السيسى يمنح البورصة "قبلة الحياة" للمرة الأولى من تسعينيات القرن الماضى طرح الشركات العامة للاكتتاب خبراء: سيعيد النشاط للسوق ويزيد حجم السيولة والرافضون: عودة للخصخصة

فاجأ الرئيس عبدالفتاح السيسى مجتمع سوق المال بالسؤال عن سبب تراجع البورصة خلال الفترة الماضية، وكيف يمكن للدولة أن تدعم سوق المال ليقوم بدوره فى دعم الاقتصاد الكلى للبلاد.

هذا الاهتمام من الرئيس السيسى يعتبر المرة الأولى التى تؤكد فيه الدولة دعمها للبورصة بهذا المستوى العالى، وعلى لسان رئيس الجمهورية نفسه.

وشهدت البورصة خسائر ضخمة خلال تعاملات الأسبوعين الأخيرين بسبب استمرار التراجع فى أسعار البترول، وما تبعها من خسائر ضخمة فى أسواق المال العالمية، وهو ما كان له تأثير عنيف على البورصة المصرية، لكن إعلان مجلس الوزراء عن طرح عدد من الشركات العامة للاكتتاب بالبورصة، بعد التشاور مع الرئاسة، كان بمثابة «قبلة الحياة» للبورصة، فما تم الإعلان عن الخبر حتى تحولت المؤشرات للارتفاع بشكل ملحوظ، وعوضت البورصة جانبا كبيرا من خسائرها السابقة. وقال إيهاب سعيد، خبير سوق المال، إنه لا شك أن البيان الصادر مؤخرا عن رئاسة الجمهورية بشأن البورصة المصرية يحمل فى طياته الكثير من المعانى والدلالات التى لابد من التوقف عندها.

فالأمر لا يقتصر فقط فى الإعلان عن طرح بعض الشركات الحكومية خلال الفترة المقبلة كما صوره البعض، حيث انقسم البيان إلى شقين، أولهما، تساؤل الرئيس عن أسباب تراجع البورصة المصرية مؤخرا؟ والشق الثانى هو الإعلان عن طرح شركات حكومية «ناجحة» بالبورصة خلال الفترة المقبلة.

ولمن لا يعلم، تلك هى المرة الأولى منذ عودة البورصة للحياة فى تسعينيات القرن الماضى، الذى يصدر فيها بيان رئاسى عن البورصة المصرية. وهى أولى إيجابيات هذا البيان، لاسيما وقد جاء بعد أيام قليلة من تصريح أصدره وزير الاستثمار، من أن البورصة تعد بمثابة «مرآة مشروخة» لا تعبر عن الاقتصاد المصرى، كون قيمتها السوقية الإجمالية لا تشكل سوى 25٪ من إجمالى الناتج المحلى! ودونما الخوض فى التصريح، فأتصور أن أولى رسائل البيان الرئاسى تكمن فى أن الرئيس يولى أهمية كبيرة لسوق المال، بعيدا عن حجمه أو قيمته السوقية، سواء للعاملين أو المتعاملين بهذا القطاع الضخم.

وبعيدا عن تفهمه أن هذا السوق، كبر أو صغر، يبقى هو «سوق المال المصرى»، حين ترتفع مؤشراته، فإنما يعطى انطباعا إيجابيا عن شكل الدولة للعالم الخارجى، الذى يعتبر أن أسواق المال إنما تعد مرآة لأوضاع الاقتصادات، وحين تنخفض مؤشراته، إنما يعطى انطباعا سلبيا يعكس أوضاعا اقتصادية مضطربة.

أما الشق الثانى من البيان والذى يعد الجانب الأهم، ولذا حظى بالاهتمام الأكبر من وسائل الإعلام المختلفة، فكان ما يتعلق بطرح حصص من الشركات الحكومية بالبورصة المصرية خلال الفترة المقبلة، وهى ثانى إيجابيات البيان، لاسيما وأن الهدف هو ضخ دماء جديدة بالسوق تدعم من أدائه، وتحقق الاستفادة القصوى للدولة بتمويل بعض شركاتها، سواء بهدف زيادة رأس المال للتوسع فى النشاط، أو بهدف إعادة الهيكلة، لكى تعود البورصة المصرية لوظيفتها الأساسية كمنصة مهمة لتمويل الشركات، سواء الحكومية أو الخاصة. وأضاف سعيد: «لقد كنت أول من نادى بضرورة عودة الطروحات الحكومية للبورصة منذ سنوات، ليس فقط لدعم سوق المال الذى يعانى منذ 8 سنوات حتى الآن، ولكن لأن الاستفادة من مثل هذه الطروحات تطول الأطراف كافة».

