رغم أن الفنانة شادية تزوجت عدة مرات إلا أنها لم تنجب، مع العلم أنها حملت مرتين ولكن الحمل لم يكتمل، ورغم اعتذارها عن فيلم "غروب وشروق" والتى رشحت له السندريلا سعاد حسنى بعد ذلك حتى تحافظ شادية على الحمل، ورغم ذلك فإن ربنا لم يرد لحملها أن يكتمل، ومع ذلك شادية كانت دائما ملك الجميع وأعطتنا أعظم مثال فى أن الأمومة إحساس أكثر منه إنجاب، وأعطت جميع الأمهات درسا فى الأمومة الحقيقية، من منا لم تشعر بأمومة شادية حين غنت "يا روح ماما" فى فيلم "الستات ما يعرفوش يكدبوا" أو أغنية "سيد الحبايب" من فيلم "المرأة المجهولة"، شادية ملحمة لم تنته بعد.
وعن الأقاويل والشائعات حول أن ابن عماد حمدى هو ابن شادية "السر الذى لطالما ظلت تخفيه عن الجميع فإننا نكشف هذا السر ونعرض بوضوح حقيقة ما تردد عنه، نظرا للحقوق الأدبية والمهنية التى تحتم علينا ذلك "وإحقاقا للحق".
لم تر شادية نادر عماد حمدى منذ سنوات طويلة وبالتحديد منذ وفاة أمه الحقيقية، وحينها أصبحت شادية هى أمه الفعلية والروحية، لكن أمومتها كانت فوق قدرها، وربما فى أحد تلك الأيام شعرت شادية وهى تضم طفل عماد حمدى من زوجة أخرى إلى صدرها أنه ابنها الحقيقى.
ولم يستمر زواج شادية وعماد حمدى طويلا، فبعد 3 سنوات تقريبا انتهى زواج شادية التى كانت وقتها من جميلات السينما المصرية، وكانت شابة لم تبلغ بعد الثالثة والعشرين من عمرها، حين انفصلت عن فتى الشاشة الأول عماد حمدى، والذى كان حينها تعدى الأربعين من عمره.
ومرت السنوات.. وكبر الصغير نادر عماد حمدى والتحق بمعهد السينما وذات يوم أخبره والده عماد حمدى أنه يشارك فى بطولة فيلم "الناس والنيل" مع شادية وصلاح ذو الفقار وكان يوسف شاهين هو مخرج الفيلم الذى يجرى تصوير معظم أحداثه فى أسوان.
واقترح عماد حمدى على ابنه نادر الطالب فى "معهد السينما" أن يذهب معه إلى أسوان ليشاهد المخرج الكبير يوسف شاهين وهو يقوم بإخراج الفيلم، وفى أسوان وداخل موقع التصوير وجد الشاب نادر عماد حمدى نفسه فجأة أمام شادية التى لم تتعرف عليه بسهولة.
وقال لها عماد حمدى: تعرفى مين ده يا شادية؟
سألته شادية: مين؟
قال لها عماد حمدى: ده نادر ابنى.
فاندفعت شادية وسط دهشة الممثلين والعاملين فى الفيلم تحتضن نادر، وتأخذه معها إلى حجرتها فى الفندق الذى كانت تقيم به فى أسوان، وهناك فوجئ نادر بأن شادية تطلب منه رقم تليفون والدته فتحية شريف.
قصة شادية مع زوجة عماد حمدى الأولى "ضرتها"
طلبت شادية عبر التليفون زوجة عماد حمدى الأولى وقالت لها: فتحية.. يا ريت تسامحينى على حكاية جوازى من عماد؟
قالت لها فتحية شريف: ياه يا شادية.. انت لسه فاكرة؟ ده كلام بقاله سنين وانتى وقتها كنت صغيرة خالص! سألتها شادية: يعنى سماح؟
قالت زوجة عماد حمدى: من كل قلبي! ردت شادية: يبقى لازم نكون أصحاب.
قالت فتحية شريف: واخوات كمان.
