تشتهر القاهرة بالعديد من الميادين المختلفة والتى لها تاريخ اصيل يكاد لا يعرفه إلا القليل ، ولكل ميدان قصة خاصة به تميزه وتحكى تاريخة الطويل منذ نشأته إلى ما وصل إليه الأن بعضاً منها صحيح وبعضاً منها تم تأويله وتوارث من جيل لجيل إلى أن عرف بهذه القصة.
ميدان مصطفى كامل أو كما كان يسمى قديما ميدان " البدروم" أو "سوارس" هو احد الميادين الشهيرة والتى يمر بها آلاف البشر يومياً دون معرفة تاريخ هذا الميدان وما يحتويه من أسرار يجهلها الكبير قبل الصغير فهو ميدان صغير يقع عند تقاطع شارع محمد فريد بشارع قصر النيل بمنطقة وسط البلد ، يتوسط الميدان تمثال للزعيم مصطفى كامل وتحيط به بنايات عريقة لها تاريخ أصيل .
تعود قصه هذا الميدان إلى عام 1807 م عندما قرر الخديوى اسماعيل تطوير القاهرة لتضاهى مدن اوروبا وتصبح نسخة من المدينة الفرنسية باريس مستعيناً بخبراء أجانب ، وتم تقسيم منطقة وسط البلد إلى ميادين مختلفة وظلت منطقة ميدان مصطفى كامل أرض فضاء إلى أن تعاقد الخديوى مع مهندس سويسرى من أجل بناء مضمار لسبق الخيل وعروض السيرك بجوار منطقة الميدان سمى بـHIPPODROME وتعنى مضمار الخيل باليونانية ، وسمى الميدان وقت ذلك بنفس الاسم ميدان "الهيبدروم"ونظراً لعصوبة نطق الاسم تم تحريفه وسمى ميدان " البدروم" .
ظل الميدان يحمل أسم " البدروم " حتى عام 1875 م عندما قام رجل الأعمال اليهودى " رافاييل سوارس " بتوسيع نشاطه الاقتصادى فى مصر وبدأ تأسيس شركة نقل ركاب تحمل أسم العائلة " سوارس" إلى جانب استثماراته فى السكة الحديد والمياه وشراء الأراضى بأرقى المناطق ومنها قطعة أرض بمنطقة ميدان "البدروم" وقرر بناء قصر له بهذه المنطقة وسمى بقصر "سوارس" وبدأ الميدان يكتسب الاسم من القصر الفخم الذى بنى بالمنطقة إلى أن أصبح معروف لدى الجميع بميدان"سوارس" حتى تم هدم القصر وبناء عمارة جديدة سميت بنفس الاسم "سوارس" ليظل الميدان مكتسب نفس الاسم ايضاً .
بعد وفاة الزعيم الوطني مصطفى كامل سنة1908 ببضع سنوات ظهر من ينادى بإقامة تمثال يخلد ذكراه ، و تم عمل اكتتاب عام وجمعت الأموال وقام الزعيم محمد فريد بالاتفاق مع نحات فرنسي شهير يدعى "ليوبولد سافين" ليقوم بنحت تمثال للرزعيم مصطفى كامل ، وأتم النحات الفرنسى العمل بنجاح ونحت التمثال من قطعتين منفصلتين الأولى وهى العليا وتمثل صورة مصطفى كامل مكبرة فى ملابسه الرسمية الملكية «الردنجوت» واقفاً وقفة الخطيب الناهض المتحمس، ومستندا بيده اليسرى على تمثال مصغر لأبى الهول ، مشيراً بسبابته اليمنى ، وأرسل التمثال بعد انتهائه إلى مصر لكن الملك فؤاد ملك البلاد فى ذلك الوقت رفض وضعه في أحد الميادين وتم تخزينه .
في عام1940 م تجددت فكرة وضع تمثال مصطفى كامل فى أحد الميادين الشهيرة تخليداً لذكراه العظيمة وتم طرح الأمر على الملك فاروق ملك البلاد فى ذلك الوقت و كان أكثر تحررا وتفتحاً من والده الملك فؤاد ووافق على وضع التمثال فى أحد الميادين وتم اختيار ميدان "سوارس " ليتم وضع التمثال به كما وفاق أيضا على تحويل أسم الميدان إلى ميدان "مصطفى كامل " تمجداً لذكرى الزعيم ، وتم تنصيب التمثال فى احتفال شعبى أقيم فى نفس العام ليظل هناك حتى الآن يقف على قاعدة كتب عليها تاريخ ميلاد ووفاه الزعيم مصطفى كامل مع بعض الكلمات الشهيرة له .