الجزء الثانى من حيثيات تأييد حكم مصرية "تيران وصنافير"..يجب دعوة الناخبين للإستفتاء على معاهدات الصلح والتحالف طبقا للمادة 151..وتأييد الإتفاقية يُحي "نظريات الحق الإلهى"..والإتفاقية تبدو كأعجاز نخل خ

أصدرت الدائرة الأولى بالمحكمة الإدارية العليا "فحص طعون"، برئاسة المستشار أحمد الشاذلى نائب رئيس مجلس الدولة، صباح اليوم الاثنين، حكمها برفض الطعن المقام من هيئة قضايا الدولة، ممثلة عن رئاسة الجمهورية والحكومة، وتأييد الحكم الصادر من محكمة أول درجة "القضاء الإدارى" ببطلان اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين مصر والمملكة العربية السعودية، وتأييد مصرية "تيران وصنافير" .

وينشر "انفراد" الجزء الثانى من حيثيات تأييد حكم مصرية "تيران وصنافير"، الذى صدر بعضوية المستشارين محمد أحمد عبد الوهاب خفاجى، ومحمود شعبان حسين رمضان، ومبروك محمد على حجاج، نواب رئيس مجلس الدولة، وبحضور المستشار محمد محمود إسماعيل رسلان مفوض الدولة.

وأضافت الحيثيات الحكم الصادر فى الطعن، الإيجابى فإنه ينصرف إلى سلطة الأمر والزجر فى داخل البلاد وتمثيل الدولة وترتيب حقوق لها والتزامات عليها ، والمعنى المنضبط إنها تمثل وظيفة الحكم التى تظهر فى الوظيفة التشريعية والتنفيذية والقضائية ومجرد الاستناد إلى هذا المعنى الإيجابى للسيادة لا يكفى وحده تبريراً لعدم الخضوع للرقابة القضائية بحسبان الخضوع لرقابة القضاء لا يتنافى فى ذاته مع فكرة سيادة الدولة بالمعنى الإيجابى والفصل فى المنازعات وإرساء قواعد العدالة والمحافظة على حقوق الدولة وحريات الأفراد أحد مظاهر السيادة العامة ، والقول بغير ذلك يحيى فكرة اندثرت فى العالم والفهم القانونى كانت تقوم على أساس أن السيادة حق أصيل للحاكم وهو مالكها ( نظريات الحق الإلهى ) ، ومع ظهور مبدأ سيادة الأمة بعد نجاح الثورة الفرنسية - الدساتير الفرنسية البالغة 16 دستوراً منذ الثورة الفرنسية ومنذ دستور 1793 الذى لم يطبق بتاتاً وعلى حد تعبير الفرنسيين mort née أى ولد ميتاً ودستور 1875 الذى أُلغى بعد غزو الألمان فرنسا ودخولهم باريس عام 1940- ، استقر فى الوجدان القانونى أن صاحب السيادة هو مجموع المواطنين ، ولم تعد هيئة من هيئات الدولة مالكة للسيادة وإنما تباشرها كوكيلة عن الشعب ، ولا يمنع ذلك من القول بأن هناك نوع من الأعمال التى تصدر عن السلطة التنفيذية لا تخضع لرقابة القضاء ، وأن مرجع الإعفاء ليس فكرة السيادة وإنما أسباب قانونية أخرى .

وإذا كان من المستقر عليه فقهاً وقضاءً أن أعمال السيادة تتفق مع العمل الإدارى فى المصدر والطبيعة ويختلفا فى السلطة التى تباشر بها السلطة التنفيذية العمل ذاته ، مع تقرير وسائل مختلفة للحد من آثار أعمال السيادة التى قد تؤثر سلباً فى حقوق الافراد وحرياتهم إلا أن أنجع الوسائل لرقابة أعمال السيادة هو اللجوء إلى القضاء ، والقضاء هو من يحدد أعمال السيادة بحثاً عن اختصاصه للفصل فى النزاع المعروض ، فإذ استوى العمل من حيث سلطة إصداره وطبيعته بأنه من أعمال السيادة قضى بعدم اختصاصه ، ولا ريب أن القاضي عندما يباشر الاختصاص المعقود له بتحديد ما يعتبر من أعمال السيادة ليلحق به حصانة تعصمه من رقابة القضاء ليس مطلق اليد حر التقدير وإلا خرج على فكرة السيادة بالمعنى المشار إليه آنفاً ، وإنما يحكمه التنظيم القانونى لممارسة السلطة الموصوفة بأنها عمل من أعمال السيادة ، والنزاع الذى صدر بشأنه العمل ، ثم يستخلص القاضى المتروك له تحديد طبيعة العمل فى إطار اختصاصه وظروف ومستندات النزاع المعروض عليه ، وهو ما يقطع بداءةً بعدم صحة المقارنة بين مسلك المحاكم حال تحديد طبيعة العمل وكونه من أعمال السيادة فى.

