أطباء نفسيون يكشفون المسكوت عنه فى حوادث "اغتصاب الأطفال".. "الصحة العالمية": المتحرش بصغار السن مضطرب سلوكيًا وليس مريضًا نفسيًا.. ومطالب بإنشاء مراكز لتأهيل الضحايا نفسيًا فى مصر

تستيقظ فى منتصف الليل وتكسر حائط الصمت بصرخات متتالية تجعل من فى البيت يهرول إلى غرفتها فى حالة من الذعر لا يعرفون ما أصابها ومن الذى تجرأ على اقتحام غرفتها فى هذه الساعات المتأخرة، وعند رؤيتها على سريرها يتضح أن كل شىء من حولها هادئ إلا من صرخاتها وحركات أيديها وهزات جسدها المتواصلة، وكأنها تقاوم شخصا عنيفا لا يريد تركها أبدا، يتعجب أهلها لأنهم لم يروا شيئا مما تحاربه ابنتهما فهو صراع داخلى غير مرئى إلا لضحيته التى عانت حالة اغتصاب منذ سنوات ولا تعبر عن وجعها إلى أن خرج هذا اليوم، ولم تكن وحدها التى تعانى بل آلاف غيرها ممن تعرضوا لنفس الحادثة. انتشرت حالات اغتصاب الأطفال ولعل حالة "طفلة البامبرز" ليست الأولى ولكنها الأبشع، إذ اغتصب شخص رضيعة لا يتعدى عمرها عشرين شهرا، وهو الأمر الذى يجعلنا نتطرق لهذا الأمر بشكل أكبر ونتحدث عن نفسية مغتصب الأطفال الصغار وهل يوجد مرض نفسى يخص هذا النوع من الخلل النفسى واكتشافه، أم أنها أفعال إجرامية انتقامية، وكيف يتم التعامل مع الأطفال بعد اغتصابهم خاصة أنهم عرضة لأمراض نفسية مختلفة. الملامح السلوكية لمغتصب الأطفال قال الدكتور جمال فرويز، استشارى الأمراض النفسية بالأكاديمية الطبية، إن أغتصاب الأطفال نوع من انواع الشذوذ الجنسى، والخروج عن المألوف، وممارسة الجنس مع الأطفال أو كبار السن أو الموتى أو الحيوانات تم تصنيفه وفقا لمنظمة الصحة العالمية على أنه اضطراب سلوكى، وليس مرض نفسى منذ عام 1992، وخرج عن إطار الأمراض النفسية. وأضاف فرويز، أن المغتصب شخصية سيكوباتية تتصف بالسلبية واللامبالاة وعدم الاهتمام بعواقب ما يفعله والنمطية من خلال تكرار نفس الأخطاء، أما الشخص الذى لا يكون له سوابق وفعل ذلك لأول مرة وكان سلوكه قويما ولكنه فعل ذلك بشكل مفاجئ، فمن الممكن أن يكون مصابا بورم فى الصدغ الجانبى للمخ، ويكون برىء من تصرفاته وغير واعى لها إنما مرضه هو السبب، موضحا أن الحل فى هذه الحالات بإجراء رنين مغناطيسى لتشخيص المرض، وإزالة الورم ليصبح طبيعيا، وتصاحب هذه الحالة صداع وثقل فى يديه. وفى ذات السياق لفتت الدكتورة هبة العيسوى، أستاذ الطب النفسى بجامعة عين شمس، إلى أن شخصية المغتصب امتزاج ما بين السمات الإجرامية والسادية، لأن الطفل أو الطفلة المعتدى عليها ستبكى وتصرخ من الألم، ومنها يتلذذ هو بسماع آلام الآخرين، ولا يفرق معه السن، والجزء الثانى أنه يشعر بنوع من السيطرة، فى حالات كثيرة يكون الاعتداء نوعا من الإجرام أو تخليص حق مع أهلها، فهو يكون شخصية تميل لغير المألوف فيجرب فعل ذلك مع طفل رضيع ويكون أيضا اندفاعيا جدا. فيما أكدت الدكتورة أسماء عبد العظيم ، أخصائى العلاج النفسى والعلاقات الأسرية، أن الشخص المغتصب ليس مريضا نفسيا، ويمكن أن يصنف مضطرب جنسيًا، مع غياب الضمير الأخلاقى والوازع الدينى والنفسى، بالإضافة إلى كونه شخصا أنانيا، مع غياب النضج النفسى. وحدد الدكتور محمد هانى، استشارى الصحة النفسية والعلاقات الأسرية، ملامح المغتصب النفسية، فإنه مريض ومصاب بهلاوس جنسية، ويتحرش فى أى مكان، ويتأمل فى جسم الأشخاص المارين أمامه، ونصدر عنه سلوكيات مثل التلامس العضوى، أو التحرش اللفظى من جانبه، ويتعامل مثل الحيوان لا يتحكم فى غرائزه ويكون مشوشا فى تفكيره. حالات اغتصاب أطفال واجهها الأطباء وأوضح الدكتور محمد هانى، أنه واجهته حالة فتاة تعرضت للتحرش والاغتصاب وهى فى عمر 7 سنوات، وكانت مدركة لما يحدث، وظلت متذكرة هذه الحادثة والطريقة التى تم استدراجها بها، وتم التعامل معها وتأهيلها نفسيا، وكذلك تعريفها أنه ليس ذنبها، وكيف تعدل من سلوكها وأماكن يمكن التواجد فيها وأخرى لا، مؤكدا