفى حكمه وتصرفاته وأخلاقه، قل لابنتك كم هى جميلة ورقيقة وتحدث عن مميزاتها وصفاتها وثقتك فيها، هنا فقط ستتعامل كملكة وستكون أفضل مما تتمنى. كلنا يفقد أعصابه أحيانا وينفعل على أبنائه، فامسك صمام الأمان دائما، تحدث معهم بعد أن تهدأ، واشرح لهم فى أوقات الصفاء مبررات غضبك، لا تخجل أن تعتذر إذا تجاوزت أو قسوت عليهم، أو فلتت منك كلمة جرحتهم. شارك أبناءك أحلامهم وطفولتهم وصباهم، العب معهم وحدثهم عن مشاعرك فترة المراهقة حتى يتحدثوا معك عن مشاعرهم، عش معهم عمرهم وتحدث معهم عن كل شىء دون خجل أو حواجز. ازرع فى أبنائك منذ طفولتهم حب الله قبل أن تخيفهم من عقابه، علمهم تعاليم الدين بالأفعال لا بالأقوال، شاركهم فى العبادات منذ الصغر، قربهم إلى الله بتصرفاتك، شاركهم فى أعمال الخير حتى وإن كانت بسيطة، علمهم أن حب الله يجعلهم يثقون بحكمه وبأنه معهم يسمعهم ويشعر بهم ولا يخيب رجاءهم طالما يثقون فى قدرته ومعيته، وحدثهم عن كرمه وعطائه. الاضطرابات التى تصيب الأطفال والمراهقين نتيجة ضغط السلطة الأبوية وفرض الأمر الواقع.. الأسرة هى مصدر الأمان والثقة بالنفس.. والضغوط تمنع النمو العقلى وتضعف الجهاز المناعى الضغط الذى تمارسه الأسرة على الأطفال والمراهقين، واستعمال السلطة الأبوية لتحقق رغبات الآباء دون النظر لما يريده الأبناء، تنعكس على شخصية الطفل والشاب وتعامله مع الحياة. تقول الدكتورة هبة عيسوى، أستاذ الطب النفسى بجامعة عين شمس، زميل الجمعية الأمريكية لطب نفس الأطفال والمراهقين، الأسرة هى المصدر الأول للرعاية والحنان والحب، والدعامة الأساسية للشعور بالأمان، والاستقرار الأسرى يمثل اللبنة الأولى للثقة بالنفس والتعامل مع ضغوطات الحياة، وبهذه الرعاية ينتقل الطفل والمراهق إلى مرحلة النضوج، بقوة دافعة للإنجاز والتفوق. ولكن إذا لم تأت الرياح بما لا تشتهى السفن، وأصبح العنف والإهانة والضغوط نابعة من الأسرة نفسها، انقلبت حياة الطفل أو المراهق وأصبح فريسة للاضطرابات النفسية، قصيرة وبعيدة المدى. والضغوط الحادة والمزمنة التى تمارس ضد الأطفال والمراهقين من أقرب الناس غالبا ما تؤدى إلى تعطيل النمو العقلى، ويمكن أن تصل إلى الأعصاب وتضعف الجهاز المناعى، وتصيبهم بالاضطرابات ومنها: الاضطرابات النفسية مثل القلق والاكتئاب والفزع، والشعور بالنقص والغيرة والحقد والخجل والاستغراق فى أحلام اليقظة، والشعور بالذنب والخوف. الاضطرابات الجسمية مثل فقد الشهية والاضطرابات المعوية والإخراج والوظائف الحركية والحواس والتبول اللاإرادى، علاوة على اضطرابات تأخر الكلام والتلعثم والثأثأة وقضم الأظافر ومص الإصبع. اضطرابات النوم المختلفة، مثل المشى أثناء النوم والبكاء قبل النوم أو أثناء النوم ومص الأصابع أثناء النوم وكثرة النوم والأحلام المزعجة والمخاوف الليلية وقرض الأسنان أثناء النوم. اضطرابات سلوكية مثل الكذب والسرقة والانحرافات الجنسية. ويعد التأخر الدراسى الآثار التى تترتب بسبب الضغوط النفسية على الطفل أو المراهق. وتقسم الدكتورة هبة عيسوى، الضغوط التى تقع على الأطفال والمراهقين إلى أنواع: الضغوط الإيجابيةPositive stress: وهى الناجمة عن الخبرات غير المناسبة التى يتعرض لها الأطفال، وعادة ما تكون مدة بقائها قصيرة.مثل أن يقابل الطفل أشخاصا غرباء، أو حينما تؤخذ منه لعبته. يسبب هذا النوع من الضغط تغيرات فسيولوجية مثل زيادة ضربات القلب وتغيرات فى مستويات إفراز الهرمونات. وبقليل من المساندة لهذا الطفل من الوالدين يمكنه تعلم كيفية إدارة هذا النوع من الضغط والتغلب عليه.




الاكثر مشاهده

كبار فقهاء الأمة الإسلامية يجتمعون تحت مظلة المجمع الفقهي الإسلامي

بدعوة من دولة رئيس الوزراء الباكستاني.. العيسى خطيباً للعيد بجامع الملك فيصل فى إسلام آباد

علماء العالم الإسلامي يُرشحون مركز الحماية الفكرية لإعداد موسوعة عن "المؤتلف الفكري الإسلامي"

رابطة العالم الإسلامى تنظم غداً مؤتمر "بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية" فى مكة

د.العيسى يلتقي رئيس جمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر على متن سفينة "أوشن فايكينغ"

10 أسئلة وإجابات حول تعديلات قانون تملك الأجانب للأراضى الصحراوية.. برلماني

;