أنور الرفاعى يكتب: دلالات الحادث الإرهابى الأخير.. تعايش المسلمين والأقباط يذهل العالم.. سقوط كلينتون أحد أسباب حادث كمين الشرطة وتفجير الكنيسة البطرسية بعد أن أصيب الإخوان بالسعار

دلالات مهمة أكدتها العمليات الإرهابية الأخيرة التى طالت ضباط ورجال الأمن فى كمين الشرطة فى شارع الهرم بجوار مسجد السلام، ثم الحادث الإرهابى المروع بتفجير الكنيسة البطرسية بالعباسية، والذى أسقط نحو 75 ضحية بين شهيد ومصاب.. الأمر الذى أحدث فى البداية صدمة لدى المصريين الذين ما لبثوا أن استجمعوا قواهم، وتخلصوا من صدمتهم ورفعوا شعاراتهم التى حملوها منذ أن أعلن الإرهاب أن هدفه هو تقويض الدولة المصرية فى سبعينيات القرن الماضى عندما كانت نظرية الإرهاب التى تبنتها أجندة الجماعات المتطرفة هو القضاء على الشيطان الأكبر فى أمريكا، من خلال القضاء على العدو القريب وهو الدولة المصرية التى تعاضد فيها الشعب كله مع الشرطة، وقضوا على دابر هذه الجماعات، حتى أنها لم تستطع أن تعيش بين جموع الشعب فهربت إلى مناطق أخرى حول العالم بعيدا عن مصر. ولكن لأن مصر تقع فى قلب استهداف الإرهاب بعد أن أزاح الشعب أكبر جماعة إرهابية فى التاريخ من فوق سدة الحكم فى الوطن، فقد أدرك الشعب أن هذه الجماعة وزبانيتها سوف يوجهون سهام شرهم إلى مصر أرضا وشعبا وسلطة، فكانت العمليات الإرهابية الأخيرة بمثابة الامتداد الشيطانى لآباء الإرهاب ورعاته من السبعينيات وحتى الآن، وما تشير إليه من دلالات أهمها: أولا: أن مصر تواجه الإرهاب ليس دفاعا عن نفسها فقط، ولكن قدر مصر أن تحارب الإرهاب بالوكالة عن العالم، وفى نفس الوقت تصدر الإسلام الوسطى المعتدل الذى يقوم على التسامح وقبول الآخر من خلال الازهر الشريف، قدرنا أن نواجه العنف والتطرف ونعلى فى الوقت ذاته قيم التسامح المغروسة فى شرايين المجتمع للدرجة التى أذهلت العالم حول ذلك التعايش المرتبط بالتلاحم بين مسلمى مصر وأقباطها فى تاريخ مشترك، وآلام مشتركة، وانتصارات صنعوها سويا، ويكفى أن نقول إن أرض سيناء التى ارتوت بدماء المصريين لم تفرق بين دم "بطرس" أو دم "أحمد"، ولكنها البصمة الوراثية وفصيلة الدم الأعجب فى التاريخ وهى فصيلة دم المصريين. ثانيا: جاءت الأحداث الإرهابية الأخيرة لتقطع بالدلالة على سقوط جديد للإخوان الإرهابيين، ورغم أن المصريين يعرفون خبث طويتهم وشرورهم، وأنهم وراء كل نقطة دم تسقط من مصرى فإن العالم تبين له باليقين أن هذه الجماعة هى والعنف صنوان لا يفترقان، بعد أن صدر الإخوان لبعض دول العالم أنهم ضحية ومجنى عليهم، خاصة فى تركيا والولايات المتحدة الأمريكية، فإن الأحداث الأخيرة برهنت لكل من لم يدرك ويعرف شر هذه الجماعة أن أعلن إدانته لهذا الإرهاب وعادت هذه الدول إلى إعلان استعدادها للتعاون مع مصر فى مكافحة الإرهاب أيا كان شكله ولونه، خاصة بعد أن أدركت هذه الدول أن الإخوان ينسقون مع جماعات الإرهاب الأخرى مثل داعش للقيام بعملياتهم الدنيئة ضد الشعب المصرى، وهو ما يعنى أن الإدارة المصرية قد أعطت درسا كبيرا على فشل أجهزة دول العالم فى معرفة الشر الكامن والإرهاب الساكن فى عقل جماعة الإخوان. ثالثا: منذ إعلان فوز دونالد ترامب فى الانتخابات الأمريكية أصيب الإخوان ورعاة الإرهاب فى العالم بصدمة كبيرة بعد سقوط هيلارى كلينتون، التى كانت داعمة لهم، وترى أنهم يمثلون الإسلام