تابع الحيثيات المحكمة الأنزعة المختلفة بحسبان سلامة الحكم ترتبط بالحالة المعروضة كُل على حدة .

ومن حيث إن تغيير الدساتير أو تعديلها يكون مرتبطاً إما بسقوط أنظمة الحكم أو تغييرها بالطريق الدستوري ، ويستتبع فى غالب الأمر تغييراً فى النظام القانوني الحاكم والمنظم للعلاقات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية بين أفراد الشعب وسلطات الدولة الحاكمة على وجه يقتنع معه الشعب فى إطار دستور يصدر عنه بإرادته الحرة بتحقيق السلامة القانونية لكافة أفراد المجتمع ، ويجب أن يجارى النظام القانونى الجديد فكراً قانونياً جديداً يفسر ما غمض فى النظام القانونى من قواعده العامة والمجردة سواء لبس هذا الفكر ثوب التشريع مشرعاً أو انصب على عمل السلطة التنفيذية فى الهيئات والوزارات والمصالح أو على منصة القضاء تنفيذاً لأحكام الدستور والقانون ، وأخيراً فى قاعات البحث والفقه القانوني ، ومع وجوب تمسك الفكر القانونى بالثوابت فإن عليه أن يتماشى مع النظام القانونى الجديد ، وما قد يحدثه من تغييرات تؤثر على الفهم الصحيح ، ويوصم الفكر بالجمود إذا تمسك بالثوابت وأهمل المتغيرات التى تلحق بالمجتمع ونظامه الدستورى .

ومن حيث إن مصر فى هذا العقد من الزمان – بعد ثورة الشعب " 25يناير 30 يونيه " وهى ثورة وصفتها ديباجة الدستور بأنها فريدة بين الثورات الكبرى فى تاريخ الإنسانية ، بكثافة المشاركة الشعبية التى قُدّرت بعشرات الملايين ، وبدور بارز لشباب متطلع لمستقبل مُشرق ، وبتجاوز الجماهير للطبقات والأيدولوجيات نحو آفاق وطنية وإنسانية أكثر رحابة وبحماية جيش الشعب للإرادة الشعبية وهذا الدستور استولد عنه نظام قانونى جديد ألبس الفصل بين السلطات ثوباً جديداً، وتحددت فيه حدود سلطات الدولة دون تغول من سلطة على سلطة أخرى، وأٌعلى من شأن حق الإنسان المصري فى المشاركة السياسية والاجتماعية والاقتصادية لبناء دولته الجديدة مصطحباً تاريخ مصر الخالد وحضارتها العظيمة وموقعها الجغرافي المتميز ، وقدم وعراقة شعبها واَصالته، وطبيعته وطبيعة تكوينه الفريد والمتنوع والذى يمثل سمتاً من سماته ويستعذب اَصالته كل من سرى فى شرايينه مياه النيل مسرى الدم.

ومن أجل ذلك " وهو بعض من كل " وجب على الفكر القانوني أن يتماشى مع التعديلات التي استحدثها الدستور على النظام القانوني المصري ، ومن عموم القول السابق إلى خصوصية النزاع المعروض والمتعلق بحقوق السيادة .

وأضاف الحيثيات ان الأراضى المصرية ، وحدود سلطات الدولة بشأنها وفقاً للدساتير المصرية المتعاقبة بدءًا من الأمر الملكى رقم 42 لسنة 1923 بوضع نظام دستورى للدولة المصرية وانتهاءً بالوثيقة الدستورية الجديدة عام 2014 ، فقد نصت المادة (1) من دستور 1923 على أن " مصر دولة ذات سيادة , وهى حرة مستقلة , ملكها لا يتجزأ ، ولا يُنزل عن شىء منه ، وحكومتها ملكية وراثية ، وشكلها نيابى " ، ونصت المادة 46 منه على كما أن معاهدات الصلح والتحالف والتجارة والملاحة وجميع المعاهدات التى يترتب عليها تعديل فى أراضي الدولة أو نقص فى حقوق سيادتها أو تحميل خزائنها شيئاً من النفقات أو مساس بحقوق المصريين العامة أو الخاصة لا تكون نافذة إلا إذا وافق عليها البرلمان .

