سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 6 يناير 1895.. الخديو عباس الثانى يجتمع مع أعمامه لبحث مرض جده ووالدهم إسماعيل باشا فى تركيا

استدعى الخديو عباس حلمى الثانى أعمامه للتباحث معهم فى أمر مرض والدهم وجده «إسماعيل باشا»، المقيم فى تركيا معزولا. كان الاستدعاء يوم 6 يناير «مثل هذا اليوم» عام 1895 حسب تأكيد أحمد شفيق باشا رئيس ديوان «عباس» فى الجزء الثانى من مذكراته عن «الهيئة العامة لقصور الثقافة - القاهرة»، وكان أبناء «إسماعيل» هم «حسين كامل» الذى أصبح سلطانا على مصر «19 ديسمبر 1914-9 أكتوبر 1917» و«فؤاد» سلطان مصر من «1917-1922»، ثم غير اللقب إلى ملك حتى وفاته يوم 28 إبريل 1936، و«حسن باشا» و«إبراهيم حلمى» و«محمود حمدى» و«رشيد» و«جمال»، أما ابنه توفيق فتوفى يوم 7 يناير 1892، بعد أن ظل فى الحكم من 26 يونية 1879 خلفا لوالده الذى تم عزله، وسافر إلى إيطاليا يوم 30 يونيو، ويذكر «إلياس الأيوبى» فى كتابه «تاريخ مصر فى عهد إسماعيل» عن «مكتبة مدبولى- القاهرة»، أنه نزل فى ضيافة الملك أمبرتو، وفى اليوم الثلاثين من شهر يونيو، بعد أن سفر أثقاله فى قطار سابق، ودع حريمه الباقى الوداع الأخير، ويقال إن حزن السيدات اللواتى تخلى عنهن بلغ مبلغا يفوق التصور، وأنهن فى غضبهن على عدم اصطحاب سيدهن لهن كسرن عدة أوان ثمينة ومراءات بما بلغ قيمته 8 آلاف جنيه». يؤكد «الأيوبى»، أن إسماعيل صحبته المختارات من نسائه وجواريه وولديه حسين وحسن، وأما إبراهيم فكان فى إنجلترا، وأما فؤاد فكان لا يزال صبيا لا يتجازو الحادية عشرة وحاشيته قليلة، وعاش إسماعيل فى إيطاليا لكنه ووفقا للأيوبى: «تنقل بين روما وباريس ولندن وفيينا، عاملا على نيل أمنية الرجوع إلى العرش، ولما تأكد أنه لا أمل، لم يعد له مقصد سوى تحسين معاشه مع الحكومة المصرية، فكلف المحامى العمومى الإنجليزى «مريوت» بمقاضاة الحكومة ومطالبتها ببعض أملاكه، أو ما يوازى قيمتها، وجاء المحامى إلى مصر ونجح فى مهمته، وتقاضى 35 ألف جنيه أتعابا، وفى عام 1888 صرح له السلطان العثمانى «عبدالحميد»، بالإقامة على ضفاف «البسفور» فى سرايا». حول السلطان عبدالحميد حياة «إسماعيل» فى تركيا إلى جحيم، ويدلل الأيوبى على ذلك بقوله: «أحاط به الجواسيس، ولم يعودوا يفارقون حركاته وسكناته»، ويشير «الأيوبى» إلى أن مضايقة «إسماعيل» وصلت إلى أنه استأذن «عبدالحميد» فى الذهاب إلى الاستحمام فى مياه «إمس» لعلاج صحته، لكن عبدالحميد قال له: «يوجد فى الأناضول على مسيرة بضع ساعات من الآستانة بلد» بروصا «شهير بمياهه المعدنية»، فاعتبر إسماعيل أن هذا رفض لمطلبه، وهكذا عاش سنواته الأخيرة معذبا فى تركيا، وحنين العودة إلى مصر لا يغادره، ويؤكد «الأيوبى»: «أدرك أن حياته السياسية انتهت، وبات لا يعيش إلا مع ذكرى الماضى وذكراه، وقابله فى قصره هناك حفيده «عباس الثانى» فى زيارته الأولى إلى الآستانة «يوليو 1893»، ويقال إنه التمس منه الاستئذان له بالعود إلى مصر، لكن عباس لم يفعل، إما لعدم رغبة منه مبنية على تخوف من جده، وإما لسهو مبنى على عدم محبة له». فى هذه الآونة زاد المرض من عذاب إسماعيل حتى ساءت حالة جسده، ويؤكد «شفيق باشا» أنه فى أول يناير 1895 وردت البرقيات من الأستانة منبئة بأن صحته ساءت، وأن أطباءه يخشون عواقب هذا المرض نظرا لضعفه، فكان لهذه الأنباء وقع سيئ فى نفس الخديو، إذ كان يحمل لجده عاطفة الحب البار، فأرسل يستفسر، ويطلب موافاته بأنباء جده تباعا، وبعد يومين وردت أنباء تحمل على التفاؤل، ولم يمض يومان حتى جاءت الأخبار منذرة بسوء الحال»، ويؤكد شفيق: «كنا مع الخديو نشهد التمثيل بالأوبرا حين وافاه النبأ، فكدرت صفو الليلة، وخرج سموه على الأثر تبدو عليه أمارات الكدر، وفى 6 يناير استدعى الخديو أعمامه وتباحثوا فى الأمر، ثم استقر الرأى بينهم أن يسافر البرنسان «إبراهيم باشا حلمى» و«فؤاد باشا»إلى الأستانة ليكونا بجانب والدهما، وبعد سفرهما قدم إلى السراى البرنس حسين كامل باشا «ابن إسماعيل»، وتحادث مع الخديو بشأن العمل على رجوع والده إلى مصر، لأن هواءها يوافق صحته بعد أن قرر الأطباء ضرورة مغادرته للآستانة، لكن الخديو لم يبت مع عمه فى ذلك الأمر، نظرا للظروف السياسية، إلا أنه وعد أن يبذل وسعه لتحقيق هذه الأمنية». فى اليوم التالى «7 يناير»، أثار «عباس» هذه القضية مع الحكومة، ويؤكد شفيق: «كان رأيها ألا تفتح فلعلها تجر أزمات سياسية»، ثم قدم من الأستانة الكونت «ما فيه دوبوليو» سكرتير إسماعيل ومعه الوصية الأخيرة للباشا، ويقول شفيق: «حدثنا هذا السكرتير أن الأطباء قرروا أن إسماعيل مصاب بمرض الاستسقاء، وأملهم ضعيف فى الشفاء».



الاكثر مشاهده

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

رئاسة وزراء ماليزيا ورابطة العالم الإسلامي تنظِّمان مؤتمرًا دوليًّا للقادة الدينيين.. الثلاثاء

كبار فقهاء الأمة الإسلامية يجتمعون تحت مظلة المجمع الفقهي الإسلامي

;