سعيد الشحات يكتب: 18 سبتمبر 1978.. السادات يطلب من رؤساء تحرير الصحف عدم المساس بوزير خارجيته المستقيل بسوء

بعد الانتهاء من حفل التوقيع على اتفاقية كامب ديفيد فى أمريكا بين مصر وإسرائيل يوم 17 سبتمبر من عام 1978، ذهب الرئيس السادات إلى السفارة المصرية للإقامة فيها خلال مدة وجوده فى واشنطن لاعتبارات أمنية، حسبما يؤكد محمد إبراهيم كامل، وزير الخارجية «المستقيل»، فى مذكراته «السلام الضائع» عن «كتاب الأهالى- القاهرة». استقال «كامل» قبل توقيع الاتفاقية بيوم واحد(راجع ذات يومى 16 و17 سبتمبر 2017)، ويكشف فى مذكراته، أن السادات اجتمع فى مقر إقامته برؤساء تحرير الصحف المصرية ليشرح لهم ما تم التوصل إليه، والخط الإعلامى الذى يسيرون عليه، وسأله رؤساء التحرير عن سبب عدم حضورى (كامل)حفل التوقيع، وقالوا إن هناك شائعات عن استقالته، فرد عليهم السادات بأن هذا صحيح، وطلب منهم عدم نشر الخبر إلا عندما يأذن لهم، وأضاف أن استقالتى ترجع إلى خلاف فى الرأى بينى وبينه، وأنى صديقه وبمثابة ابنه، ولذا فهو يسترعى نظرهم بألا يمسنى أحدهم بسوء فيما يكتبه». يؤكد «كامل» أنه ارتاح نفسيا عندما علم أن خبر الاستقالة انتشر، لكن بقيت مشكلة تقلقه وهى، عودته إلى مصر دون أن يرتبط بالسادات، وبرنامج رجوعه إلى مصر، ولهذا قرر أن يقابله، ويتحدث معه فى هذا الأمر، وبالفعل توجه إليه فى اليوم التالى 18 سبتمبر(مثل هذا اليوم)، ويتحدث كامل عما جرى قائلا:«كان السادات مجتمعا مع صديقه هنرى كيسنجر (وزير الخارجية الأمريكية السابق)، وعندما خرج كيسنجر دخلت إليه فى صالون السفارة وقد دهش لرؤيتى، وقال: فيه حاجة يا محمد؟فقلت: نعم، لقد طلب فانس (وزير الخارجية الأمريكية) مقابلتى أمس قبل مغادرتنا لكامب ديفيد، وأبلغنى أنك أخبرته باستقالتى، وعلمت أنك اجتمعت أمس برؤساء تحرير الصحف المصرية، وأكدت لهم نبأ الاستقالة وطلبت عدم نشره، كما علمت أنك حددت موعدا لمذيعة التليفزيون الأمريكية بربارا ولترز، سيحل بعد نصف ساعة من الآن، وسوف تسألك قطعا عن موضوع استقالتى، فماذا ستقول لها»؟. سكت السادات قليلا، ووفقا لكامل قال: سأقول لها إننا بلد ديمقراطى وإن من حقك أن تبدى رأيك وتستقيل دون أن أضعك فى معسكر اعتقال»، شكره كامل، وقبل أن يفاتحه فى موضوع عودته وحده، سأله السادات: ماذا تنوى أن تفعل الآن؟ أجاب: لا شىء سأذهب وأعيش مع عائلتى وولدى اللذين لم أقم معهما منذ سنوات لوجودى فى الخارج أثناء دراستهما فى مصر، وأريد أن أستمتع بالمعيشة معهما قبل أن يأخذ كل منهما طريقه فى الحياة ويستقل، رد السادات: اختر لك أى سفارة تريدها، قال كامل: ليس لى رغبة فى العمل سفيرًا، فقد شبعت من ذلك، رد السادات: وتظل عاطلا بدون عمل–اختر أى سفارة الآن، قال كامل: كيف تتصور أن أعين سفيرا لأنفذ سياسة أنا غير موافق عليها، لا أستطيع أن أفعل ذلك، رد السادات فى غضب: ليس من الضرورى أن تعمل شيئًا، استرح وامض وقتك فى النزهة والسياحة». قال كامل: لا، كما أخبرتك، أريد أن أبقى مع أولادى، رد السادات بانفعال: طيب ابق مع أولادك حتى تشبع منهم، وسأعينك سفيرًا فى وزارة الخارجية، وعندما تغير رأيك سأعينك سفيرا فى المكان الذى تحدده، قال كامل: افعل ما شئت فأنا سأعيش فى مصر، لم يرد السادات وحسب كامل: خرج من الصالون، وبقيت دون أن أحل مشكلتى المتبقية وهى أن أغادر واشنطن وأعود وحدى إلى مصر. أعاد «كامل» المحاولة مرة ثانية فى اليوم التالى 19 سبتمبر، وانتظره فى السفارة حتى دخل من بابها متجها نحو المصعد، فمشى بجانبه ودخل وراءه المصعد فسأله: فيه إيه يا محمد أنا متعب وأريد أن أستريح؟ فرد كامل: لن أعطلك إلا دقائق، ووقف المصعد فى الدور الثانى واتجه السادات إلى غرفة نومه، ودخل كامل وراءه فسأله السادات: ماذا تريد؟ أجاب كامل: أريد أن أستأذنك فى السفر إلى مصر، قال: ألم نتفق على أن تصحبنى فى رحلة العودة؟وسنقضى يومين فى المغرب للراحة وستكون مسرورًا. يعلق كامل: كان حرصه على أن أصحبه مقصودًا منه إظهار أن الخلاف بيننا يرجع إلى مسائل غير جوهرية، بدليل أن علاقتنا مستمرة وأنى أصحبه فى رحلته فى كل مكان، لكن كامل قال له إنه يفضل العودة الآن متعللا بقلق عائلته عليه من جراء خبر الاستقالة، فرد السادات: أنت حر، متى تسافر؟ فأجاب كامل: سأحاول السفر اليوم، فرد السادات: «مع السلامة».



الاكثر مشاهده

علماء العالم الإسلامي يُرشحون مركز الحماية الفكرية لإعداد موسوعة عن "المؤتلف الفكري الإسلامي"

رابطة العالم الإسلامى تنظم غداً مؤتمر "بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية" فى مكة

د.العيسى يلتقي رئيس جمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر على متن سفينة "أوشن فايكينغ"

10 أسئلة وإجابات حول تعديلات قانون تملك الأجانب للأراضى الصحراوية.. برلماني

الشيخ العيسى: يمكن للقيادات الدينية أن تكون مؤثرة وفاعلة فى قضيةٍ ذات جذورٍ دينية

رابطة العالم الإسلامي تُدشِّن برنامج مكافحة العمى في باكستان

;