وبذات العبارات نطقت أحكام المادة (1) من الباب الأول من دستور 1930 ، كما حددت المادة (46) منه سلطات المَلك والبرلمان بشأن المعاهدات التى يترتب عليها تعديل فى أراضى الدولة أو نقص فى حدود سيادتها ، وإذا كان دستور 1956 الصادر فى ظل الحكم الجمهورى قد أخذ بأبعاد قومية بشأن وصف مصر بأنها دولة عربية مستقلة ذات سيادة ، وأنها جمهورية ديمقراطية والشعب المصرى جزء من الأمة العربية فإنه تمسك بأن لا تنفذ معاهدات الصلح والتحالف والتجارة والملاحة وجميع المعاهدات التى يترتب عليها تعديل فى أراضي الدولة أو التى تتعلق بحقوق السيادة إلا إذا وافق عليها مجلس الأمة ( المادة 143 منه ) ، وهو ذات الشرط الذى اشترطه دستور 1964 ( المادة 125 منه ) ، ودستور 1971 ( المادة 151 منه ) ، ولقيام ثورة الخامس والعشرين من يناير وتعطيل العمل بالدستور الأخير ، وصدور دستور عام 2012 وتعديله بالدستور الحالي استدعت أحكامه بعض الأحكام الواردة بدستور 1923 انطلاقاً من المبدأ الراسخ بوحدة الأرض المصرية منذ عهد مينا حتى الآن ، وعلى الوجه الذى كشفت عنه الأعمال التحضيرية للدستور بشأن سيادة الدولة على أراضيها ، وذلك بفهم جديد متطور استقى من المبادئ السالف ذكرها فى أسباب هذا الحكم " وعلى الخصوص "حدود سلطات الدولة بشأن مسألة السيادة وحق التقاضى المقرر دستورياً ونفاذ القضاء إلى ما يتبلور حوله من أنزعه تستخلص من الفهم الصحيح للنصوص الدستورية , ومن نافلة القول الإشارة إلى أن فهم النصوص الدستورية أمر ليس محجوزاً لجهة قضاء بعينها والفهم يختلف عن الفصل فى المسألة الدستورية والمحجوزة بلا منازع للمحكمة الدستورية العليا .

وتحرص المحكمة الإدارية العليا قدر حرصها على الاختصاص الدستورى المقرر لجهة القضاء الإدارى " وهو عكس ما أشارت إليه الجهة الطاعنة فى مذكرة دفاعها المقدمة بجلسة 22 اكتوبر العام الماضى ، ومن حيث إن المادة (1) من الدستور الحالي دستور عام 2014 تنص على أن " جمهورية مصر العربية دولة ذات سيادة موحدة لا تقبل التجزئة ، ولا ينزل عن شيء منها نظامها ديمقراطى ، يقوم على أساس المواطنة وسيادة القانون " .

وتنص المادة (151) من الدستور ذاته على أن :"يمثل رئيس الجمهورية الدولة فى علاقاتها الخارجية ، ويبرم المعاهدات ، ويصدق عليها بعد موافقة مجلس النواب ، وتكون لها قوة القانون بعد نشرها وفقاً لأحكام الدستور .

ويجب دعوة الناخبين للاستفتاء على معاهدات الصلح والتحالف وما يتعلق بحقوق السيادة ، ولا يتم التصديق عليها إلا بعد إعلان نتيجة الاستفتاء بالموافقة .

وفى جميع الأحوال لا يجوز إبرام أية معاهدة تخالف أحكام الدستور ، أو يترتب عليها التنازل عن أى جزء من إقليم الدولة " .

