لماذا لا يبحث السادات عن علاج لداء التناقض؟.. النائب السابق ينادى بالقانون ولا يطبقه على نفسه.. يطالب بالعدالة ويأخذ الأرض بملاليم.. يزايد على الجميع ويتجاهل تضخم ثروته.. ويردد رسائل الرئيس ويُعرّض با

النائب السابق يرفع لواء "الشريف الوحيد" ويتهم الجميع ولا يرد على الشبهات المحيطة به متهم قضية القيم فى 1982 وصاحب المليارات فى 2017 يتجاهل التساؤلات العديدة عن ثروته لماذا يلجأ أنور السادات لمبدأ "التقية" متاجرا بمؤسسات الدولة ومعرّضا بها فى وقت واحد؟ هل يحق لنا السؤال عن أرض شرم الشيخ وشركات السياحة ومعونات الجمعية الخيرية المملوكة له؟ لماذا لم يتقدم "السادات" للنائب العام لتبرئة ساحته من شبهات الفساد والتربح والتلاعب بالتمويل الخارجى؟ "لا تنه عن خلق وتأتى مثله.. عار عليك إذا فعلت عظيم" بهذا البيت الموجز الحكيم، لخص الشاعر القديم حالة التناقض التى ربما يتورط فيها البعض، وهم مدفوعون بطاقة غير عاقلة، أو يسيرون خلف غاية لا يهذبها مبدأ ولا يحكمها قانون، ورغم بديهية الحكمة التى يوجزها بيت الشعر، يبدو أن كثيرين لم يصلوا لها بعد، لم يقرؤوا البيت، ولم يعرفوا أن خطوة واحدة قد تفصل بين رفع لواء المبدأ، والانزلاق فى مستنقع العار. أن تجد وجها معروفا يفتش عن الهنات والأخطاء التى ربما تتورط فيها المؤسسات، ويدعو لاتخاذ موقف مع ما يراه تجاوزات، وإعمال قواعد العدالة والقانون انتصارا لدولة الدستور والمؤسسات، أمر محمود فى ذاته، ويدعو للتخندق مع هذا الوجه والمناداة بالمطالب نفسها، ولكن أن تكتشف فى الوقت نفسه أن من يرفع لواء القيمة والقانون والعدالة، يجلس فى شرنقة ضيقة تحيطها الأسئلة والشبهات والمآخذ التى تحتاج توضيحا، ولا يهتم بالرد أو التوضيح، فهذا سبب أدعى للتوقف مع الأمر بطريقة مختلفة، لتحرير المواقف والمصطلحات، ووضع الناس فى دوائر أكثر انسجاما مع انحيازاتهم وقناعاتهم، وليس مع نداءاتهم وشعاراتهم المعلنة، لاسيما وقد اعتدنا أن رافعى الشعارات فى محيطنا السياسى والاجتماعى، كثيرا ما يكونون أبعد الناس عنها، وهذا بالضبط حال السيد محمد أنور السادات، عضو مجلس النواب "ساقط العضوية" على خلفية اتهامات تمس احترامه لدولة القانون نفسها، التى يتخذها مسلكا الآن للمناورة وإعادة الظهور فى الصورة بهيئة جديدة وبيضاء، بعد أقل من ستة شهور على خروجه منها محاطا بالشبهات. هل تبدأ دولة القانون من محطة السادات؟ بعد فترة طويلة من الصمت، إثر خروجه مطرودا من البرلمان، باتهامات قال المجلس إنها موثقة ومدعومة بالأدلة، بشأن اتصاله بجهات خارجية وتسريبه أوراقا ومعلومات تخص المجلس، عاد محمد أنور السادات للظهور ببيان صحفى، يتحدث فيه عن حالة أحد النواب، قال إنه من ائتلاف الأغلبية، يقبع فى السجن بحكم نهائى بالحبس 5 سنوات، ورغم هذا لم يتحرك المجلس لإسقاط العضوية عنه، متخذا من هذا الموقف مدخلا لانتقاد المجلس والنداء بدولة القانون. بالطبع لا نضع أنفسنا فى موقع المتحدث باسم مجلس النواب، لن نرد عنه اتهامات السادات، ولا نشك فى أن المجلس قادر على توضيح الأمر وفق ما يتوفر لديه من حقائق ومعلومات، وبالتأكيد لا نختلف مع نداء "السادات" بدولة العدالة والقانون، ولسنا مجحفين لننكر عليه هذا الموقف، وأنه مطلب محمود وإيجابى، وإذا كان النائب السابق ينتظر رد البرلمان بشأن الواقعة، فنحن معه من المنتظرين، وإيماننا المطلق بدولة القانون يدفعنا لإثارة أسئلة أخرى حولها، ولكن هذه الأسئلة لا تنتظر إجابة البرلمان، وإنما تتوفر إجاباتها فى خزائن النائب نفسه، فهل تبدأ دولة القانون والعدالة من محطة "السادات"، أم أن المناضل الشريف يملك الأسئلة ولا يملك الإجابات حتى لو كانت تخصه وأسرته؟ السادات.. آخر الرجال المتناقضين لسنوات طويلة، كان محمد السادات وجها سياسيا مراوغا، يحسبه كثيرون على المعارضة المتشددة فى وجه نظام الرئيس الأسبق حسنى مبارك، ويراه آخرون فرعا وابنا طبيعيا للنظام، حتى توفرت قرائن ومعلومات تقطع بحقيقة المواقف وتكشف الغامض منها، أو ما أراد صاحبها وتعمد أن يكون غامضا. دخل "السادات" برلمان 2015 رافعا راية المعارضة السياسية، كما اعتاد من قبل، وربما كان يضع عينيه على دائرة من المصالح والمكاسب، كما اعتاد من قبل أيضا، ولطبيعة مغايرة لمجلس النواب الحالى عن المجالس السابقة قبل ثورة يناير، لم يصب نائب المنوفية هدفه، فأخذت معادلة الصراع بُعدا آخر، وما زلنا نقول ربما. ما سبق ليس تحليلا متحاملا على الرجل، الذى يمكنه الرد بالطبع بأنه خرج من أحد برلمانات مبارك بإسقاط العضوية أيضا، كما حدث فى فبراير الماضى، ولكن ما لن يقوله السادات أن إسقاط العضوية فى 2007 كان على خلفية قضية إفلاس، إذ وقع شيكين لشركة دنماركية بقيمة 500 ألف دولار، وامتنع عن السداد، رغم أنه الآن يمتلك هو وأسرته عددا من الفنادق والشركات والأراضى الشاسعة، تقدر قيمتها بمئات الملايين من الجنيهات، فهل كان الإفلاس حقيقيا؟ أم كان محاولة للاحتيال والهروب من سداد مستحقات الآخرين؟ ربما لن يرد السادات على السؤال السابق، كما لن يرد على أسئلة أخرى حول فندق "الليدو" الذى يملكه فى خليج نعمة بشرم الشيخ، وتتجاوز قيمته 500 مليون جنيه، بينما حصل على أرضه لقاء جنيهات معدودة للمتر المربع، تُضاف له شركات سياحة وتجارة وسمسرة وأوراق مالية، ومساحات واسعة من الأراضى فى خليج نعمة والطور والتجمع الخامس وغيرها من الأماكن، كلها خُصّصت له بالأمر المباشر وبأسعار أقل من قيمتها الحقيقية، وفى إطار منظومة تسهيلات وفرتها له علاقته بعدد من مسؤولى النظام السابق. هل يبحث السادات عن علاج للتناقض؟ فى بيانه الأخير يستخدم "السادات" مبدأ التقية الشيعى، بإظهار ما لا يبطنه، أو ما يصطدم اصداما مباشرا مع المعهود من مواقفه وآرائه، وهى آلية جماعة الإخوان الإرهابية لترويج مواقفها والمزايدة على خصومها، وفى مقدمتهم الدولة المصرية، ويتجلى هذا المبدأ فى بيان السادات باستخدامه لمفردات القانون والعدالة، وشعار "تثبيت الدولة" الذى نادى به الرئيس السيسى خلال المؤتمر الوطنى للشباب الذى استضافته الإسكندرية مؤخرا، ولكن "السادات" يقول فى الوقت نفسه "وهل لنا أن نغضب حينما لا نطبق القانون فيصفنا البعض بأننا نعيش فى شبه دولة؟"