السياسى الذى يمكن أن تتعاون معه أمريكا، وهى السياسة التى كان يريد باراك أوباما أن يحققها على الأرض رغم أنف الشعب المصرى، وهو ما يتضح من خطابه تحت قبة جامعة القاهرة فى زيارته لمصر، وحديثه الدائم عن تجربة حزب العدالة والتنمية فى تركيا، ولكن المصريين أدركوا أبعاد هذه المؤامرة فطرحوها أرضا وطردوا الخونة من أراضيها.. وبعد سقوط كلينتون أدرك الإرهابيون أنهم لن يجدوا الرعاية الأمريكية السابقة، بل إن تعاونا كبيرا سيكون بين أمريكا ومصر فى مجال مكافحة الإرهاب، وهو ما نقرأه فى رؤية ترامب عن الرئيس السيسي ودعوته له لزيارة البيت الأبيض فى مايو المقبل. هذه المعادلات جعلت الإخوان فى حالة سعار إرهابى فى مواجهة الشعب المصرى فى تصور أبله من أنهم ينتقمون من السلطة والشعب قبل تسلم ترامب السلطة فى الولايات المتحدة الأمريكية، ويصبح التعاون المصرى الأمريكى قائما فى مكافحة الإرهاب الذى سينتهى بمشيئة الله إلى طحن هذه الجماعات الإرهابية. رابعا: جاءت العمليات الإرهابية لتقطع باليقين على تلك العلاقة السرية التى تربط الشعب المصرى فى وحدة أذهلت الدنيا كلها، ليتحول مأتم كل المصريين إلى قوة، والأمثلة فى ذلك كثيرة فهذا هو القمص روفائيل، راعى كنيسة العذراء مريم بقرية "دقادوس" فى مركز ميت غمر بالدقهلية، يقوم بوضع عمامة إمام المسجد بلونيها الأحمر والأبيض، فوق عمامته السوداء وقال هذا "علم مصر"، وقال: "بدون العمتين لن توجد مصر، فالكنيسة والمسجد سدنة هذا الوطن وقوته".. وهذه سيدة تعلن فى قوة قائلة للإرهابيين: "حتى لو فجرتوا كل الكنايس هنصلى فى المساجد"، وكانت قيادات الكنيسة فى وطنيتها الدائمة، وكان الأزهر وكل قيادات الدولة والشعب المصرى حاضرون فى قلب المشهد، لتتحول الكارثة إلى ملحمة وطنية، وكأن قدر مصر أن تقدم أرواح أبنائها من أجل أمنها ووحدتها وسلام العالم. خامسا: أن الأقباط فى مصر يختلفون عن الأقباط فى العالم كله لأنهم يرتبطون بالأرض ارتباطا لا يختلف عن ارتباط مسلمى مصر بها، فرائحة هذه الأرض تزكم أنوفهم، وتزيد انجذابهم لها فى عشق مصرى فريد، وهو الذى جعل الأقباط يتمسكون بمصريتهم مهما كانت محاولات إقصائهم منها بالتهديد والترويع من الإخوان الإرهابيين وغيرهم، فهم يفضلون الموت على أرضها من الهجرة إلى بلاد ليست فيها عبق الأرض المصرية، ويكفى أن ندلل على اختلافهم عن المسيحيين فى كل الدنيا بأنهم كانوا يزيدون عن المليونين فى تركيا، واليوم لم يعد لهم أثر.. وكانوا يمثلون ثلث سكان سوريا مطلع القرن الماضى، واليوم لا يتعدى عددهم العشرة فى المائة من عدد السكان.. وكانوا فى لبنان يشكلون 55 فى المائة سنة 1943 وصاروا اليوم أقل من 35 فى المائة.. وتضاءل عددهم فى العراق من مليونين وسبعمائة ألف نسمة إلى سبعمائة ألف على أقصى تقدير. ولكنهم فى مصر يشكلون جزءاً أساسياً من النسيج الاجتماعى الوطنى ويحملون نفس الصفات الوراثية المصرية وفصيلة الدم التى ليس لها مثيل فى العالم.



الاكثر مشاهده

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

رئاسة وزراء ماليزيا ورابطة العالم الإسلامي تنظِّمان مؤتمرًا دوليًّا للقادة الدينيين.. الثلاثاء

كبار فقهاء الأمة الإسلامية يجتمعون تحت مظلة المجمع الفقهي الإسلامي

بدعوة من دولة رئيس الوزراء الباكستاني.. العيسى خطيباً للعيد بجامع الملك فيصل فى إسلام آباد

;