ولا جدال فى أن هذا النص الدستوري تضمن أحكاماً بعضها له مردود سابق بالدساتير المصرية المتعاقبة ، وأحكاماً جديدة على النظام القانوني المصري تستوجب كما سلف البيان فهماً قانونياً جديداً ، فمن سابق الأحكام أن إبرام المعاهدات سلطة بين رئيس الجمهورية والسلطة التشريعية ممثلة فى البرلمان على اختلاف مسمياته أما الأحكام الدستورية الجديدة بشأن المعاهدات تجلت فى أمرين : الأول أن معاهدات الصلح والتحالف وكل ما يتعلق بحقوق السيادة لا يتم التصديق عليها إلا بعد استفتاء الشعب وهو أمر واجب - لا تقدير فيه لسلطة من سلطات الدولة ، وهذا القيد الواجب لا يخاطب فقط السلطة التى تبرم المعاهدة أو السلطة المقرر لها الموافقة فيما يدخل فى اختصاصها الدستورى ، وإنما يمثل النصوص عنه حال لزومه استدعاء سلطة القضاء ولا يدفع أمامه حال تعلق الأمر بفكرة أعمال السيادة ، فتلك الأعمال وإن انطبقت على الحالة الأولى من المعاهدات ،ليس بها الوصف ,وإنما باعتبارها أعمالاً برلمانية مقرر لرقابتها قواعد خاصة , فإن القيود الدستورية والضوابط التى حددتها الفقرتين الأخيرتين من المادة (151) ترفع عن الأعمال المتصلة بها صفة كونها من أعمال السيادة ولا تقوم له أية حصانة عن رقابة القضاء .

الثاني : الحظر الدستورى الوارد فى الفقرة الثالثة من المادة (151) بأنه لا يجوز إبرام أية معاهدة تخالف أحكام تابع الحكم الدستور أو يترتب عليها التنازل عن أى جزء من اقليم الدولة ، وهذا الحظر لا يشمل التنازل فقط وإنما أية مخالفة لمبدأ دستورى أخر.

وهو حظر لا يقف عند سلطات الدولة فحسب وإنما يمتد إلى الشعب ذاته ، والذى قيدت إرادته فى التنازل عن الأراضى أو مخالفة الدستور ، ويظل هذا الحظر قائماً طالما سرى الدستور

استناداً لقاعدة قانونية مستقرة قوامها مبدأ سمو القواعد الدستورية وأنها طالما ظلت سارية ولم تعدل بالآلية الدستورية التى حددها الدستور ذاته تعين احترامها والالتزام بها ليس فقط من سلطات الدولة وإنما من سلطة الإنشاء ( الشعب )، وبالرجوع إلى الأعمال التحضيرية للدستور تلاحظ أن لجنة الخبراء عند وضع نص المادة (1) من الدستور أشارت صراحة إلى اقتراح قُدّم من أحد الأعضاء بالنص صراحة أسوة بدستور عام 1923 على عدم جواز النزول عن أى من اقليم الدولة ( الاجتماع الثانى للجنة الخبراء العشرة لمشروع التعديلات الدستورية فى 23 من يوليه 2013 ص 13 وما بعدها.

كما يتضح الأمر بجلاء لا لبس فيه ولا غموض عند مناقشة وإعداد المادة (145 ) والتى أصبحت فى الدستور الحالي تحت رقم المادة (151 ) ، وعند عرض الجزء الأول من النص الدستورى رجُح فى اللجنة أنها لا تتعلق بمعاهدات الصلح ولا التحالف أو ما يتعلق بحقوق السيادة ( فهذه يفصل فيها ويراقبها البرلمان )، أما المعاهدات الخاصة بالصلح والتحالف وما يتعلق بحقوق السيادة وجميع المعاهدات التى يترتب عليها تعديل فى أراضى الدولة : فذهب رأى إلى وجوب موافقة الشعب أُسوة بالمادة 53 فقرة أخيرة من الدستور الفرنسى ( الاجتماع الثامن للجنة المشار إليها فى 3/8/2013 ص 68 ،69 وبدءًا من ص 73 من الاجتماع المشار إليه ) وتبلور الأمر برأى ذهب إلى أن أى شئ يتعلق بحقوق السيادة لن يكون محلاً
للمعاهدات ثم تبلور الرأى إلى أن المعاهدات التى تتعلق بحقوق السيادة لا يكون لها قوة القانون إلا بعد الاستفتاء عليها وموافقة الشعب ، وقبل الاتفاق على النص الدستورى ذكر أحد الأعضاء ( المستشار ص 73 ، "الجزء الأول من نص المادة 145 ليس فيه أى مشكلة ، الجزء الثانى تجب موافقة مجلس الشعب ( النواب ) بأغلبية ثلثى اعضائه على معاهدات الصلح والتحالف وجميع المعاهدات التى تتعلق بحقوق السيادة يتعين الاستفتاء وموافقة الشعب عليها لكى يستريح ضمير الجميع وأنا مع، ولا يجوز إقرار أى معاهدة تخالف أحكام الدستور أو الإنتقاص من أراضي الدولة، لماذا ؟؟ لأن الحكم هنا سيكون مختلفاً عندما نقول مظهر من مظاهر السيادة مثل قاعدة عسكرية هذا نريد فيه استفتاء أما هنا فى مسألة الانتقاص من أراضي الدولة لم .