، عائدا بشكل سريع إلى آليته المحببة فى تعكير الماء تمهيدا للاصطياد فى هذه "العكارة"، وبربط استخدامه لـ"تثبيت الدولة"، والرد على الأمر بتعبير "شبه دولة"، تتجلى آلية السادات فى المزايدة على الدولة والتعريض بها فى وقت واحد. الرجل الذى يدّعى الدفاع عن الدولة الوطنية وسيادة القانون والانتصار للعدالة، لم يجب على الأسئلة المثارة بشأنه منذ فبراير 2017، مكتفيا بالخروج من البرلمان كرد، دون تقديم إجابة شافية حول تواصله مع جهات أجنبية، أو حصول جمعيته الأهلية على 76 مليون جنيه من مؤسسات دولية، أو المليارات التى تمتلكها أسرة عصمت السادات الآن، رغم مصادرة أموالها فى قضية فساد قبل 35 سنة، لم يقدم الرجل أى إجابة تؤكد جدارته بدور "الشريف الوحيد" الذى يحاول لعبه دوما، لكنه ما زال مصرا على لعب الدور بيقين وإيمان كبيرين، وكأن المتفرجين عميان ولن يلحظ أحدهم ما فى الصورة من تناقض. ربما يرد أحد من محبى الرجل، أو العاملين معه والمستفيدين منه، بأنه لم يُطلب للتحقيق بشأن أى من الاتهامات الموجهة له، ومن ثم فلم يتأخر عن الإجابة، وهو رد قد يبدو وجيها للبعض، ولكن فى الحقيقة فإن المنطق المخلص للنزاهة والشرف، يستوجب من الرجل العاقل، إن وجد نفسه محبوسا وسط غابة من الأسئلة والشبهات، أن يبادر بتحرير نفسه من هذا الحبس وإثبات حريته على مرأى ومسمع من الجميع، فلماذا لم يطلب "السادات" من البرلمان، قبل إسقاط عضويته، التحقيق معه فيما يُنسب له من مخالفات؟ ولماذا لم يتقدم ببلاغ للنائب العام للتحقيق فى الشبهات المحيطة بتضخم ثروته وتربحه على حساب مؤسسات الدولة منذ أواخر ثمانينيات القرن الماضى؟ وقد تواترت الأسئلة والشبهات فى هذا الأمر بشكل كثيف ويستوجب الرد. الحقيقة فى هذه الدائرة المتداخلة، أنه لا إجابة منطقية يمكن أن يقدمها السادات، يستطيع الرجل فقط أن يكتب بيانات خطابية منمقة، يستعين فيها بصحفيين متوسطى الكفاءة، ليصيغوا له خطابا نضالى الطابع ونظيفا، كأنه خرج للتو من "غسالة أوتوماتيك"، ولكنه لا يستطيع إزالة الشبهات المحيطة به وبثروته وثروات زوجته وأبنائه وأشقائه وأسرهم، ولا يستطيع تقديم دليل عملى على الانتصار لدولة القانون والعدالة، وإلا لفاجأنا باعترافه أنه لا عدالة فى حصوله على أراض شاسعة لقاء جنيهات، أو تقدم للنائب العام ليثبت خلو ساحته من هذه الشبهة، ولكن لماذا يفعل الرجل هذا إذا كانت طريقته فى اللعب تحقق له المتعة والمكسب، ويستحسن دور "الشريف الوحيد" ويجده على مقاسه تماما؟ لا مبرر ليفعل هذا طبعا، ولكن استمراءه للحالة قد يكون مبررا كافيا لأن نطالبه بتطوير لعبته قليلا، فلا يليق أن يستغل اسم الرئيس بينما يزايد على الدولة ومؤسساتها، ولا يليق أن ينتقد تجاوزات البعض ولديه أضعاف مضاعفة منها فى خزائنه، ولا يليق أن يتاجر بشعارات العدالة والقانون ولم يرد على شبهات اختراقه لهما والوقوف بحذائه فوق هامتيهما، ربما كان الأجدر بالرجل قبل تدبيج بيانات عصماء عن شبهات الآخرين، أن يرد على شبهاته أولا، وقبل اتخاذ قرار باستعادة "قناع المناضل" من دولابه القديم، أن يبحث أولا عن علاج لداء التناقض.



الاكثر مشاهده

رئاسة وزراء ماليزيا ورابطة العالم الإسلامي تنظِّمان مؤتمرًا دوليًّا للقادة الدينيين.. الثلاثاء

كبار فقهاء الأمة الإسلامية يجتمعون تحت مظلة المجمع الفقهي الإسلامي

بدعوة من دولة رئيس الوزراء الباكستاني.. العيسى خطيباً للعيد بجامع الملك فيصل فى إسلام آباد

علماء العالم الإسلامي يُرشحون مركز الحماية الفكرية لإعداد موسوعة عن "المؤتلف الفكري الإسلامي"

رابطة العالم الإسلامى تنظم غداً مؤتمر "بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية" فى مكة

د.العيسى يلتقي رئيس جمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر على متن سفينة "أوشن فايكينغ"

;