جلسة تاريخية يتحد فيها الاغلبية و المعارضة على قلب رجل واحد ، مدافعين عن الاشراف القضائى الممتد على الانتخابات كضمانة لنزاهة الانتخابات و ابعاد شبهة التزوير عنها .
يناقش البرلمان خلال الجلسه عامة المنعقدة الان مشروع قانون الهيئة الوطنية للانتخابات ، فى نص تقدمت به الحكومة و التعديلات التى اجرتها اللجنة التشريعية عليه .
و قد بدأت المناقشة على صفيح ساخن ، حيث ثار النواب على المادة الاولى و هى مادة مفسرة للمصطلحات الواردة فى القانون ، و قد استشاطت قاعة الجلسة العامة غضباً عندما رفض عبد العال التمسك بالتعديل الذى اجرته اللجنة الدستورية فيما يتعلق بتفسير لفظين هما " اللجان " و " الاعضاء " .
حيث ينص مشروع الحكومة على تفسير اللجان بأنها " اللجان التى تشكلها الهيئة للقيام بإدارة و متابعة الاستفتاءات و الانتخابات وفقاً لأحكام هذا القانون " .
و قد اجرت اللجنة التشريعية تعديل على هذا التفسير ورد نصه كالتالى " اللجان: اللجان التى تشكلها الهيئة للقيام بإدارة و متابعة الاستفتاءات و الانتخابات وفقا لأحكام هذا القانون ، على ان يكون لكل صندوق عضو هيئة قضائية من احدى الجهات و الهيئات القضائية " .
أما تفسير الأعضاء فقد ورد بنص الحكومة " الأعضاء : رؤساء و أعضء اللجان ".
و تعديل اللجنة التشريعية فنص على " الأعضاء : العاملين بالجهات و الهيئات القضائيةو المعاونين لها ".
و هذا يعنى أن اللجنة التشريعية تمسكت بالإشراف القضائى الكامل على كل صندوق ، و هذا ما اعترض عليه على عبد العال رئيس مجلس النواب ، متمسكاً بمشروع الحكومة و متحججاً أن تعديل اللجنة التشريعية يشوبه عدم الدستورية لانه مخالف للمادة 210 من الدستور و التى تنص على أن يكون الإشراف القضائى لمدة 10 سنوات فقط من تشكيل الهيئة على أن تتولى جهات أخرى غير قضائية الاشراف على الانتخابات فينا بعد .
و هنا اعترض النائب ضياء داوود بشدة و طلب الكلمة لكن عبد العال رفض اعطاءه حق الكلمة و رد بعصبية شديدة " المشرع الدستورى لا يقول كلام فى الهوا " ، حيث كان عبد العال احد أعضاء لجنة العشرة التى تم تشكيلها بقرار جمهورى أصدره الرئيس السابق عدلى منصور و منحها مهمة اجراء تعديلات دستورية على دستور 2012 ، و هى التى اخرجت المادة 210 فى صورتها الاخيرة و ظل عبد العال يدافع عن نص الحكومة من باب الدفاع عما انتجته لجنة العشرة ، و فى ظل ثورة النواب ضده كرر أكثر من مرة مقولة " لا أصوت على أمر مخالف للدستور " و هذا يعنى أن عبد العال ضرب عرض الحائط بإعتراض النواب ، فوقف النائب خالد يوسف و قال موجهاً كلامه لعبد العال : " خلّى القاعة تقول رأيها و بعدين قول رأيك " .
و قال النائب محمد أبو حامد " الاجواء السياسية التى كتب فيها الدستور تؤكد أن 10 سنوات كانت حد ادنى قابل للزيادة ".
و جدد عبد العال اعتراضه بشكل عصبى اثار حفيظة كافة النواب ، حيث استشعروا ان عبد العال انتقل من مقعد الرئيس المشرف على ادارة الجلسة الى طرف مدافع عن مشروع الحكومة فى مواجهة النواب المتمسكين بالاشراف القضائى الكامل على العمليات الانتخابية .
و هنا حاول عمر مروان وزير شئون مجلس النواب تبرير نص الحكومة قائلاً : " انا سعيد بهذه الثقة فى السلطة القضائية ، لكن فلسفة القانون تؤيد الاستفادة من من الخبرة القضائية فى إدارة الانتخابات لمدة 10 سنوات فقط و ننشئ بجانبها كوادر تدير الانتخابات فيما بعد ".
و لن فشل مروان فى احتواء ثورة النواب إلى أن طالب النائب محمد السويدى زعيم الاغلبية الكلمة و قال " لا انا و لا غيرى كنا هندخل المجلس بدون الاشراف القضائى ، انا لست رجل قانون لكن اللى فهمته من المادة 210 من الدستور أن 10 سنوات هى حد ادنى ، و مازال المجتمع متخوف من تزوير الانتخابات ".
و هنا رد عبد العال مستنكراً: " حتى بعد 10 سنوات ؟!!"
فقال السويدى " اه يا فندم .. الاشراف القضائى افرز العدالة فى العملية الانتخابية ، و انا عشت حياتى كلها مدخلتش المجلس الا بالاشراف القضائى ".
و هنا إنقلب الوضع داخل الجلسة و استشعر عبد العال ان اتحاد نواب الاغلبية و المعارضة فى مواجهته ، فخفف من حدته و قال " يبدو الان أن الاغلبيةو المعارضة فى اتجاه واحد ، و بعد 10 سنوات أنا مش هكون موجود ، و كان هدف لجنة العشرة هو ادماج باقى مؤسسات المجتمع المستقلة فى العملية الانتخابية و عدم قصرها على القضاء وحده " .
و قال النائب أسامه هيكل " اذا كان هناك نص دستورى سيعيد المجتمع للخلف بهذا الشكل ، فالاولى هو تغير النص الدستورى لا التمسك به " .
و هنا انصاع عبد العال لطلب النواب و اجرى تصويت على المادة الأولى و المادة 34 التى تنص ايضا على الاشراف القضائى الكامل فى النص المعدل من اللجنة الدستورية و تمرير المادتين بإجماع النواب الحاضرين .