أن تعليم الطفل وتوعيته بالتحرش يجب أن يبدأ من سن 4 سنوات بطرق بسيطة، ومعرفته ألا يقترب أحد من أعضائه الحساسة. ومن جانبها، أكدت هبة عيسوى، أن حالات اغتصاب الأطفال يكون فى الطبيعى من عمر 7 سنوات، لأن الطفل يصبح له معالم، فيساعد ذلك على إثارة الجانى، ولكن المخيف فى حالة طفلة البامبرز أن المجنى عليها هنا هى كتلة لحم صغيرة ولا يوجد لها معالم ولا أى شىء يثير الجانى فذلك نوع مخيف من الشخصيات. وأضافت العيسوى، أنه توجد حالة تعرضت لاغتصاب وعمرها 12 سنة وحاليا وصل عمرها إلى 28 سنة، وفجأة أصبحت تحلم بكوابيس ولا تنام ليلا وتتذكر نفس حادثة الاغتصاب وشكل المجنى عليه والألم وكل شىء، وهو ما يسمى باضطراب ما بعد الصدمة، فإنها لا تتلقى التأهيل النفسى المناسب بعد الحادثة ولا التعامل التربوى الجيد، ومنه بدأت الأعراض طويلة الأمد فى الظهور عليها. الأمراض النفسية التى تهدد نفسية الطفل الضحية وسلطت هبة العيسوى الضوء على الأمراض النفسية التى تصيب الأطفال الذين يتعرضون للاغتصاب والتى تنقسم لجزأين، أحدهما قصير المدى وهو الذى يحدث كرد فعل فى أول 6 أشهر، إذ يتصف الطفل بعنف شديد وتحرش بآخرين واضطرابات النوم والقلق والأرق وحركة مفرطة وتأخر دراسى، والجزء الآخر هى طويلة المدى بعد 6 أشهر وتتمثل فى الاكتئاب واضطراب ما بعد الصدمة. فيما أكدت أسماء عبد العظيم، أن الحالة المعتدى عليها تكون معرضة لاضطرابات نفسية وسلوكية مثل حالات الانطواء والخجل والعزلة الاجتماعية والخوف والتوتر ومن الممكن أن تدخل فى نوبة اكتئاب وفى بعض الحالات ينعكس السلوك بعدوانية. وأضافت عبد العظيم، أن المشكلات السلوكية التى تتعرض لها الطفلة تكون مثل اضطرابات النوم وفقدان الشهية واضطرابات فى الإخراج واضطرابات فى الكلام والنطق، وإذا كان الطفل كبيرا نسبيا ومورس معه هذا الفعل أكثر من مرة، تحدث حالة من سوء فهم الجنس ويصبح الطفل شاذا جنسيا، والطفلة يرتبط الجنس معها بالآلام فترفض الزواج وتبتعد عنه. تأهيل الأطفال فى خطوات وأشارت عبد العظيم إلى أنه لا يوجد مراكز متخصصة لتأهيل الأطفال بعد الاغتصاب فى مصر، ولا توجد أبحاث تطرقت لعلاج نفسى للأطفال لأن فى كثير من الحالات يرفض الأهل الكشف عنها ويشعرون بالحرج، ولكن الذهاب لطبيب نفسى فى مستشفى بشكل عام أفضل من التوجه لمركز متخصص. وأكدت أن العلاج يجب أن يكون طبيا ونفسيا واجتماعيا، ويفترض أن لا ينصب الناس على فكرة أن الطفل المغتصب يجب أن يكبر على أن يكون شاذا جنسيا فيتحرج الأهل من الاعتراف، ويجب أن نفهم الطفل الجنس الصحيح ليصبح سويا جنسيا، وعلى الأسرة أن تتعامل بوعى ولا تلوم الطفل أبدا، وأن يساعدوا الطفل فى التفاعل الاجتماعى لأنه سيكون خائفا من المراهقين أو كبار السن حسب المغتصب، بسبب "التعميم". وأضاف محمد هانى، أنه لابد أن يكون هناك تأهيل نفسى للطفل ودور الأسرة يكون قويا فى هذه المرحلة ويفهموا الضحية أن ما حدث خطأ والجانى شخص لا يتمتع بالإنسانية، وشدد على ضرورة أن يكون هناك مراكز نفسية للأطفال خاصة فى هذه الجوانب، لأن عدم الاهتمام بنفسية الطفل وسلوكه مثل المراهقين والشباب أمر فى غاية الخطورة والاعتداء الجنسى على الأطفال، أصبح أمرا يحدث كثيرا مؤخرا.








الاكثر مشاهده

كبار فقهاء الأمة الإسلامية يجتمعون تحت مظلة المجمع الفقهي الإسلامي

بدعوة من دولة رئيس الوزراء الباكستاني.. العيسى خطيباً للعيد بجامع الملك فيصل فى إسلام آباد

علماء العالم الإسلامي يُرشحون مركز الحماية الفكرية لإعداد موسوعة عن "المؤتلف الفكري الإسلامي"

رابطة العالم الإسلامى تنظم غداً مؤتمر "بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية" فى مكة

د.العيسى يلتقي رئيس جمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر على متن سفينة "أوشن فايكينغ"

10 أسئلة وإجابات حول تعديلات قانون تملك الأجانب للأراضى الصحراوية.. برلماني

;