تابع الحكم تعرض على الاستفتاء محرم عرضها على المجلس أو الإستفتاء كقاعدة عامة وهذه هى قيمة الإضافة وأنا أوافق على الإضافة" ثم قُرأت المادة بالصوغ الآتى : " يمثل رئيس الجمهورية الدولة فى علاقاتها الخارجية ، ويبرم المعاهدات ويصدق عليها بعد موافقة مجلس الشعب ، وتكون لها قوة القانون بعد التصديق عليها ونشرها، وفقا لأحكام الدستور وتجب موافقة المجلس بأغلبية ثلثى اعضائه جميعاً على معاهدات الصلح والتحالف ، وبالنسبة للمعاهدات التى تتعلق بحقوق السيادة فلا يكون لها قوة القانون إلا بعد الاستفتاء عليها وموافقة الشعب على ذلك .

ولا يجوز إقرار أى معاهدة تخالف أحكام الدستور أو يترتب عليها الانتقاص من اقليم الدولة "، ثم علق المقرر، " لا نريد أن نصعب الأمور نقول فى الجزء الثانى من النص بعد كلمة التحالف وجميع المعاهدات التى تتعلق بحقوق السيادة بشروط الاستفتاء عليها ولا يجوز إقرار أى معاهدة تخالف أحكام الدستور أو تنتقص من اقليم الدولة وتنتهى " .

وإذا كان النص الدستوري للمادة (151) الذى وافق عليه الشعب قد نقل حرفياً ما انتهت إليه لجنة الخبراء بخصوص الفقرة الأولى منه وبتصرف لا يغير المعنى فى الفقرة الأخيرة ، فإن الفقرة الثانية والثالثة من الصياغة النهائية للدستور المستفتى عليها قدّمت وأوجبت دعوة الناخبين للاستفتاء على معاهدات الصلح والتحالف ، وما يتعلق بحقوق السيادة ومنعت التصديق عليها إلا بعد إعلان نتيجة الاستفتاء بموافقة الشعب ، وينعطف من هذه المغايرة معان قانونية ومفاهيم كثيرة يجب أن تُسجل وتُذكر .

أولاً : أن الدستور المصرى رسَخ مبدأ سيادة الشعب فى أعلى صورة فحظر أى التزام دولى على الدولة فيما يتعلق بهذه الأنواع من المعاهدات إلا بعد أخذ موافقة الشعب صاحب السيادة ومصدرها ، فالتصديق وهو من سلطة رئيس الجمهورية مشروط بموافقة الشعب عبر استفتاء واجب ، وفيه يحل الشعب محل السلطة التى تقوم مقامه بالتشريع والرقابة ، وعلى رئيس الجمهورية أن يخاطب الشعب مباشرة طالباً رأيه الفاصل والملزم فى أية معاهدة محلها الصلح أو التحالف أو تتعلق بحقوق السيادة . والترتيب المنطقى للأمور أن يتوجه رئيس الجمهورية إلى الشعب طالباً رأيه ، فإن أجاب طلبه بالموافقة استكملت إجراءات الاتفاق الدولى ، وإن كان له رأى آخر زال أى اتفاق أو إجراء سابق تم اتخاذه

ثانياً : أن التنازل عن أى جزء من إقليم الدولة أو إبرام معاهدة تخالف أحكام الدستور المصرى فرادى أو مجتمعة تعد من الأمور المحظور إبرام أى اتفاق دولى بشأنها ولا تعرض على الشعب الذى أعلن إرادته عبر دستوره وحاصله
إنه لا يُقبل التنازل عن أى جزء من الأرض أو مخالفة أى حكم من أحكام الدستور الذى يمثل الوعاء الأصيل للنظام القانونى الحاكم من ناحية والضمان الوحيد لاستقرار نظام الحكم من ناحية أخرى .