وهذا ما حدث بالفعل وتوطدت أواصر الصداقة بين شادية وزوجة عماد حمدى الأولى وكان عماد حمدى فى ذلك الوقت قد ترك بيته وتزوج من نادية الجندى.
وكانت شادية تحاول أن تخفف من صدمة فتحية شريف، وكانت تتصل بها وتزورها باستمرار وأحيانا كان جرس تليفون فتحية شريف يدق فى الصباح وتفاجأ بشادية تقول لها: صباح الخير يا فتحية انا نفسى فى الطعمية وجاية أفطر معاكي! وتسرع فتحية إلى المطبخ لعمل الطعمية وتحضر شادية وتجلس الاثنتان لتناول الطعمية والمخلل وهما يتحدثان فى سعادة.
وكانت فتحية شريف تقول لابنها نادر: شادية دى يا ابنى زى أمك، دى إنسانة بنت ناس وقلبها أبيض زى الحليب وهى اللى حاتفضل لك بعد أنا وأبوك ما نموت! وصدق إحساس فتحية شريف.
ماتت فتحية شريف زوجة عماد حمدى الأولى، وانتقل نادر وزوجته ليعيشان مع والده عماد حمدى والذى كان قد انفصل عن نادية الجندى.
وكانت صحة عماد حمدى قد ساءت كثيرا وخاصة بعد وفاة توأمه الوزير المفوض السابق عبد الرحمن حمدى.. وأصيب عماد حمدى بحالة اكتئاب شديد واعتزل فى البيت ورفض مقابلة الناس، وطال شعره وانسدل على كتفيه.
وكانت شادية كل فترة تتصل بنادر وتقول له: خلى بالك يا حبيبى من بابا.
وعاش عماد حمدى آخر أيام الندم والمرض، ثم رحل عن الحياة فى هدوء، لكن الابن نادر لم تعرف حياته الهدوء من بعدها، وقد تخرج فى معهد السينما وعمل مصورا صحافيا فى وكالة أنباء الشرق الأوسط.
وطوال هذه السنوات لم تتخل عنه شادية كانت باستمرار تتصل به وتسأل عنه وعن أولاده الصغار وأكبرهم اسمه عماد.
وفجأة توفيت زوجة نادر، وفى نفس اليوم أسرعت إليه شادية واحتضنت أطفاله الثلاثة الصغار وأخذتهم معها فى سيارتها واشترت لهم ملابس ولعبا كثيرة حتى تهون عليهم.
وقبل أن يحين موعد الدراسة كل سنة كانت شادية تشترى لأولاد نادر ملابس المدرسة وتسدد المصروفات الدراسية، وفى كل شهر ترسل مع سائقها مظروفا إلى نادر ما أن يفتحه حتى يجد فيه أوراقا مالية يقربها من أنفه فيشم فيها بوضوح "المسك" عطر شادية.
وأصبح نادر عماد حمدى يشعر بأن شادية بالفعل هى أمه، وفى بعض اللحظات كان يتذكر فيلمها الشهير الذى تغنى فيه لطفلها أغنيتها الجميلة الرائعة "يا ضنايا انت".
ولم يرث نادر عن والده عماد حمدى شيئا لا أموال ولا عقارات ولا حتى الشبه فى الملامح، شىء وحيد ورثه عن عماد حمدى القلب الضعيف.. فقد مات عماد حمدى بأزمة قلبية.
وذات يوم شعر نادر بآلام شديدة فى صدره وعندما فحصه الأطباء قرروا أنه لا بد له من إجراء عملية القلب المفتوح وتغيير أربعة شرايين فى قلبه! ولم يعرف نادر ماذا يفعل؟ لم يكن يملك غير راتبه من وظيفته، وهو بالكاد يكفى تكاليف حياة أسرته.
وأرسلت شادية إلى نادر مبلغ 10 آلاف جنيه لشراء الأدوية المطلوبة فى الحال والاستعداد للسفر.. وبينما هى تجرى الاتصالات لإنهاء سفره صدر فجأة قرار من الدولة بسفر نادر لإجراء الجراحة فى الخارج على نفقة الدولة.