وسواء الدولة التى تعانى من عجز متفاقم بالموازنة يحول دون إمكانيتها على إعادة هيكلة أى من شركاتها، أو الشركات المطروحة، أيا ما كان الغرض من الطرح، وذلك بحصولها على التمويل اللازم، أو البورصة نفسها، بزيادة السيولة وتنشيط السوق بدماء جديدة، أو حتى المستثمر ذاته، سواء الموجود بالبورصة منذ سنوات، أو الراغب فى الدخول ويبحث عن الفرصة المناسبة. فالواقع الذى لا يمكن إغفاله، أن الطروحات الحكومية تختلف شكلا وموضوعا عن نظيرتها الخاصة، سيما وأن الشعب المصرى غالبا ما يثق بها أكثر من شركات القطاع الخاص، وهو ما يدفع الكثيرين للتعرف على سوق المال من خلالها، ومن ثم فهى غالبا ما تجذب سيولة خارجية، خاصة وأن الحكومة تولى اهتماما كبيرا للتقييم العادل لسعر السهم المطروح، وتهتم كذلك بضرورة تحقيق المستثمر لأرباح من اكتتابه فى شركاتها، وذلك بهدف نجاح الطرح، ليكون نواة يمكن الاعتماد عليها فى طروحات أخرى.

وبعكس القطاع الخاص، الذى يبالغ أحيانا فى التقييم، لأن هدفه الأساسى نجاح الطرح الذى يقصره بالحصول على التمويل، دون النظر إلى أداء السهم فى السوق فيما بعد، مما يتسبب فى أحيان كثيرة لخسائر فادحة للمكتتبين.

وهذا الفارق تحديدا، أضحى يشكل تهديدا حقيقيا لأى طرح لشركات خاصة مستقبلا، لاسيما بعد كارثة سهم «إعمار مصر»، الذى هبط أدنى من سعر اكتتابه فى اليوم الأول لتداوله بالسوق الرسمى، فى سابقة هى الأولى من نوعها.

ولذا نجد بعض الأصوات التى ترفض فكرة أى طروحات خلال الفترة الحالية، خوفا من سحب السيولة الضعيفة من السوق، كما حدث فى معظم الطروحات التى شهدتها البورصة المصرية على مدار السنوات الثمانى الماضية.

ولكن من المؤكد أن الحكومة تتفهم صعوبة طرح أى شركة خلال الفترة الحالية بسبب الأوضاع الاقتصادية العالمية، وحتما ستنتظر استقرار السوق قبل الشروع فى الإعلان عن أى طروحات، خاصة وهى صاحبة المصلحة الأولى فى نجاح تلك الطروحات بعد كل هذه الفترة من الغياب. وإنما يبقى الإعلان الآن بمثابة إشارة على توجه حكومى مقبل، يهدف إلى طمأنة القطاع الخاص، وكذلك مجتمع سوق المال، بمستثمريه وعامليه، إلا أن الدولة تعى تماما أهمية البورصة، وتنوى الاستفادة منها، ويعنيها بشكل كبير انتعاشها، وتلك هى ثالث إيجابيات البيان.

وهذه الرسائل مردودها قد لا يكون ظاهرا على الأجل القصير، وإنما حتما ستظهر آثاره على الأجل المتوسط والطويل.

أما عن هؤلاء الرافضين لفكرة طرح الشركات الحكومية بالبورصة بحجة أنها عودة لبرنامج الخصخصة الذى ارتبط فى ذهن الكثيرين بالفساد، فلهم نقول، بعيدا حتى عن كون ما أعلنت عنه الرئاسة ليس عودة لبرنامج الخصخصة فى شكله المعروف بتخارج الدولة من أصولها لصالح القطاع الخاص.

فالخصخصة لم تكن يوما نموذجا للفساد، وإنما ما شاب بعض عمليات البيع لشركات القطاع العام من لغط وعلامات استفهام حول التقييمات وحولها لفزاعة ضد أى عملية طرح جديدة للشركات العامة، هو ما يمكن وصفه بالفساد، أما الخصخصة كفكرة، فهى ليست بهذا السوء الذى يظنه البعض.






الاكثر مشاهده

كبار فقهاء الأمة الإسلامية يجتمعون تحت مظلة المجمع الفقهي الإسلامي

بدعوة من دولة رئيس الوزراء الباكستاني.. العيسى خطيباً للعيد بجامع الملك فيصل فى إسلام آباد

علماء العالم الإسلامي يُرشحون مركز الحماية الفكرية لإعداد موسوعة عن "المؤتلف الفكري الإسلامي"

رابطة العالم الإسلامى تنظم غداً مؤتمر "بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية" فى مكة

د.العيسى يلتقي رئيس جمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر على متن سفينة "أوشن فايكينغ"

10 أسئلة وإجابات حول تعديلات قانون تملك الأجانب للأراضى الصحراوية.. برلماني

;