وقد جرى نص المادة (197) من القانون رقم 1 لسنة 2016 بشأن اللائحة الداخلية لمجلس النواب - المنشور في الجريدة الرسمية في العدد (14)مكرر ب بتاريخ 13/4/2016 ليعمل به اعتباراً من اليوم التالى لنشره الموافق 14/4/2016 وفقاً للمادة الثانية من مواد اصداره على أن :

" يبلغ رئيس الجمهورية المعاهدات التى يبرمها إلى رئيس المجلس ، ويُحيلها الرئيس إلى لجنة الشئون الدستورية والتشريعية لإعداد تقرير فى شأن طريقة إقرارها وفقًا لحكم المادة (151) من الدستور، وذلك خلال سبعة أيام على الأكثر من تاريخ إحالتها إليها.

ويعرض رئيس المجلس المعاهدات وتقارير لجنة الشئون الدستورية والتشريعية فى شأنها فى أول جلسة تالية ، ليقرر إحالتها إلى اللجنة المختصة أو طلب دعوة الناخبين للاستفتاء عليها بحسب الأحوال.


وفى غير الأحوال المنصوص عليها فى الفقرتين الأخيرتين من المادة (151) من الدستور، يكون للمجلس أن يوافق على المعاهدات أو يرفضها أو يؤجل نظرها لمدة لا تجاوز ستين يوما ، ولا يجوز للأعضاء التقدم بأى اقتراح بتعديل نصوص هذه المعاهدات ويُتخذ قرار المجلس فى ذلك بالأغلبية المطلقة للحاضرين.

ولرئيس المجلس أن يُخطر رئيس الجمهورية ببيان يشمل النصوص والأحكام التى تتضمنها المعاهدة والتى أدت إلى الرفض أو التأجيل.

وإذا أسفر الرأى النهائى عن موافقة المجلس على المعاهدة، أُرسلت لرئيس الجمهورية ليُصدق عليها، ولا تكون نافذة إلا بعد نشرها فى الجريدة الرسمية.

ولا يتم التصديق على المعاهدات المشار إليها فى الفقرة الثانية من المادة (151) من الدستور، إلا بعد إعلان نتيجة الاستفتاء عليها بالموافقة."

ولامرية أنه بموجب الحظر الدستورى المذكور يمتنع على كافة سلطات الدولة التنازل عن أى جزء من اقليم الدولة وتلحق ذات الصفة بأى اجراء سابق لم يراع

تابع الحيثيات أن الحدود الدستورية السارية حال اصداره، وبهذه المثابة يكون توقيع رئيس الوزراء على الاتفاق المبدئى - حسب التعبير الجهة الادارية الطاعنة – بتعيين الحدود البحرية بين جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية متلحفاً برداء غير مشروع فى اتفاقية تبدو كأعجاز نخل خاوية فليس لها في الحق من باقية , وبنص المادة (197) من اللائحة الداخلية لمجلس النواب سالفة البيان تحدد الاختصاص واستقام تخومه وهو يؤكد بقطع القول أن تغييراً فى الاختصاص لسلطات الدولة قد ولد من رحم الدستور السارى واضحت يد مجلس النواب هى الأخرى بنص الدستور والقانون معاً مغلولة ومحظورة عليه مناقشة أية معاهدة تتضمن تنازلاً عن جزء من إقليم الدولة ومنها الجزيرتين محل الطعن الماثل , وما يخالف ذلك من جانب السلطتين التنفيذية والتشريعية هو والعدم سواء