يقول نادر عماد حمدي: كلما ضاقت الدنيا فى عينى وكلما شعرت بأننى مخنوق تكون هناك دائما "ماما شادية" وكلما تولانى اليأس وشعرت بأننى وحيد فى هذه الدنيا أمد يدى إلى سماعة التليفون وأطلبها.
الشيخ الشعراوى كلمة السر فى اعتزال شادية.. "لا تعكرى اللبن الصافى"
حين قررت الفنانة شادية اعتزال الفن اعتقد البعض أنه قرار وقتى، لأنه جاء مفاجئا للجميع خاصة أنها كانت فى عز الشهرة والتألق والوهج الفنى، إلا أنها أثبتت للجميع على مدار سنوات عدة، أنها صلبة القرار ولم يستطع أحد أن يثنيها عن قرارها أو يلقى بها مرة أخرى إلى عالم الفن رغم كل بريقه وأضوائه، ولا يمكننا أن نغفل أن شادية رفضت بعد اعتزالها إجراء أى أحاديث صحفية، إلا أن الإعلامية هالة سرحان نجحت فى كسر هذا الحاجز وقامت بإجراء حوار معها عام 1994.
ونعتقد أن محبى "الدلوعة" يريدون أن يتعرفوا على قصة اعتزال محبوبتهم، ونسرد فى سطور هذا القرار الصعب كيف جاء، ولماذا فكرت فيه؟ حيث قالت شادية بنفسها فى إحدى اللقاءات الصحفية: "القرار جاء فى ثوانى، بعد أغنية خد بإيدى قررت الاتجاه لهذا اللون، فأحضرت مؤلفين وملحنين وجلسنا نسجل أغانى فى الريكوردر لأحفظها، فوجدتنى لا أستطيع أن أحفظ، وكأنها رسالة إلهية، مخى فى الصلاة وقراءة القرآن، فقلت يا رب أعمل إيه، آجى أحفظ مش قادرة".
وأكملت: "أسرعت وركبت سيارتى بعد صلاة الظهر تقريبا، وذهبت للشيخ الشعراوي، وقلت له أنا جاية أسألك فى حاجة وأمشى، أنا بعد ما غنيت خد بإيدى، قلت يا رب أنا هغنى أغنيات دينية بس، وأنا دلوقتى مش قادرة أحفظ وعاوزة أتحجب"، فقال لها الشيخ الشعراوى: "انسى إنك شادية المغنية، فأنت الآن سيدة فاضلة عرفت طريق الحق تبارك وتعالى"، وبالفعل كانت هذه الكلمات بداية تحول شادية الحقيقى، ومنذ تلك اللحظة انقطعت صلة شادية تماماً عن عالم الفن.
ويحكى الدكتور محمود جامع فى كتابه أن "اللقاء الأول بين شادية والشعراوى كان مصادفة فى مكة المكرمة عندما خرجت من المصعد ودخله هو ولم يكن يعرفها، فبادرت بتحيته قائلة: "عمى الشيخ الشعراوى، أنا شادية"، فرحب بها، فقالت له: "ربنا يغفر لنا"، فقال لها: " إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَىٰ إِثْمًا عَظِيمًا".
وحين قرر مهرجان القاهرة السينمائى تكريمها وانتظر الجمهور رؤيتها اتصلت بالشيخ الشعراوى لتأخذ رأيه فى حضور حفل تكريمها قال لها "لا تعكرى اللبن الصافى"، فرفضت الحضور.
وظلت الفنانة شادية حتى وقتنا هذا لم تتراجع عن قرار الاعتزال رغم كل الإغراءات التى فُرِشت تحت أقدامها، وحتى بعد رحيل سندها الشيخ الشعراوى لم يستطع أحد التأثير عليها، فكانت المثل والقدوة فى التوبة والرجوع إلى الله، ولهذا أبقاها الله فى قلوب الجميع رغم غيابها واعتكافها بمنزلها، "فضلت رضا الله" فأرضاها بحب الناس.
