الأسئلة الحرام فى قصر مبارك.. هل يتمسك الرئيس الأسبق بالعيش فى الفيلا بعيدا عن السياسة ودوشتها؟.. هل يستمع للمباركيين ويطالب باستعادة حقوقه كرئيس سابق؟.. هل يصر "جمال" على طموحاته السياسية؟

مبارك يراهن على الزمن.. لكن هل يخرج من الإطار المرسوم إلى محاولة استعادة موقع أفضل من رئيس سابق، أدين بفساد القصور الرئاسية، وحصل على براءة فى اتهامات قتل المتظاهرين. مبارك قضى فى السلطة 29 عاما و3 شهور، و11 يوما رئيسا، و6 سنوات وخمسة شهور نائبا للرئيس السادات، منذ 15 أبريل 1975، حتى 6 أكتوبر 1981. وقبلها كان قائدا لسلاح الطيران فى حرب أكتوبر 1973. وبعد رحلة بين المحاكم والمستشفيات، انتهت بالإدانة فى قضية واحدة، قضية القصور الرئاسية، والبراءة فى تهم قتل المتظاهرين. تراجعت التقارير والأرقام عن حجم أسطورى لثروته، ولم تنجح أى جهة فى إثبات كونه كان يمتلك ثروات فى الخارج بالحجم، الذى تم الإعلان عنه أثناء ثورة 25 يناير. بعد كل هذه الجولات عاد مبارك إلى منزله فى مصر الجديدة، وسط حراسة مشددة، لكنها حراسة تختلف عن حراسة رئاسية، هو الآن فى قصر مواطن، كان يمكنه أن يبقى فيه لو كان حسم مصير السلطة، فقد حصل مبارك على 6 فترات رئاسية، بينما اختفى سابقوه فجأة، عبد الناصر بالسكتة، والسادات بالاغتيال، بينما عاش حسنى مبارك دراما التنحى والمحاكمة كأول رئيس مصرى فى العصر الحديث يخضع للمحاكمة باتهامات تتراوح بين قتل المتظاهرين والفساد المالى.. وخرج من كل هذا، وهو يرى أنه سدد أكثر مما يستحق. بينما يرى الذين شاركوا فى الثورة عليه أنه لم يتلق أى عقاب.. وكان خضوع مبارك للمحاكمات يمثل نوعا من الإهانة، والعقاب، وكانت المحاكمة السياسية هى الأنسب للتوصل إلى مواجهة أخطاء سياسية، يصعب إثباتها أمام محاكم الجنايات. كل هذه السنوات التى قضاها فى السلطة بأعلى مراتبها.. واستعادها خلال ست سنوات وشهرين، حتى انتهى إلى قصره بفيلا بشارع حليم أبوسيف فى مصر الجديدة.. ليمثل وجوده خارج السجن وبعيدا عن أى اتهام فى حد ذاته تساؤلا ضخما يشغل الداخل والخارج. يثير مبارك وأسرته وخاصة زوجته سوزان ثابت، التى خرجت هى الأخرى من قصور الرئاسة لتقضى سنواتها الماضية بين قاعات المحاكمات والمستشفيات. وهل تكتم شعورا بالمرارة، أو رغبة فى الانتقام، وحتى لو كان مبارك الأب تتملكه الرغبة فى الحياة الطبيعية سنواته القادمة. هل تخلى جمال الابن عن طموحاته السياسية، التى اقتربت به من قمة السلطة، وهل توارت طموحات علاء الاقتصادية، ليكتفى بالبقاء بعيدا عن الحياة العامة أم أن كلا من جمال وعلاء يحملان رغبة فى الخروج إلى عالم الأعمال والسياسة، بكل تفاصيلها وتقاطعاتها. وإلى أى مدى تتقاطع حياة أسرة مبارك، مع مصالح ورغبات لرجال مال وسياسة، يريدون مد خطوط التحالف والدفع بالابنين جمال وعلاء إلى مغامرات سياسية. وكيف يمكن لخصوم السيسى أن يبحثوا لدى أسرة مبارك عن ثغرات تمكنهم من تحقيق أهداف بعيدة.. وكيف يمكن أن يتم كل هذا بعيدا عن تشابكات السلطة والدولة وأجهزتها العميقة والسياسية، أو تتقاطع مع تفاصيل تحركات أخرى.. وخاصة أن هناك ملفات قضائية مالية واقتصادية مفتوحة بالنسبة للعائلة، فضلا عن عمليات تفتيش وبحث عما يمكن أن يكون مخبأ من ثروات وأموال. الأسئلة تطرح نفسها دائمًا من مراقبين وصحفيين وسياسيين، وكل من يهتم بالشأن المصرى، خاصة أن مبارك يبدو مثيرا للاهتمام بعد السلطنة أكثر مما كان وقتها.. هناك اهتمام واسع من الصحافة والإعلام الأمريكى