ومن حيث إنه وبالبناء على ما تقدم ، فإن ما استندت إليه محكمة القضاء الإدارى فى أسباب حكمها الطعين وما أوردته هذه المحكمة من أسباب وفى أطار التوازن الدستوري بين نص المادة (97) والمادة (190) من الدستور الحالي - والتى حظرت أولها ، تحصين أى عمل أو قرار إدارى عن رقابة القضاء وأحكام الدستور فى عديد من المواد التى انصرفت إلى تعديل فى حدود السلطات الممنوحة لسلطات الدولة وبمقتضاها غدت جُلَ السلطات محددة النطاق ومشروطة الممارسة ، فإن الحكم المطعون فيه فيما قضي به من رفض الدفع المبدى من – المدعى عليهم بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى – بصفتهم – فى الدعوى يكون قائماً على عُمد من الواقع والقانون ، وصادراً فى إطار أحكام القانون والدستور ، ولا يسوغ – والحال كذلك - للسلطة التنفيذية اجراء عمل أو تصرف ما محظور دستورياً ويكون لكل ذى صفة أو مصلحة اللوذ إلى القضاء لإبطال هذا العمل ، ولا يكون لها التذرع بأن عملها مندرج ضمن أعمال السيادة ، إذ لا يسوغ لها أن تتدثر بهذا الدفع لتخفى اعتداءً وقع منها على أحكام الدستور وعلى وجه يمثل إهداراً لإرادة الشعب مصدر السلطات ، وإلا غدت أعمال السيادة باباً واسعاً للنيل من فكرة سيادة الشعب وثوابته الدستورية وسبيلاً منحرفاً للخروج عليها وهو أمر غير سائغ البته ، وترى المحكمة إظهاراً لوجه الحق والقانون – وقبل التعرض للأسباب التى قام عليها تقرير الطعن الماثل - الإشارة إلى قرار رئيس جمهورية مصر العربية رقم 535 لسنة 1981 بشأن الموافقة على معاهدة فيينا لقانون المعاهدات الموقعة فى فيينا عام 1969 ، حيث نصت المادة الأولى - مادة وحيدة - من القرار المشار إليه – وكما ورد فى ديباجته – " بعد الاطلاع على الفقرة الثانية من المادة (151) من الدستور على " الموافقة على معاهدة فيينا لقانون المعاهدات الموقعة فى فيينا بتاريخ 23/5/1969 مع التحفظ بشرط التصديق ، ومع ابداء التحفظ التالى على وثيقة الانضمام ." أن جمهورية مصر العربية لا تُعتبر منها طرفاً فى إطار الباب الخامس من المعاهدة فى مواجهة الدول التى تبدى تحفظات على وسائل التقاضى والتحكيم الإلزامية الواردة فى المادة (66) وفى ملحق المعاهدة.

كما إنها ترفض التحفظات التى ترد على الباب الخامس من المعاهدة "
ومن الأحكام التى تندرج تحت مفهوم التحفظات المشار إليها ما ورد بحكم المادة (47) من قانون المعاهدات التى تقضي بأنه إذا خضعت سلطة الممثل في التعبير عن موافقة دولة ما على الالتزام بمعاهدة معينة ، فإن عدم التزامه بهذا القيد لا يجوز أن يتخذ حجة لإبطال الموافقة التى عبر عنها المُمثل ما لم تكن الدول المتفاوضة قد أخُطرت بالقيد قبل قيام الممثل بالتعبير عن هذه الموافقة ، ولا ريب أن استناد ديباجة القرار الجمهورى المشار إليه إلى أحكام الفقرة الثانية من الدستور السارى حال صدوره (دستور 1971) قد حددت ممثل الدولة المصرية واجراءات ابرام المعاهدة وفى ظل هذا الدستور تكون المكاتبات الصادرة عن مسئولين مصريين – دون - رئيس الجمهورية أو بعد اتخاذ اجراء موافقة مجلس الشعب على أى تصرف بخصوص الجزيرتين – محل التداعى – لا أثر لها خاصة فى ظل إعلاء مصر من شأن أحكام دستورها بالقرار المشار إليه وما أوجبه من إجراءات على ابرام المعاهدات بتحفظها على معاهدة من المعاهدات الشارعة والمنظمة لقواعد الاتفاق الدولى ، وأن المحاججة بخطابات أو اجتماعات أو اتصالات صدرت عن مسئولين مهما علت وظائفهم - فضلاً عن مخالفته لأحكام القرار الجمهورى المتضمن قواعد التصديق على الاتفاق الدولى - فإنها لا تمثل مانعاً أمام القضاء الداخلى من التعرض للإجراء الذى تقوم به الحكومة حالياً فى ظل دستور جديد تمسك بموروث دستورى يحمى حق الدولة على أرضها ورادعاً لكل اعتداء على سيادتها ،أو ينال من شواهد سيادة مصر على الوجه الذى عرضته أو ستعرضه المحكمة فى اسباب حكمها .

كما أن قرار رئيس الجمهورية رقم 27 لسنة 1990 لم يتضمن أى تعديل على التحفظ الوارد بقرار رئيس الجمهورية رقم 535 لسنة 1981 ( وسيرد فى اسباب الحكم مدلول القرار الجمهورى رقم 27 لسنة 1990 المشار إليه وأثره فى النزاع ) وقاطع القول ينصرف إلى أن التحفظ على الانضمام لهذه المعاهدة





الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;