والغربى بخروج مبارك لمنزله، وكثير من الصحف علقت معتبرة خروج مبارك نهاية للربيع العربى، وتشير إلى مؤيدى مبارك ممن يجاهرون بغضبهم تجاه انتقادات عصر مبارك، بوصفه مسؤولا عن تضييع الفرص فى تعليم وعلاج جيد وتنمية حقيقية. اعتبرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية أن مبارك هو أول زعيم عربى يواجه المحاكمة فى بلده، وعلى الرغم من خطورة التهم الموجهة إليه، يرى نفسه هو المظلوم وليس الشعب. وتشير بعض الصحف إلى قطاعات المباركيين، من مؤيدى مبارك، الذين عادوا للظهور علنا، بينما لم تظهر أى احتجاجات على خروجه. وعليه فإن حسنى مبارك ربما يشعر بالكثير من الرضا، لانتهاء آلام المحاكمات، وهو يقترب من الاحتفال بعيد ميلاده التاسع والثمانين فى منزله بعيدا عن الملاحقة.. لكنه فعليا رجل مستقبله كله خلفه، بحلوه ومره، بأحلام السلطة وكوابيس ما بعد التنحى. وهى كوابيس لاحقت مبارك فى الأيام الأولى لما بعد تخليه عن السلطة للمجلس الأعلى للقوات المسلحة.. الكوابيس كانت تتراوح بين مخاوف من هجمات الجماهير الغاضبة واستمرار التظاهرات فى ميدان التحرير تطالب برقبته وأسرته ووزير داخليته، حبيب العادلى، بتهم قتل المتظاهرين والفساد المالى. لكن هذه الأيام ولت وأصبحت من الماضى.. وهو بالفعل حر طليق يحق له أن يتصرف كمواطن له كامل الحرية فى الحياة والحركة، وربما لهذا تردد أن مبارك طلب السماح له بالسفر إلى المملكة العربية السعودية لأداء العمرة أو الحج.. وهو ما نفاه محاميه فريد الديب.. واعتبره البعض بالون اختبار، خاصة أن مبارك كان رئيسًا ويعرف آليات القرار داخل الدولة، وأنه يفترض أن تكون تحركاته وتصرفاته، معروفة لاستبعاد أى نوع من سوء الفهم. هناك أيضًا الكثير من الأسئلة المطروحة حول ما يمكن أن يفعله مبارك فى الشهور القادمة، ومنها ما أعلنه محاميه من وجود نية من مبارك للطعن والمطالبة برفع الحراسة عن أمواله المجمدة بقرار النائب العام خاصة 61 مليون جنيه فى أموال المقاصة، أو استعادة أمواله من تحت الحراسة. ومن الأسئلة المطروحة عما إذا كان مبارك سوف يبقى قانعا بأنه فاز وأنه حصل على جزء من حقه، كما يردد قطاع من المحسوبين على أنصار مبارك، ليس فقط آسفين ياريس، أمثال كريم حسين، لكن هناك قطاعا من مؤيدى مبارك يصرون على مطالبته بالسير فى دعاوى لرد الشرف وإنهاء قضية حكم القصور الرئاسية، وقطاع من هؤلاء يصرون على الترويج لكون ما جرى فى 25 يناير وما بعدها مؤامرة للإطاحة بمبارك ونظامه ونشر الفوضى فى مصر، وبالرغم من أن ليس كل هؤلاء مستفيدين مباشرة من حكم مبارك إلا أنهم ليسوا بعيدين عن ترتيبات مختلفة وربما يقف وراءهم أشخاص من المستفيدين من مبارك ومن يحلم منهم بالعودة إلى السلطة.. وبالرغم من أن مبارك فى أحاديثه الخاصة يصر على التأكيد أنه أصبح مواطنا عاديا وليست لديه أى طموحات فى السلطة وأنه يكتفى بما حصل عليه من براءات أمام القضاء، لكنه أحيانا يعبر عن شعور بالظلم، قد تطور بمطالب مؤيديه إلى رغبة فى استعادة امتيازاته كرئيس سابق وليس كرئيس تنحى تحت ضغط غضب شعبى. ثم إن قطاعا من تيار المباركيين يدفعون باتجاهات أخرى ومنهم من أصبح يجاهر بالعداء والانتقاد لنظام الحكم الحالى، خاصة التصريحات التى تؤكد مسؤولية مبارك ونظامه والحزب الوطنى عن تدهور الكثير من الخدمات الأساسية كالتعليم والصحة، وضياع فرص اقتصادية وغياب عدالة توزيع عائد النمو والمسؤولية عن تراكمات رأسمالية ضخمة فى جهة مقابل أغلبية فقيرة ومعدمة وعشوائية من جهة أخرى. بعض أنصار مبارك على مواقع التواصل يرفعون لواءات الدعوة إلى رد كرامة مبارك بوصفه كان بطلا للحرب وقائدا للاستقرار، والمفارقة أن بعضا من هؤلاء يستندون إلى أقوال وعبارات يطلقها بعض المواطنين تحت شعار ولايوم من أيامك يامبارك، وذلك استنادا لمشكلات اقتصادية واجتماعية، فضلا عن الاستعانة ببعض الوزراء والمسؤولين من عهد مبارك باعتباره كان مخزنا للكفاءات والسياسيين. المفارقة لدى قطاع من دعاة مبارك أنهم لا يلتفتون إلى أن مبارك قضى 29 عاما فى الرئاسة، وأنه لو استمر حتى 2011 كان يبلغ 83 عاما ولم يكن بحكم العمر والحالة الصحية يستطيع الاستمرار حتى الآن.. ويتجاهلون أن مبارك نفسه تعهد فى خطابه الأخير بعدم الترشح هو وأى فرد من أسرته للرئاسة، ما أنهى بالقوة أى طموح لجمال مبارك فى السلطة. لكن المفارقة أن قطاعا من مؤيدى مبارك انضموا بشكل واضح لمعارضة الرئيس السيسى، لأنه حمل مسؤولية التدهور لنظام مبارك.. وبعض مؤيدى مبارك يتفقون مع معارضى السيسى من المجتمع المدنى أو الإخوان يروجون أن نظام مبارك هو الذى يحكم. الإخوان يكنون عداء للسيسى ويعتبرونه السبب الأول فى القضاء على حلمهم فى السلطة، غير ملتفتين أيضا إلى أن أخطاء تنظيم الإخوان ورئيسهم مرسى كانوا السبب الأكبر فى الإطاحة بهم، بل إن الإخوان كانوا بطمعهم أحد أسباب ضياع أهداف الثورة. من هنا يظل السؤال الكبير مطروحا هل حسنى مبارك يقتنع بما يعلنه أنه لا يريد أكثر من استكمال حياته بفيلا مصر الجديدة مع أحفاده. أم أنه يحملون مرارة 6 سنوات، ورغبة فى الانتقام من الجميع خاصة السياسيين ورجال الأعمال، الذين نمت مصالحهم وثرواتهم تحت استقرار مبارك.. بالطبع فإن مبارك كان فى المستشفى يتلقى الكثير من الاتصالات والزيارت بعضها لفنانين ونجوم أعلنوا ولاءهم لمبارك، مثل طلعت زكريا أو حسن يوسف أو لاعبين ونجوم وفنانات، لكن هناك سياسيين لم يعلن أى منهم عن زيارات أو اتصالات، لمبارك، وربما يفضل أمثال زكريا عزمى أو فتحى سرور أو صفوت الشريف، الاستمرار بعيدا عن الأضواء وعدم اتخاذ مواقف قد تحسب عليهم، وكل منهم يمارس حياته بعد التبرئة من الاتهامات، وليس لدى أى منهم استعداد للعودة إلى دوامات التحقيقات. وقد أعلن الدكتور فتحى سرور أكثر من مرة أنه لا يتصل بمبارك، تقديرا للأحوال السياسية، وحتى لايتسبب فى أى حرج، مع تأكيده أنه يحترم مبارك. مبارك ليس هو الرجل الساذج، لكنه يمتلك خبرة سياسية، ومعرفة بالقرار بالدولة، ويحرص على أن يواصل الحياة بعيدا عن أى توترات، وربما يوجه نصائح لأبنائه بالبعد عن أى تحركات قد تفتح أبوابًا باتجاهات مختلفة.. وهذا هو الوضع بالنسبة لمبارك، فهل هو كذلك بالنسبة لابنيه علاء وجمال.. الأيام القادمة سوف تجيب عن الأسئلة بشكل أكثر عملية ووضوحًا.




الاكثر مشاهده

كبار فقهاء الأمة الإسلامية يجتمعون تحت مظلة المجمع الفقهي الإسلامي

بدعوة من دولة رئيس الوزراء الباكستاني.. العيسى خطيباً للعيد بجامع الملك فيصل فى إسلام آباد

علماء العالم الإسلامي يُرشحون مركز الحماية الفكرية لإعداد موسوعة عن "المؤتلف الفكري الإسلامي"

رابطة العالم الإسلامى تنظم غداً مؤتمر "بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية" فى مكة

د.العيسى يلتقي رئيس جمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر على متن سفينة "أوشن فايكينغ"

10 أسئلة وإجابات حول تعديلات قانون تملك الأجانب للأراضى الصحراوية.. برلماني

;